الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ
659 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فِى الصُّفُوفِ الْمُقَدَّمَةِ، فَحَدَّثَنَا عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرْفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ " قُلْنَا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ
===
"فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر لمكان السجود"، قال الحافظ في "الفتح" (1): واستدل به على إجازة السجود على الثوب المتصل بالمصلي، قال النووي: وبه قال (2) أبو حنيفة والجمهور، وحمله الشافعي على الثوب المنفصل، انتهى.
(96)
(بَابُ تَسْوِيَةِ (3) الصُّفُوفِ)
أي: في الصلاة
659 -
(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا زهير) بن معاوية (قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة) أي في تسويتها، (فحدثنا) أي الأعمش (عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة) بفتح الطاء والراء والفاء، الطائي المسلي بضم الميم وسكون المهملة، نسبة إلى مسلية، قبيلة من مذحج، ومحلة لهم بالكوفة، وثَّقه النسائي وأبو داود والعجلي.
(عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تصفُّون كما تصفُّ الملائكة عند ربهم؟ ) أي في السماء (قلنا: وكيف تصف الملائكة عند
(1)"فتح الباري"(1/ 493).
(2)
ومالك وأحمد في رواية. "ابن رسلان". (ش).
(3)
قال العيني: هو اعتدال القائمين وسد الخلل، وستأتي المذاهب في آخر هذا الباب. [انظر:"عمدة القاري"(4/ 353)]. (ش).
رَبِّهِمْ؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْمُقَدَّمَةَ وَيَتَرَاصُّونَ فِى الصَّفِّ» . [م 430، ن 816، جه 992، حم 5/ 93 - 101، ق 3/ 101]
665 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِى زَائِدَةَ، عَنْ أَبِى الْقَاسِمِ الْجَدَلِىِّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» ثَلَاثًا، «وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ»
===
ربهم؟ قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يتمون الصفوف المقدمة) أي المتقدمة، ومعنى إتمامها أن يكمل الصف الأول ثم الثاني ثم الثالث (ويتراصُّون في الصف).
قال في "القاموس": رصَّه: ألزق بعضه ببعض، وضَمَّ، أي يضمون بعضهم ببعض حتى لا يبقى بينهم فرج، ومناسبة الحديث بالباب بأن تلاصق بعضهم ببعض، وتضامَّهم يستلزم تسوية صفوفهم.
660 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي القاسم الجدلي)(1) هو الحسين بن الحارث الكوفي، قال ابن المديني: معروف، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد صحح الدارقطني حديثه عن الحارث بن حاطب، وابن حبان حديثه عن النعمان بن بشير.
(قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقيموا صفوفكم ثلاثًا) أي قال هذه الكلمة ثلاثًا (والله لتقيمن) أي لتسون (صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم).
قال القاري (2): أي أهويتها وإراداتها، قال الطيبي: وفي الحديث
(1) لعله نسبة إلى جديلة قبيلة من طيء. "ابن رسلان". (ش).
(2)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 69).
قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ، وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ. [حم 4/ 276، م 438، خزيمة 160، ق 3/ 100، قط 1/ 238]
===
أن القلب تابع للأعضاء، فإذا اختلفت اختلف، وإذا اختلف فسد ففسدت الأعضاء، لأنه رئيسها، قلت: القلب ملك مطاع، ورئيس متبع، والأعضاء كلها تبع له، فإذا صلح المتبوع صلح التبع، وإذا استقام الملك استقامت الرعية.
وبين ذلك الحديث المشهور: "ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد، ألا وهي القلب"(1).
فالتحقيق في هذا المقام أن بين القلب والأعضاء تعلقًا عجيبًا، وتأثيرًا غريبًا، بحيث إنه يسري مخالفة كل إلى الآخر وإن كان القلب مدار الأمر إليه، ألا ترى أن تبريد الظاهر يؤثر في الباطن، وكذا بالعكس، وهو أقوى، انتهى.
(قال) أي نعمان بن بشير: (فرأيت الرجل) أي من الصحابة المصلين بالجماعة بعد صدور ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم (يلزق) أي يلصق (منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه)(2) ولعل المراد بالإلزاق المحاذاة، فإن إلزاق الركبة بالركبة، والكعب بالكعب في الصلاة مشكل، وأما إلزاق المنكب بالمنكب فمحمول على الحقيقة.
