الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخْتِيَارِيَّةٌ، وَهُوَ عَاصٍ بِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَيَخْتَلِفُ الأَْمْرُ عَنْ إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ؛ لأَِنَّ أَفْعَال الصَّلَاةِ فِي نَفْسِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
وَلَكِنْ يَصِحُّ لَدَى الْحَنَابِلَةِ الْوُضُوءُ وَالأَْذَانُ وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمُ وَالْعُقُودُ كَالْبَيْعِ وَالزَّوَاجِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْفُسُوخُ كَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ؛ لأَِنَّ الْبُقْعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عِنْدَهُمْ فِي بُقْعَةٍ أَبْنِيَتُهَا غَصْبٌ، وَلَوِ اسْتَنَدَ إِلَى الأَْبْنِيَةِ لإِِبَاحَةِ الْبُقْعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ طُولِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ أَوْ رَدِّ غَصْبٍ قَبْل دَفْعِهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ؛ لأَِنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِلَا ضَرَرٍ وَلَا غَصْبٍ، أَوْ صَلَّى عَلَى مُصَلَاّهُ بِلَا غَصْبٍ وَلَا ضَرَرٍ، جَازَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَصْبٍ مِنْ بُقْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ غَصْبًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ، وَإِذَا حُبِسَ فِي مَكَانٍ غُصِبَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (1) .
(1) حديث: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 659) ، والحاكم (2 / 198) من حديث ابن عباس وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وَيَرَى أُصُولِيُّو الْحَنَابِلَةِ وَالْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّ الْجِهَتَيْنِ فِي هَذَا الْفِعْل (الصَّلَاةِ فِي الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ) مُتَلَازِمَتَانِ؛ لأَِنَّ الْحَاصِل مِنَ الْمُصَلِّي فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ بِهَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فَتَكُونُ حَرَامًا، وَهَذِهِ الأَْفْعَال بِعَيْنِهَا جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ، إِذْ هِيَ عِبَادَةٌ ذَاتُ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَالصَّلَاةُ الَّتِي جُزْؤُهَا حَرَامٌ لَا تَكُونُ وَاجِبَةً، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَلَا يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ (1) .
8 -
أَمَّا
الصَّلَاةُ فِي الأَْرْضِ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهَا:
(الْمَغْضُوبِ عَلَيْهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى) فَصَحِيحَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، (2) كَأَرْضِ الْخَسْفِ، وَكُل بُقْعَةٍ نَزَل فِيهَا عَذَابٌ، كَأَرْضِ بَابِل، وَأَرْضِ الْحِجْرِ (3) ، وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ (4)، لَكِنْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ (5) ؛ لأَِنَّهَا مَسْخُوطٌ عَلَيْهَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَرَّ بِالْحِجْرِ: لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا
(1) روضة الناظر 1 / 126 وما بعدها، المعتمد لأبي الحسين البصري 1 / 195.
(2)
تفسير القرطبي 10 / 47.
(3)
أرض الحجر: ديار ثمود بين المدينة والشام، وهم قوم صالح عليه السلام.
(4)
هو مسجد بناه المنافقون، مجاور لمسجد قباء في المدينة المنورة ليكون مركزًا للمؤامرات وفيه نزلت الآيات:] والذين اتخذوا مسجدًا ضرار وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين. . [الآية: 107 من سورة التوبة.
(5)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص197.