الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ
693 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. (ح): وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى وَابْنُ السَّرْحِ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ،
===
قال الشوكاني في "النيل"(1) تحت حديث عائشة: قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة اعتراض الجنازة"، الحديث: فيه دلالة على جواز الصلاة إلى النائم من غير كراهة، وقد ذهب مجاهد وطاوس ومالك والهادوية إلى كراهة الصلاة إلى النائم خشية ما يبدو منه بما يلهي المصلي عن صلاته.
واستدلوا بحديث ابن عباس بلفظ: "لا تصلوا خلف النائم والمتحدث"، وقد قال أبو داود (2): طرقه كلها واهية، وقال النووي: هو ضعيف باتفاق الحفاظ، وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني، وعن ابن عمر (3) عند ابن عدي، وهما واهيان، انتهى.
(109)
(بَابُ الدُّنُوِّ) أي القرب (مِنَ السُّتْرَةِ)
693 -
(حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان، أنا سفيان) بن عيينة، (ح: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وحامد بن يحيى) بن هانئ البلخي، أبو عبد الله، نزيل طرسوس، قال مسلمة الأندلسي: ثقة حافظ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال علي بن المديني: سبحان الله بقي حامد إلى زمان يحتاج من يسأل عنه، سكن الشام، ومات بطرسوس سنة 274 هـ.
(وابن السرح) أحمد (قالوا: ثنا سفيان) بن عينية، (عن صفوان بن سليم،
(1)(3/ 12).
(2)
وكذا نقله عنه العيني (3/ 598) وذكر للرواية بعض المتابعات والشواهد. (ش).
(3)
ذكر حديثه في "اللسان"(1/ 22)، وحكم عليه بالوضع. (ش).
عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ» . [ن 748، حم 4/ 2، ق 2/ 272، ك 1/ 251، حب 2373]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ورَوَاهُ وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
===
عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة) (1) بن ساعدة بن عامر الأنصاري الخزرجي المدني، صحابي صغير، ولد سنة ثلاث من الهجرة، ومات في خلافة معاوية.
(يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) أي يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قائله سفيان، والضمير إلى سهل، والذي يدل عليه ما في "مسند أحمد بن حنبل"، ولفظه: عن سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي - صلي الله عليه وسلم - قال، وقال سفيان مرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
(قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلَّى أحدكم إلى سترة) أي متوجهًا ومستقبلًا إليه (فليدن) أي فليقرب (منها) أي من السترة كي (لا يقطع الشيطان عليه) أي على أحدكم (صلاته) بإلقاء الوساوس والخواطر فيقطع خشوعه وخضوعه.
(قال أبو داود: ورواه واقد بن محمد) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، وثَّقه أحمد وأبو داود وابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به، ثقة، يحتج بحديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن صفوان) بن سليم، (عن محمد بن سهل، عن أبيه أو عن محمد بن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم) هكذا في النسخ الموجودة عندي، وأما الذي ذكره الحافظ
(1) انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 387) رقم (2287).
(1)
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: عن نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَاخْتُلِفَ في إِسْنَادِهِ.
===
في "الإصابة"(2) في ترجمة محمد بن سهل ففيه هكذا: محمد بن سهل بن أبي حثمة الأنصاري المدني، قال أبو موسى في "الذيل": ذكره بعض الحفاظ، ثم أخرج من طريق شعبة عن واقد بن محمد سمعت صفوان بن سليم يحدث عن محمد بن سهل بن أبي حثمة أو عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في سترة المصلي.
قلت: هو مرسل أو منقطع؛ لأنه إن كان المحفوظ عن محمد بن سهل فهو مرسل، لأنه تابعي لم يولد إلَّا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات كان سن سهل بن أبي حثمة ثمان سنين، وإن كان عن سهل فهو منقطع، لأن صفوان لم يسمع من سهل.
