المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(47) باب: في التشديد في ترك الجماعة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(47) باب: في التشديد في ترك الجماعة

(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

545 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ الْيَعْمُرِىِّ،

===

مبتدأ محذوف، أي هذا الحديث الذي روى موسى بن عقبة، عن نافع بن جبير مثل الذي روى موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، أو منصوب على أنه مفعول "لحدثنا" في أول السند، أي حدثنا عبد الله بن إسحاق بسنده، عن موسى بن عقبة عن نافع بن جبير مثل ذلك الحديث المتقدم الذي حدثنا عبد الله بن إسحاق بسنده، عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر.

(47)

(بَابٌ (1): في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الجَمَاعة)

545 -

(حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زائدة) بن قدامة، (ثنا السائب بن حبيش) بمهملة وموحدة ومعجمة مصغرًا، الكلاعي، الحمصي، قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: أثقة هو؟ قال: لا أدري، وقال العجلي: ثقة، وقال الدارقطني: صالح الحديث، من أهل الشام، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن معدان بن أبي طلحة اليعمري) قال في "الأنساب": اليعمري بفتح التحتانية وسكون العين المهملة وفتح الميم وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى يعمر، وهو بطن من كنانة، انتهى.

قال في "تهذيب التهذيب": معدان بن أبي طلحة، ويقال: ابن طلحة (2)

(1) ولما كانت الروايات في هذه المسألة على نوعين بعضها تقتضي بظاهرها فرضية الجماعة، وبعضها تدل على الاستحباب والسنية عقد لها ترجمتين، وهل فضائل الجماعة تختص بالمسجد أو يعم غيره؟ قال الحافظ (2/ 131): الظاهر الأول، قلت: وظاهر كلام الشامي أيضًا تخصيص المسجد، كما يدل عليه الأعذار المبيحة لترك الجماعة، لكنه حكى عن "القنية" أنها في البيت كالمسجد إلَّا في الفضل، وفي "المرقاة" (3/ 53) عن "القدوري": لا يحصل بجماعة البيت ثواب الجماعة إلَّا لعذر. (ش).

(2)

كذا في ابن رسلان. (ش).

ص: 376

عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِى قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ،

===

الكناني اليعمري، قال ابن معين: أهل الشام يقولون: ابن طلحة، وقتادة وهؤلاء يقولون: ابن أبي طلحة، وأهل الشام أثبت فيه، قال ابن سعد والعجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن أبي الدرداء)(1) عويمر مشهور بكنيته وباسمه جميعًا، واختلف في اسمه، فقيل: هو عامر، وعويمر لقب، واختلف في اسم أبيه، فقيل: عامر أو مالك أو ثعلبة أو عبد الله أو زيد، وأبوه ابن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، أسلم يوم بدر، وشهد بدرًا وأبلي فيها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد:"نعم الفارس عويمر"، وقال:"هو حكيم أمتي"، ولاه معاوية قضاء دمشق في خلافة عمر، مناقبه وفضائله كثيرة جدًا، مات في خلافة عثمان بسنتين بقيتا من خلافته، وقيل: غير ذلك.

(قال) أي أبو الدرداء: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة)(2) أي رجال، لأن جماعة النساء وإمامتهنَّ مكروهة، وتقييده بالثلاثة تفيد ما فوقهم بالأولى، لأنه أكمل صورة الجماعة، وإن كان يتصور من اثنين (في قرية (3) ولا بدو) أي بادية، وهو بإطلاقه يؤيد مذهبنا أن الجماعة سنَّة للمسافرين أيضًا، لكن حال نزولهم لا في حال سيرهم للحرج. (لا تقام فيهم الصلاة) أي الجماعة (4)(إلَّا قد استحوذ) أي استولى وغلب (عليهم الشيطان) فأنساهم ذكر الله تعالى (فعليك (5) بالجماعة) أي الزمها، هذا من الخطاب العام،

(1) انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(4/ 434) رقم (5866).

(2)

ظاهره أن أقل الجماعة ثلاثة، والمعروف عند الشافعية أنها اثنان، "ابن رسلان". (ش).

(3)

ولا يصح الاستدلال به على الجمعة في القرى، كما قاله ابن رسلان لاتصاله بالبدو. (ش).

