الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طُرُوءُ الْعُذْرِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ:
10 -
إِذَا تَحَقَّقَ فِي الْمُكَلَّفِ وُجُودُ الْعُذْرِ قَبْل الصَّلَاةِ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي، وَيَبْقَى طَاهِرًا فِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ، فَيُصَلِّي وَإِنِ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ مَعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ، فَلَا تَبْطُل عِبَادَتُهُ؛ لِضَرُورَةِ الْمَرَضِ الَّذِي يُعَدُّ مِنَ الْحَدَثِ الْمُبْتَلَى بِهِ.
أَمَّا إِذَا دَخَل الصَّلَاةَ صَحِيحًا سَلِيمًا، ثُمَّ دَهَمَهُ الْعُذْرُ فِي أَثْنَائِهَا وَتَأَكَّدَ لَدَيْهِ اسْتِمْرَارُهُ، فَهَل يُنْقَضُ وُضُوءُهُ وَتَبْطُل صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
11 -
أَوَّلاً: إِذَا خَرَجَ مَا يُعْذَرُ بِهِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ، كَانَ الْخُرُوجُ حَدَثًا يُبْطِل الْوُضُوءَ كَمَا يُبْطِل الصَّلَاةَ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) الَّذِينَ قَالُوا: بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى أَصْحَابِ الأَْعْذَارِ لِوَقْتِ كُل صَلَاةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعُذْرُ مُعْتَادًا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْتَحَاضَةِ: تَوَضَّئِي لِكُل صَلَاةٍ، وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ (2)، وَلِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ
(1) البناية 1 / 672، ونهاية المحتاج 1 / 318، والمغني لابن قدامة 1 / 340.
(2)
حديث: " توضئ لكل صلاة وصلي وإن قطر الدم. . " أخرجه ابن ماجه (1 / 204) ، والدارقطني (1 / 212 - 213) وذكر الدارقطني تضعيف أحد رواته، وانظر البناية 1 / 662.
أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي (1) ، أَمْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ، لِمَا رَوَاهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي الْمَذْيِ: يَغْسِل ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ (2) وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: فِي الْوَدْيِ الْوُضُوءُ (3) وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ غَيْرُ مُعْتَادَيْنِ، وَقَدْ وَجَبَ فِيهِمَا الْوُضُوءُ؛ وَلأَِنَّهُمَا خَارِجَانِ مِنَ السَّبِيل فَيَنْقُضَانِ كَالرِّيحِ وَالْغَائِطِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ إِذَا كَانَ مُعْتَادًا يُبْطِل الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، أَمَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ كَسَلَسِ الْبَوْل، وَلَازَمَهُ نِصْفَ الزَّمَانِ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ، وَلَا يُبْطِل صَلَاتَهُ إِلَاّ إِذَا كَانَ أَقَل فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَيُبْطِل الصَّلَاةَ (4) .
12 -
ثَانِيًا: إِذَا كَانَ مَا يُعْذَرُ بِهِ خَارِجًا مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالدَّمِ وَالْقَيْحِ وَالرُّعَافِ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ قَلِيلاً
(1) حديث: " اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 411) من حديث عائشة وانظر: المغني لابن قدامة 1 / 340.
(2)
حديث علي " يغسل ذكره ويتوضأ " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 379) ، ومسلم (1 / 247) .
(3)
البناية 1 / 196 وأثر ابن عباس " في الودي الوضوء ". أخرجه البيهقي (1 / 169، 170) ، وابن أبي شيبة في المصنف (1 / 92) بلفظ " وأما المذي والودي ففيهما الوضوء ".
(4)
الشرح الصغير على أقرب المسالك 1 / 136 - 137.