المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1) أول كتاب الصلاة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(1) أول كتاب الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

(1)

===

بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

(أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ)(2)

لما فرغ من بيان الطهارة التي من شروط الصلاة شرع في بيان الصلاة التي هي المشروطة، فلذلك أخرها عن الطهارات، لأن شرط الشيء يسبقه، وحكمه يعقبه، ثم معنى الصلاة في اللغة الغالبة الدعاء، قال تعالى:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (3)، وفي الحديث:"وإن كان صائمًا فليصل"، أي فليدع لهم بالخير والبركة، وقيل: مشتقة من صليت العود على النار إذا قومته.

قال النووي: هذا باطل، لأن لام الكلمة في الصلاة واو بدليل الصلوات، وفي صليت ياء، فكيف يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف الأصلية.

قلت: دعواه بالبطلان غير صحيحة، لأن اشتراط اتفاق الحروف الأصلية في الاشتقاق الصغير دون الكبير والأكبر، وقيل: الصلاة مشتقة من الصَّلَوَيْن

(1) زاد في نسخة: "باب فرض الصلاة".

(2)

وقال ابن القيم في "الهدي"(4/ 332): إن الصلاة صلة بين الرب والعبد، وذكر منافعها الدنيوية. (ش).

(3)

سورة التوبة: الآيهّ 103.

ص: 5

391 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِى سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: إنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ

===

تثنية الصَّلَا، وهو ما عن يمين الذنب وشماله، وذلك لأن المصلي يحرك صَلَوَيْه في الركوع والسجود، وقيل: مشتقة من المصلي وهو الفرس الثاني من خيل السباق، لأن رأسه تلي صلوى السابق، وأما معناه الشرعي فهي عبارة عن الأركان المعهودة والأفعال المخصوصة، هذا خلاصة ما قاله العيني في شرح البخاري (1)، وفرضت الصلاة بمكة قبل الهجرة في الإسراء.

391 -

(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عمه أبي سهيل بن مالك) التيمي المدني، عم مالك بن أنس الإِمام، حليف بني تيم، اسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، قال أبو حاتم والنسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، كان يؤخذ عنه القراءة بالمدينة.

(عن أبيه) مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو أنس، ويقال: أبو محمد، جد مالك بن أنس الفقيه، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن سعد: كان ثقة، وله أحاديث صالحة، مات سنة 74 هـ.

(قال: إنه سمع طلحة بن عبيد الله)(2) بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي، أبو محمد المدني، أحد العشرة المبشرة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإِسلام، وأحد الستة الشورى، غاب عن بدر، لأنه كان عند وقعة بدر في الشام، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سعيد بن زيد يتجسسان خبر العير التي كانت لقريش مع أبي سفيان بن حرب، فعادا يوم اللقاء ببدر، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، وشهد أحدًا وما بعدها، وكان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بينه وبين الزبير، وآخى بالمدينة بينه وبين

(1)"عمدة القاري"(4/ 3).

(2)

انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 490) رقم (2627).

ص: 6

يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى إذا دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» .

===

أبي أيوب الأنصاري، مات يوم الجمل بسهم رماه مروان فأصاب ركبته، وقيل: أصابه سهم غريب فقتله سنة 36 هـ.

(يقول جاء رجل) قيل (1) هو ضمام بن ثعلبة وافد بني سعد بن بكر (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد) والنجد: ما ارتفع من الأرض ضد التهامة، وهو الغور، سميت به الأرض الواقعة بين تهامة، أي مكة وبين العراق (ثائر الرأس) أي منتشر شعر الرأس غير مرجله بحذف المضاف، أو سمي الشعر رأسًا مجازًا تسمية للحال باسم المحل، أو مبالغة بجعل الرأس كأنه المنتشر (يسمع) بصيغة المجهول (دوي صوته) الدوي بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء، قال في "المجمع": هو صوت ليس بالعالي نحو صوت النحل، وقال في "القاموس": دوي الريح حفيفها، وكذا من النحل والطائر.

