الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّافِعِيَّةُ: الأَْظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ وَأَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَتَكُونُ حَالَّةً فِي الأَْصَحِّ مُغَلَّظَةً فِي الْمَشْهُورِ وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي؛ لأَِنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ، وَالثَّانِي يَقُول: نَشَأَ عَنْهُ الْغُرْمُ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ يَقُول: عَفْوُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الأَْمْرِ مِنْ يَدِهِ لَغْوٌ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ التَّوْكِيل بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّل؛ لأَِنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَشُبْهَةُ الْعَفْوِ ثَابِتَةٌ حَال غَيْبَتِهِ، بَل هُوَ الظَّاهِرُ لِلنَّدْبِ الشَّرْعِيِّ (2) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ قَال الْقَرَافِيُّ: إِذَا وَكَّل وَكِيلاً بِالْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيل فَلِكُل مَنْ عَلِمَ بِالْعَفْوِ - وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ مُتَّهَمًا - مَنْعُهُ إِذَا أَرَادَ الْقِصَاصَ وَلَوْ بِالْقَتْل دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقٍّ (3)
ثَانِيًا - الْعَفْوُ فِي الْحُدُودِ:
31 -
يَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْحَدَّ الْوَاجِبَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا عَفْوَ فِيهِ وَلَا شَفَاعَةَ وَلَا إِسْقَاطَ إِذَا
(1) شرح المحلى على منهاج الطالبين 4 / 129، وكشاف القناع 4 / 545، 546.
(2)
درر الحكام شرح غرر الأحكام 2 / 94، وحاشية الشرنبلالي على درر الحكام الموسوم غنية ذوي الأحكام في بغية درر الحكام 2 / 94.
(3)
الفروق 4 / 256، 257.
وَصَل إِلَى الْحَاكِمِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَيْ: (حَدّ وَتَعْزِير) .
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقَذْفِ.
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسُّكْرِ وَالسَّرِقَةِ لَا يَحْتَمِل الْعَفْوَ أَوِ الصُّلْحَ أَوِ الإِْبْرَاءَ بَعْدَمَا ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ؛ لأَِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، لَا حَقَّ لِلْعَبْدِ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ إِسْقَاطَهُ، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ إِذَا ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ أَوِ الإِْبْرَاءُ أَوِ الصُّلْحُ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَفَا الْمَقْذُوفُ قَبْل الْمُرَافَعَةِ أَوْ صَالَحَ عَلَى مَالٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَيَرُدُّ بَدَل الصُّلْحِ (1) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا قَال أَصْبَغُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُول: لَا يَجُوزُ عَفْوُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الإِْمَامَ إِلَاّ ابْنٌ فِي أَبِيهِ وَالَّذِي يُرِيدُ سَتْرًا، وَقَدْ قَال مَالِكٌ: إِذَا زَعَمَ الْمَقْذُوفُ أَنَّهُ يُرِيدُ سَتْرًا فَعَفَا إِنْ بَلَغَ الإِْمَامَ لَمْ يُقْبَل ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَل عَنْهُ سِرًّا، فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يُثْبِتَ الْقَاذِفُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَجَازَ عَفْوَهُ، وَإِنْ أُمِنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ عَفْوُهُ (2) ،
(1) بدائع الصنائع 9 / 4201، 4203.
(2)
المنتقى للباجي 7 / 146 - 148، 164، 165، وتهذيب الفروق 4 / 204 - 208، والفواكه الدواني 2 / 295.