الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ
615 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ
===
ابنه عثمان بن عطاء: كان مولده سنة خمسين، ومات المغيرة بن شعبة سنة خمسين على الصحيح، فكان ولادة عطاء في السنة التي مات فيها المغيرة بن شعبة، وقال الطبراني: لم يسمع عطاء الخراساني من أحد من الصحابة إلَّا من أنس.
(74)
(بَابُ الإمَامِ يُحْدِثُ)
أي: يصير محدثًا، ويحتمل أن يكون معناه يتعمد الحدث (بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ)، وفي بعض النسخ:"من آخر الركعة"
615 -
(حدثنا أحمد بن يونس) أي أحمد بن عبد الله بن يونس، (ثنا زهير) أي ابن معاوية، (ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع) التنوخي، أبو الجهم، ويقال: أبو الحجر المصري، قاضي إفريقية، قال البخاري: في حديثه مناكير، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: لا يحتج بخبره إذا كان من رواية ابن أنعم، وإنما وقع المناكير في حديثه من أجله، وقال أبو العرب: كان أحد الفقهاء العشرة الذين أرسلهم عمر بن عبد العزيز ليفقهوا أهل الإفريقية، وقال الساجي: فيه نظر، وقال البناني: فيه نظر، وهو غير مشهور.
وقال في "الميزان"(1): قال ابن المبارك: حدثنا ابن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رفع أحدكم رأسه من آخر السجود ثم أحدث فقد تمت صلاته"، رواه أبو داود والترمذي، وهذا من مناكيره.
(1)"ميزان الاعتدال"(2/ 560).
وَبَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَضَى الإِمَامُ الصَّلَاةَ وَقَعَدَ، فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَمَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِمَّنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ» . [ت 408، قط 1/ 397]
===
(وبكر بن سوادة، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قضى) أي أتم (الإِمام الصلاة) أي أدى أركانها (وقعد) أي قدر التشهد (فأحدث قبل أن يتكلم) أي بالسلام (فقد تمت صلاته ومن كان) أي وصلاة من كان (خلفه ممن أتم الصلاة) من المقتدين.
وقد أخرجه الطحاوي (1) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي، وبكر بن سوادة الجذامي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قضى الإِمام الصلاة فقعد، فأحدث هو أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يسلم الإِمام، فقد تمت صلاته، فلا يعود فيها"، فهذا الحديث يدل على أن السلام ليس بفرض.
وقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب الشافعي ومالك وأحمد إلى أن الخروج عن الصلاة بلفظ السلام فرض عندهم، وعندنا ليس بفرض، وقد قال علي القاري في "كتاب الرد على صلاة القفال" على ما نقله مولانا الشيخ عبد الحي رحمه الله (2): وذكر الشيخ أبو الحسن ابن بطال في "شرح البخاري" أن لفظ السلام ليس بواجب، أي ليس بفرض، وهو قول علي وابن مسعود وابن المسيب والنخعي والثوري والأوزاعي.
واستدل الإِمام الشافعي ومن وافقه بحديث أخرجه الخمسة إلَّا النسائي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، وأخرجه أيضًا الشافعي والبزار والحاكم وغيرهم.
(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 274).
(2)
"السعاية"(2/ 137).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وطريق الاستدلال بهذا الحديث بأن الإضافة في قوله: "وتحليلها" تقتضي الحصر، فكأنه قال: جميع تحليلها التسليم، أي انحصر تحليلها في التسليم لا تحليل لها غيرها.
والحنفية ومن وافقهم استدلوا بحديث الباب (1)، فإنه يدل على عدم فرضية السلام، واعترضوا عليه بأن إسناده ليس بالقوي، لأن فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وقد ضعفه بعض أهل العلم.
قال الشوكاني (2): قال النووي في "شرح المهذب": إنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وفيه نظر، فإنه قد وثَّقه غير واحد، منهم زكريا الساجي وأحمد بن صالح المصري، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.
وفي "كتاب الرد على صلاة القفال" لشرف الدين أبي القاسم بن عبد العلي القربتي على ما نقله مولانا الشيخ عبد الحي في "السعاية"(3): الحجة لنا في عدم وجوب السلام ما رواه أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر وعن علي مرفوعًا وموقوفًا، وإن قيل: قال الترمذي (4): هذا الحديث ليس [إسناده] بالقوي، وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وقد ضعفه بعض أهل الحديث، منهم يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل، قيل له: قد قوى أمره
(1) وقال البيهقي: هذا الحديث قبل أن يشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتحلل منها بالتسليم، ثم صار منسوخًا، والدليل ما روي عن عطاء: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد قدر التشهد أقبل علينا بوجهه، وذلك قبل أن ينزل التسليم، وقال أبو إسحاق: يحتمل أنه أراد وأتى بالتسليم والتشهد، وعبر عن ذلك كله بالقعود، قال ابن الرفعة: إن صح محمول على ما قبل التسليمة الثانية، قاله ابن رسلان. (ش).
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 352).
(3)
(2/ 138).
(4)
"سنن الترمذي"(2/ 261) باب ما جاء في الرجل يحدث في التشهد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
البخاري وهو يقول فيه: مقارب الحديث، فلم يسقط الاحتجاج به، وقد سكت أبو داود عن هذا الحديث، وهو إذا سكت عن حديث كان عنده حسنًا أو صحيحًا، وقد عضده ما روى أبو داود عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي [فحدثني أن ابن مسعود أخذ بيده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله] فعلمه التشهد، إذا قلت هذا أو فعلت هذا، فقد تمت صلاتك، وهذا نص في أن السلام ليس بفرض (1)، انتهى ملخصًا.
ثم استدل الطحاوي (2) رحمه الله على أن السلام ليس بفرض فقال: ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا ما يدل على أن ترك السلام غير مفسد للصلاة، وهو:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى الظهر خمسًا ولم يسلِّم، فلما أخبر بصنيعه فثنى رجله فسجد سجدتين"، كما حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا وهيب بن خالد، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
ففي هذا الحديث أنه أدخل في الصلاة ركعة من غيرها قبل السلام، ولم ير ذلك مفسدًا للصلاة، ولو رآه مفسدًا لها إذًا لأعادها، فلما لم يعدها وقد خرج منها إلى الخامسة لا بتسليم دل ذلك أن السلام ليس من صلبها، ألا ترى أنه لو كان جاء بالخامسة، وقد بقي عليه بما قبلها سجدة كان ذلك مفسدًا للأربع، لأنه خلطهن بما ليس منهن، فلو كان السلام واجبًا كوجوب سجود الصلاة لكان حكمه أيضًا كذلك، ولكنه بخلافه فهو سنَّة.
وأما ما استدل به الشافعي ومن وافقه رحمهم الله بقوله عليه السلام: "وتحليلها التسليم"، فسيأتي بيانه في شرح الحديث الآتي.
(1) وسيأتي بعض الكلام على جرح الحديث وتصحيحه في "باب التشهد"، وقال ابن رسلان: بكر بن سوادة لم يلق عبد الله بن عمرو، وعبد الرحمن بن رافع مجهول. (ش).
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 275).