الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(29)
بَابٌ (1): في الإِقَامَةِ
506 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ الْمُبَارَكِ
===
صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام، فهذان حولان.
قال: وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، قال: ثم إن رجلًا من الأنصار يقال له: صرمة، ظل يعمل صائمًا حتى أمسى، فجاء إلى أهله فصلَّى العشاء، ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائمًا، قال: فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جُهِدَ جَهْدًا شديدًا، قال:"مالي أراك قد جُهِدْتَ جَهْدًا شديدًا"، قال: يا رسول الله إني عَمِلْتُ أمس، فجئت حين جئت، فألقيت نفسي فنمت، وأصبحت حين أصبحت صائمًا، قال: وكان عمر قد أصاب من النساء من جارية أو من حرة بعد ما نام، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزل الله عز وجل:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (2)، انتهى بلفظه.
وهذا الحديث الذي رواه الإِمام أحمد مصرح ببيان الأحوال الثلاثة المتعلقة بالصلاة والأحوال الثلاثة المتعلقة بالصيام، ولكنه جمع بين الحولين الأولين في الصيام كما هو ظاهر.
(29)(بَابٌ: في الإقَامَةِ)
506 -
(حدثنا سليمان بن حرب) الأزدي (وعبد الرحمن بن المبارك) بن عبد الله العيشي بالتحتانية والمعجمة، الطفاوي، أبو بكر، ويقال: أبو محمد البصري، قال أبو حاتم: ثقة، ووثَّقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 228 هـ.
(1) وفي نسخة: "باب ما جاء في الإِقامة".
(2)
سورة البقرة: الآية 187.
قَالَا: ثَنَا حَمَّادٌ، عن سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، (ح): وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا وُهَيْبٌ جَمِيعًا، عن أَيُّوبَ، عن أَبِي قِلَابَةَ، عن أَنَسٍ قَالَ: "أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ
===
(قالا: ثنا حماد) بن زيد، (عن سماك بن عطية)(1) البصري المربدي، نسبة إلى مربد، موضع بالبصرة، قال ابن معين: ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال حماد بن زيد: كان من جلساء أيوب.
(ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب) بن خالد (جميعًا) أي سماك بن عطية ووهيب يرويان جميعًا، (عن أيوب) السختياني، (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد، (عن أنس) بن مالك الأنصاري، (قال) أي أنس بن مالك:(أمر) بصيغة البناء للمفعول (بلال).
واختلف في اقتضاء هذه الصيغة للرفع، والراجح أنها تقتضيه، وقد ورد في رواية النسائي (2) وغيره بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا، وقد روى البيهقي بالسند الصحيح: عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، وما حكي عن بعضهم من أن الآمر لبلال كان من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر أو غيره، فهذا فاسد (3)، إذ من المنقول أن بلالًا لم يؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا لأبي بكر، وقيل: لم يؤذن لأحد بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا مرة واحدة بالشام، انتهى ما قاله الشوكاني (4) ملخصًا.
(إن يشفع الأذان) أي يأتي بألفاظه شفعًا، قال الحافظ (5): لم يختلف في
(1) روى له الشيخان هذا الحديث، وحديث:"يا عبد الرحمن لا تسأل الإِمارة". "ابن رسلان". (ش).
(2)
و [كذا في]"صحيح أبي عوانة" و"ابن حبان" و"الحاكم"، وقال: صحيح على شرطهما. (ش).
(3)
وكذا قال ابن رسلان. (ش).
(4)
"نيل الأوطار"(2/ 48).
(5)
"فتح الباري"(2/ 83).
وُيوتِرَ الإِقَامَةَ"، زَادَ حَمَّادٌ في حَدِيثِهِ: إِلَّا الإِقَامَ. [خ 606، م 378، ت 193، جه 730، ن 627، حم 3/ 103، عب 1794، ش 1/ 205، ع 2792، خزيمة 366، حب 1675، قط 1/ 239، ك/298، ق 1/ 390]
===
أن كلمة التوحيد (1) التي في آخره مفردة فيحمل قوله: "مثنى" على ما سواها (2)، انتهى.
