المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) (باب: في وقت الصبح) - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(8) (باب: في وقت الصبح)

(8)

بَابٌ: في وَقْتِ (1) الصُّبْحِ

423 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ (2) ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -، أَنَّهَا قَالَتْ: "إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّى الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّفاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ

===

(8)(بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

(3)

423 -

(حدثنا القعنبي) عبد الله بن مسلمة، (عن مالك) الإِمام، (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري، (عن عمرة) بنت عبد الرحمن، (عن عائشة (4) أنها قالت: إن كان) إن هي المخففة من المثقلة، واللام لازمة بعدها في خبرها (رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح) هذه هي اللام الداخلة على خبر لفظة إن (فينصرف النساء) أي يرجعن إلى البيوت، أو ينصرفن من الصلاة (متلففات) وفي نسخة:"متلفعات" حال من النساء، أي مستترات وجوههن وأبدانهن (بمروطهن) المرط بالكسر: كساء من صوف تستعمله النساء، وقيل: كساء من صوف مربع سداه شعر، وقيل: الجلباب. (ما يعرفن) ما نافية، أي ما يعرفهن أحد، وفي رواية للبخاري: ولا يعرف بعضهن بعضًا، واختلف في معناه فقيل: لا يعرفن أنساء أم رجال، أي لا يظهر للرائي إلَّا الأشباح خاصة، وقيل: لا يعرف أعيانهن بأن لا يكون الامتياز بين خديجة وزينب، وهذا أقرب (5) وأولى وإن ضعفه النووي (6).

(1) زاد في نسخة: "صلاة".

(2)

زاد في نسخة: "بنت عبد الرحمن".

(3)

قال ابن رسلان: لها خمسة أسماء غير الفجر يسمى الغداة، وقال الشافعي في "الأم" (1/ 232): أحب أن لا أسمي به، لأنه تعالى سماه الفجر. (ش) [قلت: وفي النسخة المطبوعة لكتاب "الأم" هكذا: الصبح والفجر لا أحب أن تسمى إلَّا بأحدهما].

(4)

ذكره ابن العربي وصحَّح حديث عائشة دون حديث رافع الآتي. (ش). [انظر: "عارضة الأحوذي" (1/ 261)].

(5)

واختاره ابن رسلان. (ش).

(6)

انظر: "شرح صحيح مسلم"(3/ 157).

ص: 91

مِنَ الْغَلَسِ". [خ 867، م 645، ن 546، ت 153، جه 669، حم 6/ 178، حب 1499، ق 1/ 454]

===

(من الغلس) من أجلية، والغلس: ظلمة آخر الليل، استعمل على الاتساع فيما بقي منه بعد الصباح، وقيل: من غلس المسجد أي من أجل ظلمته وعدم إسفاره، لأنه كان مسقفًا، فلا يظهر النور فيه إلَّا بطلوع الشمس.

اختلف العلماء في أن الأفضل في صلاة الفجر التغليس أو الإسفار، فقال الشافعي والجمهور بالتغليس، واحتجوا بقوله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (1)، والتعجيل من باب المسارعة إلى الخير، وذم الله تعالى أقوامًا على الكسل بقوله:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (2)، والتأخير من الكسل.

وروي أنه سئل عن أفضل الأعمال فقال: "الصلاة لأول وقتها"، وروي:"أول الوقت رضوان الله"، وبهذا الحديث الذي أخرجه المصنف رحمه الله.

وقال الحنفية: المستحب في الفجر الإسفار، وهو أفضل من التغليس بصلاة الفجر في السفر والحضر والصيف والشتاء في حق جميع الناس إلَّا في حق الحاج بمزدلفة، فإن التغليس بها أفضل في حقه.

