الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ بَصَقَ عَلَى الْبُورِيِّ (1) ثُمَّ مَسَحَهُ برِجْلِهِ، فَقِيلَ لهُ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: "لأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (2) صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ". [حم 3/ 490]
(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ
===
(قال) أي أبو سعيد: (رأيت واثلة بن الأسقع)(3) بالقاف، ابن كعب بن عامر بن ليث الليثي، أسلم قبل تبوك وشهدها، كان من أهل الصفة، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الشام، مات سنة 85 هـ وهو ابن مأة وخمس سنين، وكان آخر الصحابة موتًا بدمشق.
(في مسجد دمشق بصق على البوري) قال في "المجمع": هي الحصير المعمول من القصب (ثم مسحه برجله، فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله) أي يبصق على البوري ثم يمسحه برجله.
(23)
(بَابُ مَا جَاءَ في المُشْرِكِ يَدْخلُ المَسْجدَ)(4)
يعني يجوز دخول المشرك في المسجد، كأن المصنف يشير إلى أن النهي في قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (5) مبني على نجاسة اعتقادهم لا على نجاسة أبدانهم، وفي دخول المشرك المسجد مذاهب:
(1) وفي نسخة: "البواري".
(2)
وفي نسخة: "النبي".
(3)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(4/ 300) رقم (5430).
(4)
وعن أحمد في ذلك روايتان: لا يجوز مطلقًا، ويجوز بإذن الإِمام، قال: وأما الحرم فلا يجوز لهم الدخول بحال، كذا في "المغني"(13/ 246)، ثم لا يخفى عليك أنه ترجم البخاري على هذا الحديث "باب القراءة والعرض على المحدث" ومقتضاه كون الرجل السائل مسلمًا إذ عرض الكافر لا يعتبر به، وأما ترجمة المصنف فصريح في أنه كان مشركًا، وسيأتي في "البذل". (ش).
(5)
سورة التوبة: الآية 28.
484 -
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا لَهُ: هَذَا الأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ،
===
فعند الحنفية (1) الجواز مطلقًا، وعن المالكية والمزني المنع مطلقًا، وعن الشافعية التفصيل بين المسجد الحرام وغيره للآية (2).
484 -
(حدثنا عيسى بن حماد، أنا الليث) بن سعد، (عن سعيد المقبري، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أنه سمع أن بن مالك يقول) أي أنس: (دخل رجل على جمل) وهو ضمام بن ثعلبة السعدي وافد بني سعد بن بكر، وكان عمر بن الخطاب يقول: ما رأيت أحدًا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة، والراجح أن قدومه كان سنة تسع.
(فأناخه في المسجد) فيه مجاز الحذف، والتقدير: فأناخه في ساحة المسجد أو نحو ذلك، لأنه صريح (3) في رواية ابن عباس الآتية، ولفظها:"فأناخ بعيره على باب المسجد فعقله ثم دخل"، وفي رواية أبي نعيم:"أقبل على بعير له حتى أتى المسجد فأناخه، ثم عقله فدخل المسجد"، (ثم عقله) بتخفيف القاف أي شد ساعد الجمل إلى فخذه ملويًا.
(ثم قال: أيكم محمد؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئٌ بين ظهرانيهم) أي وسطهم، قال في "القاموس": وهو بين ظهريهم وظهرانيهم ولا تكسر النون، وبين اْظهرهم أي وسطهم، (ففلنا له: هذا الأبيض المتكئ) مبتدأ محذوف الخبر، أو خبر حذف مبتدؤه بقرين السؤال، وهو محمد.
(1) غير محمد كما بسطه الشامي (6/ 324). (ش).
(2)
وكذا قال ابن رسلان، وبسطه العيني (3/ 515). (ش).
(3)
فلا يصح ما استنبطه ابن بطال من طهارة بول مأكول اللحم، كما هو مذهب مالك وأحمد، "ابن رسلان". (ش).
فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أَجَبْتُكَ» ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّى سَائِلُكَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. [خ 63، م 12، ن 2091، جه 1402، ت 619، حم 3/ 168، دي 650، ق 3/ 62]
===
(فقال له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (الرجل: يا ابن عبد المطلب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك)(1) أي سمعتك، أو المراد إنشاء الإجابة، أو نزل تقريره للصحابة في الإعلام عنه منزلة النطق، (فقال له الرجل: يا محمد).
قال العلماء: لعل هذا كان قبل النهي عن مخاطبته صلى الله عليه وسلم باسمه قبل نزول قول الله عز وجل: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (2)، ويحتمل أن يكون بعد نزول الآية ولم تبلغ الآية هذا القائل.
قلت: وهذا التأويل محمول على أن قوله في الحديث: آمنت بما جئت، يكون (3) إخبارًا، وإما على احتمال أن يكون قوله إنشاء، ورجحه القرطبي، فلا يحتاج إلى هذه التأويلات، ويؤيده ما عقد المصنف من الباب في المشرك يدخل المسجد، فإنه يقتضي أنه أسلم بعد ما تكلم مع النبي صلى الله عليه وسلم وسمع جوابه.
(إني سائلك، وساق الحديث) أخرجه (4) البخاري مطولاً من طريق عبد الله بن يوسف.
(1) قال ابن رسلان: لم يقل نعم، لأنه لم يخاطبه بما يليق من التعظيم، وقال الخطابي (انظر:"مختصر المنذري مع معالم السنن" 1/ 197): لم يرض بما ناداه من الانتساب إلى جده الكافر فأجابه، وأشكل بقوله عليه الصلاة والسلام في حنين:"أنا ابن عبد المطلب"، وأجابه بأنه كان لضرورة، كما في "عون المعبود"(2/ 152)، والأوجه عندي أنه إخبار لإِجابته أولًا. (ش).
(2)
سورة النور: الآية 63.
(3)
وعلى هذا فتبويب المصنف محمول على أنهم تركوا شخصًا يدخل المسجد من غير استفسار، "ابن رسلان".
وقلت: وعلى هذا يتفق رأي المصنف رأي البخاري إذ بوب عليه "العرض على المحدث"، قال ابن رسلان: ليتهم أوّلوا بتبويب البخاري وأقروا بتبويب أبي داود على ظاهره فإنه أصرح في المسألة. (ش).
(4)
الذي فيه تكرار "آلله أمرك بهذا قال: نعم". (ش).
485 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَت بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمَ عَلَيْهِ، فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عند (1) بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: فَقَالَ: أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ، قَالَ (2): يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. [حم 1/ 264، دي 652 مطولًا]
===
485 -
(حدثنا محمد بن عمرو) بن بكر الرازي أبو غسان زنيج بزاي ونون وجيم، مصغرًا، ثقة، (ثنا سلمة) بن الفضل، (حدثني محمد بن إسحاق، حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع) الأسدى مولى آل زبير، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: يعتبر به، وقال الذهبي: ما روى عنه غير ابن إسحاق، أخرج أبو داود حديثه مقرونًا بسلمة بن كهيل.
(عن كريب) بن أبي مسلم، (عن ابن عباس قال: بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة (3) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي وافدًا، (فقدم) ضمام (عليه) أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فأناخ بعيره عند باب المسجد، ثم عقله) أي شد العقال على ركبته، (ثم دخل المسجد، فذكر) أي ابن عباس أو محمد بن عمرو (نحوه) أي نحو ما ذكره أنس بن مالك، أو عيسى بن حماد في الحديث المتقدم.
(قال) أي ابن عباس: (فقال) ضمام: (أيكم ابن عبد المطلب (4)؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا (5) ابن عبد المطلب، قال: يا ابن عبد المطلب، وساق الحديث) أي ابن عباس أو محمد بن عمرو، والغرض منه بيان الاختلاف الواقع
(1) وفي نسخة: "على".
(2)
وفي نسخة: "فقال".
(3)
وزاد الطبراني في روايته: "وكان مسترضعًا فيهم". (ش).
(4)
ولعله سأل أيكم محمد بن عبد المطلب؟ فذكر كل راو جزءًا. (ش).
(5)
قال ابن رسلان: فيه جواز قول الرجل: "أنا"، وأنكرها بعضهم. (ش).