(ويوتر (3) الإقامة) أي يأتي بكلمات (4) الإقامة وترًا (زاد حماد) أي ابن زيد (في حديثه) عن سماك عن أيوب: (إلَّا الإقامة) أي كلمة: قد قامت الصلاة، فإنها تثنى، استدل بهذا من قال بتشفيع الإقامة، أي بأن لفظة: قد قامت الصلاة تكرر مرتين، فإن الاستثناء ذكره حماد في نفس الحديث، ولم يقل: إنها قول أيوب.
وقد اختلف (5) الناس في ذلك، فذهب قوم إلى أن الإقامة تفرد مرة مرة، وذهب قوم إلى أن الإقامة تفرد مرة مرة إلَّا قوله: قد قامت الصلاة، فإنها تثنى وتكرر مرتين، ومبنى هذا الاختلاف على أن من ظن أن استثناء الإقامة من كلام أيوب وليس من الحديث كما ادعى ابن منده والأصيلي لم يقل بتثنيتها، ومن قال: إن الاستثناء ثبت مرفوعًا، وإنه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بتثنيتها.
(1) وقال ابن رسلان: ذهب قوم إلى توتير الأذان، فقالوا: معنى قوله: يشفع الأذان أي بأذان ابن أم مكتوم وهو فاسد. (ش).
(2)
قلت: لكنه مُشْكلٌ على أهل الترجيع، وأوله ابن رسلان أن الأربعة أيضًا شفع لأنه مقابل الوتر. (ش).
(3)
وأجاب عنه صاحب "البرهان" بأنه محمول على الاختصار في بعض الأحوال تعليمًا للجواز، انتهى، وقال الشامي (2/ 69): هو محمول عندنا على إيتار الصوت بأن يحدر توفيقًا بينه وبين الروايات الغير المحتملة، والأوجه عندي أن يشفع أذانه بأذان ابن أم مكتوم ويقيم منفردًا، فاللفظ وإن كان عامًا لكن المقصود منه أذان الصبح خاصة إذ المهملة في قوة الجزئية. (ش).
(4)
باعتبار الغالب فإن التكبير أوله مكرر إجماعًا. "ابن رسلان". (ش).
(5)
وتقدم بسط المذاهب. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثم ذهب قوم آخرون إلى أن الإقامة كلها مثنى مثنى مثل الأذان سواء، ويقال في آخرها: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة مرتين، فذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن ألفاظ الإقامة إحدى عشرة كلمة كلها مفردة إلَّا التكبير في أولها وآخرها، ولفظ قد قامت الصلاة فإنها مثنى مثنى.
وقد استشكل عدم استثناء التكبير في الإقامة، فإنه يثنى، وأجيب بأنه وتر بالنسبة إلى تكبير الأذان، فإن التكبير في أول الأذان أربع، وهذا إنما يتم في تكبير أول الأذان لا في آخره.
قال النووي (1): ولنا قول شاذ: إنه يقول في التكبير الأول: الله أكبر مرة، وفي الأخير مرة، ويقول: قد قامت الصلاة مرة.
وذهبت الحنفية والثوري وابن المبارك وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين.
قال الحافظ: واستدلوا بما في رواية من حديث عبد الله بن زيد عند الترمذي وأبي داود بلفظ: "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعًا شفعًا في الأذان والإقامة"، وأجيب عن ذلك بأنه منقطع (2) لأن ابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد، ويجاب عن هذا الانقطاع بأن الترمذي (3) قال بعد إخراج هذا الحديث: وقال شعبة عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلا علة للحديث، لأنه على الرواية عن عبد الله بدون توسيط الصحابة مرسل عن الصحابة وهو في حكم المسند، وعلى روايته عن الصحابة عنه مسند، ومحمد بن عبد الرحمن وإن كان بعض أهل الحديث
(1)"شرح صحيح مسلم"(2/ 315).
(2)
ورده في حاشية "مسند أبي حنيفة"(ص 46) أحسن الرد. (ش).
