الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَقْل
التَّعْرِيفُ:
1 -
مِنْ مَعَانِي الْعَقْل فِي اللُّغَةِ: الْحَجْرُ وَالنَّهْيُ، وَهُوَ ضِدُّ الْحُمْقِ، وَالْجَمْعُ: عُقُولٌ، وَعَقَل الشَّيْءَ يَعْقِلُهُ عَقْلاً: إِذَا فَهِمَهُ، وَيُقَال لِلْقُوَّةِ الْمُتَهَيِّئَةِ لِقَبُول الْعِلْمِ.
وَمِنْ مَعَانِيهِ: الدِّيَةُ، يُقَال: عَقَل الْقَتِيل يَعْقِلُهُ عَقْلاً: إِذَا وَدَاهُ، وَعَقَل عَنْهُ: أَدَّى جِنَايَتَهُ، وَذَلِكَ إِذَا لَزِمَتْهُ دِيَةٌ فَأَعْطَاهَا عَنْهُ (1) .
وَفِي الشَّرْعِ الْعَقْل: الْقُوَّةُ الْمُتَهَيِّئَةُ لِقَبُول الْعِلْمِ، وَقِيل: غَرِيزَةٌ يَتَهَيَّأُ بِهَا الإِْنْسَانُ إِلَى فَهْمِ الْخِطَابِ، وَقِيل: نُورٌ فِي الْقَلْبِ يَعْرِفُ الْحَسَنَ وَالْقَبِيحَ وَالْحَقَّ وَالْبَاطِل (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
اللُّبُّ:
2 -
اللُّبُّ هُوَ: الْعَقْل الْخَالِصُ مِنَ
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، التعريفات للجرجاني، وغريب القرآن للأصفهاني.
(2)
الفواكه الدواني 1 / 133، ومغني المحتاج 1 / 33.
الشَّوَائِبِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ خَالِصَ مَا فِي الإِْنْسَانِ مِنْ مَعَانِيهِ؛ لأَِنَّ لُبَّ كُل شَيْءٍ: خَالِصُهُ وَخِيَارُهُ، وَشَيْءٌ لُبَابٌ: أَيْ خَالِصٌ.
وَقِيل: اللُّبُّ هُوَ مَا زَكَا مِنَ الْعَقْل، فَكُل لُبٍّ عَقْلٌ، وَلَيْسَ كُل عَقْلٍ لُبًّا، وَلِهَذَا عَلَّقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الأَْحْكَامَ الَّتِي لَا تُدْرِكُهَا إِلَاّ الْعُقُول الزَّكِيَّةُ بِأُولِي الأَْلْبَابِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَاّ أُولُوا الأَْلْبَابِ} (1)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
وَرَدَتِ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَقْل فِي أَبْوَابٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، مِنْهَا مَا يُخَصُّ بِالتَّكْلِيفِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
3 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَقْل هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ فِي الإِْنْسَانِ، فَلَا تَجِبُ عِبَادَةٌ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى مَنْ لَا عَقْل لَهُ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا بَالِغًا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل. (2)
كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْعَاقِل لَا تُعْتَبَرُ
(1) سورة البقرة / 269، وينظر لسان العرب والتعريفات للجرجاني وغريب القرآن للأصفهاني.
(2)
حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 560 ط. عزت عبيد دعاس)، والحاكم (2 / 59 دار الكتاب العربي) وقال: حديث صحيح على شرط مسلم.
تَصَرُّفَاتُهُ الْمَالِيَّةُ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا إِيجَارُهُ وَلَا وَكَالَتُهُ أَوْ رَهْنُهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ طَرَفًا فِي أَيِّ عَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِ الْمَالِيَّةِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالضَّمَانِ وَالإِْبْرَاءِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَلَا اعْتِبَارَ لأَِقْوَالِهِ، وَلَا تُؤْخَذُ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ إِسْلَامٌ وَلَا رِدَّةٌ، وَلَا طَلَاقٌ وَلَا ظِهَارٌ، وَلَا يُعْتَمَدُ إِقْرَارُهُ فِي النَّسَبِ أَوِ الْمَال أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَا شَهَادَتُهُ أَوْ خَبَرُهُ.
كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فَاقِدَ الْعَقْل مِنَ النَّاسِ تُسْلَبُ مِنْهُ الْوِلَايَاتُ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ ثَابِتَةً: لَهُ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، أَوْ بِالتَّفْوِيضِ كَوِلَايَةِ الإِْيصَاءِ وَالْقَضَاءِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَل أَمْرَ نَفْسِهِ فَأَمْرُ غَيْرِهِ أَوْلَى.
4 -
إِلَاّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا: إِنَّ بَعْضَ أَفْعَال فَاقِدِ الْعَقْل - كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي حَال غَيْبُوبَتِهِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ - مُعْتَبَرَةٌ وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا نَتَائِجُهَا وَأَحْكَامُهَا، وَذَلِكَ كَإِحْبَالِهِ، وَإِتْلَافِهِ مَال غَيْرِهِ، وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ، وَتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى إِرْضَاعِهِ، وَالْتِقَاطِهِ، وَاحْتِطَابِهِ، وَاصْطِيَادِهِ، وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ (1) .
(1) مجلة الأحكام مادة 941، 943، 944، 945، 957، 960 والبدائع 7 / 246، القوانين الفقهية ص113، 127، 143، 204، 229، 247، 273، 302، 311، 316، 322، 339، 356، 364، مغني المحتاج 2 / 165، 198، 218، 238، 264، 314، 323، 332، 376، 7 / 122 و4 / 10، 84، 94، 137، 427، والمغني لابن قدامة 7 / 664، 113، 116، 339 و1 / 400 و8 / 215، 124، وكشاف القناع 6 / 50.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَكْلِيف ف 4، أَهْلِيَّة ف 9، جُنُون ف 9، عَتَه ف 5، تَمْيِيز ف 9، حَجْر ف 9، وِلَايَة، شَهَادَة ف 17، قَضَاءٌ، عَقْد ف 29.)
وَمِنْهَا نَقْضُ الْوُضُوءِ، فَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ زَوَال الْعَقْل بِالْجُنُونِ أَوِ الإِْغْمَاءِ أَوِ السُّكْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأَْدْوِيَةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْل. يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (نَوْم، وُضُوء، وَجُنُون) .
وَمِنْهَا: الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَقْل فَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي إِزَالَةِ الْعَقْل بِجِنَايَةٍ لِعَدَمِ الضَّبْطِ؛ وَلأَِنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَل الْجِنَايَةِ، لِلاِخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ (2) .
وَتَفَاصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (قِصَاص، قَوَد) .
وَذَهَبُوا إِلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي ذَهَابِ الْعَقْل بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، لِمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 97، والفواكه الدواني 1 / 133، ومغني المحتاج 1 / 32، والمغني لابن قدامة 1 / 172.
(2)
جواهر الإكليل 2 / 276، والفواكه الدواني 1 / 19، ومغني المحتاج 1 / 33، 4 / 30، والمغني لابن قدامة 8 / 38، وكشاف القناع 5 / 50.