الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ» . [م 3010، ق 2/ 239]
(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ
633 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ،
===
قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان) أي البردة بتأويل الثوب (واسعًا فخالف) بصيغة الأمر (بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا فاشدده على حقوك) بكسر الحاء وفتحها معقد الإزار، أي اتزر بها.
(84)
(بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ)
أي: جر الثوب وإرخاؤه في الصلاة
633 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبان) العطار، (ثنا يحيى) بن أبي كثير، (عن أبي جعفر) قال في "تهذيب التهذيب" في ترجمة أبي جعفر: الأنصاري المدني المؤذن، روى عن أبي هريرة، وعنه يحيى بن أبي كثير، قال الترمذي: لا يعرف اسمه، وقال الدارمي: أبو جعفر هذا رجل من الأنصار، وبهذا جزم ابن القطان، وقال: إنه مجهول، وقال ابن حبان في "صحيحه": هو محمد بن علي بن الحسين، قلت: وليس هذا بمستقيم، لأن محمد بن علي لم يكن مؤذنًا، ولأن أبا جعفر هذا قد صرح بسماعه من أبي هريرة في عدة أحاديث، وأما محمد بن علي بن حسين فلم يدرك أبا هريرة، فتعين أنه غيره، وفي "مصنف ابن أبي شيبة" بسنده عن أبي جعفر الأنصاري قال: دخلت مع المصريين على عثمان، فلما ضربوه خرجت أشتد، إلى آخر القصة، وبه عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن أبي جعفر الأنصاري قال: رأيت أبا بكر الصديق ولحيته ورأسه كأنهما جمر الغضا، وقد فرق أبو أحمد الحاكم بين هذا وبين الراوي عن أبي هريرة، وأظنه هو، وعنه أبو داود في الصلاة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر غير منسوب عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، وأظنه هذا، انتهى.
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّى مُسْبِلاً إِزَارَهُ إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ» ، فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ، ثُمَّ قَالَ:«اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ» ، فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا لَكَ أَمَرْتَهُ أَنَّ يَتَوَضَّأَ (1)؟ قَالَ (2):«إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّى وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ جل (3) ذكرُهُ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ رَجُلٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ» . [حم 4/ 67، ق 2/ 241]
===
قلت: وهذ الكلام يدل على أن أبا جعفر الذي أدرك عليًا وعثمان وأبا بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهم- هو هذا المؤذن المدني الأنصاري، وأما في "التقريب" فقد ذكر ترجمته، فقال: أبو جعفر المدني المؤذن، مقبول، من الثالثة، ومن زعم أنه محمد بن علي بن الحسين، فقد وهم.
ثم ترجم فقال: أبو جعفر الأنصاري الآخر أكبر من هذا، أدرك أبا بكر الصديق، روى عنه ثابت بن عبيد، من الثانية، وهذا يدل على أنهما متغايران، ولم يتعين لهم تحقيقًا أن أبا جعفر هذا من هو، والله أعلم.
(عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: بينما رجل يصلي مسبلًا إزاره) آي مرخيًا عن الحدّ الشرعي، وهو الكعبان (إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ ثم جاء) أي الرجل، (ثم قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل:(اذهب فتوضأ فذهب) الرجل (فتوضأ ثم جاء) فكأنه جاء غير مسبل إزاره.
(فقال له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (رجل) لم يعرف اسمه: (يا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك أمرته أن يتوضأ؟ ) والحال أنه متوضئ طاهر، ما صدر منه ما ينقض وضوءه (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإنّ الله جلَّ ذكره لا يقبل) أي قبولًا كاملًا (صلاة رجل مسبل إزاره).
(1) وفي نسخة: "ثم سكت عنه".
(2)
وفي نسخة: "فقال".
(3)
وفي نسخة: "تعالى".
