الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَعْذَارٌ لَهَا أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ:
أ -
الإِْعْسَارُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ:
38 -
إِذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنِ الإِْنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ لإِِعْسَارِهِ، وَطَلَبَتِ التَّفْرِيقَ بِنَاءً عَلَى عَجْزِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهَا وَلَوْ بِمَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ، فَهَل يُعْتَبَرُ الإِْعْسَارُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ عُذْرًا لِعَدَمِ تَلْبِيَةِ طَلَبِهَا؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لإِِعْسَارِ الزَّوْجِ وَعَجْزِهِ عَنِ النَّفَقَةِ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْعْسَارَ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ لَيْسَ عُذْرًا، فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنِ النَّفَقَةِ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ يَسَارٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَالْمُزَنِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْعُسْرَ عَرَضٌ لَا يَدُومُ، وَالْمَال غَادٍ وَرَائِحٌ؛ وَلأَِنَّ التَّفْرِيقَ ضَرَرٌ بِالزَّوْجِ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، أَمَّا عَدَمُ الإِْنْفَاقِ فَهُوَ ضَرَرٌ بِالزَّوْجَةِ يُمْكِنُ عِلَاجُهُ بِالاِسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ، فَيُرْتَكَبُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ (2) .
(1) الدردير على الدسوقي 2 / 518، والمهذب 2 / 163، والمغني 7 / 564 وما بعدها.
(2)
تبيين الحقائق 3 / 54، وفتح القدير3 / 329، ومغني المحتاج 3 / 442، وزاد المعاد 4 / 154.
ب -
الْعُذْرُ فِي تَأْخِيرِ رَدِّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ:
39 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا (1) ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَدُّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ فَأَخَّرَ الرَّدَّ لَمْ يَبْطُل خِيَارُهُ، حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا (2) ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَسَكَتَ لِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ مَهْمَا سَكَتَ عَنِ الْمُطَالَبَةِ بِالرَّدِّ، فَهُوَ مَعْذُورٌ مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إِلَاّ بِعُذْرٍ، وَمِنَ الْعُذْرِ عِنْدَهُمْ: انْشِغَالُهُ بِصَلَاةٍ دَخَل وَقْتُهَا، أَوْ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ.
وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ تَرَاخَى لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفِ لِصٍّ، أَوْ حَيَوَانٍ مُفْتَرِسٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ؛ لأَِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ عِنْدَهُمْ عَلَى الْفَوْرِ، إِذِ الأَْصْل فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ، وَالْجَوَازُ عَارِضٌ؛ وَلأَِنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ
(1) رد المحتار 4 / 93، والمغني 4 / 144، ومغني المحتاج 2 / 56.
(2)
رد المحتار 4 / 93، والمغني في الشرح الكبير 4 / 95.
(3)
الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 121.