الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَمَّام)(وَعَوْرَة) .
ج -
الصَّلَاةُ عُرْيَانًا:
6 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) إِلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ (1) وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ فَرْضٌ (2) فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ دُونَهُ، أَيْ عُرْيَانًا. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ بِجَمَاعَةٍ، فِي خَلْوَةٍ أَوْ بَيْنَ النَّاسِ، فِي ضَوْءٍ أَوْ فِي ظَلَامٍ (3) ، وَهَذَا الشَّرْطُ لِمَنْ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَوَاجِدًا لِلثِّيَابِ، فَلَوْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ قَادِرًا وَوَاجِدًا لِلسَّاتِرِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَعَلَيْهِ الإِْعَادَةُ، وَالدَّلِيل عَلَى اشْتِرَاطِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاةِ الْعُرْيَانِ قَوْله تَعَالَى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ} (4)، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْمُرَادُ بِهِ الثِّيَابُ فِي الصَّلَاةِ (5) . وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي مَا يَسْتُرُ بِهِ
(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري 1 / 466، وفتح القدير لابن الهمام مع الهداية 1 / 260، 273، وابن عابدين 1 / 380، وشرح الزرقاني 1 / 173، 179، ومغني المحتاج 1 / 184، 185، وكشاف القناع 1 / 263، 264.
(2)
مراقي الفلاح ص114.
(3)
نفس المراجع.
(4)
سورة الأعراف / 31.
(5)
مغني المحتاج 1 / 184.
عَوْرَتَهُ، فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا؛ لأَِنَّ اشْتِرَاطَ السَّتْرِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ مُقَيَّدٌ بِالْقُدْرَةِ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (عَوْرَة، وَصَلَاة) .
كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا:
7 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ صَلَّى عُرْيَانًا قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَيَجْعَل السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ (2) ، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ جَالِسًا وَرَكَعَ وَسَجَدَ بِالأَْرْضِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ إِلَاّ أَنَّ الأَْوَّل أَفْضَل؛ لأَِنَّ السَّتْرَ وَجَبَ لِحَقِّ الصَّلَاةِ وَحَقِّ النَّاسِ (3) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلَاة ف 35) .
8 -
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ لِلْعُرَاةِ:
فَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْجَمَاعَةُ مَشْرُوعَةٌ لِلْعُرَاةِ، وَبِهِ قَال قَتَادَةُ؛ لأَِنَّ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ الرَّجُل فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ
(1) فتح القدير مع الهداية 1 / 42، 185، وجواهر الإكليل 1 / 43، ومغني المحتاج 1 / 185، وكشاف القناع 1 / 272.
(2)
الهداية مع شروحها 1 / 185، وكشاف القناع 1 / 172.
(3)
المرجعان السابقان، والمغني لابن قدامة 1 / 596.
سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً (1) عَامٌّ فِي كُل مُصَلٍّ، وَلَا تَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ لِتَعَذُّرِ سَبَبِهَا فِي الْمَوْقِفِ، كَمَا لَوْ كَانُوا فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ إِمَامُهُمْ، قَال الْبُهُوتِيُّ وَتُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً وُجُوبًا (2) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ جَمَاعَتِهِمْ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً، وَمَعَ ذَلِكَ إِذَا صَلَّوْا بِالْجَمَاعَةِ يَتَوَسَّطُهُمْ إِمَامُهُمْ، كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ وَابْنُ قُدَامَةَ وَغَيْرُهُمَا (3) . قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَوْ تَقَدَّمَهُمْ جَازَ: وَيُرْسِل كُل وَاحِدٍ رِجْلَيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ يُومِئُ إِيمَاءً (4) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: إِنَّ الْعُرْيَانَ يُصَلِّي قَائِمًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، وَإِنِ اجْتَمَعَ الْعُرَاةُ الْعَاجِزُونَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ بِظَلَامٍ لِلَيْلٍ أَوْ نَحْوِهِ يُصَلُّونَ جَمَاعَةً كَالْمَسْتُورِينَ فِي تَقْدِيمِ إِمَامِهِمْ وَاصْطِفَافِهِمْ خَلْفَهُ، وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا بِظَلَامٍ تَفَرَّقُوا لِلصَّلَاةِ وُجُوبًا وَصَلَّوْا فُرَادَى، وَإِلَاّ أَعَادُوا بِوَقْتٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَفَرُّقُهُمْ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ مِنْ نَحْوِ
(1) حديث: " صلاة الرجل في الجماعة تزيد. . . ". أخرجه مسلم (1 / 451) من حديث ابن عمر.
(2)
المغني لابن قدامة 1 / 596، 597، وكشاف القناع 1 / 273.
(3)
ابن عابدين 1 / 380، والمغني لابن قدامة 1 / 596، 597.
(4)
فتح القدير مع الهداية 1 / 185.
سَبُعٍ، أَوْ خَوْفٍ عَلَى مَالٍ مِنَ الضَّيَاعِ، أَوْ لِضِيقِ مَكَانٍ كَسَفِينَةٍ، صَلَّوْا قِيَامًا رَاكِعِينَ سَاجِدِينَ صَفًّا وَاحِدًا غَاضِّينَ أَبْصَارَهُمْ، إِمَامُهُمْ وَسَطَهُمْ فِي الصَّفِّ غَيْرُ مُتَقَدَّمٍ عَلَيْهِمْ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي صَلَاةِ الْعُرْيَانِ الْعَاجِزِ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ قَوْلَانِ وَوَجْهٌ، وَقِيل: ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا: يُصَلِّي قَائِمًا، وَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَالثَّانِي: يُصَلِّي قَاعِدًا، وَهَل يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ أَمْ يُومِئُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ (2) ، وَلَوْ حَضَرَ جَمْعٌ مِنَ الْعُرَاةِ، فَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً، وَيَقِفُ إِمَامُهُمْ وَسَطَهُمْ، وَهَل يُسَنُّ لَهُمُ الْجَمَاعَةُ، أَمِ الأَْصَحُّ أَنَّ الأَْوْلَى أَنْ يُصَلُّوا فُرَادَى؟ قَوْلَانِ: الْقَدِيمُ: الاِنْفِرَادُ أَفْضَل، وَالْجَدِيدُ: الْجَمَاعَةُ أَفْضَل، قَال النَّوَوِيُّ: وَالْمُخْتَارُ مَا حَكَاهُ الْمُحَقِّقُونَ عَنِ الْجَدِيدِ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَالاِنْفِرَادَ سَوَاءٌ (3) ، وَهَذَا إِذَا كَانُوا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى نَظَرُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ، فَلَوْ كَانُوا عُمْيًا، أَوْ فِي ظُلْمَةٍ اسْتُحِبَّتْ لَهُمُ الْجَمَاعَةُ بِلَا خِلَافٍ (4) .
وَبَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ مِنَ الثِّيَابِ
(1) جواهر الإكليل 1 / 43، والحطاب 1 / 507.
(2)
روضة الطالبين 1 / 122.
(3)
روضة الطالبين 1 / 285.
(4)
نفس المرجع.