المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) باب: في المحافظة على الصلوات - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(9) باب: في المحافظة على الصلوات

(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

(1)

425 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ هَارُونَ -، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّنَابِحِىِّ

===

(9)

(بَابٌ: في الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

وفي نسخة: "على الوقت"، فالمحافظة عليها إما باعتبار إتيان سننها ومندوباتها وخضوعها وخشوعها، وإما باعتبار الوقت باعتبار أدائها في الوقت المستحب لها.

425 -

(حدثنا محمد بن حرب الواسطي) النسائي بالمعجمة، أبو عبد الله، صدوق، مات سنة 255 هـ، (نا يزيد - يعني ابن هارون -، أنا محمد بن مطرِّف) بن داود بن مطرف بن عبد الله بن سارية التيمي الليثي، أبو غسان المدني، يقال: إنه من موالي آل عمر، نزل عسقلان، أحد علماء الأثبات، قال علي بن سراج: كان من أهل وادي القرى، قدم بغداد أيام المهدي، قال أحمد وأبو حاتم والجوزجاني ويعقوب بن شيبة: ثقة، وعن ابن معين: شيخ ثقة، وأيضًا عنه: لا بأس به، وثَّقه مجاهد ابن موسى، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يُغرب.

(عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن الصُّنابحي)(2) هكذا في أكثر نسخ أبي داود من المطبوعة والمكتوبة، وفي نسخة واحدة عليها الشرح لمولانا فخر الحسن الكَنكَوهي المرحوم،

(1) في نسخة: "على الوقت".

(2)

قال ابن رسلان: هكذا رواه أبو داود ومالك بن أنس وأبو غسان محمد بن مطرف، والذي صححه الجمهور هو عبد الرحمن بن عسيلة، والصُّنابح- بضم الصاد- بطن من مراد، والبسط في "الأوجز"(1/ 411). (ش).

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفيه: عبد الله الصنابحي بغير لفظ ابن، وكذا ضبطه الخطابي في شرحه وهو الصواب.

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1) في ترجمة عبد الله الصنابحي: عبد الله الصنابحي، مختلف في صحبته، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عبادة بن الصامت، وعنه عطاء بن يسار، قال الدوري عن ابن معين: عبد الله الصنابحي روى عنه المدنيون يشبه أن يكون له صحبة، وقال ابن السكن: عبد الله الصنابحي يقال: له صحبة، معدود في المدنيين، روى عنه عطاء بن يسار، قال: وأبو عبد الله الصنابحي يعني عبد الرحمن بن عسيلة أيضًا مشهور، روى عن أبي بكر وعبادة بن الصامت، ليس له صحبة.

وقال مالك: عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ العبد المسلم"، الحديث، قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عنه فقال: وهم فيه مالك، وهو أبو عبد الله، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال سويد بن سعيد عن حفص بن ميسرة: عن زيد بن أسلم عن عطاء عن عبد الله الصنابحي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشمس تطلع مع قرني الشيطان"، الحديث.

وقال أبو غسان محمد بن مطرف: عن زيد بن أسلم عن عطاء عن عبد الله الصنابحي عن عبادة في الوتر، وهكذا رواه زهير بن محمد عن زيد بن أسلم، فاتفق حفص بن ميسرة وأبو غسان وزهير على قولهم: عبد الله، فنسبة الوهم في ذلك إلى مالك وحده فيه نظر، انتهى كلام الحافظ.

(1)(6/ 90 - 91).

ص: 98

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: وهذا الكلام يدل على أنهما اثنان؛ عبد الله الصنابحي رجل مختلف في صحبته، معدود في المدنيين، روى عنه المدنيون، صحابي في قول ابن معين وابن السكن، ويوافقه ما قال الترمذي (1) في "جامعه" في "باب ما جاء في فضل الطهور": وفي الباب عن عثمان وثوبان والصنابحي وعمرو بن عبسة وسلمان وعبد الله بن عمرو، والصنابحي الذي روى عن أبي بكر الصدِّيق ليس له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ويكنى أبا عبد الله، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم منه وهو في الطريق، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث (2)، انتهى.

