الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خِيَارُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ". [جه 726، ق 1/ 426]
(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ
(1)
589 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، حَدَّثَتْنِى جَدَّتِى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ الأَنْصَارِىُّ
===
استحباب (خياركم) أي من هو أكثر صلاحًا ليحفظ نظره عن العورات، ويبالغ في محافظة الأوقات، (وليؤمكم قراؤكم) بضم القاف وتشديد الراء جمع قارئ، وكل ما يكون أقرأ فهو أفضل إذا كان عالمًا بمسائل الصلاة، فإن أفضل الأذكار وأطولها وأصعبها إنما هو القراءة، وفيه تعظيم لكلام الله تعالى، وتقديم قارئه، وإشارة إلى علو مرتبته في الدارين، كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر بتقديم الأقرأ في الدفن.
قلت: ولو حمل على الترغيب في تعليم القرآن لكان أنسب.
(62)
(بَابُ إَمَامَةِ النِّسَاءِ)
أي: للنساء هل يجوز ذلك أو لا؟
589 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع بن الجراح، ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع) مصغرًا، الزهري المكي الكوفي، وقد ينسب إلى جده، وثَّقه ابن معين والعجلي وابن سعد، ولينه آخرون، وقال أحمد وأبو داود وأبو زرعة: لا بأس به، قال الحافظ في "التقريب": صدوق يهم، ورمي بالتشيع.
(حدثتني جدتي) قال في "التقريب": وليد بن عبد الله بن جميع عن جدته عن أم ورقة، هي ليلى بنت مالك، لا تعرف، من الثالثة، ووقع في بعض الروايات عن جدته أم ورقة، والأول أثبت، انتهى.
(وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري) قال الحافظ في "التقريب": مجهول
(1) وفي نسخة: ، باب ما جاء في إمامة النساء".
عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ نَوْفَلٍ: أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا غَزَا بَدْرًا قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِى فِى الْغَزْوِ مَعَكَ، أُمَرِّضُ مَرْضَاكُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِى شَهَادَةً قَالَ: «قِرِّى فِى بَيْتِكِ،
===
الحال، وقال في "الخلاصة": وثَّقه ابن حبان (عن أم ورقة بنت نوفل) في بنت عبد الله بن الحارث بن عويمر بن نوفل الأنصاري، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ويسميها الشهيدة، فقتلها غلام لها وجارية كانت دبرتهما، وذلك في خلافة عمر.
قال الحافظ في "التهذيب"(1): روى حديثها الوليد بن عبد الله بن جميع عن جدته، عن أمها أم ورقة، وقيل: عن الوليد عن جدته ليلى بنت مالك عن أبيها عن أم ورقة، عن الوليد عن جده عن أم ورقة ليس بينهما أحد، والوليد عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة، وقيل: عن عبد الرحمن بن خلاد عن أبيه عن أم ورقة، وقد نسبت في رواية إلى جد أبيها، فقال: عن أم ورقة بنت نوفل.
(أن النبي -صلي الله عليه وسلم- لما غزا بدرًا) قال في "المجمع"(2): "بدر" قرية عامرة بنحو أربع مراحل بين المدينة ومكة، انتهى، أو اسم بئر هناك كانت لرجل من قريش حفرها، واسمه بدر بن قريش، وهو إلى المدينة أقرب، ويقال: هو منها على ثمانية وعشرين فرسخًا.
(قالت) أي أم ورقة: (قلت له: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن لي في الغزو معك، أمرض) أي أعالج وأخدم (مرضاكم) جمع مريض، كقتلى وقتيل، وأسرى وأسير (لعل الله تعالى أن يرزقني شهادة) فأقتل في سبيله، أو مرتبة الشهادة إن مت على فراشي.
(قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قري في بيتك) أي امكثي ولا تخرجي إلى
(1)"تهذيب التهذيب"(12/ 482).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 148).
فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَرْزُقُكِ الشَّهَادَةَ». قَالَ: فَكَانَتْ تُسَمَّى الشَّهِيدَةَ.
قَالَ: وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ، فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَتَّخِذَ فِى دَارِهَا مُؤَذِّنًا فَأَذِنَ (1) لَهَا. قَالَ: وَكَانَتْ دَبَّرَتْ غُلَامًا لَهَا وَجَارِيَةً، فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَذَهَبَا، فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِى النَّاسِ فَقَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ، أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا. فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا،
===
الغزو، (فإن الله عز وجل يرزقك الشهادة) أي يعطيكها في بيتك، (قال) أي وكيع بن الجراح:(فكانت تسمى الشهيدة) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(قال) أي الوليد بن عبد الله: (وكانت) أي أم ورقة (قد قرأت القرآن) أي حفظته، (فاستأذنت) أي أم ورقة (النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذنًا) فيؤذن لها ليجتمع نساء الحي فيصلين معها، وكان أمرها أن تؤم أهل دارها فكانت تؤم، كما يدل عليه رواية الدارقطني.
