المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(75) (باب تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٣

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(2) كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌(1) أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ

- ‌(2) (بَابٌ: في الْمَوَاقِيتِ)

- ‌(3) بَابٌ: في وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ كَانَ يُصلِّيهَا

- ‌(4) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الظُّهْرِ)

- ‌(5) (بَابٌ: في وَقْتِ صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(6) بَابٌ: في وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌(7) بَابٌ: في وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ

- ‌(8) (بَابٌ: في وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌(9) بَابٌ: في الْمُحافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ

- ‌(10) بَابٌ: إِذَا أَخَّرَ الإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ

- ‌(13) بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ في الدُّورِ

- ‌(14) بَابٌ: في السُّرُجِ في الْمَسَاجِدِ

- ‌(15) بَابٌ: في حَصَى الْمَسْجِدِ

- ‌(16) بَابٌ: في كَنْسِ الْمَسْجِدِ

- ‌(17) (بَابٌ: في اعْتِزَالِ النِّسَاءِ في المَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ)

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(20) بَابٌ: في فَضْلِ الْقُعُودِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(21) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(22) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ البُزَاقِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(23) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُشْرِكِ يدخلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(24) بَابٌ: في الْمَواضِعِ الَّتي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(25) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ في مَبَارِكِ الإِبْلِ

- ‌(26) بَابٌ: مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلامُ بِالصَّلَاةِ

- ‌(27) (بَابُ بَدْءِ الأذَانِ)

- ‌(28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌(29) (بَابٌ: في الإقَامَةِ)

- ‌(30) بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وُيُقِيمُ آخَرُ

- ‌(31) بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌(32) بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ منْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ

- ‌(33) بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْمُؤذِّنِ يَسْتَدِيرُ في أَذَانِهِ

- ‌(35) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌(36) (بَابُ مَا يَقُولُ إِذا سَمِعَ المُؤَذِّنُ)

- ‌(37) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ

- ‌(38) بَابُ مَا جَاءَ في الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌(39) بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ

- ‌(40) بَابُ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌(41) بَابٌ: في الأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ

- ‌(42) بَابُ الأَذَانِ لِلْأَعْمَى

- ‌(43) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الإِمَامَ

- ‌(45) بَابٌ: في التَّثويبِ

- ‌(46) بَابٌ: في الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأتِ الإِمَامُ، يَنْتَظِرُونَهَ قُعُودًا

- ‌(47) بَابٌ: في التَّشْدِيدِ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(48) (بَابٌ: في فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَة)

- ‌(49) بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(50) بَابُ مَا جَاءَ في الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ في الظُّلَمِ

- ‌(51) بَابُ مَا جَاءَ في الْهَدْيِ فِي الْمَشْىِ إِلَى الصَّلاةِ

- ‌(52) بَابٌ: فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا

- ‌(53) بَابُ مَا جَاءَ في خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ

- ‌(54) بَابُ التَّشْدِيدِ في ذَلِكَ

- ‌(55) بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(58) بَابٌ: إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، يُعِيدُ

- ‌(59) (بَابٌ: في جُمّاعِ الإمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(60) (بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ التَّدَافُعِ عَنِ الإمَامَةِ)

- ‌(61) بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌(62) بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ

- ‌(63) بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

- ‌(64) بَابُ إِمَامَةِ البَرّ وَالْفَاجِرِ

- ‌(65) باب إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌(66) بابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌(67) (بَابُ الإِمام يقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ)

- ‌(68) بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ

- ‌(69) بابُ الإِمَامِ يُصَلِّى مِنْ قُعُودٍ

- ‌(71) بَابٌ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُون

- ‌(72) بَابُ الإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(73) بابُ الإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِى مَكَانِهِ

- ‌(74) بَابُ الإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌(75) (بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

- ‌(76) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الإِمَامِ

- ‌(77) بَابُ مَا جَاءَ في التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌(78) بَابٌ: فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمَامِ

- ‌(81) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌(82) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُصَلِّي في قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌(83) بَابٌ: إِذَا كَانَ ثَوْبًا ضَيِّقًا

- ‌(84) بَابُ الإسْبَالِ في الصَّلَاةِ

- ‌(85) باب مَنْ قَالَ: يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا

- ‌(86) بَابٌ: في كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ

- ‌(87) باب الْمَرْأَةِ تُصَلِّى بِغَيْرِ خِمَارٍ

- ‌(88) بَابُ مَا جَاءَ في السَّدْلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(89) باب الصَّلَاةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ

- ‌(90) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى عَاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في النَّعْلِ

- ‌(92) باب الْمُصَلِّى إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ، أَيْنَ يَضَعُهُمَا

- ‌(93) بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(94) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌(95) بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ

- ‌(96) بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(97) بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌(98) باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ

- ‌(99) بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(100) باب صَفِّ النِّسَاءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ

- ‌(101) بَابُ مَقَامِ الإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ

- ‌(102) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌(103) باب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ

- ‌(104) بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي

- ‌(105) بابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا

- ‌(106) بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(107) (بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، ) (أَيْنَ يَجْعَلُها مِنْهُ

- ‌(109) باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌(112) بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاة

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(116) (بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ)

- ‌(117) (بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَئ

الفصل: ‌(75) (باب تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)

(75)

بَابٌ (1) تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيم

616 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ:

===

وقال الخطابي في "المعالم"(2): ولا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهره، لأن أصحاب الرأي لا يرون أن صلاته تمت بنفس القعود حتى يكون ذلك بقدر التشهد، على ما رووه عن ابن مسعود، ثم لم يقودوا قولهم في ذلك، لأنهم قالوا: إذا طلعت عليه الشمس أو كان متيممًا، فرأى الماء، وقد قعد مقدار التشهد قبل أن يسلم، فقد فسدت صلاته، وقال فيمن قهقه بعد الجلوس قدر التشهد: إن ذلك لا تفسد صلاته ويتوضأ، ومن مذهبهم أن القهقهة لا تنقض الوضوء، إلَّا أن تكون في الصلاة، والأمر في هذه الأقاويل واختلافها ومخالفتها الحديث بَيّنٌ، انتهى.

قلت: مبنى هذا القول عدم التدبر فيما قالت الحنفية، وإن شئت أن تعرف حقيقتها فعليك بكتب الحنفية من "الهداية" وغيرها، ولا نطول الكلام بذكرها.

(75)(بابٌ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ)

هكذا في بعض النسخ، وفي بعضها لم يعقد الباب في هذا الموضع، بل أدخل الحديث تحت الباب المتقدم

616 -

(حدثنا (3) عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن عقيل) هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، (عن محمد بن الحنفية، عن علي) بن أبي طالب (قال:

(1) وفي نسخة: "باب في تحريم الصلاة وتحليلها".

(2)

"معالم السنن"(1/ 233).

(3)

والحديث مكرر تقدم في "باب فرض الوضوء". (ش).

ص: 541

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ،

===

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح) بكسر الميم، والمراد أنه أول شيء يفتتح به من أعمال الصلاة، لأنه شرط من شروطها (الصلاة الطهور) بضم الطاء، وفي رواية:"الوضوء مفتاح الصلاة"، (وتحريمها التكبير).

قال العيني (1): اختلف العلماء في تكبيرة الإحرام، فقال أبو حنيفة: هي شرط، وقال مالك والشافعي وأحمد: هي ركن، وقال الزهري: تنعقد الصلاة بمجرد النية بلا تكبير، قال أبو بكر: ولم يقل به غيره، ثم اختلف العلماء هل يجزئ الافتتاح بالتسبيح والتهليل مكان التكبير؟ فقال مالك وأبو يوسف والشافعي وأحمد وإسحاق: لا يجزئ إلَّا الله أكبر، وعن الشافعي أنه يجزئ (2) الله الأكبر، وقال أبو حنيفة ومحمد: يجوز بكل لفظ يقصد به التعظيم.

وذكر في "الهداية": قال أبو يوسف: إن كان المصلي يحسن التكبير لم يجز إلَّا الله أكبر، أو الله الأكبر، أو الله الكبير، وإن لم يحسن جاز، وقال بعضهم: استدل بحديث عائشة: "أن النبي - صلي الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير"، وبحديث ابن عمر:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة" على تعيين لفظ التكبير دون غيره من ألفاظ التعظيم.

وكذلك استدلوا بحديث رفاعة في قصة المسيء صلاته أخرجه أبو داود: "ولا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر"، وبحديث أبي حميد (3):"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة عقد قائمًا ورفع يديه، ثم قال: الله أكبر"، أخرجه الترمذي.

(1)"عمدة القاري"(4/ 373 - 374).

(2)

وفي الأصل: "يجوز" وهو تحريف، والصواب ما أثبتناه من "العيني".

(3)

قلت: كذا في "عمدة القاري"(4/ 374)، ولكن ما وجدت الحديث بهذا اللفظ في "سنن الترمذي"، نعم أخرجه الترمذي (1/ 188) في "باب ما جاء في وصف الصلاة" مطولًا، ولفظه:"إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر".