ويخالفه ما حكى الترمذي عن شيخه البخاري فقال: قال البخاري: وهم فيه مالك، وهو أبو عبد الله، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الترمذي يقتضي أنة لم يرض بقول شيخه، وكذا لم يقبله الحافظ، وقال: فيه نظر.

وقال الحافظ (3) في ترجمة عبد الرحمن بن عسيلة بن عسل بن عسال المرادي: أبو عبد الله الصنابحي، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد مات قبله بخمس ليال أو ست، وصلَّى خلف أبي بكر، ثم نزل الشام، قال يعقوب بن شيبة: هؤلاء الصنابحيون الذين يروى عنهم في العدد ستة، وإنما هما اثنان فقط: الصنابحي الأحمسي، وهو الصنابح الأحمسي هذان واحد، من قال فيه الصنابحي فقد أخطأ، وهو الذي يروي عنه الكوفيون، والثاني عبد الرحمن بن عسيلة، كنيته أبو عبد الله، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم،

(1)"سنن الترمذي"(1/ 7 - 8).

(2)

في كلام الترمذي هذا احتمالان كما حققته على ما علقته على هامش "الكوكب الدري"(1/ 33). (ش).

(3)

"تهذيب التهذيب"(6/ 229).

ص: 99

قَالَ: زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ:

===

بل أرسل عنه، وروى عن أبي بكر وغيره، فمن قال: عن عبد الرحمن الصنابحي فقد أصاب اسمه، ومن قال: عن أبي عبد الله الصنابحي فقد أصاب كنيته، وهو رجل واحد، ومن قال: عن أبي عبد الرحمن فقد أخطأ، قلب اسمه فجعله كنيته، ومن قال: عن عبد الله الصنابحي فقد أخطأ، قلب كنيته فجعلها اسمه، هذا قول علي بن المديني ومن تابعه، قال يعقوب: هو الصواب عندي، انتهى.

قلت: وهذا القول يدل على أن عبد الله الصنابحي ليس له وجود، بل هو أبو عبد الله الصنابحي وهو عبد الرحمن بن عسيلة، وهذا قول علي بن المديني ويعقوب بن شيبة والبخاري، والله تعالى أعلم.

(قال: زعم) أي قال (أبو محمد) قال الحافظ في "الإصابة"(1): أبو محمد الأنصاري ذكره مالك في "الموطأ" من طريق عبد الله بن محيريز عن المذحجي أن رجلًا كان بالشام يكنَّى أبا محمد كانت له صحبة، قال: الوتر واجب، وذكر له قصة مع عبادة بن الصامت، وأخرجه أبو داود وغيره من طريق مالك، قيل: اسمه مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم، وقيل: مسعود بن زيد (2) بن سبيع، وقيل: اسمه قيس بن عامر بن عبد بن حارث الخولاني، حليف بني حارثة من الأوس، وقيل: مسعود بن يزيد، عداده في الشاميين، وسكن داريا، وقيل: اسمه سعد بن أوس، وقيل: قيس بن عباية، وقال ابن يونس: شهد فتح مصر، وقال ابن سعد: مات في خلافة عمر، وزعم ابن الكلبي أنه شهد بدرًا، ثم شهد مع علي صفين.

(أن الوتر واجب) أي حق ثابت تأكده بالسنَّة (فقال عبادة بن الصامت)

(1)(7/ 173).

(2)

به جزم في "العارضة"(1/ 242). (ش).

ص: 100

كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ

===

ابن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو الوليد المدني، صحابي مشهور، أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرًا وما بعدها، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي مرثد، وهو أحد من جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسله عمر إلى فلسطين ليعلِّم أهلها القرآن، فأقام بها إلى أن مات، مات سنة 34 هـ، وقال دحيم: توفي ببيت المقدس، وقال سعيد بن عفير: كان طوله عشرة أشبار.

