الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ
===
الأرض نجسة لقوله عليه السلام: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" ولقوله: "أينما أدركتك الصلاة فصلها"(1)، ولأن ابن عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة رووا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعيره، وأيضًا كان يصلي على راحلته، وقد ذكر الطحاوي (2) نسخة رسالة كتبها عبد الله بن نافع إلى الليث بن سعد، وفيها: وقد كان ابن عمر ومن أدركنا من خيار أهل أرضنا يعرض أحدهم ناقته بينه وبين القبلة فيصلي إليها وهي تبعر وتبول.
قال الإِمام الشافعي رحمه الله في "الأم"(3): وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت" دليل على أنه إنما نهي عنها كما قال صلى الله عليه وسلم حين نام عن الصلاة: "أخرجوا بنا من هذا الوادي، فإنه واد به شيطان"(4)، فكره أن يصلي في قرب الشيطان، فكان يكره أن يصلي قرب الإبل، لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها، وقال في الغنم:"هي من دواب الجنة"، فأمر (5) أن يصلي في مُرَاحِها، يعني في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر فيه ولا بول، قال: ولا يحتمل الحديث معنى غيرهما، وهو مستغنٍ بتفسيرِ حديث النبي صلى الله عليه وسلم والدلائل عنه عن بعض هذا الإيضاح.
(26)
(بَابٌ: مَتَى يَؤْمَرُ الغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)
الغلام يقال للصبي من حين الولادة إلى البلوغ، ويقال للرجل المستحكم القوة، والأنثى غلامة "مجمع"(6)، والمراد هاهنا من لم يحتلم.
(1) وفي الأصل: "فصله" وهو تحريف.
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 386).
(3)
(1/ 274).
(4)
أخرجه مسلم (680).
(5)
لكن في "ابن ماجه" بسند صحيح عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن لم تجدوا إلَّا معاطن الإِبل ومراح الغنم فصلوا فيها ولا تصلوا في المعاطن" الحديث (768)، فعلم بهذا أن الإِطلاق في الروايات مقيد بعدم الوجدان، "ابن رسلان". (ش).
(6)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 60).
492 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى - يَعْنِى ابْنَ الطَّبَّاعِ -، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا
===
492 -
(حدثنا محمد بن عيسى - يعني ابن الطباع -، ثنا إبراهيم بن سعد، عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة) بن معبد الجهني، وثَّقه العجلي، وقال أبو خيثمة: سئل يحيى بن معين عن أحاديث عبد الملك بن الربيع عن أبيه عن جده فقال: ضعاف، وحكى ابن الجوزي عن ابن معين أنه قال: عبد الملك ضعيف، وقال أبو الحسن بن القطان: لم تثبت عدالته وإن كان مسلم أخرج له، فغير محتج به، انتهى، ومسلم إنما أخرج له حديثًا واحدًا في المتعة متابعة، وقال الذهبي في "الميزان": عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه صدوق إن يشاء الله، ضعفه يحيى بن معين فقط.
(عن أبيه) أي عن أبي عبد الملك وهو الربيع بن سبرة بفتح مهملة وسكون موحدة، ابن معبد الجهني المدني، قال العجلي: حجازي تابعي ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن جده) أي جد عبد الملك هو سبرة بن معبد الجهني أبو ثرية (1) بفتح المثلثة وكسر الراء وتشديد التحتانية، له صحبة، ذكره ابن سعد فيمن شهد الخندق فما بعدها.
(قال) أي سبرة: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: مروا)(2) أمر للأولياء، لأن الصبي غير مكلف (3) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رفع القلم عن ثلاثة" وفيه "وعن الصبي حتى
(1) انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 276) رقم (1937).
(2)
والأمر للولي، قيل للوجوب وقيل للاستحباب، "ابن رسلان". (ش).
(3)
قال ابن العربي (2/ 198): ليس لسن الصبي حد، والجملة أنه إذا يعقل يصلي، وقال مالك: إذا بدل أسنانه، وقال ابن رسلان: المراد استكمال العشر أو في العاشر قولان، وحكى في وجهه قولين: إما توهم البلوغ بالاحتلام أو قوته وتحمله للضرب. (ش).
الصَّبِىَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا (1) بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ (2) عَلَيْهَا». [ت 407، حم 3/ 404، دي 1431، قط 1/ 230، ك 1/ 201، ق 2/ 14]
===
يشب أو يحتلم" فهو ليس بمخاطب إلَّا ما ورد في قوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} (3) الآية.
(الصبي)(4) قال في "القاموس": والصبي من لم يفطم بعد، قلت: والمراد هاهنا الذي لم يحتلم فأمرهم (بالصلاة)(5) لهم للتخلق والاعتياد (إذا بلغ سبع سنين، إذا بلغ) أي الصبي (عشر سنين فاضربوه) أي الصبي (عليها) أي على الصلاة أي تركها.
وقال الخطابي (6): قوله هذا يدل على إغلاظ العقوبة له إذا تركها متعمدًا بعد البلوغ، وكان بعض فقهاء أصحاب الشافعي يحتج به في وجوب قتله إذا تركها متعمدًا بعد البلوغ، ويقول: إذا استحق الصبي الوضوء وهو غير بالغ فقد عقل أنه بعد البلوغ يستحق من العقوبة ما هو أشد من الضرب، وليس بعد الضرب شيء مما قاله العلماء أشد من القتل.
وقد اختلف الناس في حكم تارك الصلاة، فقال مالك والشافعي: يقتل،
(1) وفي نسخة: "فإذا".
(2)
وفيه ضرب الأولاد، وفي "الدر المنثور" (5/ 265) برواية البيهقي عن أم أيمن مرفوعًا:"وأنفق على أهلك من طَوْلك ولا ترفع عصاك عنهم"، وفيه أيضًا: لي ضرب الأولاد كضرب المماليك. [قلت: قال العينى في "شرحه" (2/ 414): هذا الأمر للإِرشاد والتأديب وليس للوجوب]. (ش).
(3)
سورة النور: الآية 58.
(4)
وفي معناه الصبية إجماعًا، "ابن رسلان". (ش).
(5)
إن احتيج للتعلم إلى الأجرة فهي من مال الصبي، فإن لم يكن له مال فعلى الأب ثم على الأم، "ابن رسلان". (ش).
(6)
"معالم السنن"(1/ 199).
493 -
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ - يَعْنِى الْيَشْكُرِىَّ -، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَوَّارٍ أَبِى حَمْزَةَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِىُّ الصَّيْرَفِىُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
===
وقال مكحول: يستتاب فإن تاب وإلّا قتل، وإليه ذهب حماد بن زيد ووكيع بن الجراح، وقال أبو حنيفة: لا يقتل، ولكن يضرب ويحبس، وعن الزهري أنه قال: إنما هو فاسق يضرب ضربًا مبرحًا، ويسجن، ويرده ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل دم امرئ مسلم إلَّا بإحدى ثلاث" الحديث، وهذا الذي قالوا حكم في مقابلة النص الصحيح الصريح.
493 -
(حدثنا مؤمل بن هشام -يعني اليشكري-) أبو هشام البصري، قال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو داود والنسائي ومسلمة بن قاسم: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 253 هـ.
(ثنا إسماعيل) هو ابن عليّة وكان صهره، (عن سوار) بتشديد الواو وآخره راء (أبي حمزة) بن داود المزني الصيرفي البصري، صاحب الحلي، قال أبو طالب عن أحمد: شيخ بصري لا بأس به، روى عنه وكيع فقلب اسمه، وهو شيخ يوثق بالبصرة، لم يرو عنه غير هذا الحديث، وقال الدارقطني: لا يتابع على أحاديثه فيعتبر به، وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(قال أبو داود: وهو) أي سوار (سوار بن داود أبو حمزة المزني الصيرفي) يقول: إن سوار الراوي اسم أبيه داود، وكنيته أبو حمزة، ومنسوب إلى قبيلة مزينة، وأيضًا منسوب إلى تجارة الذهب والفضة فيقال: صيرفي، والغرض بذكر هذا إشارة إلى أن وكيعًا غلط فيه وقلبه فقال: داود بن سوار.