قلت: فعلى هذا ما وقع في رواية أبي داود يخالف ما ذكره الحافظ في "الإصابة"، فما ذكر في "الإصابة" من الشق الأول، ففي أبي داود هو الشق الثاني، وما في "الإصابة" من الشق الثاني جعل في أبي داود الشق الأول، ووقع فيه الغلط والتحريف، فإن هذا الشق منقطع، لأنه فيه رواية صفوان عن سهل بن أبي حثمة، فإدخال محمد بن سهل فيه غلط وتحريف، والله أعلم بحقيقة الحال.
قال أبو داود: (وقد قال بعضهم) أي بعض المحدثين: (عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد، واختلف (3) في إسناده)، أي وقع الاختلاف في سند هذا الحديث، كما ذكره المصنف مفصلًا.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
(6/ 194).
(3)
وفي "الدراية"(1/ 180): أشار أبو داود بذلك إلى ذكر سهل بن سعد بدل ابن أبي حثمة. (ش).
694 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ وَالنُّفَيْلِىُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ، أَخْبَرَنِى أَبِى، عَنْ سَهْلٍ قَالَ:"وَكَانَ بَيْنَ مُقَامِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مَمَرُّ عَنْزٍ". [خ 496، م 508، ق 2/ 272]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْخَبَرُ لِلنُّفَيْلِيِّ.
===
694 -
(حدثنا القعنبي والنفيلي قالا: ثنا عبد العزيز بن أبو حازم) سلمة بن دينار المحاربي مولاهم، أبو تمام المدني الفقيه، وثَّقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن نمير، وقال أحمد: لم يكن يعرف بطلب الحديث إلَّا كتب أبيه فإنهم يقولون: إنه سمعها وكان يتفقه، لم يكن في المدينة بعد مالك أفقه منه، ويقال: إن كتب سليمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم.
قال: (أخبرني أبي) أبو حازم سلمة بن دينار، (عن سهل) بن سعد (قال: وكان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم) أي بين محل قيامه في الصلاة ومصلاه (وبين القبلة) أي بين جدار المسجد الذي يلي القبلة (ممر عنز)(1)، وهو الأنثى من المعز، وفي رواية البخاري ومسلم:"ممر شاة".
(قال أبو داود: الخبر) أي ألفاظ الحديث (للنفيلي).
(1) قال ابن رسلان: يدنو من السترة بقدر ثلاثة أذرع لرواية: "صلَّى رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم في الكعبة، وكان بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع"، وكان مالك يصلي بعيدًا من السترة، فقال له رجل لا يعرفه: أيها المصلي ادن من السترة، فجعل يتقدم ويقول:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ} الآية [النساء: 113]، قال: ومن صلَّى بعيدًا من ذلك فكأنه صلَّى بدون السترة، وقال أيضًا: اختلفوا في الجمع بينهما فقيل: ممر الشاة أقله وأكثره ثلاثة أذرع، وقيل بالعكس، لأنه قدر ممر الشاة بثلاثة أذرع وثلث، وقيل: أحدهما من محل القيام، والثاني: من موضع السجود. (ش).
(110)
بَابُ مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ (1) عنِ الْمَمَرِّ بَيْنَ يَدَيهِ
695 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّى فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» . [خ 509، م 505، ن 757، حم 3/ 34، دي 1411، ق 2/ 267]
===
(110)
(بَابُ مَا يُؤْمَرُ المُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ) أي: يمنع (عن المَمَرِّ) أي: المرور (بَيْنَ يَدَيْهِ)
695 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن زبد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع) من ودع يدع، أي فلا يترك (أحدًا يمر بين يديه، وليدرأه) أي وليدفعه (ما استطاع، فإن أبى) أي ذلك المار عن عدم المرور (فليقاتله (2)) أي فليدفعه بعنف بحيث لا يفسد الصلاة (فإنما هو شيطان)(3) وإطلاق هذا الحديث يقيده ما في حديث أبي سعيد من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّى أحدكم إلى شيء يستره، فأما من صلَّى من غير سترة فليس له حق الدفع".
