الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْفُضُولِيَّةِ (1) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (2) وَقَوْلِهِ: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (3) وَبِحَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ رضي الله عنه السَّابِقِ. وَبِأَنَّ الْفُضُولِيَّ كَامِل الأَْهْلِيَّةِ، فَإِعْمَال عَقْدِهِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْعَقْدِ مَصْلَحَةٌ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ فِيهِ أَيُّ ضَرَرٍ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي مَذْهَبِهِ الْجَدِيدِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ، فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَشِرَاؤُهُ بَاطِلٌ مِنْ أَسَاسِهِ، وَلَا يَنْعَقِدُ أَصْلاً فَلَا تَلْحَقُهُ إِجَازَةُ صَاحِبِ الشَّأْنِ (4) .
وَقَال ابْنُ رَجَبٍ: تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ جَائِزٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الإِْجَازَةِ إِذَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي مَال الْغَيْرِ أَوْ حَقِّهِ وَتَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ إِمَّا لِلْجَهْل بِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْبَتِهِ وَمَشَقَّةِ انْتِظَارِهِ (5) .
(1) الفروق للقرافي 1 / 242، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبيير 3 / 12.
(2)
سورة المائدة الآية / 1.
(3)
سورة البقرة الآية: / 275.
(4)
مغني المحتاج 2 / 15، والمجموع 9 / 259.
(5)
الإنصاف للمرداوي 4 / 283، والقواعد لابن رجب ص417، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 3 / 18.
وَقَدِ اسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى بُطْلَانِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ (1) أَيْ: مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ لِلْغَرَرِ النَّاشِئِ عَنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ النِّزَاعِ (2) ؛ وَلأَِنَّ الْوِلَايَةَ شَرْطٌ لاِنْعِقَادِ الْعَقْدِ
صُوَرُ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ:
مِنْ صُوَرِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ مَا يَأْتِي:
الصُّورَةُ الأُْولَى: بَيْعُ الْغَاصِبِ:
10 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الْغَاصِبِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى صِحَّةِ عَقْدِ بَيْعِ الْغَاصِبِ وَنُفُوذِهِ بِالإِْجَازَةِ (3) .
وَوُجْهَةُ نَظَرِهِمْ أَنَّ بَيْعَ الْغَاصِبِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ عَقْدًا فُضُولِيًّا تَوَفَّرَتْ فِيهِ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ لِلصِّحَّةِ، فَيَلْزَمُ الْقَوْل
(1) حديث: " لا تبع ما ليس عندك " أخرجه أبو داود (3 / 769) والترمذي (3 / 525) وحسنه الترمذي.
(2)
مغني المحتاج 2 / 15، والمجموع 9 / 262، وكشاف القناع 2 / 11 - 12، والقواعد ص 417، ومطالب أولي النهى 3 / 18، والمغني 4 / 206.
(3)
فتاوى الغزي ص192، وانظر الهداية 3 / 51، والمبسوط 11 / 61، وما بعدها، وبدائع الصنائع 7 / 145، وروضة الطالبين 3 / 354، والخرشي 6 / 146، والإنصاف 3 / 204.