الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"خَيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ في الصلاةِ (1) "(2). [خزيمة 1566، ق 3/ 101، طس 5217، 5291]
(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي
(3)
671 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ،
===
خياركم ألينكم مناكب في الصلاة) مناكب منصوب على التمييز، قيل: معناه أنه إذا كان في الصف وأمره أحد بالاستواء ويضع يده على منكبه ينقاد ولا يتكبر، فالمعنى أسرعكم انقيادًا.
قال الخطابي (4): معناه لزوم السكينة والطمأنينة بحيث لا يلتفت، ولا يجاوز منكبه منكب من بجنبه، ولا يمنع من أراد دخولًا في صف لسد فرجة أو لضيق مكان، بل يمكنه من ذلك ولا يدفعه بمنكبه، وقال في "المجمع" (5): هو بمعنى السكون والوقار والخشوع.
(97)
(بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي) جمع سارية وهي الأسطوانة
671 -
(حدثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان) الثوري، (عن يحيى بن هانئ) بن عروة بن قعاص المرادي، أبو داود الكوفي، قال
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: جعفر بن يحيى من أهل مكة".
(2)
في تحفة الأشراف: (10/ 552) رقم (15560) حديث لأبي داود في وصل الصفوف، ونصه: خالد بن معدان الكلاعى، عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حديث: خطوتان: إحداهما هي أحب الخطا إلى الله
…
" الحديث.
أبو داود في الصلاة، عن عمرو بن عثمان، عن بقية، عن بَحِير، عن خالد، به.
قال المزي: هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد عن أبي داود ولم يذكره أبو القاسم.
(3)
وفي نسخة: "باب الصلاة والصف بين السواري".
(4)
"معالم "السنن" (1/ 245).
(5)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 527).
عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدُفِعْنَا إِلَى السَّوَارِى فَتَقَدَّمْنَا وَتَأَخَّرْنَا، فَقَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نَتَّقِى هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [ن 821، ت 229، حم 3/ 131، ق 3/ 104، ك 1/ 210، خزيمة 1568، حب 2218]
===
شعبة: سيد أهل الكوفة، ووثَّقه ابن معين، ويعقوب بن سفيان، والنسائي، وأبو حاتم، وزاد: صالح من سادات أهل الكوفة، وقال الدارقطني: يحتج به، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن عبد الحميد بن محمود) المعولي بكسر ميم وفتحها وسكون عين مهملة وفتح واو وخفة لام، نسبة إلى معولة بن شمس، بطن من الأزد، ويقال: الكوفي، وثَّقه النسائي، وقال الدارقطني: كوفي يحتج به، له عندهم حديث واحد في الصلاة إلى السواري، وقال عبد الحق في "الأحكام": لا يحتج به، فرد ذلك عليه ابن القطان، وقال: لم أر أحدًا ذكره في الضعفاء.
(قال: صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة فدفعنا) أي بسبب الزحمة وحطمة الناس (إلى السواري فتقدمنا وتأخرنا)(1) أي تقدم بعضنا وتأخر بعضنا كراهية أن تقوم بين السواري، (فقال أنس: كنا نتقي هذا) أي عن القيام بين السواري (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
واختلف في الصف بين السواري، قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل
(1) وأفاد الوالد في "تقريره": أي سرنا مقدمًا ومؤخرًا لأجل قيامنا بين السواري، وذلك لأن بعض سواري المسجد النبوي ليست بمستوية كما هو شاهد الآن أيضًا، وعلى هذا رواية أبي داود هذه توافق ما سيأتي في "البذل" من لفظ الترمذي والنسائي، وقال ابن العربي (2/ 27) وكذا العيني (3/ 583) في سبب المنع: وذلك إما لانقطاع الصفوف، أو لأنه موضع صلاة الجن من المؤمنين، أو لأنه موضع جمع النعال ولا خلاف في جوازه عند الضرورة، وحكى صاحب "المنهل"(5/ 62) كراهته مطلقًا سواء المنفرد والجماعة عند المالكية، وعن أحمد كراهته للمأمومين لا لغيرهم، وعن الكوفيين الإِباحة مطلقًا، وعن الشافعي كراهته للمنفرد دون الجماعة. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
العلم أن يصف بين السواري، وبه قال أحمد وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك.
