الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُزْلَة
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْعُزْلَةُ - بِالضَّمِّ - فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ مِنَ الاِعْتِزَال (1) ، وَهُوَ تَجَنُّبُ الشَّيْءِ بِالْبَدَنِ كَانَ ذَلِكَ أَوْ بِالْقَلْبِ (2) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الْخُرُوجُ عَنْ مُخَالَطَةِ الْخَلْقِ بِالاِنْزِوَاءِ وَالاِنْقِطَاعِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْخَلْوَةُ:
2 -
الْخَلْوَةُ: انْفِرَادُ الإِْنْسَانِ بِنَفْسِهِ (4) .
قَال السُّهْرَوَرْدِيُّ: الْخَلْوَةُ غَيْرُ الْعُزْلَةِ، فَالْخَلْوَةُ مِنَ الأَْغْيَارِ، وَالْعُزْلَةُ مِنَ النَّفْسِ وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَمَا يَشْغَل عَنِ اللَّهِ، فَالْخَلْوَةُ كَثِيرَةُ الْوُجُودِ، وَالْعُزْلَةُ قَلِيلَةُ الْوُجُودِ (5) .
حُكْمُ الْعُزْلَةِ:
3 -
ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْعُزْلَةِ عِنْدَ
(1) القاموس المحيط ومتن اللغة.
(2)
المفردات للراغب الأصفهاني.
(3)
التعريفات للجرجاني، ودستور العلماء 2 / 320.
(4)
القواعد للبركتي.
(5)
عوارف المعارف ص424 - 425.
ظُهُورِ الْفِتَنِ وَفَسَادِ النَّاسِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الإِْنْسَانُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِزَالَةِ الْفِتْنَةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ فِي إِزَالَتِهَا بِحَسَبِ الْحَال وَالإِْمْكَانِ (1)، وَأَمَّا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْفِتْنَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْعُزْلَةِ وَالاِخْتِلَاطِ: قَال النَّوَوِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الاِخْتِلَاطَ بِالنَّاسِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ - أَيْ مِنْ شُهُودِ خَيْرِهِمْ دُونَ شَرِّهِمْ، وَسَلَامَتِهِمْ مِنْ شَرِّهِ - هُوَ الْمُخْتَارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَائِرُ الأَْنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْيَارِهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ (2) .
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَفْضَلِيَّةِ الْمُخَالَطَةِ: بِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَمَرَ بِالاِجْتِمَاعِ، وَحَضَّ عَلَيْهِ، وَنَهَى عَنِ الاِفْتِرَاقِ وَحَذَّرَ مِنْهُ، فَقَال تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
(1) عمدة القارئ 1 / 163 ط. المنيرية، والقرطبي 10 / 360، 17 / 264.
(2)
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين 3 / 46 - 47 ط. الحلبي، وعمدة القاري 1 / 163.
إِخْوَانًا} (1) وَأَعْظَمُ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي جَمْعِ الْكَلِمَةِ وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ مِنْهُمْ فَقَال عز وجل: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} .
(2)
وَقَال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (3)
وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةٍ مِنْهَا: قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، خَيْرٌ مِنَ الْمُؤْمِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ. (4)
وَقَالُوا: إِنَّ الْمُخَالَطَةَ فِيهَا اكْتِسَابُ الْفَوَائِدِ، وَشُهُودُ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ، وَتَكْثِيرُ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيصَال الْخَيْرِ إِلَيْهِمْ وَلَوْ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَالأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَإِعَانَةُ الْمُحْتَاجِ، وَحُضُورُ
(1) سورة آل عمران / 103.
(2)
سورة الأنفال / 63.
(3)
سورة آل عمران / 105، وانظر: العزلة للخطابي بتحقيق ياسين محمد السواس ص53 نشر دار ابن كثير، وإحياء علوم الدين 2 / 223.
(4)
حديث: " المؤمن الذي يخالط الناس. . . ". أخرجه أحمد (5 / 365) وذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية 3 / 476 وقال عن رواته: (كلهم ثقات) . وانظر: الآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 476.
جَمَاعَاتِهِمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُل أَحَدٍ (1) .
وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ وَالْعَيْنِيُّ عَنْ قَوْمٍ: تَفْضِيل الْعُزْلَةِ، لِمَا فِيهَا مِنَ السَّلَامَةِ الْمُحَقَّقَةِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِوَظَائِفِ الْعِبَادَةِ الَّتِي تَلْزَمُهُ وَمَا يُكَلَّفُ بِهِ، قَال الْكِرْمَانِيُّ: الْمُخْتَارُ فِي عَصْرِنَا تَفْضِيل الاِنْعِزَال لِنُدْرَةِ خُلُوِّ الْمَحَافِل عَنِ الْمَعَاصِي (2) .
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَاّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (3) وَبِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه لَمَّا قَال: يَا رَسُول اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَال: أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ. (4)
وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْعُزْلَةِ
(1) عمدة القاري 1 / 163، وفتح الباري (13 / 42 - 43) ط. السلفية.
(2)
فتح الباري 13 / 42 - 43، وعمدة القاري 1 / 163.
(3)
سورة مريم / 48.
(4)
حديث: " أمسك عليك لسانك. . . ". أخرجه الترمذي 4 / 605، وقال:(حديث حسن) . وانظر إحياء علوم الدين 2 / 225 والعزلة ص63.