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه) هو شعيب بن محمد، (عن جده) أي جد
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ» . [حم 2/ 180، ك 1/ 197، ق 3/ 84، قط 1/ 230]
494 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِى دَاوُدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمُزَنِىُّ (1) بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَزَادَ فيه:«وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» .
===
شعيب، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص (قال) جد شعيب عبد الله بن عمرو:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم) من الغلمان والجواري (بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها) أي على تركها (وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم (2) في المضاجع) قال في "المجمع": وحديث "فرقوا بينهم في المضاجع"، أي فرقوا بين الأخ والأخت مثلًا في المضاجع لئلا يقعوا فيما لا ينبغي، لأن بلوغ العشر مظنة الشهوة.
494 -
(حدثنا زهير بن حرب، ثنا وكيع) بن الجراح، (حدثني داود بن سوار المزني) هذا ما وهم فيه وكيع، وصوابه سوار بن داود (بإسناده) أي حدث وكيع بموافقة إسناد حديث (3) مؤمل (ومعناه) أي ومعنى حديث مؤمل (وزاد) أي وكيع (فيه) أي في حديثه:(وإذا زوج أحدكم خادمه) مفعول أول لِزَوَّجَ، والمراد الأمة (عبده) مفعول ثان لِزَوَّجَ، (أو) للشك من الراوي (أجيره) أي قال لفظ عبده أو أجيره (فلا ينظر) أي أحدكم (إلى ما دون السرة) أي سرة الأمة (وفوق الركبة) أي فوق ركبة الأمة، ويمكن أن يرجع ضمير "فلا ينظر" إلى لفظ الخادم باعتبار تذكيره، فحينئذ يكون المعنى: فلا يحل للأمة المزوجة أن تنظر إلى مَا دون سرة مولاها وفوق ركبته.
(1) زاد في نسخة: "الصيرفي".
(2)
وقال ابن رسلان: فرقوا بين الغلمان، فالغلام والجارية بالطريق الأولى. (ش).
(3)
الصواب بإسناد إسماعيل، كذا قال الشيخ أسعد، وسكت عنه ابن رسلان، ووافق صاحب "العون"(2/ 163) الشيخ قدس سره. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهِمَ وَكِيعٌ فِى اسْمِهِ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِىُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ (1): حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ سَوَّارٌ الصَّيْرَفِىُّ.
495 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِى مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِىُّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: مَتَى يُصَلِّى الصَّبِىُّ؟ فَقَالَتْ: كَانَ
===
(قال أبو داود: وهم وكيع في اسمه) أي في اسم شيخه، فقلب اسمه باسم أبيه واسم أبيه باسمه، كما تقدم في ترجمته (وروى عنه أبو داود الطيالسي هذا الحديث) وروى عنه أي عن سوار بن داود هذا الحديث.
(فقال: ثنا أبو حمزة سوار الصيرفي) كما قال إسماعيل، فثبت بهذا أن ما قال وكيع من القلب فوهم منه.
495 -
(حدثنا سليمان بن داود المهري، ثنا ابن وهب) عبد الله (أخبرني هشام بن سعد، حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب) مصغرًا (الجهني) المدني، قال ابن معين: هو من الثقات، وقال أبو داود: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: ليس بذاك، وقال ابن حزم: مجهول، مات سنة 118 هـ.
(قال) أي هشام بن سعد: (دخلنا عليه) أي على معاذ بن عبد الله (فقال) أي معاذ بن عبد الله (لامرأته) قال الشوكاني (2): قال ابن القطان: لا تعرف هذه المرأة ولا الرجل الذي روت عنه، وقد رواه الطبراني من هذا الوجه فقال: عن أبي معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه به، قال ابن صاعد: حسن غريب.
(متى يصلي) أي يؤمر بالصلاة (الصبي؟ فقالت) أي امرأة معاذ: (كان
(1) وفي نسخة: "قال".
(2)
"نيل الأوطار"(1/ 369).