وقال الشوكاني (1): وبالكراهة قال النخعي، وروى سعيد بن منصور في "سننه" النهي عن ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة، قال ابن سيد الناس: ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة.
ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر قياسًا على الإِمام والمنفرد، قالوا: وقد ثبت أن النبي -صلي الله عليه وسلم- صلَّى في الكعبة بين ساريتين.
قال ابن رسلان: وأجازه الحسن وابن سيرين، وكان سعيد بن جبير وإبراهيم التيمي وسويد بن غفلة يؤمون قومهم بين الأساطين وهو قول الكوفيين.
قال ابن العربي: ولا خلاف في جوازه عند الضيق، وأما عند السعة فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به، وقد صلَّى صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين سورايها، انتهى.
واستدلوا على الكراهة بهذا الحديث وبحديث أخرجه ابن ماجه عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: "كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردًا".
قال الشوكاني: ويشهد له ما أخرجه الحاكم وصححه من حديث أنس بلفظ: "كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها"، وقال:"لا تصلوا بين الأساطين وأتموا الصفوف".
ووجه استدلالهم على الكراهة بهذه الأحاديث بأن حديث أنس الذي أخرجه أبو داود وغيره، وحديث أنس الذي أخرجه الحاكم وصححه مطلق، وحديث معاوية بن قرة عن أبيه مقيد بالجماعة، فيحمل المطلق على المقيد، ويكون النهي مختصًا بصلاة المؤتمين بين السواري دون صلاة الإِمام والمنفرد.
(1)"نيل الأوطار"(3/ 228).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والجواب عنه بأن حديث معاوية بن قرة الذي عليه مدار استدلالهم ضعيف، لأن في إسناده هارون بن مسلم البصري، وهو مجهول، كما نقله الشوكاني عن أبي حاتم، فالقيد لا يمكن أن يثبت إلَّا بهذا الحديث، وهذا الحديث لا يحتج به، فلا يثبت القيد، فلا يحمل المطلق على المقيد، وأما حديثا أنس فقد سقطا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلَّى في الكعبة بين الساريتين، فعلى هذا لم يبق إلَّا جواز الصلاة بين السواري، وهذا أعدل الأقوال وأقواها في هذا الباب.
فقول الشوكاني: وما تقدم من قياس المؤتمين على الإِمام والمنفرد فاسد الاعتبار لمصادمته لأحاديث الباب، غلط وفاسد، وقول المجوزين مؤيد بالحديث الصحيح.
وقد صرح شمس الأئمة السرخسي في "مبسوطه"(1) في باب صلاة الجمعة: والاصطفاف بين الأسطوانتين غير مكروه، لأنه صف في حق كل فريق وإن لم يكن طويلًا، وتخلل الأسطوانة بين الصف كتخلل متاع موضوع، أو كفرجة بين الرجلين، وذلك لا يمنع صحة الاقتداء ولا يوجب الكراهة، انتهى.
وفي رواية أخرجها الترمذي والنسائي عن عبد الحميد بن محمود قال: "صلينا خلف أمير من الأمراء، فاضطرَّنا الناس فصلينا بين الساريتين، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وهذا الحديث يدل على أنهم صلَّوا بين الساريتين، وحديث أبي داود يدل على أنهم لم يصلوا بين الساريتين بل تقدموا وتأخروا.
فالجواب عنه لعل بعض من وجد الفرجة في الصف المقدم أو المؤخر تقدم وتأخر، وبعض من لم يجد الفرجة صلَّى بين الساريتين، ولأجل ذلك وقع الاختلاف في البيان.
(1)(2/ 35).