الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خِلَافٍ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ، أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ يَكُونُ لِكِلَا الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِهِ فِي حَالَاتٍ أُخْرَى.
وَتَعْرِيفُ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَتَفْصِيل أَحْكَامِهَا وَأَثَرُهَا عَلَى الرِّضَا وَخِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا مِنَ الْمَوْسُوعَةِ.
ثَالِثًا - مَحَل الْعَقْدِ
.
33 -
الْمُرَادُ بِمَحَل الْعَقْدِ: مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَتَظْهَرُ فِيهِ أَحْكَامُهُ وَآثَارُهُ، وَيَخْتَلِفُ الْمَحَل بِاخْتِلَافِ الْعُقُودِ، فَقَدْ يَكُونُ الْمَحَل عَيْنًا مَالِيَّةً، كَالْمَبِيعِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَالْمَوْهُوبِ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ، وَالْمَرْهُونِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَقَدْ يَكُونُ عَمَلاً مِنَ الأَْعْمَال، كَعَمَل الأَْجِيرِ فِي الإِْجَارَةِ، وَعَمَل الزَّارِعِ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَعَمَل الْوَكِيل فِي الْوَكَالَةِ، وَقَدْ يَكُونُ مَنْفَعَةَ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، كَمَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ، وَمَنْفَعَةِ الْمُسْتَعَارِ فِي عَقْدِ الإِْعَارَةِ، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْكَفَالَةِ وَنَحْوِهِمَا.
وَلِهَذَا فَقَدِ اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي مَحَل الْعَقْدِ شُرُوطًا تَكَلَّمُوا عَنْهَا فِي كُل عَقْدٍ وَذَكَرُوا بَعْضَ الشُّرُوطِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَجِبُ تَوَافُرُهَا فِي الْعُقُودِ عَامَّةً أَوْ فِي مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْعُقُودِ، مِنْهَا:
أ -
وُجُودُ الْمَحَل:
34 -
يَخْتَلِفُ اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ بِاخْتِلَافِ الْعُقُودِ: فَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ مَثَلاً اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى وُجُودِ الْمَحَل، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يُوجَدْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ (1) ؛ وَلأَِنَّ فِي بَيْعِ مَا لَمْ يُوجَدْ غَرَرًا وَجَهَالَةً فَيُمْنَعُ، لِحَدِيثِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (2) وَعَلَى ذَلِكَ صَرَّحُوا بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَل الْحُبْلَةِ.
وَمَنَعُوا مِنْ بَيْعِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ قَبْل ظُهُورِهَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَال أَخِيهِ؟ (3) .
وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ بَيْعِ الْمَعْدُومِ عَقْدَ السَّلَمِ (4) ، وَذَلِكَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ (5)
كَمَا اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ عَقْدَ
(1) حديث: " لا تبع ما ليس عندك ". أخرجه الترمذي من حديث حكيم بن حزام وحسنه. (جامع الترمذي بشرحه تحفة الأحوذي 4 / 430) .
(2)
حديث " نهى عن بيع الغرر " أخرجه مسلم (3 / 1153) من حديث أبي هريرة.
(3)
حديث: " أرأيت إذا منع الله الثمرة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 398) ومسلم (3 / 1190) من حديث أنس بن مالك، واللفظ للبخاري.
(4)
حاشية ابن عابدين 4 / 203، وكشاف القناع 3 / 266.
(5)
البحر الرائق 6 / 196، ومنح الجليل 3 / 2، وأسنى المطالب 2 / 122، والمغني 4 / 304.