(1) وفي نسخة: "يدفع".
(2)
ثم إن قاتل أحدًا فأتلفه لم أره في كتب الحنابلة، ولا ضمان عليه عند الشافعية، وعليه الدية عند المالكية، وموجب القتل القتل أو الدية عندنا الحنفية "أوجز المسالك"(3/ 262)، وأجمعوا على أن لا يقاتله بالسلاح لمخالفة قاعدة الإِقبال على الصلاة، "ابن رسلان"، وقال ابن العربي (2/ 130): المقاتلة هاهنا المنازعة بالأيدي، وقد جهل قوم فقالوا: حريم المصلي مثل طول الرمح، وقال آخرون: مثل رمية السهم آخذًا من لفظ المقاتلة، ولم يفهم المراد بها. (ش).
(3)
أي معه شيطان، أو كأنه فعل فعل الشيطان، أو حمله على هذا المرور الشيطان، وفيه إطلاق الشيطان على المسلم إذا فعل معصية، "ابن رسلان". (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال النووي (1): لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع (2)، وقال القاضي عياض والقرطبي: وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح لمخالفة ذلك بقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها، وحكى القاضي عياض وابن بطال الإجماع على أنه لا يجوز له المشي من مكانه ليدفعه، ولا العمل الكثير في مدافعته، لأن ذلك أشد في الصلاة من المرور، قال الحافظ: وذهب الجمهور إلى أنه إذا مر ولم يدفعه فلا ينبغي له أن يرده لأنه فيه إعادة للمرور، قاله الشوكاني (3).
وأما عند الحنفية فقال في "البدائع"(4): ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلاً"(5)، يعني في أعمال الصلاة، والقتال ليس من أعمال الصلاة، فلا يجوز الاشتغال به، وحديث (6) أبي سعيد كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحًا، ومن المشايخ من قال: إن الدرء رخصة، والأفضل أن لا يدرأ، لأنه ليس من أعمال الصلاة، وذا روى إمام الهدى الشيخ أبو منصور عن أبي حنيفة أن الأفضل أن يترك الدرء، والأمر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة، كالأمر بقتل الأسودين.
(1)"شرح صحيح مسلم"(2/ 464).
(2)
قال ابن رسلان: ظاهره الوجوب، لكن الإِجماع على ندبه إلَّا أن أهل الظاهر أوجبه. (ش).
(3)
"نيل الأوطار"(3/ 10).
(4)
"بدائع الصنائع"(1/ 510).
(5)
أخرجه البخاري (1199)، ومسلم (538).
(6)
وعن محمد كما في "الموطأ": الحديث شاذ، ولم يذكر القتال إلَّا في حديث أبي سعيد، وفي "الشامي" (2/ 486): منسوخ، قال ابن عبد البر: تغليظ. وقال القرطبي: مبالغة في الدفع، وقال الباجي (1/ 275): لعن عليه كقوله تعالى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30]، ويؤيده قصة المقعد كما سيأتي في المتن، وفيه:"اللَّهُم اقطع أثره"، وقيل يطالب به بعد الصلاة أو محمول على المتمرد. "أوجز المسالك"(3/ 261). (ش).
696 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا» . ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ. [جه 954، ق 2/ 267]
697 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ الرَّازِىُّ، ثنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ، أَخْبَرَنَا مَسَرَّةُ بْنُ مَعْبَدٍ اللَّخْمِىُّ - لَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ -، قَالَ حَدَّثَنِى
===
وأيضًا قال في "البدائع": ويكره للمار أن يمر بين يدي المصلي، ولم يذكر في الكتاب قدر المرور واختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: قدر موضع السجود، وقال بعضهم: مقدار الصفين، وقال بعضهم: قدر ما يقع بصره على المار لو صلَّى بخشوع، وفيما وراء ذلك لا يكره، وهو الأصح.
