الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَقْرُ حَيَوَانَاتِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ نَقْلِهَا:
7 -
الْمُرَادُ بِعَقْرِ الْحَيَوَانَاتِ هُنَا: ضَرْبُ قَوَائِمِهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى لَا يُنْتَفَعَ بِهَا، فَإِذَا انْتَهَتِ الْحَرْبُ وَأَرَادَ الإِْمَامُ الْعَوْدَ إِلَى دِيَارِ الإِْسْلَامِ وَكَانَ مَعَهُ مَا غَنِمَهُ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ أَمْوَالٍ وَحَيَوَانَاتٍ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَقْل الْحَيَوَانَاتِ إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَفْعَل بِهَا.
فَالأَْصْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْرُهَا إِلَاّ لِلأَْكْل، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: أَمَّا عَقْرُ دَوَابِّهِمْ فِي غَيْرِ حَال الْحَرْبِ لِمُغَايَظَتِهِمْ وَالإِْفْسَادِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ خِفْنَا أَخْذَهُمْ لَهَا أَوْ لَمْ نَخَفْ، وَبِهَذَا قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ؛ لأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال فِي وَصِيَّتِهِ لِيَزِيدَ حِينَ بَعَثَهُ أَمِيرًا: يَا يَزِيدُ. لَا تَقْتُل صَبِيًّا وَلَا امْرَأَةً وَلَا هَرِمًا وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا دَابَّةً عَجْمَاءَ وَلَا شَاةً إِلَاّ لِمَأْكَلَةٍ. . . إِلَخْ.
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْرًا (1) ،؛ وَلأَِنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو حُرْمَةٍ فَأَشْبَهَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، لَكِنْ إِنْ كَانَ
(1) حديث: " نهى عن قتل شيء من الدواب صبرًا ". أخرجه مسلم (3 / 1550 ط. عيسى الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
الْحَيَوَانُ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي الْقِتَال كَالْخَيْل فَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّ مَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ سِيَاقَتِهِ وَأَخْذِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَعِينُ بِهِ الْكُفَّارُ فِي الْقِتَال كَالْخَيْل جَازَ عَقْرُهُ وَإِتْلَافُهُ؛ لأَِنَّهُ مِمَّا يَحْرُمُ إِيصَالُهُ إِلَى الْكُفَّارِ بِالْبَيْعِ فَتَرْكُهُ لَهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَصْلُحُ لِلأَْكْل فَلِلْمُسْلِمِينَ ذَبْحُهُ وَالأَْكْل مِنْهُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ لَا يَجُوزُ إِتْلَافُهُ؛ لأَِنَّهُ مُجَرَّدُ إِفْسَادٍ وَإِتْلَافٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ (1) وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (2) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَحْرُمُ عَقْرُ الْحَيَوَانَاتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُثْلَةِ بِالْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا تُذْبَحُ ثُمَّ تُحْرَقُ بَعْدَ الذَّبْحِ؛ لِتَنْقَطِعَ مَنْفَعَتُهَا عَنِ الْكُفَّارِ.
وَقَال الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَجُوزُ عَقْرُهَا أَوْ ذَبْحُهَا.
وَقَال الْمَدَنِيُّونَ يُكْرَهُ عَقْرُهَا وَإِنَّمَا يُجْهَزُ عَلَيْهَا وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهَا تُحْرَقُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِئَلَاّ يُنْتَفَعَ بِهَا (3) .
(1) حديث: " نهى عن ذبح الحيوان. . . ". معنى الحديث أخرجه الحاكم (2 / 182 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عمر، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
(2)
مغني المحتاج 4 / 227، وأسنى المطالب 4 / 196، والمهذب 2 / 242، وروضة الطالبين 10 / 258 والمغني 8 / 451، 452، 453.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 230، وفتح القدير 5 / 221 نشر دار إحياء التراث والدسوقي 2 / 181، والمدونة 2 / 40.