(4)

استدل به على أنها فرض كفاية "ابن رسلان". (ش).

(5)

ولفظ النسائي: "فعليكم". (ش).

ص: 377

فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذّئْبُ الْقَاصِيَةَ". [ن 847، حم 5/ 196، ك 1/ 211، خزيمة 1486، ق 3/ 54، حب 2101]

قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ السَّائِبُ: يَعْني بالْجَمَاعَةِ الصَّلَاةَ في جَمَاعَةٍ (1).

546 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ (2) الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ

===

فإن الشيطان بعيد عن الجماعة، ويستولي على من فارقها (فإنما) مسببة عن الجميع، يعني إذا عرفت هذه الحالة فاعرف مثاله في الشاهد (يأكل الذئب القاصية) أي الشاة البعيدة عن الأغنام لبعدها عن راعيها.

(قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة) أي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجماعة (الصلاة في جماعة) بقرينة قوله: "لا تقام فيهم الصلاة" فإن المراد بإقامة الصلاة إقامة الصلاة بالجماعة، وإلَّا فيمكن أن يحمل على الأمر العام من الأعمال والاعتقاد، أي الزم الجماعة العامة في جميع الأعمال والأحوال والاعتقادات، ويدخل فيه الصلاة بالأولى.

546 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية) محمد بن خازم، (عن الأعمش، عن أبي صالح) السمان، (عن أبي هريرة قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد هممت)(3) أي أردت (أن آمر) أي الناس (بالصلاة)

(1) وفي نسخة: "الجماعة".

(2)

وفي نسخة: "ثنا".

(3)

استدل به على الوجوب، وأجاب عنها من قال بعدم الوجوب بأجوبة: منها: أنه عليه الصلاة والسلام أراد التخلف بنفسه، ورد بأنه ما هَمَّ بها، ومنها ما قال ابن بطال: لو كانت الجماعة فرضًا لبين لهم ذلك، وإن صلاتهم لا تصح، ورد بأن الكلام المذكور يكفي للبيان، ومنها ما قال الباجي وغيره: إن الكلام ورد موضع الزجر، وحقيقته ليس بمراد للإجماع على منع عقوبة المسلمين بالتحريق، ومنها ما قيل: إنه عليه الصلاة والسلام همَّ ولم يفعل، ورد بأنه لا يهم إلَّا بما يجوز، "ابن رسلان"، =

ص: 378

فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّىَ (1) بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِى بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ». [خ 644، م 651، ت 217، ن 848، دي 1212، حم 2/ 424]

===

أي بإقامة الصلاة (فتقام) أي الصلاة بالجماعة (ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس) أي يؤمهم (ثم انطلق (2) معي برجال معهم حزم) (3) جمع حزمة بضم حاء مهملة وزاي، وهي المجموعة (من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة) أي صلاة الجماعة من غير عذر (فأُحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار).

فهذا وعيد على ترك الصلاة بالجماعة من غير عذر لا على ترك الصلاة، قال الإِمام النووي (4): فيه دليل على أن العقوبة كانت في بدء الإِسلام بإحراق المال (5)، وقيل: أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغال، والجمهور على منع تحريق متاعهم.

قلت: وهذا الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على سبيل التهديد، وعلى سبيل التغليظ والتشديد، وما كان على هذا فهو لا يكون تشريعًا كما في قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (6)، ولهذا

= انظر: "فتح الباري"(2/ 126)، و"عمدة القاري"(4/ 229).

والأوجه عندي في الجواب: أن الصحابة لا يتخلفون عن الجماعة إلَّا منافق بين النفاق، كما ورد، فهذا وارد في حقهم في حاشية البخاري: قال عياض: إن فرضية الجماعة كانت في أول الإِسلام سدًا لباب التخلف ثم نسخ، ويؤيده نسخ العقوبة المذكورة أي التحريق. (ش).

(1)

وفي نسخة: "يصلي".

(2)

فيه جواز الخروج بعد الإِقامة لعذر، ولفظ البخاري:"ثم أخالف"

إلخ، "ابن رسلان". (ش).

(3)

قال ابن رسلان: بفتح زاي كغرف. (ش).