(1) أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).
(2)
زعم بعض الناس أنه على الحقيقة، وليس الأمر كذلك، بل المراد مبالغة الراوي في تعديل الصفوف وسدِّ الخلل، كما في "فتح الباري"(2/ 176). و"العمدة"(2/ 294). وهذا يردّ على الذين يدَّعون العمل بالسنَّة حيث يجتهدون في إلزاق كعابهم بكعاب القائمين في الصف ويفرجون جدًا للتفريج بين قدميهم بما يؤدي إلى تكلف وتصنُّع، وقد وقعوا فيه لعدم تنبههم للغرض، لجهودهم بظاهر الألفاظ، "معارف السنن"(1/ 292).
661 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم (1) يُسَوِّينَا فِى الصُّفُوفِ كَمَا يُقَوَّمُ الْقِدْحُ (2)، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنْ (3) قَدْ أَخَذْنَا ذَلِكَ عَنْهُ وَفَقِهْنَا (4) أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ بِوَجْهِهِ إِذَا رَجُلٌ مُنْتَبِذٌ بِصَدْرِهِ فَقَالَ:«لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» . [خ 717، م 438، ت 227، ن 810، جه 994، حم 4/ 276]
===
661 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول) أي النعمان: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوينا في الصفوف كما يُقوَّم) أي يُسوَّى (القدح) وهو خشب السهم إذا بَرَى وأصلح قبل أن يركب فيه النصل والريش، (حتى إذا ظن أن قد أخذنا) أي تعلمنا (ذلك) أي تسوية الصفوف (عنه وفقهنا) أي فهمنا ذلك منه (أقبل) أي التفت إلينا (ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره) أي متفرد بتقديم صدره وإخراجه من مساواة الصف، (فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم).
قال النووي (5): قيل: معناه يمسخها ويحولها عن صورها لقوله صلى الله عليه وسلم: "يجعل الله تعالى صورته صورة حمار"، وقيل: يغير صفاتها، والأظهر - والله أعلم- أن معناه: يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلات القلوب، كما يقال: تغير وجه فلان عليَّ، أي ظهر لي من وجهه كراهة لي وتغير قلبه عليَّ، لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن، انتهى.
(1) وفي نسخة: "رسول الله".
(2)
وفي نسخة: "القداح".
(3)
وفي نسخة: "أنا".
(4)
وفي نسخة: "صففنا".
(5)
"شرح صحيح مسلم"(2/ 394).
662 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ وَأَبُو عَاصِمِ بْنِ جَوَّاسٍ الْحَنَفِىُّ، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ الْيَامِىِّ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ، يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا وَيَقُولُ:«لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» ، وَكَانَ (2) يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ» . [ن 811، دي 1264، حم 4/ 296، خزيمة 1556، ك 1/ 573]
663 -
حَدَّثَنَا (3) ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ - يعني ابْنُ الْحَارِثِ -، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى صَغِيرَةَ -،
===
662 -
(حدثنا هناد بن السري وأبو عاصم بن جواس) بفتح الجيم وتشديد الواو آخره مهملة، أحمد (الحنفي) الكوفي، ثقة، مات سنة 238 هـ، (عن أبي الأحوص) سلام، (عن منصور) بن المعتمر، (عن طلحة اليامي، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب قال) أي البراء: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف) أي يدخل خلال الصفوف (من ناحية إلى ناحية) أي فيمشي من ناحية الصف إلى ناحية أخرى (يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا) أي بالتقدم والتأخر (فتختلف قلوبكم) أي أهويتها وإراداتها (وكان) صلى الله عليه وسلم (يقول: إن الله عز وجل وملائكته يصلون) أي يرحم الله ويدعون (على الصفوف الأُوَل) أي لأهل الصف الأول فالأول على ترتيب الصفوف.
663 -
(حدثنا ابن معاذ، ثنا خالد -يعني ابن الحارث-، ثنا حاتم- يعني ابن أبي صغيرة-) بمهملة ومعجمة مكسورة، ابن مسلم، أبو يونس القشيري، وقيل: الباهلي مولاهم، البصري، وأبو صغيرة أبو أمه، وقيل: زوج أمه،
(1) وفي نسخة: "الأيامي".
(2)
زاد في نسخة: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(3)
زاد في نسخة: "عبيد الله".
عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّى - يعني صُفُوفَنَا - إِذَا قُمْنَا لِلصَّلَاةِ فَإِذَا (1) اسْتَوَيْنَا كَبَّرَ". [مضى برقم 660]
664 -
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ (2) - وَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ أَتَمُّ -، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِى الزَّاهِرِيَّةِ،
===
وثَّقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وابن سعد، وعن أحمد: ثقة ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن سماك قال: سمعت النعمان بن بشير قال) أي النعمان: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي يعني صفوفنا) زاد لفظ "يعني" إشارة إلى أن الراوي لم يحفظ اللفظ، ولكن معناه صفوفنا، وهو كلام أحد من الرواة (إذا قمنا (3) للصلاة، فإذا استوينا أكبر) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم للإحرام.
664 -
(حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي) مولاهم، أبو موسى المصري، قال النسائي: لا بأس به، قال الطحاوي: وهو أبي من الرضاعة، قال ابن يونس: كان ثقة ثبتًا، وقال مسلمة بن قاسم: مصري ثقة، وقال ابن أبي حاتم: هو شيخ مجهول.
(ثنا ابن وهب، ح وحدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث- وحديث ابن وهب أتم-) أي من حديث الليث، (عن معاوية) أي كلاهما عن معاوية (بن صالح، عن أبي الزاهرية (حدير بضم الحاء المهملة وفتح الدال المهملة وسكون تحتية
(1) وفي نسخة: "إذا".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(3)
والقيام إلى الصلاة يكون بعد الإِقامة، فالتسوية بعد الإِقامة بالأولى، وهذا هو المشهور، وذهب بعض أصحابنا إلى أن يسويها في أواخر الإِقامة، فإذا تمت الإِقامة أكبر، وهو خلاف النص. "ابن رسلان". (ش).
عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - قَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ أَبِى الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِى شَجَرَةَ، لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عُمَرَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ، وَلِينُوا بِأَيْدِى إِخْوَانِكُمْ» - لَمْ يَقُلْ عِيسَى «بِأَيْدِى إِخْوَانِكُمْ» - «وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ
===
فراء، ابن كريب مصغرًا، الحضرمي الحمصي، وثَّقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي، وقال الدارقطني: لا بأس به إذا روى عنه ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن كثير بن مرة) الحضرمي الرهاوي، أبو شجرة، وثَّقه ابن سعد والعجلي، وقال النسائي: لا بأس به، وقال ابن خراش: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، (عن عبد الله بن عمر، قال قتيبة: عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة لم يذكر ابن عمر) وهذا قول أبي داود، حاصل كلامه أن قتيبة رواه عن أبي الزاهرية، فذكر شيخه كثير بن مرة بكنيته، ولم يذكر ابن عمر فروايته مرسلة، فخالف عيسى في أمرين، فإنه ذكره باسم علمه، وذكر ابن عمر فذكره موصولًا.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا الصفوف) والمراد بإقامة الصفوف تسويتها واعتدالها وسد الخلل فيها (وحاذوا بين المناكب) قال في "المجمع"(1): وحاذوا بالأعناق بأن لا يقف أحد مكانًا أرفع من مكان آخر، ولا عبرة بنفس الأعناق، إذ ليس على الطويل أن يجعل عنقه محاذيًا لعنق القصير.
(وسدوا الخلل) أي ليضم بعضكم بعضًا (ولينوا بأيدي إخوانكم) أي إذا وضع اليد عليكم للتقدم والتأخر، فلينوا له (2) وانقادوا ولا تستنكفوا منه (لم يقل عيسى: بأيدي إخوانكم) وذكره قتيبة فقط (ولا تذروا) أي لا تتركوا (فرجات)
(1)(1/ 476).
(2)
وهذا أولى وأليق بما قاله الخطابي: إن معنى لين المنكب: السكون والخشوع. "ابن رسلان". (ش).
لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ». [حم 2/ 97، كاملاً. ن 819، ك 1/ 213، خزيمة 1549، مختصرًا]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو شَجَرَةَ: كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ. (1). (2)
665 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا،
===
أي بين الصف (للشيطان) أي لدخوله فيه، فإنه إذا بقي فرجة بين الصف يدخله الشيطان كأنها الحذف، كما سيأتي في الحديث الآتي، (ومن وصل صفًا وصله الله) أي برحمته (ومن قطع صفًا قطعه الله) أي عن رحمته.
