المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(46) باب: في الصلاة تقام ولم يأت الإمام، ينتظرونه قعودا - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(46) باب: في الصلاة تقام ولم يأت الإمام، ينتظرونه قعودا

عن مُجَاهِدٍ قَالَ: "كُنْتُ مَعَ ابْنِ (1) عُمَرَ، فَثَوَّبَ رَجُلٌ في الظُّهْرِ أَو الْعَصْرِ قَالَ (2): اخْرُجْ بِنَا، فَإِنَّ هَذ بِدْعَةٌ". [عب 1832، ت (بعد حديث) 198]

(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

537 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا:

===

وعن ابن معين: في حديثه ضعف، وعنه: ثقة، وقال النسائي: ليس بالقوي، قال الحافظ: قال الأثرم عن أحمد: روى إسرائيل عن أبي يحيى القتات أحاديث مناكير جدًا كثيرة، وأما حديث سفيان عنه فمقارب، وقال ابن سعد: أبو يحيى القتات فيه ضعف، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال البزار: لا نعلم به بأسًا وهو كوفي معروف، وقال ابن حبان: فحش خطؤه وكثر وهمه حتى سلك كير مسلك العدول في الروايات.

(عن مجاهد) بن جبر (قال) أي مجاهد: (كنت مع ابن عمر) في مسجد قد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، (فثوب رجل في الظهر أو العصر) شك من الراوي، (قال) أي ابن عمر:(اخرج بنا) قال ذلك لأنه كف بصره في آخر عمره (فإن هذه) أي الخصلة أو الفعلة (بدعة) أي في الدين، قال الترمذي (3): وإنما كره عبد الله بن عمر التثويب الذي أحدثه الناس.

(46)

(بَابٌ: في الصَّلاةِ تُقَامُ ولَمْ يَأْتِ الإمَام، يَنْتَظِرُونَه قعودًا)

أي: ولا ينتظرونه قيامًا

537 -

(حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا:

(1) وفي نسخة: "عبد الله بن عمر".

(2)

وفي نسخة: "فقال".

(3)

"سنن الترمذي"(1/ 382).

ص: 363

ثنَا أَبَانُ، عن يَحْيَى، عن عَبْدِ الله بْنِ أَبِي قتَادَةَ، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوني".

===

ثنا أبان) بن يزيد العطار، (عن يحيى) بن أبي كثير، (عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه) أبي قتادة، (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة) أي نودي بألفاظ الإقامة للصلاة (فلا تقوموا) منتظرين للصلاة (حتى تروني) أي تبصروني خرجت.

قال الحافظ في "الفتح"(1): قال القرطبي: ظاهر الحديث أن الصلاة كانت تقام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته، وهو معارض لحديث جابر بن سمرة "أن بلالًا كان لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم"، أخرجه مسلم، ويجمع بينهما بأن بلالًا كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم، فأول ما يراه يشرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس، ثم إذا رأوه قاموا فلا يقوم في مكانه حتى تعتدل صفوفهم.

قلت: ويشهد له ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب "أن الناس كانوا ساعة يقول المؤذن: الله أكبر يقومون إلى الصلاة، فلا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم مقامه حتى تعتدل الصفوف"، وأما حديث أبي هريرة ولفظه في "مستخرج أبي نعيم":"فصف الناس صفوفهم ثم خرج علينا"، ولفظه عند مسلم:"أقيمت الصلاة فقمنا، فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى فقام مقامه"، الحديث، وعنه في رواية أبي داود:"أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يجيء النبي صلى الله عليه وسلم"، فيجمع بينه وبين حديث أبي قتادة بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز (2)، وبأن صنيعهم في حديث أبي هريرة كان سبب النهي عن ذلك في حديث أبي قتادة، وأنهم كانوا يقولون ساعة تقام الصلاة ولو لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل

(1)"فتح الباري"(2/ 120).

(2)

أو يقال: إن المراد بالخروج هي الخروج من الصفوف إلى مقامه في المصلَّى، وهو الأوفق بالألفاظ الآتية في الرواية الآتية. وراجع إلى "عارضة الأحوذي"(3/ 75) و"الأوجز"(2/ 46). (ش).

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يبطئ فيه عن الخروج فيشقُّ عليهم انتظاره، ولا يرد هذا حديث أنس الآتي أنه قام في مقامه طويلًا في حاجة بعض القوم، لاحتمال أن يكون ذلك وقع نادرًا أو فعله لبيان الجواز.