(4)

"شرح صحيح مسلم"(3/ 167).

(5)

وروي عن علي: لا يعذب بالنار إلَّا ربه". "ابن رسلان". (ش).

(6)

سورة النساء: الآية 93.

ص: 379

547 -

حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِى فَيَجْمَعُوا حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آتِىَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِى بُيُوتِهِمْ

===

لم يقع ما أراده صلى الله عليه وسلم من الإحراق عليهم، فإن قيل: هذا الحديث يدل على وجوب الجماعة (1) عينًا، فكيف يجوز أن يتخلف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الشريف؟ ، قلت: لما كان تخلفه صلى الله عليه وسلم لتكميل أمر الجماعة وإتمامه فكأنه صلى الله عليه وسلم حاضر فيه حكمًا.

547 -

(حدثنا النفيلي) هو عبد الله بن محمد، (ثنا أبو المليح) حسن بن عمر، (حدثني يزيد بن يزيد) بن جابر الرقي، قيل: هو الذي قبله، وهو يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي، وقيل آخر من أهل الرقة، أخرج الطبراني في "المعجم الأوسط" بسنده عن أبي المليح قال: حدثنا يزيد بن يزيد بن جابر، شيخ من أهل الرقة، فذكر الحديث. قال الحافظ في "التقريب": مجهول، وقال في "الميزان": يزيد بن يزيد الرقي عن يزيد بن الأصم لا يعرف، تفرد عنه أبو المليح، وقال في "الخلاصة":(م د ت ق) يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي، عن يزيد بن الأصم وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وعنه الثوري وابن عيينة، وقال: حافظًا ثقة عاقلاً.

(حدثني يزيد بن الأصم قال) أي يزيد بن الأصم: (سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد هممت) أي قصدت (إن آمر فتيتي) قال في "لسان العرب": والأَفْتاءُ مِنَ الدَّوابِّ خلاف المسانِّ واحدها فَتِىٌّ، والجمع فِتْيَةٌ وفِتْوَةٌ وفُتُوٌّ وفُتِيٌّ وفِتْيَانٌ (فيجمعوا لي حزمًا من حطب، ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم) أي ولا يحضرون صلاة الجماعة في المسجد.

(1) كما هو مذهب أحمد، وبالغ داود وغيره من أصحاب الظواهر أنه شرط، وقال كثير من الحنفية والمالكية وهو نص الشافعي: إنها فرض كفاية، وقال الباقون: إنها سنَّة مؤكدة، كذا في "ابن رسلان"، وقال ابن رشد: فرض كفاية عند الجمهور، وواجب عند الحنابلة. (انظر:"بداية المجتهد" 1/ 141) (ش).

ص: 380

لَيْسَتْ بِهِمْ (1) عِلَّةٌ، فَأُحَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ». قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ: يَا أَبَا عَوْفٍ، الْجُمُعَةَ عَنَى أَوْ غَيْرَهَا؟ قَالَ (2): صُمَّتَا أُذُنَاىَ

===

وهذا دليل على أن المراد من القوم أعم من المؤمنين الذين لا يشهدون الصلاة والمنافقين (3)، فإن المنافقين إذا كانوا مستورين في بيوتهم لا يراهم المؤمنون، فالظاهر أنهم لا يؤدون (4) الصلاة، نعم أهل الكسل من المؤمنين الذين لا اعتناء لهم بالجماعة لا يشهدون الجماعة، بل يصلون في بيوتهم، فإذا ورد فيهم التهديد دخل فيه المنافقون بالأولى.

(ليست بهم علة) أي مرض أو عذر (فأحرقها) أي البيوت (عليهم، قلت) أي قال يزيد بن يزيد: قلت (5) لشيخي (ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف، الجمعة عَنَى) بتقدير حرف الاستفهام، أي هل أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة (أو غيرها؟ ) أي أو أراد غير الجمعة من الصلوات (قال) أي يزيد بن الأصم مجيبًا له:(صُمَّتا) أي كفتا عن السماع (أذناي) بدأ بالدعاء على نفسه بصمم أذنيه لتأكيد أمر الجواب.

