الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِى بَادِيَةٍ لَنَا وَمَعَهُ عَبَّاسٌ، فَصَلَّى فِى صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، وَحِمَارَةٌ لَنَا وَكَلْبَةٌ (1) تَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا بَالَى ذَلِكَ". [حم 1/ 212، ن 753، ق 2/ 278، قط 1/ 369]
(117)
بَابُ مَنْ (2) قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَىْءٌ
717 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عن مُجَالِدٍ،
===
(عن عباس بن عبيد الله بن عباس) بن عبد المطلب الهاشمي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود والنسائي حديثًا واحدًا في الصلاة، وأعلَّه ابن حزم بالانقطاع، قال: لأن عباسًا لم يدرك عمه الفضل بن عباس، وهو كما قال، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله.
(عن الفضل بن عباس (3)) بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم النبي - صلي الله عليه وسلم -، أردفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أسن ولد العباس رضي الله عنه.
(قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا) قال في "القاموس": البدو والبادية والبداوة: خلاف الحضر، (ومعه عباس) بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله كان هناك مزرعة للعباس -رضي الله تعالى عنه -، (فصلَّى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة) أي أتان (لنا وكلبة تعبثان) أي تلعبان (بين يديه) أي قدامه، (فما بالى ذلك) أي ما اعتده قاطعًا.
(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ
ءٌ)
717 -
(حدثنا محمد بن العلاء، أنا أبو أسامة، عن مجالد،
(1) زاد في نسخة: "تعيثان أو".
(2)
وفي نسخة: "فيمن".
(3)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 460) رقم (4238).
عَنْ أَبِى الْوَدَّاكِ (1) ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَىْءٌ، وَادْرَؤوا مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» . [قط 1/ 368، ق 2/ 278]
718 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَدَّاكِ قَالَ: مَرَّ شَابٌّ مِنْ قُرَيْشٍ بَيْنَ يَدَىْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَهُوَ يُصَلِّى فَدَفَعَهُ، ثُمَّ عَادَ فَدَفَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا شَىْءٌ، وَلَكِنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ادْرَؤوا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» . [ق 2/ 278، قط 1/ 368]
===
عن أبي الوداك) بفتح الواو وتشديد الدال، جبر بن نوف بفتح النون، الهمداني البكالي بكسر الموحدة، وتخفيف الكاف، نسبة إلى بني بكال، بطن من حمير، الكوفي، وثَّقه ابن معين، وقا النسائي: صالح، وقال النسائي في "الجرح والتعديل": ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، (عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة) أي لا يبطلها (شيء) أي مرور شيء (وادرؤوا) أي ادفعوا من أراد المرور (ما استطعتم، فإنما هو) أي الذي يمرُّ بين يدي المصلي عمدًا (شيطان) أي يحمله (2) عليه شيطانه وهو قرينه الذي معه.
718 -
(حدثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا مجالد، ثنا أبو الوداك قال: مر شاب من قريش) أي أراد المرور (بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي فدفعه، ثم عاد فدفعه ثلاث مرات، فلما انصرف) أي أبو سعيد عن الصلاة (قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرؤوا) أي ادفعوا المار (ما استطعتم فإنه) أي المار بين يدي المصلي (شيطان)، قد أخرج مسلم (3) هذه القصة بسند آخر مفصلة.
(1) زاد في نسخة: "جبر بن نوف".
(2)
أو هو عاص، والعاصي يقال له: الشيطان، "ابن رسلان". (ش).
(3)
"صحيح مسلم"(505).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وإِذَا تَنَازَعَ الْخَبَرَانِ عَنْ النبي (1) صلى الله عليه وسلم نُظِرَ إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
===
(قال أبو داود: وإذا تنازع الخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه) أي أصحاب رسول الله (من بعده)، وفي هذا القول إشارة إلى ما ذهب إليه المصنف من عدم قطع الصلاة بمرور شيء.
