الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْهِبَةَ تَلْزَمُ بِالْقَبْضِ إِلَاّ فِي حَالَاتٍ خَاصَّةٍ (1) .
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (هِبَة) .
وَأَمَّا الرَّهْنُ: فَقَدِ اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِهِ الْقَبْضَ، فَيَبْطُل عَقْدُ الرَّهْنِ بِرُجُوعِ الرَّاهِنِ عَنِ الرَّهْنِ بِالْقَوْل أَوْ بِتَصَرُّفٍ يُزِيل الْمِلْكَ (2) .
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (رَهْن ف 21) .
خَامِسًا: عُقُودُ الْمُعَاوَضَةِ وَعُقُودُ التَّبَرُّعِ:
50 -
قَسَّمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْعَقْدَ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الْعِوَضِ وَعَدَمُ الْعِوَضِ فِيهِ إِلَى نَوْعَيْنِ: عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ، وَعُقُودِ التَّبَرُّعِ.
فَمِنَ النَّوْعِ الأَْوَّل: عَقْدُ الْبَيْعِ بِأَنْوَاعِهِ مِنَ الْمُقَايَضَةِ وَالسَّلَمِ وَالصَّرْفِ، وَعَقْدُ الإِْجَارَةِ وَالاِسْتِصْنَاعِ، وَالصُّلْحِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا.
وَمِنَ النَّوْعِ الثَّانِي: عَقْدُ الْهِبَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْكَفَالَةِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَدِينِ، وَالرَّهْنِ، وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا.
وَمِنْ آثَارِ هَذَا التَّقْسِيمِ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ اعْتُبِرَ الْعِوَضُ فِي عَقْدٍ مِنَ
(1) الدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 101، وما بعدها.
(2)
ابن عابدين 5 / 308، ومغني المحتاج 2 / 128، والمغني 4 / 366.
الطَّرَفَيْنِ - أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا - فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَعِوَضِ الأُْجْرَةِ وَنَحْوِهِمَا، إِلَاّ فِي الصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ، فَإِنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ لَا تُبْطِلُهُ؛ لأَِنَّ لَهُ مَرَدًّا مَعْلُومًا، وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْل، وَقَدْ يَكُونُ الْعِوَضُ فِي حُكْمِ الْمَجْهُول، كَالْعِوَضِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَهُنَاكَ عُقُودٌ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْعِلْمِ الطَّارِئِ بِالْعِوَضِ، كَالشَّرِكَةِ مَثَلاً فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ بِقَدْرِ النِّسْبَتَيْنِ فِي الْمَال الْمُخْتَلِطِ، مِنْ كَوْنِهِ مُنَاصَفَةً أَوْ مُثَالَثَةً فِي الأَْصَحِّ إِذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ مِنْ بَعْدُ، وَعُقُودٌ أُخْرَى لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالْعِلْمِ، كَالْقِرَاضِ، وَالْقَرْضِ، وَهَل تَكْفِي مُعَايَنَةُ الْحَاضِرِ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ؟ تَخْتَلِفُ الْعُقُودُ حَسْبَ طَبِيعَتِهَا، فَفِي بَعْضِ الْعُقُودِ تَكْفِي مُعَايَنَةُ الْبَعْضِ كَالْبَيْعِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا تَكْفِي كَمَا فِي الْقِرَاضِ (1) .
وَأَمَّا عُقُودُ التَّبَرُّعِ:؛ فَلأَِنَّهُ لَا عِوَضَ فِيهَا يُغْتَفَرُ فِيهَا الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ؛ لأَِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْيُسْرِ وَالتَّوْسِعَةِ (2) .
وَهُنَاكَ عُقُودٌ تُعْتَبَرُ تَبَرُّعًا فِي الاِبْتِدَاءِ لَكِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فِي الاِنْتِهَاءِ كَعَقْدِ الْقَرْضِ، فَإِنَّ الْمُقْرِضَ مُتَبَرِّعٌ عِنْدَ الإِْقْرَاضِ لَكِنَّهُ عِنْدَ رُجُوعِهِ
(1) المنثور للزركشي 2 / 403، 404، والقواعد لابن رجب ص 74.
(2)
الفروق للقرافي 1 / 151.