(كذب) أي غلط ولم يصب في ظني (أبو محمد) قال الخطابي (1): يريد أخطأ أبو محمد، ولم يرد به تعمد الكذب الذي هو ضد الصدق، لأن الكذب إنما يجري في الأخبار، وأبو محمد هذا إنما أفتى فتيا ورأى رأيًا فأخطأ فيما أفتى به، وهو رجل من الأنصار، له صحبة، والكذب عليه في الأخبار غير جائز، والعرب تضع الكذب موضع الخطأ في كلامها، فيقول: كذب سمعي، وكذب بصري: أي زَل ولم يدرك ما رأى وما سمع، ولم يُحِط به، وإنما أنكر عبادة أن يكون الوتر واجبًا وجوب فرض كالصلوات الخمس، دون أن يكون واجبًا في السنَّة، ولذا استشهد بالصلوات الخمس المفروضات في اليوم والليلة.

(أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات (2)

(1)"معالم السنن"(1/ 183).

(2)

ذكر محمد بن نصر في "قيام الليل" أن رجلًا جاء إلى أبي حنيفة فقال: أخبرني عن عدد الصلوات المفروضة كم هي؟ فقال: خمس، فقال: ما تقول في الوتر؟ قال: فريضة، فقال: كم عدد الصلوات المفروضة؟ قال: خمس، قال: عدهن، فعد الفجر، والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقال الرجل: والوتر؟ فقال: فريضة، فقال: فكم الصلوات؟ قال: خمس، فقال: فأنت لا تحسن الحساب، فقام وذهب، وقال ابن رسلان: استدل بهذا الحديث على أن التهجد منسوخ في حق الأمة هو مجمع عليه، وعلى أن صلاة العيد ليس بفرض خلافًا لما قاله الإصطخري: إنها فرض كفاية، والبسط في "الأوجز"(2/ 545) وهامش "اللامع"(4/ 175). (ش).

ص: 101

افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَاّهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ». [حم 5/ 317، ن 461، جه 1401، دي 1577، ط 1/ 14/ 123]

426 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِىُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ،

===

افترضهن الله عز وجل أي على عباده (من أحسن وضوءهن) أي وأكمله بإتيان آدابه وسننه (وصلاهن لوقتهن) من الأوقات المستحبة لها (وأتم ركوعهن) بالطمأنينة فيها (وخشوعهن) بإقبال القلب عليها (كان له على الله عهد) أي وعد (أن يغفر له) فإن قلت: مذهب أهل السنَّة أنه لا يجب على الله شيء، وهذا الحديث يثبت الوجوب؟ قلت: المراد بالوجوب لزومه (1) باعتبار الوعد كرمًا لا الوجوب العقلي (ومن لم يفعل) أي أداءهن لوقتهن وإتمام ركوعهن وخشوعهن (فليس له على الله عهد)(2) أي بأن يغفر له (إن شاء) أي مغفرته (غفر له، وإن شاء) تعذيبه (عذبه) أي على تفريطه في إتيان ما فرض الله عليه.

426 -

(حدثنا محمد بن عبد الله) بن عثمان (الخزاعي) أبو عبد الله البصري، قال البخاري عن علي: ثقة، وقال أبو حاتم: ثقة، وقال ابن قانع: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات" (وعبد الله بن مسلمة) القعنبي (قالا: ثنا عبد الله بن عمر) العمري، (عن القاسم بن غنام) بفتح معجمة وشدة نون، الأنصاري البياضي المدني، روى عن عمته أم فروة، وقيل: عن بعض أمهاته عن أم فروة، وقيل: عن جدة له عن عمته أم فروة في فضل أول الوقت.

(1) فإن الله لا يخلف الميعاد. (ش).

(2)

وفي "مشكل الآثار": "من لم يحافظ فهو مع فرعون"، وهل هو مرتد أم لا؟ راجع:"مشكل الآثار" ح (3180). (ش).

ص: 102

عن بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ، عن أُمِّ فَرْوَةَ

===

قلت: أخرج الدارقطني (1) حديث القاسم بن غنَّام هذا الذي اضطرب فيه، فقال مرة: عن جدته أم فروة، وقال مرة: عن جدته عن أم فروة، وقال مرة: عن بعض أمهاته عن أم فروة، وقال مرة: عن جدته أم أبيه الدنيا عن جدته أم فروة، وقال مرة: عن بعض أهله عن أم فروة، وفي رواية عن القاسم بن غنام البياضي عن امرأة من المبايعات، روى له أبو في داود والترمذي وقال: اضطربوا في هذا الحديث، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال: في حديثه اضطراب.