(3)
"سنن الترمذي"(1/ 371).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يضعفه فمتابعة الأعمش إياه عن عمرو بن مرة، ومتابعة شعبة كما ذكر ذلك الترمذي مما يصحح خبره، وإن خالفاه في الإسناد وأرسلا فهي مخالفة غير قادحة.
ثم قال: واستدلوا أيضًا بما رواه الحاكم والبيهقي في "الخلافيات" والطحاوي من رواية سويد بن غفلة أن بلالًا كان يثني الأذان والإقامة، وادعى الحاكم فيه الانقطاع، قال الحافظ (1): ولكن في رواية الطحاوي: سمعت بلالًا، ويؤيد ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن جبر بن علي عن شيخ يقال له: الحفص، عن أبيه، عن جده وهو سعد القرظ قال: أذن بلال حياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أذن لأبي بكر في حياته، ولم يؤذن في زمان عمر، وسويد بن غفلة هاجر في زمن أبي بكر.
وأما ما رواه أبو داود من أن بلالًا ذهب إلى الشام في حياة أبي بكر، فكان بها حتى مات فهو مرسل، وفي إسناده عطاء الخراساني وهو مدلس.
وروى الطبراني في "مسند الشاميين"(2) من طريق جنادة بن أبي أمية، عن بلال أنه كان يجعل الأذان والإقامة مثنى مثنى، وفي إسناده ضعف، قال الحافظ: وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائي وغيره، انتهى.
وحديث أبي محذورة حديث صحيح ساقه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ"، وذكر فيه الإقامة مرتين مرتين، وقال: هذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي، وسيأتي ما أخرجه عنه الخمسة "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة"، وهو حديث صححه الترمذي وغيره، وهو متأخر عن حديث بلال الذي فيه الأمر بإيتار الإقامة، لأنه
(1) انظر: "تلخيص الحبير"(1/ 327).
(2)
(2/ 277).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بعد فتح مكة، لأن أبا محذورة من مسلمة الفتح، وبلالًا أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان فيكون ناسخًا.
وقد روى أبو الشيخ أن بلالًا أذن بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثَمَّ مرتين مرتين، وأقام مثل ذلك.
إذا عرفت هذا تبين لك أن أحاديث تثنية الإقامة صالحة للاحتجاج بها لما أسلفناه، وأحاديث إفراد الإقامة هان كانت أصح منها لكثرة طرقها وكونها في "الصحيحين"، لكن أحاديث التثنية مشتملة على الزيادة فالمصير إليها لازم، لا سيما مع تأخر تاريخ بعضها كما عرفناك، انتهى ما قاله الشوكاني (1) ملخصًا.
قلت: وقد أخرج الطحاوي (2) بسنده عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن بلال أنه كان يثني الأذان ويثني الإقامة، وأيضًا أخرج الطحاوي (3) بسنده عن عبيد مولى سلمة بن الأكوع أن سلمة بن الأكوع كان يثني الإقامة، وأيضًا بسنده من طريق حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم قال: كان ثوبان يؤذن مثنى، ويقيم مثنى، وأخرج بسنده عن عبد العزيز بن رفيع قال: سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى، ويقيم مثنى.
قال الطحاوي: وقد روي عن مجاهد في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا فطر بن خليفة عن مجاهد في الإقامة مرة مرة إنما هو شيء استخفه الأمراء، فأخبر مجاهد أن ذلك محدث وأن الأصل هو التثنية.
وقال مولانا عبد الحي في "السعاية"(4): عن النخعي قال: أول من نقص
(1)"نيل الأوطار"(2/ 24)، باب صفة الأذان.
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 134).
(3)
"شرح معاني الآثار"(1/ 136).
(4)
(2/ 23).
507 -
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ وُهَيْبٍ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَيُّوبَ، فَقَالَ (1) إلَّا الإِقَامَةَ. [انظر سابقه]
===
الإقامة معاوية بن أبي سفيان، وقال الزيلعي في "تبيين الحقائق": قال أبو الفرج: كانت الإقامة مثنى مثنى، فلما قام بنو أمية أفردوا الإقامة، وعن إبراهيم كانت الإقامة مثل الأذان حتى كان هؤلاء الملوك فجعلوها واحدة للسرعة إذا خرجوا.
