الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب -
الْعَقْدُ بِالْكِتَابَةِ أَوِ الرِّسَالَةِ
.
13 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ وَانْعِقَادِهَا بِالْكِتَابَةِ وَإِرْسَال رَسُولٍ إِذَا تَمَّ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول بِهِمَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ عَقْدِ النِّكَاحِ (1) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الْعُقُودِ وَفَصَّلُوا فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ. قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ، وَكَذَا الإِْرْسَال، حَتَّى اعْتُبِرَ مَجْلِسُ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ (2) . وَقَال الدُّسُوقِيُّ فِي بَابِ الْبَيْعِ: يَصِحُّ بِقَوْلٍ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْهُمَا، أَوْ قَوْلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِتَابَةٍ مِنَ الآْخَرِ (3) .
أَمَّا عَقْدُ النِّكَاحِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَاقِدَانِ حَاضِرَيْنِ أَمْ غَائِبَيْنِ، قَال الدَّرْدِيرُ: وَلَا تَكْفِي فِي النِّكَاحِ الإِْشَارَةُ وَلَا الْكِتَابَةُ إِلَاّ لِضَرُورَةِ خَرَسٍ (4) .
وَقَال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَفُسِخَ مُطْلَقًا قَبْل الدُّخُول وَبَعْدَهُ وَإِنْ طَال، كَمَا لَوِ اخْتَل شَرْطٌ
(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 4 / 10، وحاشية الدسوقي وبهامشه الشرح الكبير للدردير 3 / 3، مغني المحتاج 2 / 5، وحاشية القليوبي 2 / 154، وكشاف القناع 3 / 148.
(2)
الهداية مع فتح القدير 5 / 79.
(3)
حاشية الدسوقي وبهامشه الشرح الكبير للدردير 3 / 3.
(4)
الشرح الصغير 2 / 350.
مِنْ شُرُوطِ الْوَلِيِّ أَوِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوِ اخْتَل رُكْنٌ، كَمَا لَوْ زَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ أَوْ لَمْ تَقَعِ الصِّيغَةُ بِقَوْلٍ، بَل بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِقَوْلٍ غَيْرِ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا (1) .
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَلَا يَنْعَقِدُ بِكِتَابَةٍ فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ؛ لأَِنَّهَا كِنَايَةٌ، فَلَوْ قَال لِغَائِبٍ: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي، أَوْ قَال: زَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ، ثُمَّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ فَقَال: قَبِلْتُ، لَمْ يَصِحَّ (2) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى النُّطْقِ بِإِشَارَةٍ وَلَا كِتَابَةٍ لِلاِسْتِغْنَاءِ عَنْهَا (3) .
وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِي جَوَازِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِالْكِتَابَةِ فَقَالُوا: لَا يَنْعَقِدُ بِكِتَابَةِ حَاضِرٍ، فَلَوْ كَتَبَ: تَزَوَّجْتُكِ، فَكَتَبَتْ: قَبِلْتُ، لَمْ يَنْعَقِدْ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَتْ: قَبِلْتُ، أَمَّا كِتَابَةُ غَائِبٍ عَنِ الْمَجْلِسِ فَيَنْعَقِدُ بِهَا النِّكَاحُ بِشُرُوطٍ وَكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ نَقَلَهَا ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتْحِ فَقَال: يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْكِتَابَةِ كَمَا يَنْعَقِدُ بِالْخِطَابِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهَا يَخْطُبَهَا، فَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ أَحْضَرَتِ الشُّهُودَ وَقَرَأَتْهُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ، أَوْ تَقُول: إِنَّ فُلَانًا كَتَبَ إِلَيَّ يَخْطِبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ
(1) الشرح الصغير 2 / 387.
(2)
مغني المحتاج 3 / 141.
(3)
كشاف القناع 5 / 39.