(فأذن) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتخذ مؤذناً يؤذن (لها، قال) أي وكيع بن الجراح: (وكانت) أم ورقة (دبرت غلامًا لها وجارية، فقاما) أي الغلام والجارية (إليها) أي إلى أم ورقة (بالليل فغماها) الغم تغطية الوجه والأنف وسدهما فلا يخرج الهواء ولا يدخل فيموت (بقطيفة) هي كساء له خمل، والقطائف جمعه، (لها) أي لأم ورقة (حتى ماتت) أي أم ورقة (وذهبا) أي فرّا بعد قتلها.
(فأصبح عمر فقام في الناس) أي خطيبًا (فقال) أي عمر: (من كان عنده من هذين) أي الغلام والجارية القاتلين (علم، أو من رآهما) ولفظ "أو" شك من الراوي، أي قال هذا أو ذاك (فليجئ بهما) فجئ بهما (فأمر) عمر -رضي الله تعالى عنه - (بهما فصلبا)(2) أي الغلام والجارية، وهذا بظاهره
(1) وفي نسخة "فيؤذن".
(2)
قال ابن رسلان: فيه أن من قتل خنقًا يصلب، ولم أجد أحدًا قال به. (ش).
فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بالْمَدِينَةِ. [حم 6/ 405]
590 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِىُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الفُضَيْلٍ (1) ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ (2) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالأَوَّلُ أَتَمُّ.
===
يخالف قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قود إلَّا بالسيف" ويمكن أن يوجه بأن عمر رضي الله عنه قتلهما ثم صلبهما، والله أعلم (فكانا أول مصلوب بالمدينة).
قال الحافظ في "الإصابة"(3) بعد نقل حديث أبي داود: وأخرجه ابن السكن من طريق محمد بن فضيل ولفظه: أنها قالت: يا رسول الله لو أذنت لي فغزوت معكم، فمرضت مريضكم، وداويت جريحكم، فلعل الله أن يرزقني الشهادة، قال: يا أم ورقة اقعدي في بيتك، فإن الله سيهدي إليك شهادة في بيتك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنًا يؤذن لها، قال: وكان لها غلام وجارية فدبَّرتهما، فقاما إليها، فغماها، فقتلاها، فلما أصبح عمر قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئًا، فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال: صدق الله ورسوله، ثم صعد المنبر، فذكر الخبر، وقال: علي بهما، فأتي بهما، فسألهما فأقرا أنهما قتلاها، فأمر بهما فصلبا.
590 -
(حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي) هو الحسن بن حماد بن كسيب بالمهملة وآخره موحدة مصغرًا، الحضرمي، أبو علي البغدادي، يلقب بسجادة، وثَّقه الخطيب، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مَات سنة 241 هـ.
(ثنا محمد بن الفضيل، عن الوليد بن جميع، عن عبد الرحمن بن خلاد، عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بهذا الحديث) المتقدم (والأول أتم)
(1) وفي نسخة: "فضيل".
(2)
وفي نسخة: "ابنة".
(3)
(8/ 289).
قَالَ: "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا فِى بَيْتِهَا، وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا". قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا.
===
أي والحديث الأول الذي رواه وكيع بن الجراح عن الوليد بن عبد الله أتم من الحديث الذي رواه محمد بن الفضيل عن الوليد.
(قال) محمد بن الفضيل: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها)(1) أي أم ورقة (في بيتها، وجعل) أي رسول الله- صلى الله عليه وسلم (لها) أي لأم ورقة (مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها) أي أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم أم ورقة (أن تؤم أهل دارها) أي نساء المحلة (قال عبد الرحمن: فأنا رأيت موذنها شيخاً كبيرًا) وهذا الحديث يدل على جواز إمامة المرأة للنساء، وأما عند الحنفية فجازت مع الكراهة.
قال في "البدائع"(2): وكذا المرأة تصلح للإمامة في الجملة حتى لو أمَّت النساء جاز، وينبغي أن تقوم وسطهن لما روي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها - "أنها أمَّت نسوة في صلاة العصر وقامت وسطهن"(3)، "وأمَّت أم سلمة نساء وقامت وسطهن"(4)، ولأن مبنى حالهن على الستر، وهذا أستر لها، إلَّا أن جماعتهن مكروهة عندنا، وعند الشافعي مستحبة (5)
(1) وفيه أن النساء لا تستر منه صلى الله عليه وسلم، لأنه كان معصومًا بخلاف غيره من الرجال، "ابن رسلان"، قلت: هذا يخالف ما يأتي في "باب الخضاب للنساء" من حديث عائشة، وفيه: أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث. (ش).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 387).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(5086)، والدارقطني في "سننه"(1/ 404)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 408).
