الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ إِنَّ مُخَالَفَةَ الْعُرْفِ لِلنَّصِّ تَأْتِي عَلَى وَجْهَيْنِ:
فَإِذَا خَالَفَ الْعُرْفُ النَّصَّ الشَّرْعِيَّ مِنْ كُل وَجْهٍ، فَإِنَّهُ يُعْمَل بِالنَّصِّ، وَلَا اعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ؛ لأَِنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنَ الْعُرْفِ، وَلَا يُتْرَكُ الأَْقْوَى لِمَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعُرْفُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا (1) .
وَإِذَا خَالَفَ الْعُرْفُ النَّصَّ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ؛ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْعُرْفُ مُخَصِّصًا وَلَا مُقَيِّدًا لِلنَّصِّ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعُرْفَ يُخَصِّصُ النَّصَّ وَيُقَيِّدُهُ (2) وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: - أَلَاّ يُعَارِضَ الْعُرْفَ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهِ:
14 -
يُشْرَطُ لاِعْتِبَارِ الْعُرْفِ: أَلَاّ يَصْدُرَ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهِ، فَإِذَا صَرَّحَ الْعَاقِدَانِ مَثَلاً
(1) فتح القدير 5 / 282، 283، ط الأميرية 1316هـ، مجوعة رسائل ابن عابدين 2 / 114، فتح الباري 9 / 510.
(2)
التقرير والتحبير 1 / 282 ط الأميرية 1316هـ، ومسلم الثبوت بذيل المستصفي 1 / 345 ط الأميرية 1322هـ، حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 70، 71، 84 ط دار الكتب العلمية، والفروق للقرافي 1 / 171، 173، 174 ط دار إحياء الكتب العربية 1344هـ، مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 48، 2 / 114، حاشية الدسوقي 2 / 143.
بِخِلَافِ الْعُرْفِ فَلَا اعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ؛ لأَِنَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلدَّلَالَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّصْرِيحِ قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: كُل مَا يَثْبُتُ فِي الْعُرْفِ إِذَا صَرَّحَ الْمُتَعَاقِدَانِ بِخِلَافِهِ مِمَّا يُوَافِقُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ صَحَّ، فَلَوْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الأَْجِيرِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّهَارَ بِالْعَمَل مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ يَقْطَعُ الْمَنْفَعَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ، وَأَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الأَْرْكَانِ، صَحَّ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الأَْوْقَاتِ إِنَّمَا خَرَجَتْ عَنِ الاِسْتِحْقَاقِ بِالْعُرْفِ الْقَائِمِ مَقَامَ الشَّرْطِ، فَإِذَا صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ جَازَ (1) .
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ قَائِمًا عِنْدَ إِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ:
15 -
يُشْتَرَطُ لاِعْتِبَارِ الْعُرْفِ: أَنْ يَكُونَ قَائِمًا عِنْدَ إِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ سَابِقًا أَوْ مُقَارِنًا لِلتَّصَرُّفِ عِنْدَ إِنْشَائِهِ؛ لأَِنَّ كُل مَنْ يَقُومُ بِتَصَرُّفٍ - سَوَاءٌ كَانَ قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا إِنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِحَسَبِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ؛ لِيَصِحَّ الْحَمْل عَلَى الْعُرْفِ الْقَائِمِ،
(1) قواعد الأحكام 2 / 158 ط دار الكتب العلمية، وانظر درر الحكام 1 / 42.