قال العيني في شرحه على البخاري (1): وقد اختلف متى يقوم الناس إلى الصلاة؟ فذهب مالك وجمهور العلماء إلى أنه ليس لقيامهم حد، ولكن استحب عامتهم القيام إذا أخذ المؤذن في الإقامة، وكان أنس -رضي الله تعالى عنه - يقوم إذا قال المؤذن:"قد قامت الصلاة" وكبر الإِمام، وعن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز إذا قال المؤذن:"الله أكبر" وجب القيام، وإذا قال:"حَيَّ على الصلاة" اعتدلت الصفوف، وإذا قال:"لا إله إلَّا الله" كبر الإِمام.

وذهبت عامة العلماء إلى أنه لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، وفي "المصنف": كره هشام بن عروة أن يقوم حتى يقول المؤذن: "قد قامت الصلاة"، وعن يحيى بن وثاب: إذا فرغ المؤذن أكبر، وكان إبراهيم يقول: إذا قامت الصلاة كبر.

ومذهب الشافعية وطائفة أنه يستحب أن لا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، وهو قول أبي يوسف، وعن مالك - رحمه الله تعالى-: السنَّة في الشروع في الصلاة بعد الإقامة وبداية استواء الصف، وقال أحمد: إذا قال المؤذن: "قد قامت الصلاة" يقوم، وقال زفر: إذا قال المؤذن: "قد قامت الصلاة" مرة قاموا، وإذا قال ثانيًا افتتحوا.

وقال أبو حنيفة ومحمد: يقومون في الصف إذا قال: "حَيَّ على الصلاة" فإذا قال: "قد قامت الصلاة" كبَّر الإِمام، لأنه أمين الشرع، وقد أخبر بقيامها فيجب تصديقه، وإذا لم يكن في المسجد فذهب الجمهور إلى أنه لا يقومون حتى يروه.

(1)"عمدة القاري"(4/ 215).

ص: 365

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ أَيُّوبُ وَحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عن يَحْيَى، وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائيُّ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى

===

(قال أبو داود: وهكذا) أي مثل ما رواه أبان العطار بصيغة عن (رواه أيوب) السختياني (وحجاج الصواف) هو ابن أبي عثمان، أبو الصلت بمهملة مفتوحة وسكون لام، الكندي مولاهم، البصري، واسم أبي عثمان ميسرة، وقيل: سالم، قال يحيى القطان: وهو فطن صحيح كيس، وثَّقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والترمذي والنسائي والعجلي وأبو بكر البزار وابن سعد وابن خزيمة، وقال يزيد بن زريع: ليس به بأس، مات سنة 143 هـ.

(عن يحيى) أي بلفظة "عن"، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" رواية حجاج الصواف (1)، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة وعبد الله بن أبي قتادة.

قلت: وهكذا روى همام بن يحيى عن يحيى بن أبي كثير بلفظة "عن" أخرجه أحمد في "مسنده"، ولم أجد رواية أيوب في ما تتبعت من الكتب (2).

(وهشام الدستوائي)(3) مرفوع بالابتداء خبر، (قال: كتب إليَّ يحيى) حاصل هذا الكلام أن هشامًا الدستوائي خالف أباناً العطار وأيوب وحجاجًا وهمامًا، ولم يذكر بلفظة "عن" كما رووا، بل روى بصيغة "كتب إليَّ"، وظاهره (4) يدل على أنه لم يسمعه منه (5).

(1) وأخرجه روايته أيضًا أحمد (5/ 296 - 303)، والنسائي (2/ 81)، وابن خزيمة (3/ 14) رقم (1526)، وابن حبان (5/ 600) رقم (2222).

(2)

أما رواية أيوب فوصلها أبو عوانة (2/ 72)، والطبراني في "الأوسط"(8/ 244) رقم (8527)، وأبو نعيم في "مستخرجه" على "صحيح مسلم"(2/ 201) رقم (1341).

(3)

كان يبيع الثياب الدستوائية. (ش).

(4)

وكذا شرحه ابن رسلان. (ش).

(5)

ورواية هشام الدستوائي أخرجها أحمد (5/ 309)، والدارمي (1/ 205) رقم (1261)، والبخاري (637)، ومسلم (604)، والنسائي (2/ 81).