696 -
(حدثنا محمد بن العلاء، ثئا أبو خالد، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه) أبي سعيد (قال) أي أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلَّى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن) أي وليقرب (منها، ثم ساق معناه) أي ثم ساق ابن عجلان معنى الحديث المتقدم الذي رواه مالك عن زيد بن أسلم.
697 -
(حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي، ثنا أبو أحمد الزبيري، أنا مسرة بن معبد اللخمي) الفلسطيني، سكن بيت جبرين على فراسخ من بيت المقدس، قال أبو حاتم: شيخ ما به بأس، له في "سنن أبي داود" حديث واحد في الصلاة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: قال: وكان ممن يخطئ، ثم ذكره في "الضعفاء"، فقال: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات.
(لقيته) أي قال أبو أحمد: لقيت مسرة بن معبد (بالكوفة، حدثني
أَبُو عُبَيْدٍ حَاجِبُ سُلَيْمَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِىَّ قَائِمًا يُصَلِّى فَذَهَبْتُ أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَرَدَّنِى، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ» . [حم 3/ 82]
698 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ الْمُغِيرَةِ -، عَنْ حُمَيْدٍ - يَعْنِى ابْنَ هِلَالٍ - قَالَ: قَالَ أَبُو صَالِحٍ: أُحَدِّثُكَ عَمَّا رَأَيْتُ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ
===
أبو عبيد (1) حاجب سليمان) المذحجي، كان أبو عبيد يَحْجِبُ سليمان بن عبد الملك، فلما ولي عمر بن عبد العزيز قال: أين أبو عبيد؟ فدنا منه، فقال: هذه الطريق إلى فلسطين، وأنت من أهلها فالحق بها، فقيل له: يا أمير المؤمنين لو رأيت أبا عبيد وتشميره للخير، فقال: ذلك أحق أن لا نفتنه، كانت فيه أُبهة للعامة، وثَّقه أحمد وأبو زرعة ويعقوب بن سفيان وعلي بن المديني، وذكره ابن حبان في "الثقات" في أتباع التابعين.
(قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائمًا يصلي فذهبت أمر بين يديه فردني، ثم قال) أي عطاء بن يزيد: (حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته) أي بالمرور (أحد فليفعل).
698 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا سليمان -يعني ابن المغيرة-، عن حميد -يعني ابن هلال-) بن هبيرة العدوي بمهملتين مفتوحتين، أبو نصر البصري، قال القطان: كان ابن سيرين لا يرضاه، قال أبو حاتم: لأنه دخل في أمر السلطان، وكان في الحديث ثقة، ووثَّقه ابن معين والنسائي وابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(قَالَ: قال أبو صالح) السمان: (أحدثك عما رأيت من أبي سعيد)
(1) قال ابن عبد البر: اسمه حي، وقيل: حوي. "ابن رسلان". (ش).
وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ، دَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَىْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْ (1) فِى نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» . (2). [خ 509، م 505]
(111)
باب مَا يُنْهَى (3) عَنْهُ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى
===
أي فعله مع الشاب من بني أبي معيط حين أراد أن يجتاز بين يديه وهو يصلي، فدفع في نحوه، وشكا إلى مروان ما لقي من أبي سعيد، فحدث أبو سعيد بهذا الحديث، وهذه القصة رواها مسلم في "صحيحه" ولم يذكره أبو داود في حديثه، واختصره.
(وسمعته منه) أي والحديث الذي سمعته من أبي سعيد (دخل أبو سعيد على مروان) بن الحكم (فقال) أبو سعيد: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا صلَّى أحدكم) مستقبلاً (إلى شيء) أي عود أو أسطوانة (يستره من الناس) أي من مرورهم (فأراد أحد أن يجتاز) أي يمر (بين يديه) أي قدامه بينه وبين سترته (فليدفع في نحره) أي بالإشارة (فإن أبى) أي لم يمتنع عن المرور (فليقاتله فإنما هو شيطان) فإن الشيطان كما يطلق على الجن يطلق على الإنس، كما في قوله تعالى:{شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} (4) أو يحمل على التشبيه أي مثل الشيطان.