(ولا يفقه) بصيغة المجهول أي لا يفهم من جهة البعد، وروي فيهما بصيغة المتكلم المعلوم (ما يقول) أي ما يتكلم به من الكلام لا يفهم لضعف صوته وبعده (حتى إذا دنا) أي قرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي إلى أن قرب ففهمنا (فإذا) للمفاجأة (هو) أي الرجل (يسأل) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن الإِسلام) أي عن فرائضه، ولذا لم يذكر الشهادتين، ولكون السائل متصفًا به.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة) مبتدأ محذوف

(1) وفي حاشية أبي داود عن "مرقاة الصعود": جزم به جماعة خلافًا للقرطبي، ومثله في "ابن رسلان" مختصرًا فقال: قيل هذا الرجل ضمام بن ثعلبة المذكور في حديث "آلله أمرك بهذا"، الحديث، واستبعده القرطبي فقال: هما حديثان سياقهما مختلف، فالظاهر أنه شخص آخر، ورجحه الحافظ والبسط في "الأوجز"(3/ 585). (ش).

ص: 7

قَالَ (1): هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لَا، إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ» قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ. قَالَ (2): هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا،

===

الخبر، أو خبر مبتدأه محذوف، أي عليك خمس صلوات، أو فرض الإِسلام خمس صلوات (قال) أي الرجل:(هل عليَّ) أي هل يجب عليَّ من الصلاة (غيرهن؟ ) أي في اليوم والليلة (قال: لا) أي لا يجب عليك غيرها، وهذا قبل وجوب الوتر، أو أنه تابع للعشاء، وصلاة العيد، لأنها ليست من الفرائض اليومية، بل هي من الواجبات السنوية.

(إلَّا أن تطوع) بتشديد الطاء والواو، وأصله تتطوع بتائين فأبدلت وأدغمت، وروي بحذف إحداهما وتخفمف الطاء، والمعنى: إلَّا أن تشرع في التطوع، فإنه يجب عليك إتمامه لقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (3)، ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعًا، والمعنى لكن التطوع باختيارك أي ابتداء كما هو مذهبنا، أو انتهاء أيضًا كما هو مذهب الشافعي.

(قال) أي طلحة أو غيره من الرواة: (وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام شهر رمضان) كأن الراوي نسي لفظه بميرِو فحكاه بهذا العنوان، وفي البخاري ومسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وصيام شهر رمضان" أي يجب عليك.

(قال) أي الرجل: (هل عليَّ غيره؟ ) أي هل يجب عليَّ صوم فرض سوى صوم رمضان؟ (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا) أي لا يجب عليك سوى صوم

(1) وفي نسخة: "فقال".

(2)

وفي نسخة: "فقال".

(3)

وعلى هذا فالاستثتاء متصل، قال ابن رسلان: وإذا حملناه على الاستثناء المتصل لزم وجوب التطوع، ولا قائل به لاستحالته، فلم ييق إلَّا ها ذهب إليه مالك أتى التطوع يصير واجبًا بالشروع، ويكون المعنى: إلَّا أن تشرع بالتطوع، ومن ادعى أن الاستثناء من غير جنسه طولب بتصحيح ما ادعاه، انتهى- قلت: وبه قالت الحنفية. (ش).

ص: 8

إِلَاّ أَنْ تَطَّوَّعَ». قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّدَقَةَ. قَالَ (1): فَهَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَاّ أَنْ تَطَّوَّعَ» . قال: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» . [خ 46، 11، ن 458، ق 1/ 361]

===

رمضان (إلَّا أن تطوع، قال) أي طلحة: (وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة) أي وجوب الزكاة (قال: فهل عليَّ غيرها؟ ) أي غير الزكاة (قال: لا، إلَّا أن تطوع).

قيل: يعلم منه أنه ليس في المال حق سوى الزكاة بشروطها، وهو ظاهر إن أريد به الحقوق الأصلية المتكررة تكررها، وإلَّا حقوق المال كثيرة، كصدقة الفطر، ونفقة ذوي الأرحام، والأضحية.