قال في "فتح الودود": وهذا على نهج {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} ، ويحتمل أن يكون على لغة "أكلوني البراغيث"، قال الخفاجي: وهذه لغة لبعض العرب ليست شاذة ولا مستهجنة، انتهى، وتأول المفسرون في قوله تعالى بأن قوله تعالى:

(1) وفي نسخة: "لهم".

(2)

وفي نسخة: "فقال".

(3)

قال ابن رسلان: والظاهر أن المراد المنافقين في العمل، لأن المنافق لا يصلي في بيته بل في المسجد رياء. (ش).

(4)

بل المنافقون يصلون في المسجد إراءة، اللَّهُم، إلَّا أن يقال: معناه يدعون أنهم يصلون في البيوت. (ش).

(5)

ولعل منشأ السؤال أن معمرًا رواه عن جعفر عن يزيد بن الأصم كما أخرجه عبد الرزاق (1986) والبيهقي (3/ 56) بلفظ الجمعة، وأخرجه الترمذي (217) ومسلم (651) وغيرهما من طريق وكيع عن جعفر بإبهام الصلاة. "ابن رسلان"، وذكر العيني من روى بلفظ الجمعة، وقال: أراد به الجماعة، [انظر:"عمدة القاري"(4/ 224)] (ش).

ص: 381

إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا ذَكَرَ جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا. [م 651، ت 217، جه 791، ق 3/ 55، حم 2/ 472]

548 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الأَزْدِىُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِىِّ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ،

===

{الَّذِينَ ظَلَمُوا} بدل من واو {وَأَسَرُّوا} أو فاعل له، والواو لعلامة الجمع، أو هو منصوب على الذم، أو مبتدأ والجملة المتقدمة خبره.

(إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره)(1) أي يرويه وينقله (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) حاصله أن أبا هريرة روى هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه (ما ذكر جمعة (2) ولا غيرها) فإذا لم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة مخصوصة، فكيف يجوز أن يخصص من غير نص عن الشارع؟ ، لأن النصوص محمولة على ظواهرها، فلا خصوصية في الوعيد بجمعة ولا بغيرها.

548 -

(حدثنا هارون بن عباد الأزدي) أبو موسى المصيصي الأنطاكي، قال في "التقريب": مقبول، (ثنا وكيع، عن المسعودي) عبد الرحمن بن عبد الله، (عن علي بن الأقمر) بن عمرو بن الحارث الهمداني الوادعي بكسر الدال المهملة وبالعين المهملة، أبو الوازع الكوفي، قال ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي وابن خراش والدارقطني: ثقة، وعن ابن معين: ثقة حجة، وقال أبو حاتم: ثقة صدوق.

(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة بفتح النون وسكون المعجمة، أبو الأحوص الكوفي، عن ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن سعد: كان ثقة، وقال النسائي في "الكنى": كوفي ثقة، قتلته الخوارج أيام حجاج بن يوسف.

(1) بضم المثلثة لا غير.

(2)

فما روى فيه معمر لفظ "الجمعة" مخالف لجميع الرواة وشاذ، بسطه ابن رسلان. (ش).

ص: 382

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَافِظُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ بَيِّنُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُهَادَى (1) بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ،

===

(عن عبد الله بن مسعود قال) أي عبد الله: (حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس)، أي أدوها بالمحافظة على حدودها وحقوقها، ومنها فى أداؤها في المسجد بالجماعة، ثم صرح بها فقال:(حيث ينادى بهن) أي في مكان يؤذن بهن وهو المسجد (فإنهن من سنن الهدى) قال في "المجمع"(2): روي (3) بضم سين وفتحها، والمعنى متقارب، أي طرق الهدى والصواب.

(وإن الله عز وجل شرع) أي سَنَ وافترض، يقال: شرع الدين: إذا أظهره وبينه النبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى (4)، ولقد رأيتنا) أي معشر الصحابة (وما يتخلف عنها) أي عن الصلوات بجماعتها (إلَّا منافق بين النفاق) أي ظاهر النفاق، وهذا دليل على أن المراد بالتغليظ المتقدم بإحراق البيوت أنه مخصوص في حق المنافقين.

(ولقد رأيتنا وأن االرجل ليهادى بين الرجلين) أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد إليهما (حتى يقام في الصف) قال النووي (5): وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة وتحمُّل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.

