المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(7) باب: في وقت العشاء الآخرة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(7) باب: في وقت العشاء الآخرة

تَشْتَبِكَ النُّجُومُ"؟ ! . [حم 4/ 147، ك 1/ 190 - 191]

(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

419 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِى بِشْرٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ،

===

تشتبك النجوم؟ )، أي ظهرت جميعها واختلط بعضها لبعض لكثرة ما ظهر منها، واشتباكها ظهور نورها، فالحديث دليل على أن تأخير المغرب إلى اشتباك النجوم مكروه، وهو قول أبي حنيفة.

(7)

(بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ)

419 -

(حدثنا مسدد) بن مسرهد، (نا أبو عوانة) وضاح بن عبد الله، (عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية، (عن بشير) بفتح أوله وكسر المعجمة مكبرًا (ابن ثابت) الأنصاري، مولى النعمان بن بشير، بصري، قال ابن معين: ثقة، رووا له حديثًا واحدًا في وقت العشاء، ومنهم من أسقطه من الإسناد، وصحح الترمذي إثباته فإنه قال في "جامعه" (1): قال أبو عيسى: روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، ولم يذكر فيه هشيم "عن بشرِ بن ثابت"، وحديث أبي عوانة أصح عندنا، لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة، عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة، انتهى، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: من زعم أنه بشر بغير ياء فقد وهم.

(عن حبيب) بفتح الحاء المهملة (ابن سالم) الأنصاري، مولى النعمان بن بشير وكاتبه، قال أبو حاتم: ثقة، وقال الآجري عن أبي داود: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: فيه نظر، وقال أبو أحمد بن عدي: ليس في متون أحاديثه حديث منكر، بل قد اضطرب في أسانيد ما يروى عنه.

(1)"سنن الترمذي"(1/ 306).

ص: 84

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: "أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِوَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، صَلَاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ"(1). [ت 165، ن 528، دي 1211، حم 4/ 270، ش 1/ 330، حب 1526، قط 1/ 269، ك 1/ 194، ق 1/ 448]

===

(عن النعمان) بضم النون (ابن بشير)(2) بكسر (3) الموحدة، الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله المدني، له ولأبويه صحبة، وأمه عمرة بنت رواحة، ولد على رأس أربعة عشر شهرًا من الهجرة، وهو أول مولود ولد في الأنصار بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، كان أميرًا على الكوفة في عهد معاوية، ثم عزله عن الكوفة، وكان أخطب الناس، أتى به أبوه بشير بن سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، اُدع له فقال:"أما ترضى أن يبلغ ما بلغت، ثم يأتي الشام فيقتله منافق من أهل الشام"، فكان في حمص، فبايع لابن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية، فلما تمرد أهل حمص خرج هاربًا فأتبعه خالد بن خلي الكلاعي، فقتله سنة 65 أو 66 هـ.

(قال: أنا أعلم (4) الناس بوقت هذه الصلاة) هذا من باب التحدث بنعمة الله عليه لزيادة العلم مع ما فيه من حمل السامعين على اعتماد مرويه، ولعل وقوع هذا القول منه بعد موت غالب أكابر الصحابة وحفاظهم الذين هم أعلم بذلك منه، قاله القاري (5)، ويحتمل أنه صدر منه على ظن أنه لم يضبط هذه العلامة من الصحابة أحد، كما ضبطتها وأتقنتها.

(صلاة العشاء) بالجر على البدل وبالنصب بتقدير أعني (الآخرة) احتراز عن المغرب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر) اللام للوقت أي وقت غروبه (الثالثة) أي في ليلة ثالثة من الشهر، قال القاري: والأظهر أنه متعلق

(1) وفي نسخة: "لثلاث".

(2)

انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(4/ 235) رقم (5238).

(3)

هكذا في الأصل والظاهر بفتح الموحدة. (ش).

