الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظلَّ الرَّجُلُ، أَنْ (1) يَدْرِي كَمْ صَلَّى". [خ 608، م 389، ن 670، ط 1/ 69/ 6، ق 1/ 432]
(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ
515 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ،
===
الحضور في الصلاة، والنسبة إلى الشيطان مجازية باعتبار أن الله مكنه منها، وأما إسناد الحيلولة إليه تعالى في قوله:"إن الله يحول بين المرء وقلبه" فحقيقة، كذا قال القاري (2).
(ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا) أي يخطر في قلب المصلي، ويذكره أشياء غير متعلقة بالصلاة ليلهو عن الصلاة (لما لم يكن يذكر) أي لشيء لم يكن المصلي يذكر قبل شروعه في الصلاة من ذكر ماله وحسابه وبيعه وشرائه.
(حتى) قال الطيبي: كُرِّرَ حتى في الحديث خمس مرات، الأولى والأخيرتان بمعنى كي، والثانية والثالثة دخلتا على الجملتين الشرطيتين وليستا للتعليل (يظل الرجل) أي كي يصير من الوسوسة بحيث (أن) أي لا (يدري كم صلى) أي يقع في الشك.
(32)
(بابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ مِنْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ)
515 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن فضيل) بن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي، ابن جرير الضبي مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفي، عن أحمد: كان يتشيع وكان حسن الحديث، وعن ابن معين: ثقة، قال أبو زرعة: صدوق من أهل العلم، وقال ابن حبان: كان يغلو في التشيع، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقًا كثير الحديث متشيعًا، وقال العجلي: كوفي ثقة شيعي، وكان أبوه ثقة وكان عثمانيًا، وقال ابن شاهين:
(1) زاد في نسخة: "لا".
(2)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 159).
ثنَا الأَعْمَشُ، عن رَجُلٍ،
===
قال علي بن المديني: كان ثقة ثبتًا في الحديث، وقال الدارقطني: كان ثبتًا في الحديث إلَّا أنه كان منحرفًا عن عثمان، وقال يعقوب بن سفيان: ثقة شيعي، وقال أبو هشام الرفاعي: سمعت ابن فضيل يقول: رحم الله عثمان، ولا رحم من لا يترحم عليه، قال: وسمعته يحلف بالله أنه صاحب سنَّة، رأيت على خفه أثر المسح، وصليت خلفه ما لا يحصى، فلم أسمعه يجهر يعني بالبسملة، مات سنة 295 هـ، صنف مصنفات في العلم، وقرأ القراءة على حمزة الزيات.
(ثنا الأعمش) سليمان بن مهران، (عن رجل) (1) وفي "الترمذي": عن الأعمش عن أبي صالح، قال الترمذي: رواه سفيان الثوري وغير واحد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وروى أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة، قلت: وروى أيضًا عن أبي صالح عن عائشة، قال أبو زرعة: حديث أبي هريرة أصح من حديث عائشة، وقال البخاري عكسه، وذكر علي بن المديني أنه لم يثبت واحد منهما، وأما ابن حبان فصحح حديث أبي هريرة وعائشة جميعًا، وقال: قد سمع أبو صالح هذين الخبرين من عائشة وأبي هريرة جميعًا، وقال إبراهيم بن حميد الرؤاسي: قال الأعمش: وقد سمعته من أبي صالح، قال هشيم: عن الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة، ذكر ذلك الدارقطني، فتبين من هذه الطرق أن الأعمش سمعه من غير أبي صالح، ثم سمعه منه، قال اليعمري: والكل صحيح، والحديث متصل، كذا قال الشوكاني (2).
(1) قال ابن رسلان: يحتمل أنه سهيل بن أبي صالح، قلت: ويؤيده ما قال الزيلعي (2/ 58): أخرجه أحمد في "مسنده"(2/ 419): حدثنا قتيبة، ثنا عبد العزيز، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا، وهذا إسناد صحيح، أخرج مسلم بهذا الإِسناد نحوًا من أربعة عشر، وقال العيني (4/ 319): رواه الحاكم مصححًا عن سهل بن سعد، "المستدرك"(1/ 216)، وقال الترمذي (1/ 402): في الباب عن سهل وعائشة وعقبة بن عامر. (ش).
