الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، أَوْ نَوْعٍ مِنَ الاِسْتِدْلَال الْمُسْتَنْبَطِ.
فَالَّتِي تَثْبُتُ بِالأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ النَّقْلِيَّةِ إِنَّمَا تُسْتَفَادُ مِنْ صَرِيحِ النُّطْقِ، أَوِ الإِْيمَاءِ، أَوْ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى الأَْسْبَابِ، فَالْمُسْتَفَادُ مِنَ الصَّرِيحِ: أَنْ يَرِدَ فِيهِ لَفْظُ التَّعْلِيل مِثْل قَوْله تَعَالَى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (1) قَوْلُهُ جَل شَأْنُهُ: {مِنْ أَجْل ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل} (2) الآْيَةَ.
وَالْمُسْتَفَادُ مِنَ الإِْيمَاءِ عَلَى الْعِلَّةِ: كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا سُئِل عَنِ الْهِرَّةِ: إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ (3) فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْتِ بِأَدَوَاتِ التَّعْلِيل عَلَى قَوْل بَعْضِ الأُْصُولِيِّينَ الَّذِينَ لَا يَعُدُّونَ (إِنْ) مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيل (4) ، إِلَاّ أَنَّهُ أَوْمَأَ إِلَى التَّعْلِيل؛ لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الطَّوَافُ عِلَّةً لَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ مُفِيدًا.
وَالْمُسْتَفَادُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى الأَْسْبَابِ: أَنْ يُرَتِّبَ الأَْحْكَامَ عَلَيْهَا بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ وَالشَّرْطِ - أَوْ بِإِلْغَاءِ الَّتِي هِيَ لِلتَّعْقِيبِ - وَالتَّسْبِيبِ، كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً
(1) سورة الحشر / 7.
(2)
سورة المائدة / 32.
(3)
حديث: " إنها من الطوافين عليكم. . . ". أخرجه أحمد (5 / 303) والترمذي (1 / 154) من حديث أبي قتادة واللفظ لأحمد، وقال الترمذي:(حديث حسن صحيح) .
(4)
البحر المحيط للزركشي 5 / 192.
فَهِيَ لَهُ (1) وقَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} . (2)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
9 -
وَتَثْبُتُ الْعِلَّةُ كَذَلِكَ بِالإِْجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ مُؤَثِّرٌ، وَمِثَالُهُ قَوْلُهُمْ: إِذَا قُدِّمَ الأَْخُ مِنَ الأَْبِ وَالأُْمِّ عَلَى الأَْخِ لِلأَْبِ فِي الْمِيرَاثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ فِي التَّقْدِيمِ فِي الْمِيرَاثِ بِسَبَبِ امْتِزَاجِ الأُْخُوَّةِ وَهُوَ الْمُؤَثِّرُ بِالاِتِّفَاقِ.
وَكَذَلِكَ يُقَال: يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ وَإِنْ قُطِعَ؛ لأَِنَّهُ مَالٌ تَلِفَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَيُضْمَنُ كَمَا فِي الْغَصْبِ وَهَذَا الْوَصْفُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي الْغَصْبِ اتِّفَاقًا.
إِثْبَاتُ الْعِلَّةِ بِالاِسْتِنْبَاطِ، وَطُرُقِ الاِسْتِدْلَال:
10 -
إِذَا لَمْ تَثْبُتِ الْعِلَّةُ بِنَصٍّ - أَوْ إِجْمَاعٍ - بَحَثَ الْمُجْتَهِدُ فِي الأَْصْل الْمَنْصُوصِ عَلَى حُكْمِهِ عَنْ وَصْفٍ يُدْرِكُ الْعَقْل مُنَاسَبَتَهُ، أَيْ: صَلَاحِيَتَهُ لِرَبْطِ الْحُكْمِ بِهِ، وَبِنَائِهِ عَلَيْهِ، لِتَتَحَقَّقَ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ، فَإِذَا وَجَدَ فِي الْفِعْل الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَصْفًا مُنَاسِبًا
(1) حديث: " من أحيا أرضًا ميتة فهي له ". أخرجه الترمذي (3 / 655) من حديث جابر بن عبد الله وقال: " حديث حسن صحيح ".
(2)
سورة المائدة / 38. وانظر المستصفى 2 / 288 وما بعدها، والبحر المحيط 5 / 32 وما بعدها 184 وما بعدها.