(4)

وفيه ثناء الرجل على نفسه لمصلحة قبول روايته وانتشار العلم به. "ابن رسلان". (ش).

(5)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 138).

ص: 85

420 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: "مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا نَدْرِى أَشَىْءٌ شَغَلَهُ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ،

===

بسقوط القمر، ويؤيده ما في نسخة "ليلة الثالثة" بالنصب، انتهى. قلت: ويحتمل أن يكون صفة للقمر أي لسقوط القمر الكائن لليلة ثالثة من الشهر.

قال القاري (1): قال ابن حجر (2): والقمر غالبًا يسقط في تلك الليلة قرب غيبوبة الشفق الأحمر، وفيه أصرح دليل لمذهب الشافعي أن الأفضل الصلاة لأول وقتها حتى العشاء، وفيه أن هذا قول غير محرر، فإن القمر في الليلة الثانية يقرب غيبوبة الشفق دون الثالثة، فتدبر فإنها أمر مشاهد.

420 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير) بن عبد الحميد، (عن منصور) بن المعتمر، (عن الحكم) بن عتيبة، (عن نافع) مولى ابن عمر، (عن عبد الله بن عمر قال: مكثنا) من نصر وكرم، أي لبثنا في المسجد (ذات ليلة) ذات الشيء نفسه، والمراد ما أضيف إليه، أي ليلة من الليالي (ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء) أي وقت صلاة العشاء، فاللام للوقت، ويحتمل أن يكون متعلقًا بالخروج المقدر، وتقديره: ننتظر خروجه صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء.

(فخرج) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلينا حين ذهب) أي مضى (ثلث الليل أو بعده) عطف على "حين ذهب"، و"أو" للشك من ابن عمر رضي الله عنه، (فلا ندري أشيء شغله) في أهله، أي جعله مشغولًا في أهله، فأخرها عن الوقت المعتاد (أم غير ذلك)(3) بأن أخرها، قصد البيان أن تأخير العشاء أفضل.

(1)"مرقاة المفاتيح"(2/ 138).

(2)

وقال ابن رسلان: استدل به الأوزاعي وأبو حنيفة وابن المنذر على أن الشفق هو البياض. (ش).

(3)

وفي الطبراني بسند صحيح: "أنه كان يجهز جيشًا"، قال ابن رسلان: فيه حجة للقول =

ص: 86

فَقَالَ حِينَ خَرَجَ: "أَتَنْتَظِرُونَ هَذِهِ الصَّلَاةَ؟ لَوْلَا أَنْ تَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِى لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ». ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ". [م 639، ن 537]

===

(فقال حين خرج) أي من الحجرة الشريفة: (أتنتظرون هذه الصلاة؟ ) أي انتظار هذه الصلاة من بين سائر الصلوات من خصوصياتكم التي خصكم الله بها، فكلما زدتم يكون الأجر أكمل مع أن الوقت زمان يقتضي الاستراحة، فالمثوبة على قدر المشقة، ولأن الذاكر في الغافلين كالصابر في الفارين، "علي القاري"(1).

(لولا أن تثقل على أمتي لصليت بهم) أي صلاة العشاء في دائمًا (هذه الساعة، ثم أمر الموذن فأقام الصلاة).

قال النووي (2): اختلف العلماء هل الأفضل تقديم العشاء أم تأخيرها؟ فمن فضل التأخير احتج بهذا الحديث وغيره، ومن فضل التقديم احتج بأن العادة الغالبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تقديمها، وإنما أخرها في أوقات يسيرة لبيان الجواز أو لشغل أو لعذر.