(عن بعض أمهاته) ولم تعرف من هي (عن أم فروة) عمة القاسم بن الغنام الأنصارية، كانت (2) من المبايعات، روى حديثها عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، وقيل: عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة في فضل الصلاة أول الوقت، وذكر ابن عبد البر والطبراني أن أم فروة هذه هي بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصدِّيق، وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر بن العربي وغيره، ووهموا من قال: إنها أنصارية، لكن قال الحافظ في "الإصابة" (3): والراجح أنها غيرها، فقد جزم ابن منده بأن بنت أبي قحافة لها ذكر، وليس لها حديث (4)، وراوية حديث الصلاة أنصارية، فإن مدار حديثها على القاسم بن غنام، وهي جدته أو عمته أو إحدى أمهاته أو من أهله على اختلاف الرواة عنه في ذلك، فهي على كل حال ليست أخت أبي بكر الصدِّيق، قاله ابن الأثير.

(1) انظر: "سنن الدارقطني"(1/ 247).

(2)

قال ابن رسلان: كانت من المبايعات، وقيل فيها: الأنصارية وهو وهم. (ش).

(3)

(8/ 266) وانظر: "أسد الغابة"(7/ 376).

(4)

ونقل ابن رسلان عن "تجريد الذهبي" لها رواية، وذكر أم فروة أخرى ظئر النبي صلى الله عليه وسلم، فتأمل. (ش).

ص: 103

قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِى أَوَّلِ وَقْتِهَا» . [ت 170، حم 6/ 375، ق 1/ 434، قط 1/ 248، ك 1/ 189]

قَالَ الْخُزَاعِىُّ فِى حَدِيثِهِ: عَنْ عَمَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ فَرْوَةَ، قَدْ بَايَعَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ.

===

(قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ ) أي أكثر ثوابًا (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة في أول وقتها)(1) أي أفضل وأكثر ثوابًا (2).

(قال الخزاعي) أي محمد بن عبد الله (في حديثه) بهذا اللفظ: (عن عمة له يقال لها: أم فروة، قد بايعَتِ النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل)(3).

غرض المصنف بهذا الكلام بيان أن الخزاعي خالف عبد الله بن مسلمة، فإن عبد الله بن مسلمة قال في روايته: عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخزاعي قال في حديثه: عن القاسم بن غنام عن عمة له يقال لها: أم فروة، فلم يذكر عن بعض أمهاته، وجعل روايته عنها من غير واسطة، وجعلها عمة له، وزاد ذكر المبايعة.

ويحتمل أن يكون الاختلاف بأن عبد الله بن مسلمة لم يذكر لفظة "عن عمة له"، وأسند عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة، وكذلك ترك ذكر المبايعة، وأما الخزاعي فأسند عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته

(1) بَوّب عليه الترمذي مستقلًا، وتكلم على سند حديث أم فروة. (ش).

(2)

قال ابن رسلان: من أصحابنا من يقول بأن فضيلة أول الوقت لا تحصل إلَّا إذا قدم ما يمكن تقديمه على الوقت، كالطهارة وغيرها، وهو ضعيف، والصحيح عندنا بأنه يحصل بأن يشتغل بأسباب كما دخل الوقت. (ش).

(3)

قال ابن رسلان: سأله ابن مسعود، ففي رواية "الصحيحين": سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: حدثنا صاحب هذه الدار وأشار إلى دار عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث. (ش).

ص: 104

427 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أنَا خَالِدٌ، عن دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عن أَبِي حَرْب بْن أَبِي الأَسْوَدِ، عن عَبْدِ الله بْنِ فَضَالَةَ، عن أَبِيهِ قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ (1) فِيمَا عَلَّمَنِي:"وَحَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ" قَالَ:

===

عن عمة له يقال لها: أم فروة، فزاد لفظ "عن عمة له" الذي لم يذكره عبد الله بن مسلمة، وزاد ذكر المبايعة أيضًا.

