الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ أَوْ يَتَصَدَّى لِلْفَتْوَى، فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ لِلْقَضَاءِ وَلَا مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ قَبُول شَهَادَتِهِ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ شَرْطَ صِحَّةٍ فِي تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُهَا لَهُ وَتَنْفُذُ قَضَايَاهُ إِذَا لَمْ يُجَاوِزْ فِيهَا حَدَّ الشَّرْعِ؛ لأَِنَّ الْعَدَالَةَ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ إِلَاّ شَرْطَ كَمَالٍ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي عِنْدَهُمْ أَلَاّ يُقَلَّدَ الْفَاسِقُ؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ أَمَانَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَمَانَةُ الأَْمْوَال وَالأَْبْضَاعِ وَالنُّفُوسِ، فَلَا يَقُومُ بِوَفَائِهَا إِلَاّ مَنْ كَمُل وَرَعُهُ وَتَمَّ تَقْوَاهُ، إِلَاّ أَنَّهُ لَوْ قُلِّدَ الْفَاسِقُ مَعَ هَذَا جَازَ التَّقْلِيدُ فِي نَفْسِهِ وَصَارَ قَاضِيًا؛ لأَِنَّ الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ، فَلَا يَمْنَعُ جَوَازَ تَقْلِيدِهِ الْقَضَاءَ، وَحُكِيَ عَنِ الأَْصَمِّ مِثْل هَذَا حَيْثُ قَال: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَاسِقًا (1) ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لأَِبِي ذَرٍّ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا.
(1) البدائع 7 / 3، حاشية ابن عابدين 4 / 299، 301 الفتاوى الخانية 2 / 462، الأحكام السلطانية للماوردي ص66، 77 ولأبي يعلى ص73، مغني المحتاج 4 / 374 - 378، 388، 389، 391، كشاف القناع 6 / 300، المغني لابن قدامة 9 / 39، 40، 100.
قَال: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَال: صَل الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَل، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ (1)
ر: مُصْطَلَحُ: (قَضَاءٌ) وَمُصْطَلَحُ: (وِلَايَةٌ)
فِي الشُّهُودِ:
17 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الشَّاهِدِ عَدْلاً:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشُّهُودِ أَنْ يَكُونُوا عُدُولاً فِي التَّحَمُّل وَالأَْدَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (2) ؛ وَلأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ عَنْ نَبَأِ الْفَاسِقِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (3)
وَالشَّهَادَةُ نَبَأٌ فَيَجِبُ التَّثَبُّتُ.
وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ وَلَا مَحْدُودٍ فِي الإِْسْلَامِ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ (4) ، وَلأَِنَّ دِينَ الْفَاسِقِ لَمْ يَزَعْهُ عَنِ
(1) حديث: " كيف أنت إذا كانت عليه أمراء. . .؟ " أخرجه مسلم (1 / 448) .
(2)
سورة الطلاق / 2.
(3)
سورة الحجرات / 6.
(4)
حديث: " لا تجوز شهادة خائن. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 792) من حديث عبد الله بن عمرو، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 37) .