الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَائِل الإِْيجَابِ وَالْقَبُول
.
9 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ الإِْيجَابَ وَالْقَبُول كَمَا يَحْصُلَانِ بِالأَْلْفَاظِ، كَذَلِكَ يَحْصُلَانِ بِالْكِتَابَةِ وَالإِْشَارَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْمُعَاطَاةِ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ بَعْضِ هَذِهِ الْوَسَائِل فِي بَعْضِ الْعُقُودِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ -
الْعَقْدُ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول اللَّفْظِيَّيْنِ
.
10 -
الإِْيجَابُ وَالْقَبُول بِالأَْلْفَاظِ هُوَ الأَْصْل فِي انْعِقَادِ الْعُقُودِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الإِْيجَابَ وَالْقَبُول إِذَا كَانَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي يَنْعَقِدُ بِهِمَا الْعَقْدُ كَمَا إِذَا قَال الْبَائِعُ: بِعْتُ، وَقَال الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ، وَلَا حَاجَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَى النِّيَّةِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَاضِي وَضْعًا لَكِنَّهَا جُعِلَتْ إِيجَابًا لِلْحَال فِي عُرْفِ أَهْل اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ، وَالْعُرْفُ قَاضٍ عَلَى الْوَضْعِ كَمَا عَلَّلَهُ الْكَاسَانِيُّ (1) ؛ وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ صَرِيحَةٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيَلْزَمُهُمَا، كَمَا قَال الْحَطَّابُ (2) .
وَلَا يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُل عَلَى الاِسْتِقْبَال كَصِيغَةِ
(1) بدائع الصنائع 5 / 133، وفتح القدير 5 / 74، 75.
(2)
مواهب الجليل 4 / 229، 230.
الاِسْتِفْهَامِ وَالْمُضَارِعِ الْمُرَادِ بِهِ الاِسْتِقْبَال (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَدُل عَلَى الْحَال كَصِيغَةِ الأَْمْرِ مَثَلاً، كَقَوْلِهِ: بِعْنِي، فَإِذَا أَجَابَهُ الآْخَرُ بِقَوْلِهِ: بِعْتُكَ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: كَانَ هَذَا اللَّفْظُ الثَّانِي إِيجَابًا وَاحْتَاجَ إِلَى قَبُولٍ مِنَ الأَْوَّل، وَهَذَا رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا.
(2)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - يَنْعَقِدُ بِهِمَا الْبَيْعُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قَبُولٍ مِنَ الأَْوَّل (3) .
أَمَّا صِيغَةُ الْمُضَارِعِ فَإِذَا أَرَادَ بِهَا الْحَال يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ وَإِلَاّ فَلَا، فَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِذَا قَال الْبَائِعُ: أَبِيعُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ أَوْ أَبْذُلُهُ أَوْ أُعْطِيكَهُ، وَقَال الْمُشْتَرِي: أَشْتَرِيهِ مِنْكَ أَوْ آخُذُهُ، وَنَوَيَا الإِْيجَابَ لِلْحَال، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَالآْخَرُ بِالْمُسْتَقْبَل مَعَ نِيَّةِ الإِْيجَابِ لِلْحَال - فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَنْعَقِدْ (4) .
(1) حاشية الدسوقي 3 / 3، 4 ومغني المحتاج 2 / 5، 6 والمغني لابن قدامة 3 / 560 - 561 ط. الرياض، وشرح منتهى الإرادات 2 / 140.
(2)
شرح المجلة للأتاسي 2 / 33، والاختيار 2 / 4، ومغني المحتاج 2 / 5، والمغني لابن قدامة 3 / 561
(3)
منح الجليل 2 / 462، ومغني المحتاج 2 / 5، وشرح منتهى الإرادات 2 / 140، والمغني لابن قدامة 3 / 561.
(4)
الفتاوى الهندية 3 / 4.