الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْمُقْتَرِضِ بِمِثْل مَا أَخَذَ يَئُول إِلَى الْمُعَاوَضَةِ.
وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْكَفَالَةِ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، فَإِنَّهَا تَبَرُّعٌ فِي الاِبْتِدَاءِ، حِينَمَا يَلْتَزِمُ الْكَفِيل بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَدِينِ، لَكِنَّهُ إِذَا دَفَعَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ وَرَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ بِمِثْل مَا دَفَعَهُ تَصِيرُ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ.
وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ عَنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فِي أَنَّ الْوَفَاءَ بِمَا يَتَعَهَّدُهُ الْعَاقِدَانِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَاجِبٌ، إِذَا تَمَّتْ صَحِيحَةً بِشُرُوطِهَا، عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (1) ؛ لأَِنَّ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهَا ضَرَرًا لِلْعَاقِدِ الآْخَرِ، لِضَيَاعِ مَا بَذَلَهُ مِنَ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ، بِخِلَافِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ، كَالْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ، وَنَحْوِهَا، فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ فِيهَا بِمَا تَعَهَّدَ الْمُتَبَرِّعُ؛ لأَِنَّهُ مُحْسِنٌ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ، مَعَ تَفْصِيلٍ فِي مُخْتَلَفِ الْعُقُودِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ صَرَّحُوا بِاسْتِحْبَابِ الْوَفَاءِ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْبِرِّ وَالإِْحْسَانِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِمَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ، قَال تَعَالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) .
(1) سورة المائدة / 1.
(2)
سورة المائدة / 2.
وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ عِنْدَهُمْ فِي بَعْضِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ أَيْضًا، فَالْعَارِيَّةُ الْمُؤَجَّلَةُ لَازِمَةٌ عِنْدَهُمْ إِلَى انْقِضَاءِ الأَْجَل (1) ، كَمَا تَلْزَمُ عِنْدَهُمُ الْهِبَةُ بِالْقَبُول، فَإِنِ امْتَنَعَ الْوَاهِبُ مِنْ تَسْلِيمِهَا يُجْبَرُ (2) عَلَيْهِ.
سَادِسًا: الْعَقْدُ الصَّحِيحُ وَالْبَاطِل وَالْفَاسِدُ
.
51 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ بِاعْتِبَارِ إِقْرَارِ الشَّرْعِ لَهُ وَتَرْتِيبِ آثَارِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ ذَلِكَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: الْعَقْدُ الصَّحِيحُ، وَالْعَقْدُ غَيْرُ الصَّحِيحِ.
فَالْعَقْدُ الصَّحِيحُ: هُوَ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ مَعًا، بِحَيْثُ يَكُونُ مُسْتَجْمِعًا لأَِرْكَانِهِ وَأَوْصَافِهِ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، كَبَيْعِ الْعَاقِل الْبَالِغِ الْمَال الْمُتَقَوِّمَ الْمَوْجُودَ الْقَابِل لِلتَّسْلِيمِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مُعْتَبَرَيْنِ شَرْعًا، فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ مِنْ نَقْل مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَنَقْل مِلْكِيَّةِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَكَالإِْجَارَةِ لِلاِنْتِفَاعِ بِعَيْنٍ مَوْجُودَةٍ انْتِفَاعًا مَشْرُوعًا، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرُهَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا مِنْ نَقْل الاِنْتِفَاعِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالأُْجْرَةِ إِلَى
(1) حاشية الدسوقي 3 / 439 - 442.
(2)
جواهر الإكليل 2 / 212.