(1) وفي نسخة: "يهادى".

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(3/ 132).

(3)

بفتح السين الطريق، وبالضم السنة. (ش).

(4)

قال ابن عبد البر: فيه حجة على أن الجماعة سنَّة، ويؤيده حديث "إذا حضر العشاء والعشاء"

إلخ. "ابن رسلان". (ش).

(5)

"شرح صحيح مسلم"(3/ 170).

ص: 383

وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَلَهُ مَسْجِدٌ فِى بَيْتِهِ، وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ وَتَرَكْتُمْ (1) مَسَاجِدَكُمْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَكَفَرْتُمْ (2). [م 654، ن 849، خزيمة 1483، حم 1/ 414]

549 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، ثنَا جَرِيرٌ، عن أَبِي جَنَابٍ،

===

(وما منكم من أحد إلَّا وله مسجد في بيته) أي يصلي فيه النوافل (ولو صليتم في بيوتكم) أي الفرائض في مساجد بيوتكم (وتركتم مساجدكم) أي مساجد المحلة (تركتم سنَّة نبيكم) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لايصلي الفرائض في بيته إلَّا بعذر، وكان لا يصليها إلَّا في المسجد العام (ولو تركتم سنَّة نبيكم لكفرتم) أي لضللتم، قال الخطابي (3): معناه أنه يؤديكم إلى الكفر بأن تتركوا عرى الإِسلام شيئًا فشيئًا حتى تخرجوا من الملَّة، انتهى (4).

549 -

(حدثنا قتيبة، ثنا جرير) بن عبد الحميد، (عن أبي جناب)(5) بتخفيف النون، اسمه يحيى بن أبي حية بمهملة وتحتانية، الكلبي الكوفي، قال ابن سعد: كان ضعيفًا في الحديث، وقال البخاري وأبو حاتم: كان يحيى القطان يضعفه، وقال الذهلي: سمعت يزيد بن هارون يقول: كان صدوقًا، ولكن كان يدلس، وقال أبو نعيم: لم يكن بأبي جناب بأس إلَّا أنه كان يدلس، وكذا قال أحمد وابن معين وأبو داود عن أبي نعيم، وقال عمرو بن علي: متروك الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 147 هـ.

(1) وفي نسخة: "لتركتم".

(2)

وفي نسخة: "كفرتم".

(3)

"معالم السنن"(1/ 215).

(4)

قال عياض: اختلفوا في التمادي على ترك السنن هل يقاتل أم لا؟ والصحيح الأول، لأن فيه إقامتها. (ش).

(5)

قد عمي، فدعا له بعض أصحابه فعطس، فرد بصره، وكان يوم الجمعة، "ابن رسلان". (ش).

ص: 384

عَنْ مَغْرَاءٍ الْعَبْدِىِّ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِىَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ- قَالُوا: وَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ: خَوْفٌ

===

(عن مغراء)(1) بفتح أوله وسكون الجمة بعدها راء (العبدي) أبو مخارق الكوفي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، ونقل أبو العرب التميمي وابن خلفون عن العجلي أنه قال: لا بأس به، وقال ابن القطان: لم أره في كتاب الكوفي يعني العجلي، قال: ولا يعرف فيه تجريح، وأنكر على عبد الحق طعنه في حديثه، وقرأت بخط الذهبي: تكلم فيه.

(عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع المنادي) أي نداء المؤذن للصلاة المكتوبة (فلم يمنعه من اتباعه) أي المؤذن بحضور المسجد للجماعة، قال الحافظ: أي من إتيانه إلى الجماعة التي دعي إليها، والتقييد بسماع النداء وبالجماعة التي يسمع مؤذنها جرى على الغالب، لأن الإنسان إنما يذهب إلى الجماعة التي يسمع مؤذنها، وإلا فلو ذهب إلى جماعة لم يسمع مؤذنها فقد أتي بالفرض، ولو لم يسمع المؤذن، ولا عذر له لم يسقط عنه الفرض، إذ عدم استماع المؤذن ليس من الأعذار (عذر) أي نوع من الأعذار.