ص: 366

وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ وَعَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، وَقَالَا فِيهِ:«حَتَّى تَرَوْنِى وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ» . [خ 637، م 604، ن 687، ت 592، حم 5/ 307، ق 2/ 220]

538 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ:«حَتَّى تَرَوْنِى قَدْ خَرَجْتُ» . [انظر تخريج الحديث السابق]

===

(ورواه معاوية بن سلام وعلي بن المبارك)(1) الهنائي بضم الهاء وفتح النون، نسبة إلى هناة بن مالك البصري، قال صالح بن أحمد عن أبيه: ثقة، ووثَّقه ابن معين ويعقوب بن شيبة وأبو داود، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثَّقه ابن المديني وابن نمير والعجلي.

(عن يحيى) بن أبي كثير (وقالا) أي معاوية وعلي (فيه)

أي في الحديث المذكور: (حتى تروني وعليكم السكينة) فزاد لفظة "وعليكم السكينة" على رواية أبان وأيوب وحجاج وهشام، والحاصل أن المصنف ذكر الاختلاف الواقع في السند أولًا، ثم الاختلاف الواقع في المتن ثانيًا.

538 -

(حدثنا إبراهيم بن موسى، أنا عيسى) بن يونس، (عن معمر) بن راشد، (عن يحيى بإسناده) أي بإسناد الحديث المتقدم، أو الضمير رجع إلى يحيى، أي بإسناد يحيى المتقدم (مثله) أي مثل الحديث المتقدم (قال) معمر عن يحيى في حديثه:(حتى تروني قد خرجت) فزاد معمر في حديثه عن يحيى لفظة "قد خرجت".

(1) ورواية معاوية بن سلام أخرجها ابن خزيمة (3/ 71) رقم (1644).

ورواية علي بن المبارك أخرجها أحمد (5/ 310)، والبخاري (909)، وابن حبان (5/ 51) رقم (1755).

ص: 367

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ «قَدْ خَرَجْتُ» إلَّا مَعْمَرٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ، لَمْ يَقُلْ فِيهِ:«قَدْ خَرَجْتُ» .

539 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو. (ح): وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -

===

(قال أبو داود: لم يذكر قد خرجت) أي هذا اللفظ (إلَّا معمر) قلت: قال مسلم بن الحجاج في "صحيحه": وزاد إسحاق في روايته حديث معمر وشيبان "حتى تروني قد خرجت"، فهذا يدل على أن الحصر ممنوع، فإن في حديث شيبان برواية إسحاق بن إبراهيم هذه الزيادة مذكورة.

(ورواه ابن عيينة عن معمر لم يقل فيه: قد خرجت) أخرج مسلم رواية ابن عيينة عن معمر في "صحيحه"(1)، حاصله: أنه اختلف في حديث معمر، فروى عيسى بن يونس عن معمر فزاد فيه لفظة "قد خرجت"، وروى سفيان بن عيينة عن معمر ولم يزد فيه هذا اللفظ.

539 -

(حدثنا محمود بن خالد، ثنا الوليد) بن مسلم القرشي (قال: قال أبو عمرو) الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو.

(ح: وثنا داود بن رشيد) بالتصغير، الهاشمي، أبو الفضل الخوارزمي، كان يحيى بن معين يوثقه، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارقطني: ثقة نبيل، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووهم ابن حزم فقال إثر حديث أخرجه من روايته في كتاب الحدود من "الإيصال": داود بن رشيد ضعيف، مات بعد ما عمي سنة 239 هـ.

(ثنا الوليد، وهذا لفظه) أي لفظ هذا الحديث المذكور لفظ داود بن رشيد، لا لفظ محمود بن خالد، وبين ذلك، لأنه كان بين لفظي حديثهما اختلاف.

(1) رقم الحديث (604).

ص: 368

عنِ الأَوْزَاعِىِّ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ:"أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَقَامَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم". [م 605]

540 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُعَاذٍ (1) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِىَّ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلَاةُ؟ فَحَدَّثَنِى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَعَرَضَ

===

(عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن الصلاة كانت تقام) أي يكبر لها المؤذن ويجهر بالإقامة (لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي وقت مجيئه صلى الله عليه وسلم (فيأخذ الناس مقامهم)(2) أي في الصف (قبل أن يأخذ النبي -صلي الله عليه وسلم-) أي مقامه قدام الصف الأول.

540 -

(حدثنا حسين بن معاذ) بن خليف بالمعجمة، وقيل: بالمهملة مصغرًا، البصري، قال الآجري: كان ثبتًا في عبد الأعلى، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثَّقه مسلمة الأندلسي أيضًا.

(ثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى، (عن حميد) الطويل (قال) أي حميد (3):(سألت ثابتًا البناني عن الرجل يتكلم بعد ما تقام الصلاة؟ ) أي هل (4) يجوز للرجل أن يتكلم بعد أن أكبر المؤذن وأتى بالإقامة ولم يدخل هذا الرجل في حرمة الصلاة أو لا يجوز؟ (فحدثني) أي ثابت (عن أنس بن مالك قال) أي أنس: (أقيمت الصلاة) أي كبر المؤذن (فعرض

(1) زاد نسخة: "بن حليف".

(2)

قال ابن رسلان: فيه جواز الانتظار قائمًا. (ش).

(3)

قال ابن رسلان: ظاهره أن حميدًا أخذه عن ثابت، وعامة أصحابه يروونه عنه عن أنس، وحميد يدلس، فالظاهر أنه ترك الواسطة، وليس في أحد من طرقه رواية حميد عن أنس بالتحديث. (ش).

(4)

ظاهره أن الخلاف في المسألة كان قديمًا. "ابن رسلان". (ش).

ص: 369

لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَحَبَسَهُ بَعْدَمَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ. [خ 643، حم 3/ 199، حب 2035]

===

لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل) ولم يدر (1) اسمه (فحبسه) أي منع ذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدخول في الصلاة بسبب التكلم معه (بعد ما أقيمت الصلاة) أي أتم المؤذن الإقامة للصلاة.

قال الحافظ في "الفتح"(2): وفيه جاز الفصل بين الإقامة والإحرام إذا كان لحاجة، أما إذا كان لغير حاجة فهو مكروه، واستدل به للرد على من أطلق من الحنفية أن المؤذن إذا قال: قد قامت الصلاة وجب على الإِمام التكبير.

قال العيني (3): قلت: إنما كره الحنفية الكلام بين الإقامة والإحرام إذا كان لغير ضرورة، وأما إذا كان الأمر من أمور الدين فلا يكره.

قال في "مراقي الفلاح"(4): ومن الأدب شروع الإِمام إلى إحرامه مذ قيل أي عند قول المقيم: "قد قامت الصلاة" عندهما، وقال أبو يوسف: يشرع إذا فرغ من الإقامة فلو أخر حتى يفرغ من الإقامة لا بأس به في قولهم جميعًا.

وقال الطحطاوي في حاشيته عليه: قوله: إذا فرغ من الإقامة أي بدون فصل، وبه قالت الأئمة الثلاثة، وهو أعدل المذاهب "شرح المجمع"، وهو الأصح "قهستاني" عن "الخلاصة"، وهو الحق "نهر"، ثم قال: قال الشمني: في هذا رد على من قال: إذا قال المؤذن: "قد قامت الصلاة" وجب على الإِمام تكبير الإحرام.

قلت: فحكم وجوب اتصال الإِمام تكبيره بقول المؤذن: "قد قامت الصلاة" ليس بمقبول عند جمهور الحنفية.

(1) قيل: كان كبيرًا في قومه، وأراد أن يتألفه، "ابن رسلان". (ش).

(2)

"فتح الباري"(2/ 124).

(3)

"عمدة القاري"(4/ 221).

(4)

(ص 225).

ص: 370

541 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ السَّدُوسِىُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ كَهْمَسٍ، عَنْ أَبِيهِ كَهْمَسٍ قَالَ: قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ بِمِنًى وَالإِمَامُ لَمْ يَخْرُجْ، فَقَعَدَ بَعْضُنَا، فَقَالَ لِى شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: مَا يُقْعِدُكَ؟ قُلْتُ

===

وفيه جواز تأخير الصلاة عن أول وقتها، وأيضًا قال العيني: وفيه دليل على أن اتصال الإقامة بالصلاة ليس من وكيد السنن، وإنما هو من مستحبها.

541 -

(حدثنا أحمد بن علي بن سويد بن منجوف السدوسي) منسوب إلى جده علي بن سويد، واسم أبيه عبد الله، قال النسائي: صالح، وقال ابن إسحاق الحبال (1): بصري ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 252 هـ.

(ثنا عون بن كهمس) بفتح كاف وميم وسكون هاء بعدها مهملة، ابن الحسن التميمي، أبو يحيى البصري، قال أحمد بن حنبل: لا أعرفه، وقال أبو داود: لم يبلغني إلَّا الخير، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن أبيه كهمس) بن الحسن التميمي، أبو الحسن البصري، قال أحمد: ثقة ثقة، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين، وأبو داود: ثقة، وقال ابن سعد: ثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الساجي: صدوق يهم، ونقل أن ابن معين ضعفه، وتبعه الأزدي في نقل ذلك.

