الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَبُول أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنَ الْمُوجِبِ أَوِ الطَّرَفِ الآْخَرِ أَوْ كِلَيْهِمَا مَا يَدُل عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي مَوْضُوعِ الْعَقْدِ، وَلَا يَتَخَلَّلَهُ فَصْلٌ يُعَدُّ قَرِينَةً عَلَى الاِنْصِرَافِ عَنِ الْعَقْدِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْبَحْرِ: الإِْيجَابُ يَبْطُل بِمَا يَدُل عَلَى الإِْعْرَاضِ (1) .
وَقَال الْحَطَّابُ: لَوْ حَصَل فَاصِلٌ يَقْتَضِي الإِْعْرَاضَ عَمَّا كَانَا فِيهِ حَتَّى لَا يَكُونَ كَلَامُهُ جَوَابًا لِلْكَلَامِ السَّابِقِ فِي الْعُرْفِ لَمْ يَنْعَقِدِ الْبَيْعُ، وَمَثَّل لِلإِْعْرَاضِ بِقَوْلِهِ: إِذَا أَمْسَكَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ الَّتِي نَادَى عَلَيْهَا وَبَاعَ بَعْدَهَا أُخْرَى لَمْ يَلْزَمِ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ (2) .
وَشَدَّدَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَخَلَّل الإِْيجَابَ وَالْقَبُول لَفْظٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ يَسِيرًا (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي مَعْرِضِ شُرُوطِ الاِنْعِقَادِ: أَنْ لَا يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا، وَإِلَاّ فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ إِعْرَاضٌ عَنِ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَا بِالرَّدِّ (4) .
وَأَسَاسُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُعْتَبَرُ إِقْبَالاً عَلَى
(1) ابن عابدين 4 / 20.
(2)
مواهب الجليل 4 / 240، 241.
(3)
نهاية المحتاج 3 / 269، 270.
(4)
كشاف القناع 3 / 147، 148.
الْعَقْدِ أَوْ إِعْرَاضًا عَنْهُ هُوَ الْعُرْفُ، كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ (1) .
ج -
وَفَاةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول:
21 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وَفَاةَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ الإِْيجَابِ وَقَبْل الْقَبُول يُبْطِل الإِْيجَابَ، فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ بَعْدَ الْوَفَاةِ بِقَبُول مَنْ وُجِّهَ إِلَيْهِ الإِْيجَابُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوجِبِ، وَلَا بِقَبُول وَرَثَةِ الْمُخَاطَبِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
وَدَلِيل عَدَمِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ أَنَّ الْقَبُول بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوجِبِ لَا يَجِدُ مَا يَلْتَقِي مَعَهُ مِنَ الإِْيجَابِ لِبُطْلَانِهِ بِالْوَفَاةِ؛ وَلأَِنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ انْفَضَّ بِالْوَفَاةِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الاِنْعِقَادِ، وَهُوَ اتِّصَال الْقَبُول بِالإِْيجَابِ (2) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالظَّاهِرُ مِنْ نُصُوصِهِمْ أَنَّ الإِْيجَابَ لَا يَبْطُل عِنْدَهُمْ بِمَوْتِ الْمُخَاطَبِ، وَأَنَّ حَقَّ الْقَبُول يُورَثُ بَعْدَ وَفَاةِ مَنْ وُجِّهَ إِلَيْهِ الإِْيجَابُ، يَقُول الْقَرَافِيُّ: إِذَا أَوْجَبَ لِزَيْدٍ فَلِوَارِثِهِ الْقَبُول وَالرَّدُّ (3) ، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ
(1) المراجع السابقة.
(2)
حاشية رد المحتار 4 / 20، والفتاوى الهندية 3 / 7، ومغني المحتاج 2 / 6، والمغني لابن قدامة 4 / 9، 10.
(3)
الفروق 3 / 277.