(قال أبو داود: أبو شجرة) اسمه (كثير بن مرة).
665 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا أبان) العطار، (عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رُصُّوا صفوفكم) الرص ضم البعض إلى البعض مثل لبنات الجدار، أي كونوا في الصف كأنه بنيان مرصوص، (وقاربوا بينها) أي بين الصفوف، أي لا تفصلوا بين الصفوف فصلًا كثيرًا، وقد صرح الحنفية بشرطية اتحاد المكان لجواز الصلاة.
قال في "البدائع"(3): ومنها اتحاد مكان الإِمام والمأموم، لأن الاقتداء يقتضي التبعية في الصلاة، والمكان من لوازم الصلاة، فيقتضي التبعية في المكان ضرورة، وعند اختلاف المكان تنعدم التبعية في المكان، فتنعدم التبعية في الصلاة لانعدام لازمها، ولأن اختلاف المكان يوجب خفاء حال الإِمام على المقتدي، فتتعذر عليه المتابعة التي هي معنى الاقتداء، حتى إنه
(1) زاد في نسخة: "قال يزيد بن حبيب: أدرك كثير بن مرة سبعين بدريًا".
(2)
وفي "عون المعبود"(2/ 366) زيادة في آخر الحديث: "قال أبو داود: ومعنى "لينوا بأيدي إخوانكم": إذا جاء رجل إلى الصف، فذهب يدخل فيه، فينبغي أن يُلين له كل رجل منكبيه، حتى يدخل في الصف".
(3)
(1/ 361).
وَحَاذُوا بِالأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنِّى لأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ». [ن 815، ق 3/ 100، خزيمة 1545]
666 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِىُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» . [خ 723، م 433، جه 993، ق 3/ 100]
===
لو كان بينهما طريق عام يمر فيه الناس أو نهر عظيم لا يصح الاقتداء.
وأصله ما روي عن عمر موقوفًا ومرفوعًا أنه قال: "من كان بينه وبين الإِمام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له"، انتهى.
(وحاذوا بالأعناق) أي ليجعل كل واحد منكم عنقه محاذية بعنق صاحبه (فوالذي نفسي بيده إني لأرى (1) الشيطان يدخل من خلل الصف) أي في فرجاته (كأنها) أي الشيطان (الحذف) قال في "المجمع"(2): ضمير "كأنها" إلى مقدر، أي جعل نفسه شاة أو ماعزة، ويجوز تأنيثه باعتبار الحذف، وفي "القاموس": والحذف محركة: غنم سود صغار حجازية أو جرشية بلا أذناب ولا آذان، وهذا القول يتفرع على قوله: رصّوا.
666 -
(حدثنا أبو الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب قالا: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال) أي أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام (3) الصلاة) أي من حسنها وكمالها، وفي لفظ البخاري:"من إقامة الصلاة"، واستدل ابن حزم بذلك على وجوب التسوية قال: لأن إقامة
(1) وفي نسخ معتمدة: "لا أرى" بزيادة الألف، فإن صح فمحمول على الزيادة كقوله تعالى:{لَا أُقْسِمُ} ، "ابن رسلان". (ش).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 475).
(3)
قال ابن رسلان: فيه قرينة صارفة للأوامر عن الوجوب خلافًا لمن أوجبه كابن حزم وغيره، قال القاضي عياض: معنى تمام الصلاة وحسنها وكمالها واحد. (ش).
667 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ السَّائِبِ صَاحِبِ الْمَقْصُورَةِ قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ تَدْرِى لِمَ صُنِعَ هَذَا الْعُودُ؟
===
الصلاة واجبة، وكل شيء من الواجب واجب، واستدل ابن بطال بما في البخاري من حديث أبي هريرة:"فإن إقامة الصف من حسن الصلاة" على أن التسوية سنَّة، قال: لأن حسن الشيء زيادة على كماله، وقال ابن دقيق العيد: قد يؤخذ من قوله: "تمام الصلاة" الاستحباب، لأن تمام الشيء في العرف أمر خارج عن حقيقته التي لا يتحقق إلَّا بها، وإن كان يطلق بحسب الوضع على ما لا تتم الحقيقة إلَّا به، قاله في "النيل"(1).