634 -
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِى عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ فِى صَلَاتِهِ خُيَلَاءَ،
===
ظاهر جوابه عليه السلام أنه إنما أمره بإعادة الوضوء- والله أعلم- أنه لما كان يصلي وما تعلق القبول الكامل بصلاته، والطهارة من شرائط الصلاة وأجزائها الخارجية، فسرى عدم القبول إلى الطهارة أيضًا، فأمره بإعادة الطهارة حثًا على الأكمل والأفضل، فقوله: يصلي، أي يريد الصلاة، فالأمر بالوضوء قبل الصلاة، هكذا قال القاري، ونقل عن الطيبي: قيل: لعل السر في أمره بالتوضؤ، وهو طاهر، أن يتفكر الرجل في سبب ذلك الأمر، فيقف على ما ارتكبه من المكروه، وأن الله ببركة أمر رسوله عليه السلام إياه بطهارة الظاهر يطهر باطنه من دنس الكبر، لأن طهارة الظاهر مؤثرة في طهارة الباطن (1)، انتهى، وأخرج المصنف هذا الحديث بهذا السند في كتاب اللباس.
634 -
(حدثنا زيد بن أخزم) بمعجمتين، الطائي النبهاني، أبو طالب البصري الحافظ، وثَّقه أبو حاتم والنسائي والدارقطني، ذبحه الزنج سنة 257 هـ، (ثنا أبو داود) الطيالسي، (عن أبي عوانة، عن عاصم) الأحول، (عن أبي عثمان) النهدي، هو عبد الرحمن بن مل بميم مثلثة ولام ثقيلة، أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، ثم سكن الكوفة ثم البصرة، قال ابن المديني: هاجر إلى المدينة بعد موت أبي بكر، ووافق استخلاف عمر، لم يقع الاختلاف في توثيقه، عاش ثلاثين ومئة سنة، وقيل: أربعين ومئة.
(عن ابن مسعود قال) أي عبد الله بن مسعود: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أسبل) أي أرخى وأرسل (إزاره في صلاته (2) خيلاء) (3) أي تبخترًا
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(2/ 234).
(2)
قال النووي في "المجموع"(3/ 179): ومذهبنا أن السدل في الصلاة وغيرها سواء، "ابن رسلان". (ش).
(3)
قال العيني في "شرح سنن أبي داود"(3/ 170): إسبال الثوب خارج الصلاة إن كان =
فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ جل ذكره فِى حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ». [ن 9680 الكبرى]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا جَمَاعَةٌ، عَنْ عَاصِمٍ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ: مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ.
===
(فليس من الله جلَّ ذكره في حل ولا حرام).
قال في "الحاشية"(1): أي في أن يجعله في حل من الذنوب، ولا في أن يمنعه ويحفظه من سوء الأعمال، أو في أن يحل له الجنة، أو في أن يحرم عليه النار، أو ليس هو في فعل حلال ولا له احترام عند الله تعالى، انتهى.
قلت: ويحتمل أن يكون معناه أن من يفعل ذلك اختيالًا، فكأنه مستحل للاختيال، فليس له من الله تعلق في حكم من الحلال والحرام، كأنه خرج من أحكام الشريعة، قاله تشديدًا وتغليظًا.
(قال أبو داود: روى هذا جماعة عن عاصم موقوفًا على ابن مسعود، منهم حماد (2) بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص وأبو معاوية) (3)، وقد تتبعت الكتب فلم أجد رواية هؤلاء الذين رووها موقوفًا، إلَّا ما أخرج الطيالسي (4) عن أبي عوانة وثابت أبي زيد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن ابن مسعود، رفعه أبو عوانة، ولم يرفعه ثابت: أنه رأى أعرابيًا عليه شملة نشر ذيلها، وهو يصلي، فقال له:"إن الذي يجر ذيله من الخيلاء في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام".
= لأجل الاختيال يكره، وإن لم يكن للاختيال لا يكره، وكرهه البعض مطلقًا في الصلاة وغيرها للاختيال وغيرها، والبسط في "الأوجز"(16/ 180).
(1)
وقال ابن رسلان: أي لا يؤمن بحلال ولا حرام، قال النووي: معناه: قد برئ من الله وفارق دينه. (ش).
(2)
قد أخرج روايته الطبراني في "الكبير"(9368).
(3)
قد أخرج روايته هناد في "الزهد"(2/ 432) رقم (846).
(4)
"مسند أبي داود الطيالسي"(349).