(قال) أي كهمس: (قمنا إلى الصلاة بمنى والإمام لم يخرج) فبطأ الإِمام (فقعد بعضنا) أي كنت فيمن قعد (فقال لي شيخ من أهل الكوفة) لم يدر اسمه: (ما يقعدك؟ ) أي ما الذي أقعدك؟ (قلت) أي قال كهمس: قلت مجيبًا للشيخ:

(1) هكذا في الأصل، و"تهذيب التهذيب"(1/ 48) والظاهر هو أبو إسحاق الحبال، كما في "سير أعلام النبلاء"(18/ 495) و"تذكرة الحفاظ"(3/ 1191).

ص: 371

ابْنُ بُرَيْدَةَ. قَالَ: هَذَا السُّمُودُ، فَقَالَ لِى الشَّيْخُ: حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كُنَّا نَقُومُ فِى الصُّفُوفِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَوِيلاً قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ،

===

(ابن بريدة، قال: هذا السمود)(1) أي أقعدني ابن بريدة، فإنه قال: هذا القيام لانتظار الإِمام هو السمود المنهي عنه، كأن ابن بريدة قال بكراهته، كما روي عن علي -رضي الله تعالى عنه - أنه خرج والناس ينتظرونه للصلاة قيامًا، قال: مالي أراكم سامدين، السامد: المنتصب إذا كان رافعًا رأسه ناصبًا صدره، وقيل: السامد: القائم في تحير، ومنه حديث:"ما هذا السمود؟ " وحكي عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن ينتظر الإِمام قيامًا، يقولون ذلك السمود.

(فقال لي الشيخ: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة) بفتح المهملتين بينهما واو ساكنة ثم الجيم، الهمداني ثم النهمي الكوفي، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وقال ابن المديني عن يحيى بن سعيد: سألت عنه بالمدينة فلم أرهم يحمدونه.

(عن البراء بن عازب قال) أي البراء: كنا نقوم في الصفوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلًا قبل أن يكبر) أي المؤذن، أو قبل أن يكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير التحريم، فثبت بهذا أن القيام في انتظار الإِمام غير منهي عنه، وثبت أن ما قال ابن بريدة من أن هذا السمود المنهي عنه غيرصحيح.

(1) اختلفوا في تفسيره على أقوال ذكرها ابن رسلان، وقال: إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 60 - 61](اورتم (خوف عذاب) روتى نهين هو اور (اطاعت) تكبر كرتى هو)، هو رفع الرأس تكبرًا، كما في "القاموس". "بيان القرآن". (ش).

ص: 372

قَالَ وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَلُونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَمَا مِنْ خَطْوَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ خَطْوَةٍ يَمْشِي (1) بها يَصِلُ بِهَا صَفًّا» . [جه 997، ن 811، دي 1264، حم 4/ 285، خزيمة 1251]

542 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَجِىٌّ (2)

===

قال في "فتح الودود": لا يدل أي حديث البراء على أن قيامهم كان في انتظار النبي صلى الله عليه وسلم، بل يجوز أن يكون بعد حضوره صلى الله عليه وسلم، ولو سلم فإسناد الحديث لا يخلو عن جهالة، إذ الشيخ غير معلوم، فلا يعارض حديث:"لا تقوموا حتى تروني".

(قال) أي عبد الرحمن بن عوسجة: (وقال) أي البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه -: (إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الذين يلون (3) الصفوف الأول) أي يصلون فيها، والمراد بالصلاة الرحمة والدعاء (وما من خطوة) الخطوة بفتح المعجمة المرة، وبالضم بُعد ما بين القدمين في المشي، قال العيني (4): رويناه بفتح الخاء، وقال القرطبي: الرواية بضم الخاء (أحب إلى الله من خطوة يمشي بها يصل بها) أي بالخطوة (صفًا).

542 -

(حدثنا مسدد، ثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس) بن مالك (قال) أي أنس: (أقيمت الصلاة)(5) أي أتى المؤذن الإقامة للصلاة (ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجي) على وزن فعيل، قال في "المجمع": أي مُحَدِّثٌ

(1) وفي نسخة: "يمشيها".

(2)

وفي نسخة: "نجى رجل".