(قال) أي طلحة: (فأدبر الرجل) أي رجع (وهو) أي والحال أنه (يقول: والله لا أزيد على هذا) أي في الإبلاغ أو في نفس الفرضية (2)(ولا أنقص) أي منه شيئًا (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح)(3) أي فاز وظفر (إن صدق)(4).

(1) وفي نسخة: "فقال".

(2)

قال ابن رسلان: إن قيل: كيف قال: لا أزيد، وليس في الحديث الواجبات ولا كل المنهيات؟ والجواب: أنه جاء في رواية البخاري في آخر هذا الحديث زيادة توضح المقصود، فإنه قال: وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإِسلام، انتهى، وقال أيضًا: أو يقال: إن معنى قوله لا أزيد فرضًا ولا أنقص فرضًا، وهو أحسن ما يقال فيه. وأشكل على الحديث بأنه حلف على ترك مندوب وهو مكروه، أجاب عنه الموفق بوجوه؛ منها: أنها إن تضمنت ترك المندوب فقد تضمنت الحلف على مواظبة الفرائض في قوله: لا أنقص، وهذا يزيد في الفضل، ولأن فيه تقريرًا بأن ترك المندوب لا يؤاخذ عليه "أوجز المسالك"(3/ 596). (ش).

(3)

قال ابن رسلان: الفلاح هو الفوز، وقيل: هو اسم لأربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغناء بلا فقر، وعز بلا ذل، وعلم بلا جهل.

(4)

قال ابن رسلان: فيه ثلاثة أوجه؛ تنبيه على أن سبب فلاحه صدقه، أو فعلُ ماضٍ أريد به المستقبل، أو فعل تعلق بالشرط المؤخر. (ش).

ص: 9

392 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِىُّ، عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ:«أَفْلَحَ - وَأَبِيهِ - إِنْ صَدَقَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ - وَأَبِيهِ - إِنْ صَدَقَ» . [م 11، خزيمة 306، ق 2/ 466]

===

392 -

(حدثنا سليمان بن داود، نا إسماعيل بن جعفر المدني، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر بإسناده) أي بإسناده في الحديث المتقدم (بهذا الحديث) أي بالحديث المتقدم (قال) أي إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل، ويمكن أن يكون مرجع الضمير رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفلح - وأبيه - إن صدق، دخل الجنة - وأبيه - إن صدق).

والغرض من إعادة الحديث بيان الاختلاف، فإن في حديث مالك بن أنس: أفلح إن صدق، وزاد إسماعيل بن جعفر في حديثه لفظ "وأبيه"، وأيضًا زاد: دخل الجنة وأبيه إن صدق.

وفي ظاهر هذا اللفظ إشكال، لأنه ورد:"لا تحلفوا بآبائكم" وأيضًا ورد: "من حلف بغير الله فقد أشرك"، فقيل: إنه قبل النهي، وقيل: فيه حذف مضاف أي ورب أبيه، وقيل: إنه والله، وإن الكاتب قصر اللامين، وقيل: إن الكراهة في غير الشارع، كما نقله البيهقي عن بعض مشايخه، وأغرب ابن حجر فضعف الأقوال المذكورة جميعها، وحمل على أن هذا وقع من غير قصد، وهو في غاية من البعد، ويشكل أيضًا بما رواه أبو هريرة في هذه القصة فإنه قال فيه:"من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا"، فحكم بفلاحه على القطع، وهاهنا علق الفلاح بالصدق، وهو في محل التردد.

والجواب عنه: أنه صلى الله عليه وسلم علق الفلاح بصدقه بحضوره لئلا يغتر، فلما ذهب قال: من سره

إلخ، وقيل: يحتمل أن يكون التعليق قبل أن يطلعه الله تعالى على صدقه، ثم أطلعه الله عليه فأخبر به.

ص: 10