واستدلوا بالحديث الذي يخرجه المصنف عن رافع بن خديج فيما بعد من قوله: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"، وبما قال عبد الله بن مسعود:"ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قبل ميقاتها إلَّا صلاتين: صلاة العصر بعرفة، وصلاة الفجر بمزدلفة"، فإنه قد غلس بها، فسمى التغليس بالفجر صلاة قبل الميقات، فعلم أن العادة في الفجر الإسفار، وعن إبراهيم النخعي أنه قال: ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء كاجتماعهم على تأخير العصر والتنوير بالفجر.

ولأن في التغليس تقليل الجماعة، وفي الإسفار تكثيرها، فكان أفضل،

(1) سورة آل عمران: الآية 133.

(2)

سورة النساء: الآية 142.

ص: 92

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولهذا يستحب الإبراد بالظهر في الصيف، ولأن في حضور الجماعة في هذا الوقت ضرب حرج خصوصًا في حق الضعفاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صلِّ بالقوم صلاة أضعفهم"، ولذلك ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل، وقال:"لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل".

وأما الجواب عما احتجوا بها فنقول بها في بعض الصلوات على ما نذكر، لكن قامت الدلائل في بعضها على أن التأخير أفضل لمصلحة وجدت في التأخير، ولهذا قال الشافعي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، لئلا يقع في السمر بعد العشاء، ثم الأمر بالمسارعة ينصرف إلى مسارعة ورد الشرع بها، ألا ترى أن الأداء قبل الوقت لا يجوز، وإن كان فيه مسارعة لما لم يرد الشرع بها.

وقيل: في الحديث أن العفو عبارة عن الفضل، قال الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (1) أي الفضل، فكان معنى الحديث على هذا - والله أعلم- أن من أدى الصلاة في أول الأوقات فقد نال رضوان الله، وأمن من سخطه وعذابه، ومن أدى في آخر الوقت فقد نال فضل الله، ونيل فضل الله لا يكون بدون الرضوان، فكانت هذه الدرجة أفضل من تلك.

وأما حديث عائشة فالصحيح من الروايات إسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر لما روينا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، فإن ثبت التغليس في وقت فلعذر الخروج إلى سفر أو كان ذلك في الابتداء حين كن يحضرن الجماعات، ثم لما أمرن بالقرار في البيوت انتسخ ذلك، والله تعالى أعلم، "بدائع"(2).

(1) سورة البقرة: الآية 219.

(2)

"بدائع الصنائع"(1/ 322 - 324).

ص: 93

424 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

===

424 -

(حدثنا إسحاق بن إسماعيل) الطالقاني، (نا سفيان) بن عيينة، على الظاهر، (عن ابن عجلان) محمد، (عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان) بن زيد الأنصاري الظفري الأوسي أبو عمرو، قال ابن معين وأبو زرعة والنسائي: ثقة، وقال ابن سعد: أمره (1) عمر بن عبد العزيز أن يجلس في مسجد دمشق، فيحدث الناس بالمغازي ومناقب الصحابة ففعل، وكان ثقة كثير الحديث عالمًا، وقال البزار: ثقة مشهور، وقال عبد الحق في "الأحكام": هو ثقة عند أبي زرعة وابن معين، وقد ضعَّفه غيرهما، وقد رد ذلك عليه ابن القطان، وقال: بل هو ثقة عندهما ، ولا أعرف أحدًا ضعفه ولا ذكره في الضعفاء، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن محمود بن لبيد) بن عقبة بن رافع بن امرئ القيس الأوسي الأنصاري الأشهلي، أبو نعيم المدني، وأمه أم منظور بنت محمد بن مسلمة، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين، ومسلم في الطبقة الثانية من التابعين، وقال ابن عبد البر: قول البخاري أولى يعني في إثبات الصحبة، وكذا ذكره ابن حبان في "الصحابة"، وقال الترمذي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام صغير، فعلى هذا لا يحتاج في توثيقه، وأما على كونه تابعيًّا فقال يعقوب بن سفيان: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، مات سنة 96 هـ.

(عن رافع بن خديج)(2) بفتح معجمة وكسر دال مهملة وبجيم، ابن رافع بن عدي الحارثي الأوسي الأنصاري، صحابي جليل، أبو عبد الله، ويقال:

(1) وقد عليه في دين لزمه فأمره به. (ش).