ولكن يخالف الاحتمالين ما أخرجه الإِمام أحمد في "مسنده"(2) فأخرج حديث الخزاعي بهذا اللفظ: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا الخزاعي، أنا عبد الله بن عمر العمري، عن القاسم بن غنام، عن جدته الدنيا، عن أم فروة، وكانت قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث، فخالف الاحتمال الأول بأنه ذكر بين القاسم وأم فروة واسطة "عن جدته الدنيا"، وخالف الاحتمال الثاني بأنه لم يذكر فيها "عن عمته"، والله أعلم.

427 -

(حدثنا عمرو بن عون، أنا خالد) بن عبد الله الواسطي، (عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فضالة) الليثي الزهراني، قال ابن مسنده وأبو نعيم: لا تصح له صحبة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وكان على قضاء البصرة، عاش إلى زمن الوليد بن عبد الملك.

(عن أبيه) هو فضالة الليثي الزهراني (3)، قيل: هو ابن عبد الله، وقيل: ابن وهب بن بحرة بن بحيرة، يعد في أهل المدينة، له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد على المحافظة على العصرين، وعنه ابنه عبد الله، وفي إسناد حديثه اختلاف.

(قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أعمال الإِسلام وأحكامها، (فكان فيما علَّمني: وحافظ) بصيغة الأمر (على الصلوات الخمس، قال) أي فضالة:

(1) وفي نسخة: "وكان".

(2)

(6/ 374).

(3)

انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 459) رقم (4234).

ص: 105

قُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ لِي فِيهَا أَشْغَالٌ، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ جَامِعٍ إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي. فَقَالَ:"حَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ" - وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا- فَقُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟ فَقَالَ: "صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا". [ق 1/ 466، ك 1/ 20، حب 1741، حم 4/ 344]

===

(قلت: إن هذه ساعات لي فيها أشغال) أي دنيوية (فمرني بأمر جامع (1) إذا أنا فعلته أجزأ) أي كفى (عني) أي عن غيره (فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حافظ على العصرين (2)، وما كانت) أي لفظة العصرين مستعملة (من لغتنا) في لساننا، فلم أفهم معناها (فقلت) أي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما العصران؟ فقال: صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها).

قال الخطابي (3): يريد بالعصرين صلاة العصر وصلاة الصبح، والعرب قد تحمل أحد الاسمين على الآخر، فتجمع بينهما في التسمية طلبًا للتخفيف، كقولهم: سنة العمرين، لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والأسودين، يريدون التمر والماء، والأصل في العصرين عند العرب الليل والنهار، ويشبه أن يكون إنما قيل لهاتين الصلاتين: العصران، لأنهما تقعان في طرفي العصرين، وهما الليل والنهار.

قال في "درجات المرقاة": قال ولي الدين: هذا الحديث مشكل ببادئ الرأي، إذ يوهم إجزاء صلاة العصرين لمن له أشغال عن غيرهما، فقال البيهقي (4) بـ "سننه" في تأويله وأحسن: كأنه أراد - والله أعلم- حافظ

(1) لأنواع الفضائل "ابن رسلان". (ش).

(2)

ذكر ابن رسلان أصلًا أن التغليب يكون تبعًا للأغلب، ثم أجاب عن القمرين وعمرين، فارجع إليه. (ش).

(3)

"معالم السنن"(1/ 184).

(4)

"السنن الكبرى"(1/ 466).

ص: 106

428 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالِدٍ،

===

عليهما بأول أوقاتهما، فاعتذر بأشغال مقتضية لتأخيرهما عن أولهما، فأمره بالمحافظة على الصلاتين بأول وقتهما (1).

وتأول ابن حبان بـ "صحيحه" بأن المحافظة على العصرين إنما هو زيادة تأكيد لهما مع بقاء الأمر بالمحافظة على أول وقت كل.