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 41).
عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» . [ت 207، حم 2/ 232، عب 1838، خزيمة 1528، حب 1672، ق 1/ 430]
===
(عن أبي صالح) السمان، اسمه ذكوان، (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإمام ضامن) قال القاري (1): الضمان ههنا ليس بمعنى الغرامة، بل يرجع إلى الحفظ والرعاية، قال القاضي: الإِمام متكفل أمور صلاة الجمع، فيتحمل القراءة عنهم، إما مطلقًا عند من لا يوجب القراءة على المأموم، أو إذا كانوا مسبوقين، ويحفظ عليهم الأركان والسنن وأعداد الركعات، ويتولى السفارة بينهم وبين الرب في الدعاء.
وقال ابن الملك: لأنهم يراعون ويحافظون من القوم صلاتهم كالمتكفلين لهم صحة صلاتهم وفسادها أو كمالها ونقصانها بحكم المتبوعية والتابعية، ولهذا الضمان كان ثوابهم أوفر إذا راعوا حقها، ووزرهم أكثر إذا خلوا بها، أو المراد ضمان الدعاء.
(والمؤذن مؤتمن) أي المؤذن أمين في الأوقات، يعتمد الناس على أصواتهم في الصلاة والصيام وسائر الوظائف الموقتة، أو لأنهم يرتقون في أمكنة عالية، فينبغي أن لا يشرفوا على بيوت الناس وعوراتهم لكونهم أمناء.
(اللهُم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين) والمعنى: أرشد الأئمة بما تكفلوه والقيام به والخروج عن عهدته، واغفر للمؤذنين ما عسى يكون لهم تفريط في الأمانة التي حملوها من جهة تقديم على الوقت، أو تأخير عنه سهوًا.
قال الأشرف: يستدل بقوله: "الإِمام ضامن والمؤذن مؤتمن" على فضل الأذان على الإمامة، لأن حال الأمين أفضل من حال الضمين.
(1)"مرقاة المفاتيح"(2/ 165).
516 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ - قَالَ: وَلَا (1) أُرَانِى إلَّا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ -، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. [ق 1/ 430، حم 2/ 382]
===
ورُدَّ بأن هذا الأمين يتكفل الوقت فحسب، وهذا الضامن يتكفل أركان الصلاة، ويتعاهد للسفارة بينهم وبين ربهم في الدعاء، فأين أحدهم من الآخر، وكيف لا، والإمام خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤذن خليفة بلال، وأيضًا الإرشاد الدلالة الموصلة إلى البغية والغفران مسبوق بالذنب، قاله الطيبي، وهو مذهبنا، وعليه جمع (2) من الشافعية، كذا قال القاري (3).
516 -
(حدثنا الحسن بن علي) الخلال الحلواني، (ثنا ابن نمير) عبد الله، (عن الأعمش) سليمان بن مهران (قال: نبئت (4) عن أبي صالح) أي أخبرت بواسطة رجل عن أبي صالح السمان (قال: ولا أراني إلَّا قد سمعته) أي هذا الحديث (منه) أي من أبي صالح، فلعل الأعمش سمع الحديث من أبي صالح، ثم تردد في ذلك، فسمعه عن رجل عنه، أو سمعه من رجل عنه، ثم سمعه منه (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله) أي حدث الحسن بن علي عن ابن نمير عن الأعمش مثل الحديث الذي حدثه أحمد بن حنبل عن محمد بن فضيل عن الأعمش.
(1) وفي نسخة: "ولا أرى".
(2)
وحكى الموفق مذهب الشافعي أن الأذان أفضل لهذا الحديث، وعن أحمد روايتان في ذلك. [انظر:"المغني"(2/ 54)]. (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 165).
(4)
علق الترمذي مثله بدون قوله: ولا أراني، وقال ابن معين: لم يسمعه الأعمش عن أبي صالح، وكذا قال البيهقي في "المعرفة"، ورجح العقيلي طريق أبي صالح عن أبي هريرة على طريق أبي صالح عن عائشة، "ابن رسلان"، وتمامه في "التلخيص الحبير" للحافظ (1/ 340). (ش).