507 -
(حدثنا حميد بن مسعدة، ثنا إسماعيل) بن علية، (عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة) عبد الله، (عن أنس) بن مالك الأنصاري (مثل حديث وهيب) المذكور فيما تقدم، (قال إسماعيل) أي ابن علية:(فحدثت به) أي بهذا الحديث المذكور (أيوب) أي السختياني، (فقال) أي أيوب:(إلَّا الإقامة) أي أمر بلال بتشفيع كلمات الأذان وإيتار كلمات الإقامة إلَّا كلمة "قد قامت الصلاة" فإن بلالًا لم يؤمر بإيتارها، بل أمر بتشفيعها.
استدل بهذا من قال بإيتار لفظة "قد قامت الصلاة" فإنه يقول: إن قوله: "إلَّا الإقامة" هو من قول أيوب، ولم يثبت أنه في الحديث، فإن وهيبًا روى عن أيوب من غير ذكر الاستثناء، وكذلك روى إسماعيل عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، ولم يذكر الاستثناء في الحديث، ولكنه زاد في حديثه عن أيوب أنه قال: إلَّا الإقامة، فثبت بهذا أن ما قال إسماعيل عن أيوب هو قوله، وليس في الحديث.
قال الشوكاني (2): ادعى ابن منده والأصيلي أن قوله: "إلَّا الإقامة" من كلام أيوب وليس من الحديث، وفيما قالاه نظر، لأن عبد الرزاق رواه عن معمر عن أيوب بسنده متصلًا بالخبر مفسرًا، وكذا أبو عوانة في "صحيحه" والسراج
(1) وفي نسخة: "قال".
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 48).
508 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قال: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ
===
في "مسنده"، والأصل أن كل ما كان من الخبر فهو منه حتى يقوم دليل على خلافه، ولا دليل، وفي رواية أيوب زيادة من حافظ فلا يقدح في صحتها عدم ذكر خالد الحذاء لها، وقد ثبت تكرير لفظ:"قد قامت الصلاة" في حديث ابن عمر مرفوعًا.
508 -
(حدثنا محمد بن بشار) بندار، (ثنا محمد بن جعفر) غندر، (ثنا شعبة) بن الحجاج (قال: سمعت أبا جعفر) (1) هو محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى، ويقال: محمد بن مسلم، ويقال: محمد بن مهران، ويقال: محمد بن المثنى، ويقال: ابن أبي المثنى، وأبو المثنى كنية جده مسلم، القرشي مولاهم، ولقال: أبو إبراهيم الكوفي، ويقال: البصري، مؤذن مسجد العُريان، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال الدارقطني: بصري يحدث عن جده ولا بأس بهما، وقال ابن حبان في "الثقات": كان يخطئ، وقال ابن عدي: ليس له (2) من الحديث إلَّا اليسير، ومقدار ماله [من الحديث] لا يتبين صدقه من كذبه.
وقد أخرج الطحاوي (3) هذا الحديث بسنده فقال: قال: ثنا شعبة، عن أبي جعفر الفراء، عن مسلم، مؤذن كان لأهل الكوفة، وأبو جعفر الفراء غير أبي جعفر مؤذن مسجد العريان.
وقد أخرج البيهقي في "سننه"(4) بسنده، فقال: قال: حدثنا أبو النضر،
(1) وقد اختلف كتب الحديث في ذكر أبي جعفر كثيرًا، كما ذكره الشبخ، وقد أخرجه الحاكم فقال: عن أبي جعفر المدائني. وفي "تلخيص المستدرك" للذهبي: أبو جعفر عمير بن يزيد الخطمي، وفي "الدارمي": أبو جعفر بدون الزيادة. (ش).
(2)
ذكر الحافظ له حديثين: أحدهما هذا، والثاني حديث الصلاة قبل العصر. (ش).
(3)
"شرح معاني الآثار"(1/ 133).
(4)
"السنن الكبرى"(1/ 413).