(4)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(5082)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(1/ 536)، والدارقطني في "سننه"(1/ 405).
(5)
قال الشعراني: قال الشافعي وأحمد: إن للنساء إقامة الجماعة في بيوتهن من غير كراهة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
كجماعة الرجال، ويروى في ذلك أحاديث لكن تلك كانت في ابتداء الإِسلام ثم نسخت (1) بعد ذلك، انتهى.
وقد أطال ابن الهمام (2) الكلام في ذلك المقام، فاعترض على كونها منسوخة بروايات نقلها عن "المستدرك" وعن "كتاب الآثار" لمحمد وعن أبي داود بحديث أم ورقة، ثم أجاب عنها.
ثم قال بعد تفصيل الأجوبة: ولكن يبقى الكلام بعد هذا في تعيين الناسخ إذ لابد في ادعاء النسخ منه، ولم يتحقق في النسخ إلَّا ما ذكر بعضهم من إمكان كونه ما في "أبي داود" و"صحيح ابن خزيمة":"صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" يعني الخزانة التي تكون في البيت.
وروى ابن خزيمة عنه صلى الله عليه وسلم: "إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان في بيتها ظلمة"(3)، وفي حديث له وابن حبان:"وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها"(4)، ومعلوم أن المخدع لا يسع الجماعة وكذا قعر بيتها وأشده ظلمة، ولا يخفى ما فيه.
وبتقدير التسليم فإنما يفيد نسخ السنية، وهو لا يستلزم كراهة التحريم في
= مع قول أبي حنيفة ومالك بالكراهة، لكن ظاهر ابن رسلان على أنها تكره عند الأربعة، وقال الموفق (3/ 37): اختلفت الرواية عن أحمد فعنه مستحب، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور، وعنه غير مستحب، وقال أصحاب الرأي: مكروه، وإن فعلن أجزأهن، وقال الشعبي والنخعي وقتادة: لهن ذلك في التطوع دون الفرض، وقال مالك: لا ينبغي لها أن تؤم أحدًا. (ش).
(1)
ويمكن أن يقال: إنه خبر واحد في عموم البلوى. (ش).
(2)
انظر: "فتح القدير"(1/ 307).
(3)
"صحيح ابن خزيمة"(3/ 96) ح (1692).
(4)
"صحيح ابن خزيمة"(1685) و"صحيح ابن حبان"(5598).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الفعل بل التنزيه، ومرجعها إلى خلاف الأولى، ولا علينا أن نذهب إلى ذلك، فإن المقصود اتباع الحق حيث كان، انتهى.
وقال القاري في شرح "النقاية": قال في شرح "المجمع": فعلن (أي عائشة وأم سلمة) كذلك حين كانت جماعتهن مستحبة، ثم نسخ الاستحباب، أقول: الأظهر أن الكراهة محمولة على ظهورهن وخروجهن، والجواز على تسترهن في بيوتهن، انتهى.
وأما ما استدل بهذا الحديث بعض العلماء على جواز إمامة (1) المرأة النساء والرجال، فغير صحيح، ووجه استدلالهم بهذا الحديث بأنه كان لها مؤذن يؤذن لها، وكان لها غلام وجارية، فالظاهر أنها كانت تؤم مؤذنها وغلامها مع الجارية، قلت: وفي الاستدلال نظر، فإن الحديث لا يدل على إمامتها إياهما بوجه من وجوه الدلالة، وظاهر الحال لو سلم (2) فغير حقيق بالاستدلال.
وأما الاستدلال بعدم (3) جواز إمامة المرأة للرجال، فتارة بالحديث الذي نقله الفقهاء بقوله عليه السلام:"أخِّروهن من حيث أخَّرهن الله"، ولكن قال ابن الهمام (4): لم يثبت رفعه فضلًا عن كونه من المشاهير، وتارة يستدل بحديث إمامة أنس واليتيم حيث قامت العجوز من وراء أنس واليتيم، فقد قامت منفردة خلف صف، وهو مفسد، كما هو مذهب أحمد رحمه الله
(1) وفي "تحفة المحتاج"(2/ 343): يبطل إجماعًا إلَّا ما شذَّ كالمزني. (ش).
(2)
وفي "المغني"(3/ 32): وحديث أم ورقة: "إنما أذن لها أن تؤم نساء [أهل] دارها"، كذلك رواه الدارقطني (1/ 279)، وهذه زيادة يجب قبولها إلى آخر ما بسط. (ش).
(3)
وقد ورد نصًا مرفوعًا من حديث جابر عند ابن ماجه، لكنه ضعيف، بسط صاحب "النيل"(3/ 208). (ش).
(4)
"فتح القدير"(1/ 312).