وأجاب عنه القاري فقال: قلت: في الاحتجاج الثاني نظر ظاهر، لأنه عليه الصلاة والسلام نص على الحذر للعمل بالعادة الغالبة، فلا معنى لبيان الجواز أو عذر مع تحقق أن التأخير كان قصدًا لا لعذر، ولا يضر تردد

= الثاني إن تأخير العشاء إلى ثلث الليل، وكذا عند أحمد، فإنه قال: أول الأوقات أعجب إليّ إلَّا في الاثنتين: صلاة العشاء وصلاة الظهر، وهو محمول على أن المراد خصوص تلك الساعة التي أخر فيها الصلاة لا كل ليلة، لأن الغالب كان تقديم الصلاة، والأفضل ما واظب عليه، انتهى، قلت: وأنت خبير بأنه عليه الصلاة والسلام لما رغب في التأخير، وبين العذر في تركه أعني خوف المشقة والثقل فكيف يكون المواظب عليه أفضل؟ . (ش).

(1)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 140).

(2)

"شرح صحيح مسلم"(3/ 152).

ص: 87

421 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِىِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَقُولُ: "أبقَينَا (1) النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى صَلَاةِ الْعَتَمَةِ، فَتأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ، وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: صَلَّى، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ

===

الصحابي أوّلاً أنه بعذر أو لا، فقول ابن حجر: وبهذا التردد يتعين أنه لا دليل فيه لأفضلية التأخير، معلول بأنه غير معقول ومقبول.

421 -

(حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، نا أبي) عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي مولاهم، أبو عمرو الحمصي، قال أحمد وابن معين: ثقة، وقال الحاكم في "المستدرك": ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عبد الوهاب بن نجدة: مات سنة 209 هـ.

(نا حريز) بن عثمان، (عن راشد بن سعد) المقرائي، (عن عاصم بن حميد السكوني) الحمصي، مخضرم، من أصحاب معاذ بن جبل، روى عنه وعن عمر بن الخطاب، وشهد خطبته بالجابية، قال الدارقطني: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال البزار: روى عن معاذ ولا أعلمه سمع منه، وعن عوف بن مالك، ولم يكن له من الحديث ما يعتبر به حديثه، وقال ابن القطان: لا نعرف أنه ثقة، انتهى، وذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة العليا من تابعي أهل الشام.

(أنه سمع معاذ بن جبل) الأنصاري (يقول: أبقينا النبي صلى الله عليه وسلم) وفي نسخة: "بقينا"، وفي "النهاية": وفي حديث معاذ: "بقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تأخر لصلاة العتمة"، يقال: بقيت الرجل أبقيته: إذا انتظرته ورقبته (في صلاة العتمة) أي العشاء الآخرة، (فتأخر) أي رَاثَ ولَبِثَ (حتى ظن الظان أنه) صلى الله عليه وسلم (ليس بخارج) أي إلى المسجد، صلى في بيته أو لم يصل؟ (والقائل منا يقول: صلى) أي فرغ من الصلاة (فإنا لكذلك) أي في حالة التردد

(1) وفي نسخة: "ارتقبنا".

ص: 88

حَتَّى خَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا لَهُ كَمَا قَالُوا، فَقَالَ (1):«أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ» . [حم 5/ 237، ق 1/ 451]

422 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ

===

والاختلاف (حتى خرج النبي - صلي الله عليه وسلم -) من حجرته إلى المسجد (فقالوا له كما قالوا) فيما بينهم.

(فقال: أعتموا)(2) أمر من الإفعال (بهذه الصلاة) أي أخروها وصلوها في العتمة، والعتمة شدة الظلام (فإنكم (3) قد فضلتم بها) (4) أي بصلاة العتمة (على سائر الأمم) أي على جميع الأمم أو باقيها بعد إخراج هذه الأمة منها، (ولم تصلها) أي صلاة العشاء (أمة) أي من الأمم (قبلكم) وقد تقدم توجيه التعارض بين هذا الحديث، وبين ما تقدم من حديث إمامة جبرئيل، وفيه:"هذا وقت الأنبياء من قبلك" فلا نعيده.

422 -

(حدثنا مسدد) بن مسرهد، (نا بشر بن المفضل، نا داود بن

(1) وفي نسخة: "فقال لهم".