(قالوا) أي الحاضرون لابن عباس: (وما العذر؟ ) أي الذي عناه عليه السلام (قال) أي ابن عباس: (خوف) أي هو خوف على نفسه أو عرضه أو ماله، ومن الأعذار: المطر (2)، والبرد الشديد، وحضور الطعام، ومدافعة الأخبثين.

(1) قال ابن رسلان: والراء مقصورة. (ش).

(2)

هو في رواية الترمذي، وبسطه ابن العربي. [انظر:"عارضة الأحوذي"(2/ 201)]. (ش).

ص: 385

أَوْ مَرَضٌ - لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى" (1)[ق 3/ 75، ك 1/ 245، قط 1/ 421]

550 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِى رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنِّى رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ،

===

قال في "البدائع"(2): فالجماعة إنما تجب على الرجال العاقلين الأحرار القادرين عليها من غير حرج، فلا تجب على النساء، والصبيان، والمجانين [والعبيد]، والمقعد، ومقطوع اليد والرجل من خلاف، والشيخ الكبير الذي لا يقدر على المشي، والمريض، وأما الأعمى فأجمعوا على أنه إذا لم يجد قائدًا لا تجب عليه، وإن وجد قائدًا فكذلك عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد تجب.

(أو مرض) يبيح له التيمم (لم تقبل منه (3) الصلاة التي صلَّى) أي قبولًا كاملًا، قال النووي (4) في حديث الكهان والعراف: معنى عدم قبول الصلاة أن لا ثواب له فيها وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه، كالصلاة في الدار المغصوبة تسقط الفرض ولا ثواب فيها، انتهى، وكذا الحج بمال حرام "علي القاري"(5).

550 -

(حدثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي رزين) لقيط بن صبرة، (عن ابن أم مكتوم) هو عمرو (أنه) أي ابن أم مكتوم (سأل النبي -صلي الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني رجل ضرير البصر)

(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: روى عن مغراء أبو إسحاق".

(2)

"بدائع الصنائع"(1/ 384).

(3)

قال ابن رسلان: اتفقوا على أنها لا رخصة في ترك الجماعة إلَّا من عذر سواء قلنا سنَّة أو فرض عين أو كفاية، ومعناه: سقوط الإِثم على الفرضية، وسقوط الكراهة على السنيَّة، وليس المعنى أنه يحصل له الأجر، وقطع النووي بأنه لا يحصل له الأجر، نعم إذا اعتاده وحبسه عذر، فينبغي أن يحصل له الفضل، مختصرًا. (ش).

(4)

"شرح صحيح مسلم"(7/ 486).

(5)

"مرقاة المفاتيح"(3/ 60).

ص: 386

شَاسِعُ الدَّارِ، وَلِى قَائِدٌ لَا يُلَاوِمُنِى (1)، فَهَلْ لِى رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّىَ فِى بَيْتِى؟ قَالَ:«هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ » قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» . [جه 792، حم 3/ 423، ك 1/ 247، خزيمة 1480]

===

أي أعمى (شاسع الدار) أي بعيد الدار عن المسجد، (ولي قائد) القائد: من يقول دابة أو إنسانًا بأخذ زمامها وبأخذ يده (لا يلاومني) قال الخطابي (2): هكذا يروى في الحديث، والصواب: لا يلائمني أي لا يساعدني ولا يوافقني، وأما الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه.

(فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ ) وأترك الصلاة في المسجد (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تسمع النداء؟ ) أي الأذان (قال) أي ابن أم مكتوم: (نعم) أي أسمع الأذان (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أجد لك رخصة).

فإن قلت: هذا الحديث يعارض (3) قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} (4) الآية، وقوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (5)، وأيضًا أجمع المسلمون على أن المعذور لا يجب عليه حضور المسجد، فكيف لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم مع أنه كان عذره بينًا؟ .

قلت: أجيب عنه بأن معنى قوله: "لا أجد لك رخصة" أي في إحراز فضيلة الجماعة (6)، ويمكن أن يكون هذا الأمر في بدء الإِسلام، فلما نزل الآية بالخروج عن العذر ارتفع الحكم أو يكون (7) خاصة به، فإنها واقعة عين فلا تعم.

(1) وفي نسخة: "لا يلائمني".

