الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ
(1)
529 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِىُّ، عَنْ أَبِى الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ (2) قَالَ: قُلْتُ - وَقَالَ مُوسَى فِى مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِى الْعَاصِ قَالَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، اجْعَلْنِى إِمَامَ قَوْمِى، قَالَ: «أَنْتَ إِمَامُهُمْ،
===
توقيفية، لكنه مدفوع بأنه لا مانع لهذا من الأدلة الشرعية، وقد أجمعوا على جواز الأدعية المصنوعة من أصولها، فكيف إذا كان مأخوذًا من الألفاظ النبوية، انتهى.
(40)
(بابُ أَخْذِ الأجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)
أي: كراهيته
529 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد) بن سلمة، (أنا سعيد الجريري) سعيد بن إياس، (عن أبي العلاء) يزيد بن عبد الله، (عن مطرف بن عبد الله، عن عثمان (3) بن أبي العاص قال: قلت- وقال موسى في موضع آخر: إن عثمان بن أبي العاص قال-).
حاصل هذا الكلام أن موسى بن إسماعيل شيخ أبي داود اختلف لفظه، فقال مرة: قال أي عثمان بن أبي العاص: قلت، وقال مرة: إن عثمان بن أبي العاص قال، فنقل في الأول كلامه بلفظه، وفي الثاني حكى قوله وجعله غائبًا.
(يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجعلني (4) إمام قومي، قال: أنت إمامهم) أي جعلناك
(1) وفي نسخة: "الأذان".
(2)
وفي نسخة: "العاصي".
(3)
وفد على النبي-صلي الله عليه وسلم- في وفد ثقيف سنة عشر، "ابن رسلان". (ش).
(4)
فيه طلب الإِمامة وإعطاؤها بالطلب إذا كان أهلًا لذلك، "ابن رسلان". فلا ينافي ما ورد من النهي. (ش).
وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أذَانِهِ أَجْرًا". [ن 672، حم 4/ 21، ق 1/ 429، ت 209، م 468، جه 714 - 987]
===
إمامًا لقومك، فأنت إمامهم (واقتد بأضعفهم)(1) أي راع من أحوال المقتدين حال أضعفهم في تخفيف الصلاة، فخفف عليهم الصلاة حسب ما يقتضي حال الأضعف من غير أن تنقص شيئًا من أركان الصلاة وسننها، ولا تطول عليهم حتى تثقل على الضعفاء.
(واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا) واختلف العلماء في أخذ الأجر (2) على الأذان، فمنعه أبو حنيفة - رحمه الله تعالى- وأصحابه، قال في "البدائع" (3): ولا على الأذان والإقامة والإمامة لأنها واجبة، وقد روي عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه قال:"آخر ما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي بالقوم صلاة أضعفهم، وأن أَتَخِذَ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا"، ولأن الاستئجار على الأذان والإقامة والإمامة وتعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس عن الصلاة بالجماعة وعن تعليم القرآن والعلم، لأن ثقل الأجر يمنعهم عن ذلك، وإلى هذا أشار الرب جلَّ شأنه في قوله عز وجل:{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} (4) فيؤدي إلى الرغبة عن هذه الطاعات، وهذا لا يجوز، وقال تعالى:{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} (5) أي على ما تُبَلّغُ إليهم أجرًا وهو
(1) قوَّة للبدن، وقيل: أكثرهم خشوعًا وتذللًا لله تعالى، وقيل: أكثرهم رِقَّةً في القلب، والمعنى أنك لو كنت إمامهم، لكن لا تترك التواضع لهم إذا فرغت من إمامتك، "ابن رسلان".
(2)
قال ابن رسلان: حمله الشافعي على الكراهة، وقال ابن قدامة: لا يجوز أخذ الأجرة عليه في ظاهر المذهب، وكرهه الأوزاعي وابن المنذر وأصحاب الرأي، ورخص مالك وبعض الشافعية، لأنه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه إجماعًا، فجاز أخذ الأجرة عليه. [انظر:"المغني"(2/ 70)]. (ش).
(3)
"بدائع الصنائع"(4/ 44).
(4)
سورة القلم: الآية 46.
(5)
سورة يوسف: الآية 104.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
كان صلى الله عليه وسلم يبلغ بنفسه وبغيره بقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا فليبلغ الشاهد الغائب"، فكان كل معلم مبلغًا، فإذا لم يجز له أخذ الأجر على ما يبلغ بنفسه لما قلنا، فكذا لمن يبلغ بأمره، لأن ذلك تبليغ منه معنىً، انتهى.
ويستدل عليه بما حكى الشوكاني في "نيله"(1)، فقال: وأخرج ابن حبان عن يحيى البكالي قال: "سمعت رجلًا قال لابن عمر: إني لأحبك في الله، فقال له ابن عمر: إني لأبغضك في الله، فقال: سبحان الله أحبك في الله، وتبغضني في الله؟ قال: نعم، إنك تسأل على أذانك أجرًا"، وروي عن ابن مسعود أنه قال:"أربع لا يؤخذ عليهن أجر: الأذإن، وقراءة القرآن، والمقاسم، والقضاء"، ذكره ابن سيد الناس في "شرح الترمذي"، وروى ابن أبي شيبة عن الضحاك: أنه كره أن يأخذ المؤذن على أذانه جُعْلَا، ويقول: إن أعطي بغير مسألة فلا بأس، وهذا قول المتقدمين، وأما المتأخرون منهم فأفتوا بجوازه.
قال في "الهداية"(2): وبعض مشايخنا - رحمهم الله تعالى- استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم لظهور التواني في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن، وعليه الفتوى، انتهى.
قال الشوكاني: وقال مالك: لا بأس بأخذ الأجر على ذلك، وقال الأوزاعي: يجاعل عليه ولا يؤاجر، وقال الشافعي في "الأم" (3): أحب أن يكون المؤذنون متطوعين، قال: وليس للإمام أن يرزقهم وهو يجد من يؤذن متطوعًا ممن له أمانة إلَّا أن يرزقهم من ماله.
وقال ابن العربي (4): الصحيح جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة
(1)"نيل الأوطار"(2/ 69).
(2)
(2/ 238).
(3)
(1/ 252).
(4)
انظر: "عارضة الأحوذي"(2/ 13).