قال العيني (2): ولا خفاء في أن تسوية الصف ليست من حقيقة الصلاة، وإنما هي من حسنها وكمالها، وإن كانت هي في نفسها سنَّة أو واجبة (3) أو مستحبة على اختلاف الأقوال.
667 -
(حدثنا قتيبة، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي، قال أحمد: ضعيف الحديث، لم أر الناس يحمدون حديثه، وعن ابن معين: ضعيف، وقال مرة: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: صدوق كثير الغلط ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة) المدني، ذكره ابن حبان في "الثقات" (قال) أي محمد:(صليت إلى جنب أنس بن مالك يومًا فقال: هل تدري لِمَ صُنِعَ هذا العود؟ )(4)، وأشار إلى العود الذي كان في
(1)"نيل الأوطار"(3/ 223).
(2)
"عمدة القاري"(4/ 357).
(3)
وأفرط ابن حزم فقال: شرط يبطل الصلاة بفوتها، كذا في "الأوجز"(3/ 296). (ش).
(4)
قال ابن رسلان: إشارة إلى عود مُعَدٍّ لتسوية الصفوف. (ش).
فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ عَلَيْهِ يَدَهُ فَيَقُولُ (1): «اسْتَوُوا وَاعَدِلُوا صُفُوفَكُمْ» . [حم 3/ 154، ق 2/ 22]
668 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَنَسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ:«اعْتَدِلُوا، سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» ، ثُمَّ أَخَذَهُ بِيَسَارِهِ فَقَالَ:«اعْتَدِلُوا، سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» . [انظر سابقه]
===
المسجد النبوي (فقلت: لا والله) أي لا أعلم لِمَ صُنِعَ هذا؟ (قال) أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع عليه يده (2) فيقول: استووا) أي اعتدلوا (واعدلوا) أي سووا (صفوفكم).
668 -
(حدثنا مسدد، ثنا حميد بن الأسود) بن الأشقر البصري، أبو الأسود الكرابيسي، وثَّقه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: ليس به بأس، وقال الساجي والأزدي: صدوق، وقال أحمد: سبحان الله! ما أنكر ما يجيء به، وكان عفان يحمل عليه، وأخرجه البخاري مقرونًا بغيره في الموضعين.
(ثنا مصعب بن ثابت، عن محمد بن مسلم، عن أنس بهذا الحديث) أي بمعنى الحديث المتقدم، ولفظه (قال) أنس:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه) أي هذا العود (بيمينه) أي بيده اليمنى (ثم التفت) إلى أهل اليمين في الصف (فقال: اعتدلوا) أي استووا (سووا صفوفكم) أي أعدلوا، (ثم أخذه بيساره) أي بيده اليسرى (فقال: اعتدلوا سووا صفوفكم).
(1) وفي نسخة: "فقال".
(2)
حين يسوي الصفوف، "ابن رسلان". (ش).
669 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ - يَعْنِى ابْنَ عَطَاءٍ -، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ (1)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِى يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِى الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ» . [ن 818، حم 3/ 132، ق 3/ 101]
670 -
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَمِّى عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
669 -
(حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، ثنا عبد الوهاب - يعني ابن عطاء -، عن سعيد) بن أبي عروبة، (عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتموا) أي أكملوا (الصف المقدم) أي الأول (2)(ثم الذي) أي الصف الذي (يليه) أي يتصل بالأول وهو الثاني (فما كان من نقص) أي نقصان لقلة الرجال (فليكن) أي النقص (في الصف المؤخر).
670 -
(حدثنا ابن بشار) محمد، (ثنا أبو عاصم، ثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان) حجازي، قال ابن المديني: مجهول، ما روى عنه غير أبي عاصم، وقال ابن القطان: مجهول الحال، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(قال: أخبرني عمي عمارة بن ثوبان) حجازي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عبد الحق: ليس بالقوي، فرد ذلك عليه ابن القطان، وإنما هو مجهول الحال، وقال في "الخلاصة": وثَّقه ابن حبان.
(عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) زاد في نسخة: "ابن مالك".
(2)
واختلف العلماء في تفسير الصف الأول، أجملها ابن رسلان، وللعلامة محمد حسن رسالة وجيزة في أحكام الصفوف. (ش).