الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَِخْذِ الْعُشْرِ مِنَ التَّاجِرِ الذِّمِّيِّ أَلَاّ تَكُونَ أَمْوَالُهُ مَشْغُولَةً بِدَيْنٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ يُعْتَبَرُ لَهُ النِّصَابُ وَالْحَوْل فَيَمْنَعُهُ الدَّيْنُ كَالزَّكَاةِ
وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُول قَوْل الذِّمِّيِّ إِذَا ادَّعَى أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَيُصَدَّقُ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَهْل دَارِنَا فَيُصَدَّقُ بِالْحَلِفِ كَمَا يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَل قَوْلُهُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهُ.
وَأَمَّا التَّاجِرُ الْحَرْبِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ لِتَعْشِيرِ أَمْوَالِهِ التِّجَارِيَّةِ هَذَا الشَّرْطُ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ يُوجِبُ نَقْصًا فِي الْمِلْكِ وَمِلْكُ الْحَرْبِيِّ نَاقِصٌ وَلأَِنَّ دَيْنَهُ لَا مُطَالِبَ لَهُ فِي دَارِنَا (1) .
مِقْدَارُ الْعُشْرِ:
24 -
يَخْتَلِفُ مِقْدَارُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْعُشْرِ بِاخْتِلَافِ الأَْشْخَاصِ الَّذِينَ يَخْضَعُونَ لَهُ، فَهُوَ عَلَى الذِّمِّيِّ يُخَالِفُ مَا عَلَى الْحَرْبِيِّ.
أَوَّلاً: الْمِقْدَارُ الْوَاجِبُ فِي تِجَارَةِ الذِّمِّيِّ:
25 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ
(1) الاختيار 1 / 116، والمغني 8 / 521.
فِي مَال الذِّمِّيِّ هُوَ نِصْفُ الْعُشْرِ (1)، لِقَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: يُؤْخَذُ مِمَّا يَمُرُّ بِهِ الذِّمِّيُّ نِصْفُ الْعُشْرِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي مَال الذِّمِّيِّ الْعُشْرُ كَامِلاً، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا يَجْلِبُهُ مِنْ طَعَامٍ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَال: كُنْتُ غُلَامًا عَامِلاً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَكُنَّا نَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ.
وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُرَادِ بِالطَّعَامِ الَّذِي يَخْضَعُ لِهَذَا التَّخْفِيفِ، فَقِيل: الْحِنْطَةُ وَالزَّيْتُ، وَلَكِنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جَمِيعُ الْمُقْتَاتِ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ كَالْحُبُوبِ وَالأَْدْهَانِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَى أَنَّ قَدْرَ الْمَشْرُوطِ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ مِنَ الْعُشُورِ مَنُوطٌ بِرَأْيِ الإِْمَامِ (2) .
ثَانِيًا: الْمِقْدَارُ الْوَاجِبُ فِي تِجَارَةِ الْحَرْبِيِّ:
26 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الْحَرْبِيِّ
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 314، وكشاف القناع 3 / 137.
(2)
الموطأ شرح الزرقاني 2 / 143، وبلغة السالك 1 / 371، ومغني المحتاج 4 / 247.