(2)

انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 160) رقم (1580).

ص: 94

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَصْبِحُوا بالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لأُجُورِكُمْ"، أَوْ:"أَعْظَمُ لِلأَجْرِ". [ن 548، ت 154، جه 672، حم 3/ 465، حب 489]

===

أبو رافع، أول مشاهده أحد ثم الخندق، مات سنة 73 أو 74 هـ، وقيل قبل ذلك.

(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصبحوا)(1) أي نوروا وأسفروا (بالصبح) أي بصلاة الصبح (فإنه) أي التنوير بصلاة الصبح (أعظم لأجوركم، أو أعظم للأجر) رواه الخمسة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحافظ في "الفتح" (2): وصححه غير واحد.

وهذا الحديث يعارض الأحاديث التي وردت في التغليس، وقد أجاب القائلون بالتغليس عن أحاديث الإسفار بأجوبة، منها أن المراد بالإسفار التبين والتحقق، قال الترمذي: وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: معنى الإسفار أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يَرَوا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة، ورد بما أخرجه ابن أبي شيبة وإسحاق وغيرهما بلفظ:"ثوب بصلاة الصبح يا بلال حين يبصر القوم مواقع نبلهم من الإسفار".

وذكر الخطابي (3): يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول والثاني طلبًا للثواب فقيل لهم: صلوا بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها، فإنه أعظم لأجركم، وهذا التأويل أيضًا ركيك، فإنهم ما صلوا إلَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحال أن يغلط رسول الله صلى الله عليه وسلم في أداء الصلاة

(1) ويؤيد الحنفية أيضًا قوله تعالى في آخر سورة الطور: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]، ولذا ترى شراح الشافعية والمفسرين منهم اضطروا إلى تأويلها. (ش).

(2)

"فتح الباري"(2/ 55).

(3)

"معالم السنن"(1/ 183).

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويصلي قبل الوقت، وقال الطحاوي (1): إنما تتفق معانى الآثار بأن يكون دخوله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح مغلسًا، ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا.

وقال البهكلي (2) في "شرح النسائي": وقد جمع بعضهم بتعدد القصة، فتارة فعل التغليس وتارة فعل الإسفار، وهاهنا وجه آخر يتمشى على القواعد الأصولية، وهي أن الخطاب الخاص بالأمة لا يعارضه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالأمر للأمة بالإسفار لا يشمل النبي صلى الله عليه وسلم لا ظاهرًا ولا نصًّا، فيكون فعله التغليس، ومداومته عليه لا يقدح في أحاديث الإسفار للأمة، إلَّا أن هذا يتم لو كان التغليس من خصائه ولم يفعله معه الصحابة.

أما والحال أن الصحابة فعلوه معه وبعده، فلا يتم لنا الجمع بهذه القاعدة، فلا بد من التأويل الذي جنح إليه الطحاوي، أو بتعدد القصة، أو بالتفرقة باعتبار الأوقات كما في حديث معاذ بن جبل:"بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: يا معاذ إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس، ولا تملهم، وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر، فإن الليل قصير والناس ينامون، فأمهلهم حتى يدركوا"، رواه الحسين بن مسعود البغوي في "شرح السنة"، وأخرجه بقي بن مخلد في "مسنده" والمصنف، وأخرج أبو نعيم في "الحلية"، فهذا يكون وجهًا للجمع بأن التغليس في الشتاء والإسفار في الصيف.

(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 176).

(2)

ولم أجد بعد من هو. (ش)[قلت: هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن علي البهكلي الضمدي، (1182 - 1248 هـ)، من مؤلفاتة: "تيسير اليسرى بشرح المجتبى من السنن الكبرى"، مات متأثرًا من سم دسَّ له، انظر: "معجم المؤلفين" (5/ 117)، و"الأعلام" (3/ 298)].

ص: 96