(2)

يقال: أعتم إذا دخل في العتمة كما يقال: أصبح، "ابن رسلان"، وفي الحديث جواز القول بالعتمة، وفيه أيضًا حجة لمختار الحنفية من أفضلية تأخير العشاء خلافًا للشافعية كما في "التوشيح" إذ قال: أفضلها أولها كما في "روضة المحتاجين". (ش).

(3)

تعليل للتأخير، لأنكم إذا فضلتم بها واختصت بكم، فمن كمال الاهتمام بشأنه التأخير بشرط انتظارها، فإن كل من انتظرها يكون في حكم الصلاة، والأصل في العشاء آخر الوقت، كما يدل عليه تقسيم الأوقات على الصلوات على ما قرره شيخ الإِسلام مولانا حسين أحمد المدني - قدس سره -، فعلى هذا الأصل إتيانها في نصف الليل، لكنه قدم إبقاء على الأمة، فتأمل فإنه دقيق. (ش).

(4)

ظاهره أفضلية العشاء على بقية الصلوات إذ هي خصيصة لأفضل الأمم، وما ورد من القول الراجح في المراد بالصلاة الوسطى أنها العصر يقتضي ترجيحها، ونقل صاحب "الإحياء" (1/ 351) برواية عائشة مرفوعًا:"أفضل الصلوات عند الله المغرب لم يحطها عن مسافر ولا عن مقيم، فتح بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار"

إلخ. (ش).

ص: 89

أَبِى هِنْدٍ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: "صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعَتَمَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، فَقَالَ:«خُذُوا مَقَاعِدَكُمْ» ، فَأَخَذْنَا مَقَاعِدَنَا، فَقَالَ:«إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِى صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ، وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ، وَسَقَمُ السَّقِيمِ، لأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ» . [ن 538، جه 693، حم 3/ 5]

===

أبي هند، عن أبي نضرة) منذر بن مالك، (عن أبي سعيد الخدري قال: صلينا) أي أردنا أن نصلي مع (رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة) أي جماعة (فلم يخرج) أي من بيته إلى المسجد (حتى مضى نحو) أي قريب (من شطر الليل) أي نصفه، ثم خرج (فقال: خذوا مقاعدكم) أي الزموا محل قعودكم لاْبين لكم فضيلة التأخير.

(فأخذنا مقاعدنا) أي لزمنا مكاننا، فبين لنا فضيلة التأخير لوجهين (فقال: ) أولهما (إن الناس) أي المعذورين والنساء والصبيان (قد صلوا) أي فرغوا من الصلاة (وأخذوا مضاجعهم) أي رقدوا (وإنكم) أي المنتظرين لصلاة الجماعة (لم تزالوا في صلاة) أي في أجرها وثوابها (ما) أي ما دمتم (انتظرتم الصلاة) وحاصل هذا الكلام أن انتظاركم الصلاة عبادة موجبة للأجر والثواب، وأيضًا فيه تعب ومشقة، فيكون سببًا لزيادة الأجر، فحصل لكم لهذا الانتظار أجر عظيم.

(و) ثانيهما (لولا ضعف الضعيف) أي مخافته ورعايته (وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة) أي صلاة العشاء (إلى شطر الليل) أي نصفه، لأنه أفضل.

وحاصل الوجه الثاني أن تأخير العشاء إلى نصف الليل أدخل في الفضيلة، ولكن رعاية جانب الضعفاء وذوي الأسقام الذين يقدرون على الحضور في الجماعة، ولكن لأجل ضعفهم وسقمهم يشق عليهم الانتظار ويتعبهم، فلأجل هذا العذر لا أؤخرها إلى نصف الليل، فإن في إحراز تلك الفضيلة تفويت فضيلة أخرى هي أهم منها، وهي تكثير الجماعة، والله أعلم.

ص: 90