يُحَدِّثُ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِى الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"إِنَّمَا كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ (1): قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَإِذَا سَمِعْنَا الإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ". [حم 2/ 85، ن 628، د 1193، خزيمة 374، قط 1/ 239، ق 1/ 413، ك 1/ 198]
===
ثنا شعبة، عن أبي جعفر يعني الفراء قال: سمعت أبا المثنى، ثم قال البيهقي بعد تمام الحديث: رواه غندر وعثمان بن جبلة عن شعبة، عن أبي جعفر المدني، عن مسلم أبي المثنى، ورواه أبو عامر عن شعبة، عن أبي جعفر مؤذن مسجد العريان، قال: سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر.
(يحدث عن مسلم) بن المثنى، ويقال: ابن مهران بن المثنى (أبي المثنى) الكوفي المؤذن، ويقال: اسمه مهران، قال أبو زرعة: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن ابن عمر) عبد الله (قال) أي ابن عمر: (إنما كان الأذان) أي كلمات الأذان (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين) وهذا باعتبار الأكثر الأغلب، فهذا بظاهره ينفي الترجيح، (والإقامة) أي كلمات الإقامة (مرة مرة، غير أنه) أي المؤذن (يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة) أي مرتين، وينبغي استثناء التكبير أيضًا في آخرها، فإنها مرتين مرتين بلا خلاف.
(فإذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة)(2).
(1) وفي نسخة: "أنه كان يقول".
(2)
قال ابن رسلان: يعني في بعض الأوقات أو بعض الصحابة، إذ لا يظن بهم أنهم بأسرهم كانوا يتوضؤون في هذه الأوقات، وإنما ذكر ابن عمر ليعرف أن هذا كان جائزًا لا أنه كان صفة جميعهم، انتهى، وفي "التقرير": معناه: وقد توضأنا فخرجنا بفور سماع الإِقامة وليس المعنى المتبادر، لأن التوضؤ بعد الإِقامة يوجب فوت التحريمة بل الركعة، ونقل في "السعاية"(2/ 16) بدل "توضأنا" توخينا، أي تهيأنا، فتأمل. (ش).
(1)
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ أَسْمَعْ عَنْ (2) أَبِي جَعْفَرٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ.
509 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ - يَعْنِى الْعَقَدِىَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو -، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ مُؤَذِّنِ مَسْجِدِ الْعُرْيَانِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُثَنَّى مُؤَذِّنَ مَسْجِدِ الأَكْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. [انظر تخريج الحديث السابق]
===
(قال شعبة: لم أسمع عن أبي جعفر غير هذا الحديث) لكن ذكر الحافظ (3) في "التهذيب": له عند أبي داود والترمذي حديث ابن عمر في الصلاة قبل العصر.
509 -
(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا أبو عامر- يعني العقدي عبد الملك بن عمرو-، ثنا شعبة) بن الحجاج، (عن أبي جعفر) محمد بن إبراهيم (مؤذن مسجد العريان (4)) لعله مسجد بالكوفة (5) (قال: سمعت أبا المثنى) أي جدي مسلم بن المثنى (مؤذن مسجد الأكبر) أي الجامع، ولعل هذا المسجد في الكوفة (6) (يقول: سمعت ابن عمر) عبد الله، (وساق) أي محمد بن يحيى (الحديث) أي هذا الحديث كما ساقه محمد بن بشار.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
وفي نسخة: "من".
(3)
ويشكل عليه أن عدم السماع لا يوجب عدم الرواية، فلو كان له رواية في الصلاة قبل العصر أيضًا لا ينافي عدم سماعه غيره. وأيضًا رواية الترمذي ليست بطريق شعبة عنه بل بطريق الطيالسي عنه. (ش).
(4)
قال ابن رسلان: ضد الكاسي. (ش).
(5)
ونقل عن "منتهى الأرب" أنه حصن بالمدينة، وقال ابن رسلان: لعله مسجد بالبصرة، لأن أبا جعفر بصري. (ش).
(6)
وبه جزم ابن رسلان، لأن أبا جعفر كوفي. (ش).