الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَأُحَدِّثُكُمْ لِمَ لَا أُصَلِّى بِكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ» . [ت 356، ن 787، حم 3/ 436، خزيمة 1520، ق 3/ 126]
(67)
بَابُ الإِمَامِ يَقُومُ مَكَانًا (1) أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ
===
أي يؤمكم في الصلاة (وسأحدثكم لِمَ لا أصلي بكم) مع أني أحق بالإمامة منكم، وذلك لأنه صحابي عالم، (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من زار قومًا فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم) فإنه أحق من الضيف، وكأنه امتنع من الإمامة مع وجود الإذن منهم عملًا بظاهر الحديث، ثم إن حدثهم بعد الصلاة فالسين للاستقبال وإلَّا فلمجرد التأكيد.
قال الترمذي بعد تخريج الحديث: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم (2) قالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر، وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به.
وقال إسحاق بحديث مالك بن الحويرث، وشدد في أن لا يصلي أحد بصاحب المنزل، وإن أذن له صاحب المنزل، قال: وكذلك في المسجد، لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم بقوله صلى الله عليه وسلم:"وليؤمهم رجل منهم"، انتهى.
(67)(بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)
هل يجوز ذلك أو يكره (3)؟
(1) وزاد في نسخة: "بمكان".
(2)
قال ابن رسلان: لا خلاف بين العلماء أن صاحب الدار أولى من الزائر، وقال ابن بطال: لم أجد فيه خلافًا، وخالفه حديث عتبان عند البخاري:"أين تحب أن أصلي في بيتك"، الحديث، وجمع بينهما أن الأول مطلق، والثاني على الإِذن، وضعف العيني حديث الباب. [انظر:"عمدة القاري"(3/ 422)]. (ش).
(3)
قال الشعراني: لا خلاف بينهم في أنه يكره بلا حاجة، وبه قال الموفق إلَّا أنه حكى عن الشافعي الجواز للتعليم، واستدل بحديثي الباب على الكراهة. (ش).
595 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ (1) وَأَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِىُّ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ "أَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النَّاسَ بِالْمَدَائِنِ عَلَى دُكَّانٍ،
===
595 -
(حدثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي) هو أحمد بن فرات بن خالد الضبي، نزيل أصبهان، وثَّقه الخليلي والحاكم، وقال أحمد: ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود، وقال ابن معين: ما رأيت أسود الرأس أحفظ منه، غير أن ابن عدي ذكر في "الكامل" أن ابن عقبة روى عن ابن خراش أنه كذب ابن الفرات، قال ابن عدي: وهذا تحامل، ولا أعلم لأبي مسعود رواية منكرة، وهو من أهل الصدق والحفظ، وقال أبو عبد الله بن منده في "تاريخه": أخطأ أبو مسعود في أحاديث ولم يرجع عنها، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 258 هـ.
(المعنى قالا: ثنا يعلى) بن عبيد بن أبي أمية الإيادي، ويقال: الحنفي الكوفي، أبو يوسف الطنافسي، مولى إياد، ثقة، وقال ابن معين: ضعيف في سفيان، ثقة في غيره، (ثنا الأعمش، عن إبراهيم) النخعي، (عن همام) بن الحارث (أن حذيفة) بن اليمان صحابي (أمَّ الناس) أي صلَّى بالناس إمامًا (بالمدائن) هي بلدة قديمة مبنية على الدجلة، وكانت دار مملكة الأكاسرة على سبعة فراسخ من بغداد (على دكان).
قال في "لسان العرب": ودَكَّنَه: نَضَّدَ بعضَه على بعض، ومنه الدكان مشتق من ذلك، قال الجوهري: الدكان واحد الدكاكين، وهي الحوانيت، فارسي معرب، والنون مختلف فيها، فمنهم (2) من يجعلها أصلًا، ومنهم من يجعلها زائدة، انتهى، فالدكان هي الدكة (3) المبنية للجلوس عليها.
(1) زاد في نسخة: "الواسطي".
(2)
واختاره الأخفش. (ش).