(3)

وفي بعض النسخ: "يصلون الصفوف الأول"، وأكثر الروايات على هذا اللفظ، بسطه ابن رسلان. (ش).

(4)

(3/ 54).

(5)

صلاة العشاء كما هو في رواية مسلم، "ابن رسلان"، ويؤيده النوم. (ش).

ص: 373

في جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ". [خ 642، م 376، ق 2/ 22]

543 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِىُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

===

معه سرًا، وفيه جواز الكلام بعد الإقامة في مُهِمٍّ، ويكره في غيره (في جانب المسجد) أي في ناحية منه (فما قام إلى الصلاة) أي فما فرغ من المناجاة، وما قام بعد الفراغ من المناجاة إلى الصلاة (حتى نام) أي نعس (القوم) قاعدين، أي بعضهم بطول النجوى، والظاهر أنه لم يعد الإقامة ولو أعيدت لنقلت، قال الحافظ (1): زاد شعبة عن عبد العزيز: "ثم قام فصلَّى".

543 -

(حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري) نسبة إلى بيع الجوهر، أبو محمد البصري، مستملي أبي عاصم، لقبه (2) بدعة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مستقيم الحديث، مات سنة 257 هـ، وكذا أرَّخَه ابن قانع، وقال: كان حافظًا، وقال الحافظ في "التقريب": ثقة حافظ.

(أنا أبو عاصم) النبيل، (عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي، مولى آل الزبير، ويقال: مولى أم خالد بنت سعيد بن العاص زوجة الزبير، أدرك ابن عمر وغيره، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا كثير الحديث، وقال في موضع آخر: كان ثقة قليل الحديث، ووثَّقه مالك، ولم يكن بالمدينة أعلم بالمغازي منه، ووثَّقه أحمد وابن معين والعجلي والنسائي وأبو حاتم، قال المفضل الغلابي: سمعت ابن معين يضعفه بعض شيء، وقال الحافظ في "التقريب": لم يصح أن ابن معين لينه، مات سنة 141 هـ، وقيل بعدها.

(عن سالم) بن أبي أمية (أبي النضر قال) أي سالم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)" فتح الباري"(2/ 124).

(2)

كذا في "التهذيب"(5/ 147). (ش).

ص: 374

حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ فِى الْمَسْجِدِ، إِذَا رَآهُمْ قَلِيلاً جَلَسَ، لَمْ يُصَلِّ، وَإِذَا (1) رَآهُمْ جَمَاعَةً صَلَّى".

544 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الزُّرَقِىِّ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - مِثْلَ ذَلِكَ.

===

حين تقام الصلاة في المسجد) أي حين يقرب وقت إقامة الصلاة، أو حين يقيم المؤذن للصلاة (إذا رآهم) أي المصلين (قليلًا) أي لم يحضر منهم إلَّا قليل (جلس، لم يصل) بل ينتظرهم (وإذا رآهم جماعة) أي اجتمعوا أكثرهم (صلَّى).

544 -

(حدثنا عبد الله بن إسحاق، أنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع بن جبير، عن أبي مسعود الزرقي) قال في "تهذيب التهذيب": أبو مسعود (2) الأنصاري الزرقي، روى عن علي بن أبي طالب، وعنه نافع بن جبير، الصواب مسعود بن الحكم، وقال في ترجمته: مسعود بن الحكم بن الربيع بن عامر بن خالد بن عامر بن زريق الزرقي الأنصاري، أبو هارون المدني، روى عن أمه ولها صحبة، وعن عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن حذافة، قال الواقدي: كان ثبتًا مأمونًا ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال ابن عبد البر: ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له قدر، ويعد في جملة التابعين وكبارهم، زاد العسكري: ولم يرو عنه شيئًا، انتهى، فعلى هذا الحديث صحيح، وأما الحديث المتقدم فمرسل.

وقال في "التقريب": أبو مسعود الأنصاري الزرقي مجهول، من الثالثة، وقيل: هو مسعود بن الحكم، وعلى هذا فهذا الحديث بهذا السند أيضًا غير صحيح، ولكن لما تأيد أحدهما بالآخر، فصار باعتبار تعدد الطرق حسنًا.

(عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل ذلك) بالرفع على أنه خبر

(1) وفي نسخة: "فإذا".

(2)

قال ابن رسلان: ذكروه في المبهمات، ولم يذكروا اسمه، لأنه لا يعرف. (ش).

ص: 375