وقال أحمد بـ "مسنده"(2): نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن قتادة عن نصر بن عاصم، عن رجل منهم "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أنه لا يصلي إلَّا صلاتين، فقبل ذلك منه".

فظاهر هذا أنه أسقط عنه ثلاث صلوات، فكان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه يخص (3) من شاء بما شاء من الأحكام، ويسقط عمن شاء ما شاء من الواجبات، كما بينته بكتاب "الخصائص" فهذا منه، فالظاهر أن هذا الرجل المبهم بأحمد (4) هو فضالة فإنه ليثي، ونصر بن عاصم ليثي، فقال: عن رجل منهم.

428 -

(حدثنا مسدد) بن مسرهد، (نا يحيى) القطان، (عن إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي مولاهم، البجلي، قال ابن المبارك عن الثوري:

(1) هكذا في "الدرجات"(ص 51)، ولفظ البيهقي في "سننه": وكأنه أراد - والله أعلم-، حافظ عليهن في أوائل أوقاتهن، فاعتذر بالأشغال المفضية إلى تأخيرها عن أوائل أوقاتهن، فأمره بالمحافظة على هاتين الصلاتين بتعجيلهما في أوائل وقتيهما، الظاهر أنه وقع التحريف في "الدرجات"(ص 52) بتبديل ضمائر المؤنث بضماثر التثنية. (ش).

(2)

(5/ 25)

(3)

وقد ذكر السيوطي في "الخصائص الكبرى"(2/ 262) له نظائر، وكذا الجصاص في "أحكام القرآن"(2/ 204)، ويشكل عليه أنه يخالف قوله تعالى:"هي خمس وهي خمسون ما يبدل القول لدي"، وأجيب عنه بأنه حكم عام لا ينافي تخصيص حكم لخاص. (ش).

(4)

أي في "مسند أحمد".

ص: 107

نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ رُؤيْبَةَ، عن أَبِيهِ قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ (1): أَخْبِرْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: سَمِعْتُ

===

حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل وعبد الملك بن أبي سليمان ويحيى بن سعيد، قال ابن مهدي وابن معين والنسائي: ثقة، وقال ابن عمار الموصلي: حجة، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وكان طحانًا، وقال يعقوب بن أبي شيبة (2): كان ثقة ثبتًا، رأى أنسًا رؤية ولم يسمع منه، وقال يعقوب بن سفيان: كان أميًا حافظًا ثقة، وقال هشيم: كان إسماعيل فحش اللحن، كان يقول:"حدثني فلان عن أبوه"، وقال أبو نعيم: أدرك إسماعيل اثني عشر نفسًا من الصحابة، منهم من سمع منه، ومنهم من رآه رؤية، مات سنة 146 هـ.

(نا أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة) براء وموحدة مصغرًا، الثقفي الكوفي، وثَّقه ابن حبان، مقبول، من الثالثة، هكذا في "الخلاصة" و"التقريب"، ولم أجده في "تهذيب التهذيب"(3).

(عن أبيه) هو عمارة (4) بضم المهملة والراء، ابن رؤيبة براء مضمومة وموحدة، الثقفي الكوفي، أبو زهرة، وذكر المزي في "التهذيب" أن له رواية عن علي فوهم، فإن الراوي عن علي حرمي فهو ليس بصحابي، لأنه كان صغيرًا في زمن علي، وأما هذا فهو صحابي ثقفي.

(قال: سأله) أي عمارة (رجل من أهل البصرة) وهو أيضًا صحابي سكن البصرة، لكن لم يعرف اسمه (فقال: أخبرني ما) موصولة (سمعت) والعائد إلى الموصول مقدر، أي سمعته (من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال) أي عمارة: (سمعت

(1) وفي نسخة: "قال".

(2)

كذا في "تهذيب التهذيب"(1/ 291)، والصواب: يعقوب بن شيبة. انظر: "تهذيب الكمال"(1/ 228).

(3)

انظر: "تهذيب الكمال" رقم (7250).

(4)

انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 314) رقم (3813).

ص: 108