وحاصله: أنه تعارضت الأحاديث في هذه المسألة، فورد في بعضها قطع الصلاة بمرور بعض الأشياء، وفي بعضها عدم القطع بمرور بعضها، وفي بعضها بعدم القطع بمرور شيء.
فقال المصنف: لما تنازعت الأحاديث ينظر إلى ما عمل به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده، ولما نظرنا في ذلك رأينا أن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه -، وهو الذي روى حديث القطع، أفتى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم القطع بمرور الحمار والكلب والمرأة، كما في الروايات المتقدمة.
قال البيهقي (2): روى سماك عن عكرمة قيل لابن عباس: أتقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب؟ فقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (3)، فما يقطع هذا ولكن يكره.
وكذلك عائشة رضي الله عنها روي عنها قطع الصلاة بمرور المرأة، وإنها أيضًا أفتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم قطعها، وردَّت على من قال بقطع الصلاة بمرور المرأة أقبح رد.
وكذلك ما روي عن ابن عمر أنه أفتى بعدم القطع، حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم قال: قيل لابن عمر: إن عبد الله بن عياش بن ربيعة يقول: يقطع الصلاة الكلب والحمار، فقال ابن عمر: لا يقطع صلاة المؤمن شيء.
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
"السنن الكبرى"(2/ 379).
(3)
سورة فاطر: الآية 10.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وكذلك صح عن علي وعثمان رضي الله عنهما أنهمما قالا بعدم القطع، فقد أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1) عن ابن المسيب، عن علي وعثمان قالا:"لا يقطع الصلاة شيء، وادرؤوهم عنكم ما استطعتم".
وكذلك روي عن حذيفة بن اليمان، فقد أخرج الطحاوي (2) عن كعب بن عبد الله، عن حذيفة بن اليمان يقول:"لا يقطع الصلاة شيء".
وأما اللذين ذهبوا إلى قطع الصلاة وإبطالها من الصحابة، فكثير، ونسب الشوكاني (3) ذلك إلى جماعة، منهم أبو هريرة وأنس وابن عباس في رواية عنه، وحكى أيضًا عن أبي ذر وابن عمر، وجاء عن ابن عمر أنه قال به في الكلب، وقال به الحكم بن عمرو الغفاري في الحمار، ولا يخفى عليك أن ابن عباس وابن عمر خالفا روايتهما التي رويا في القطع وأفتيا بخلافها.
وأما الباقون منهم فإنهم رووا في القطع، ولا يلزم منه أن هذا مذهبهم، وعادة أهل الحديث إذا رووا عن الصحابي شيئًا يزعمون أنه مذهبه، والحال أنه لا يلزم ذلك، فإن من روى من الصحابة حديث القطع يحتمل أن يكون أراد به قطع الخشوع لا إبطال الصلاة، فما دام لم يثبت عنهم أنهم أعادوا الصلاة، أو أمروا بإعادتها بمرور هذه القواطع، لا يثبت أن مذهبهم قطع الصلاة بمرورها بمعنى إبطالها، وهذه مغلطة عظيمة يجب أن يتنبه لها.
وأما الذين قالوا بعدم القطع فقولهم غير محتمل، فيجب أن يرد
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 313).
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 464).
(3)
"نيل الأوطار"(3/ 17).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
المحتمل على المحكم، وأما الأحاديث (1) التي أخرجها أبو داود والدارقطني والطبراني أن الصلاة لا يقطعها شيء فقد روي عن أبي سعيد وابن عمر وأبي أمامة وأنس وجابر، وضعفها النووي وغيره، وإن كان كل واحد من طرقها ضعيفًا غير قابل للاحتجاج، لكن لما تعددت طرقه وتقوت بعضها ببعض اكتسب قوة، فصار حسنًا، وصح الاحتجاج بها، والله تعالى أعلم.
* * *
(1) وفي الأصل: "الحديث" وهو تحريف، والصواب ما أثبتناه.
تم بحمد الله وتوفيقه المجلد الثالث ويتلوه إن شاء الله تعالى المجلد الرابع وأوله: "باب تفريع استفتاح الصلاة" وصلَّى الله تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وبارك وسلَّم تسليمًا كثيرًا