(3)
وهي المحل المرتفع، "ابن رسلان". (ش).
فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلَى، قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِى". [ق 3/ 108، حب 2143، ك 1/ 210، خزيمة 1523]
596 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ، حَدَّثَنِى رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِالْمَدَائِنِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّى وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ،
===
(فأخذ أبو مسعود بقميصه) أي حذيفة (فجبذه) أي جرَّ أبو مسعود حذيفة عن الدكان (فلما فرغ) أي حذيفة (من صلاته قال) أي أبو مسعود: (ألم تعلم أنهم) أي الصحابة (كانوا ينهون عن ذلك؟ ) أي عن القيام على المكان المرتفع (قال) أي حذيفة: (بلى) أعلم ذلك، ولكن نسيت حين قمت على الدكان، ثم (قد ذكرت) النهي (حين مددتني) أي جذبتني فاتبعتك.
596 -
(حدثنا أحمد بن إبراهيم) بن كثير بن زيد الدورقي النكري البغدادي، نسبة إلى بني نكر، والدورق من أعمال الأهواز، وهي معروفة، ويقال: بل هو منسوب إلى صنعة القلانس لا إلى البلد، ثقة صدوق.
(ثنا حجاج) بن محمد المصيصي، (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز، (أخبرني أبو خالد) قال في "تهذيب التهذيب": أبو خالد عن عدي ابن ثابت، وعنه ابن جريج، قلت: يحتمل أن يكون هو الدالاني أو الواسطي، وقال الذهبي: لا يعرف.
(عن عدي بن ثابت الأنصاري، حدثني رجل) قال في "الخلاصة": هو همام بن الحارث (أنه) أي ذلك الرجل (كان مع عمار بن ياسر) صحابي مشهور (بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار) أي أمَّ الناس (وقام على كان) أي على مكان مرتفع وحده (يصلي) أي بالناس (والناس) أي المقتدون به (أسفل منه) أي في مكان أسفل منه.
فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ، فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِى مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ» أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؟ قَالَ عَمَّارٌ: لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَىَّ. [انظر تخريج الحديث السابق]
===
(فتقدم حذيفة فأخذ) أي حذيفة (على يديه) أي يدي عمار فجذبه، (فاتبعه) أي حذيفة (عمار حتى أنزله) أي عمارًا (حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له) أي لعمار (حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أمَّ الرجل القوم) أي صار إمامًا يصلي بهم (فلا يقم (1) في مكان أرفع من مقامهم أو نحو ذلك؟ ) شك من الراوي، أي قال هذا اللفظ أو نحوه (قال عمار) في جواب حذيفة:(لذلك) أي لأجل هذا الحديث (اتَّبَعْتُك حين أَخَذْتَ على يَدَيَّ).
قال في "البدائع"(2): ويكره أن يكون الإِمام على دكان، والقوم أسفل منه، والجملة فيه أنه لا يخلو إما إن كان الإِمام على الدكان والقوم أسفل منه، أو كان القوم على الدكان والإمام أسفل منه، ولا يخلو إما أن يكون الإِمام وحده أو كان بعض القوم معه، وكل ذلك لا يخلو إما إن كان في حالة الاختيار أو في حالة العذر، أما في حالة الاختيار فإن كان الإِمام وحده على الدكان والقوم أسفل منه يكره، سواء كان المكان قدر قامة الرجل أو دون ذلك في ظاهر الرواية.
وروى الطحاوي أنه لا يكره ما لم يجاوز القامة، لأن في الأرض هبوطًا وصعودًا، وقليل الارتفاع عفو، فجعلنا الحد الفاصل ما يجاوز القامة، وروي عن أبي يوسف: أنه إذا كان دون القامة لا يكره.
(1) هذا إذ لا يكون فيه ضرورة بخلاف حديث "الصحيحين" أنه صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم أَمَّهم على المنبر، فإنه كان المقصود فيه التعليم، قاله ابن رسلان، قلت: أو يقال: إن المنبر لم يكن مقدار الذراع. (ش).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 508).