(2)

"معالم السنن"(1/ 215).

(3)

وأيضًا يخالف الإِجماع في الرخصة للعمي، "ابن رسلان". (ش).

(4)

سورة النور: الآية 61.

(5)

سورة الحج: الآية 78.

(6)

وبه قال ابن رسلان، أو علم عليه الصلاة والسلام أنه لا يحتاج إلى القائد للحذاقة أو للاعتياد، "ابن رسلان". (ش).

(7)

وهو الأوجه. (ش).

ص: 387

551 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِى الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمَدِينَةَ كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ وَالسِّبَاعِ،

===

551 -

(حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء) الثعلبي، أبو موسى الموصلي، نزيل الرملة، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال الحافظ: وقال مسلمة بن قاسم: ثقة، مات بعد سنة 250 هـ.

(ثنا أبي) زيد بن أبي الزرقاء يزيد، الثعلبي بمثلثة وسكون عين مهملة، منسوب إلى ثعلبة بن ثور، الموصلي، أبو محمد، نزيل الرملة، قال ابن معين: ليس به بأس، كان عنده "جامع سفيان" رأيته بمكة، وقال ابن عمار الموصلي: لم أر مثل هؤلاء الثلاثة في الفضل: المعافى بن عمران، وزيد بن أبي الزرقاء، وقاسم الجرمي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أحمد: صالح، ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ثقة، وكذا قال ابن معين في رواية الدوري، مات سنة 194 هـ.

(ثنا سفيان) الثوري، (عن عبد الرحمن بن عابس) بموحدة ومهملة، ابن ربيعة النخعي الكوفي، قال ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والعجلي: ثقة، ووثَّقه ابن نمير وابن وضَّاح، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 119 هـ.

(عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن المدينة كثيرة الهوام) بتشديد الميم جمع هامة، وهي كل ذات سم يقتل، وما يسم ولا يقتل فسامة كالعقرب والزنبور، وقد يقع الهامة على ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل (والسباع) جمع سبع، هو ما يفترس الحيوان ويأكله قهرًا كالأسد والذئاب وغيرها، أي فهل تجد لي من رخصة؟

ص: 388

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَسْمَعُ (1): حَيَّ عَلَى الصلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ؟ فَحَيَّ هَلًا". [ن 851، ك 1/ 246]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ، عن سُفْيَانَ (2).

===

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تسمع حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح) أي الأذان، إنما خص اللفظان لما فيهما من معنى الطلب، قال أي ابن أم مكتوم: نعم، أسمع الأذان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فحيَّ هلا) كلمة حث واستعجال بمعنى أحب.

(قال أبو داود: وكذا) أي مثل ما روى زيد بن أبي الزرقاء عن سفيان (رواه القاسم الجرمي عن سفيان) وهو قاسم بن يزيد الجرمي، أبو يزيد الموصلي الزاهد، قال أبو حاتم: صالح وهو ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وعن أحمد: ما علمت إلَّا خيرًا، وقال أبو زكريا الأزدي في "تاريخ الموصل": كان فاضلًا ورعًا حسنًا، رحل في طلب العلم، وكان حافظًا للحديث متفقهًا، وكان يقال: إنه من الأبدال، توفي سنة 194 هـ، وفي بعض النسخ بعد قوله:"عن سفيان": "ليس في حديثه حَىَّ هلا".

وقد أخرج النسائي (3) رواية القاسم بن يزيد الجرمي عن سفيان من طريق عبد الله بن محمد بن إسحاق، فذكر فيها "فحيَّ هلا"، ولم يرخص له، فما قال أبو داود: ليس في حديثه حَيَّ هلا، فلعل هذا اللفظ لا يكون في الحديث الذي بلغ إلى المصنف، ويكون فيما وصل إلى النسائي، فالقاسم الجرمي ذكر هذا اللفظ في حديثه مرة، ولم يذكره مرة أخرى.

(1) وفي نسخة: "أتسمع"، وفي نسخة: ، "هل تسمع".

(2)

زاد في نسخة: "ليس في حديثه حَىَّ هلا".

(3)

"سنن النسائي"(2/ 109 - 110)، وانظر أيضًا:"السنن الكبرى"(3/ 58).

ص: 389