(111)
(بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ المُرُورِ)"من" بيان لما الموصولة (بَيْنَ يَدي المُصَلِّي) أي: قدامه
(1) وفي نسخة: "فليدفعه".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود: قال سفيان الثوري: يمر الرجل يتبختر بين يديَّ، وأنا أصلي، فأمنعه، ويمر الضعيف، فلا أمنعه".
(3)
وفي نسخة: "نهي".
(4)
سورة الأنعام: الآية 112.
699 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِىَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِى جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم فِى الْمَارِّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى؟ فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ
===
699 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد) المدني العابد، مولى ابن الحضرمي، وثَّقه ابن معين والنسائي وابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان متزهدًا لم يخلف كفنا".
(أن زيد بن خالد الجهني أرسله)(2) أي بسر بن سعيد (إلى أبي جهيم) بالتصغير، ابن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم، ابن عمرو الأنصاري، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: هو عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصمة، وقيل: اسمه الحارث (3) بن الصمة، قيل: هو آخر غيره، صحابي معروف.
(يسأله) أي يسأل زيد بن خالد أبا جهيم (ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ )(4) أي ماذا عليه من الإثم (فقال أبو جهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المار بين يدي (5) المصلي ماذا عليه) أي من الإثم والعقوبة (لكان أن يقف أربعين).
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
هكذا رواه جماعة، وقلبه ابن عيينة فجعل المرسل أبا جهيم والمرسل إليه زيدًا، بسطه ابن رسلان. (ش).
(3)
قال ابن رسلان: فعلى هذا لفظ "ابن" بين أبي جهيم وبين الحارث غلط. (ش).
(4)
بشرط أن يصلي إلى السترة، بسطه ابن رسلان. (ش).
(5)
اختلفوا في تحديده، فقيل: إذا مر بينه وبين سجوده، وقيل: بقدر ثلاثة أذرع، وقيل: بقدر رمية حجر. ولم يذكر في الحديث السترة، فقيل: المطلق محمول على المقيد، يعني إذا صلَّى إلى سترة "ابن رسلان". (ش).
خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". [خ 510، م 507، ن 756، جه 945، ت 336، دي 1416، حم 4/ 169، خزيمة 813، ق 2/ 268]
قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِى قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً.
===
قال الشوكاني (1): وفي "سنن ابن ماجه" وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة: "لكان أن يقف مئة عام خيرًا له من الخطوة التي خطاها"، وهذا مشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين، وفي "مسند البزار":"لكان أن يقف أربعين خريفًا".
(خير له) أي للمار (من أن يمر بين يديه) أي المصلي، يعني لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم، وقال الكرماني: بل التقدير لو يعلم المار ما عليه لوقف أربعين، ولو وقف أربعين لكان خيرًا له، انتهى.
(قال أبو النضر: لا أدري قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بسر بن سعيد: (أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة) معنى هذا الكلام أن أبا النضر يقول: إن بسر بن سعيد يروي هذا الحديث عن أبي جهيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر بعد لفظ أربعين لا يومًا ولا شهرًا ولا سنة، فلا أدري هل ذكر بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من هذه الثلاثة أو لم يذكر؟
ويحتمل أن يكون معناه قال أبو النضر: لا أدري أي لا أحفظ قال شيخي بسر بن سعيد بعد قوله: "لكان أن يقف أربعين": لفظ يومًا أو شهرًا أو سنة، وبعضهم رد الضمير إلى أبي جهيم وهو أيضًا محتمل.
(1)"نيل الأوطار"(3/ 11).