ص: 542

وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ". [مضى برقم 61]

===

قلت: التكبير هو التعظيم من حيث اللغة، كما في قوله تعالى:{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} (1) أي عظمنه {وَرَبَّكَ فَكَبِّر} (2) أي فعظم، فكل لفظ دل على التعظيم وجب أن يجوز الشروع به، ومن أين قالوا: إن التكبير وجب بعينه حتى يقتصر على لفظ: أكبر؟ والأصل في خطاب الشرع أن يكون نصوصه معلومة معقولة، والتقييد خلاف الأصل، وقال تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (3)، وذكر اسمه تعالى أعم من أن يكون باسم الله أو باسم الرحمن، فجاز الرحمن أعظم كما جاز الله أكبر، لأنهما في كونهما ذكرًا سواء، قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (4)، وقال صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله"، فمن قال: لا إله إلَّا الرحمن أو العزيز كان مسلمًا، فإذا جاز ذلك في الإيمان الذي هو أصل، ففي فروعه أولى، انتهى ملخصًا بقدر الحاجة.

(وتحليلها التسليم) قال العيني (5): اختلف العلماء في هذا، فقال مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم: إذا انصرف المصلي من صلاته بغير لفظ التسليم فصلاته باطلة، حتى قال النووي: ولو أخلَّ بحرف من حروف: السلام عليكم، لم تصح صلاته، واحتجوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:"تحليلها التسليم"، رواه أبو داود وأخرجه [الترمذي] وابن ماجه أيضًا، وأخرجه الحاكم في "مستدركه"(6)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

(1) سورة يوسف: الآية 31.

(2)

سورة المدثر: الآية 3.

(3)

سورة الأعلى: الآية 15.

(4)

سورة الأعراف: الآية 180.

(5)

"عمدة القاري"(4/ 597).

(6)

(1/ 132).

ص: 543

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: اختلفوا في صحته بسبب ابن عقيل، فقال محمد بن سعد: كان منكر الحديث لا يحتجون بحديثه، وكان كثير العلم، وقال ابن المديني عن بشر بن عمر الزهراني: كان مالك لا يروي عنه، وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه، وعن يحيى بن معين: ليس حديثه بحجة، وعنه: ضعيف الحديث، وعنه: ليس بذلك، وقال النسائي: ضعيف، وقال الترمذي: صدوق، وقد تكلم بعض أهل العلم من قبل حفظه.

وعلى تقدير صحته أجاب الطحاوي (1) عنه بما محصله: أن عليًا رضي الله عنه روي عنه من رأيه: "إذا رفع رأسه من آخر سجدة، فقد تمت صلاته"، فدل على أن معنى الحديث المذكور لم يكن على أن الصلاة لا تتم إلَّا بالتسليم، إذا كانت تتم عنده بما هو قبل التسليم، فكان معنى:"تحليلها التسليم"، التحلل الذي ينبغي أن يحل به لا بغيره.

وجواب آخر أن الحديث المذكور من أخبار الآحاد فلا يثبت بها الفرض.

فإن قلت: كيف أثبت فرضية التكبير به ولم تثبت فرضية التسليم؟ قلت: أصل فرضية التكبير في الصلاة بالنص، وهو قوله تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ، وقوله:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} ، غاية ما في الباب يكون الحديث بيانًا لما يراد به من النص، والبيان به يصح كما في مسح الرأس.

وذهب عطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وإبراهيم وقتادة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وابن جرير الطبري بهذا إلى أن التسليم ليست بفرض حتى لو تركه لا تبطل صلاته، انتهى.

قال في "البدائع"(2): أما صفته فإصابة لفظ السلام ليس بفرض عندنا،

(1) انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 273).

(2)

"بدائع الصنائع"(1/ 454 - 455).

ص: 544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولكنها واجبة، حتى لو تركها عامدًا كان مسيئًا، ولو تركها ساهيًا يلزمه سجود السهو عندنا، وعند مالك والشافعي فرض لو تركها تفسد صلاته، احتجا بقوله صلى الله عليه وسلم:"وتحليلها التسليم"، خص التسليم بكونه محللًا، فدل على أن التحليل بالتسليم على التعيين، فلا يتحلل بدونه، ولأن الصلاة عبادة لها تحريم وتحليل، فيكون التحليل فيها ركنًا قياسًا على الطواف في الحج.

ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن مسعود حين علمه التشهد: "إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت ما عليك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد، والاستدلال به من وجهين:

أحدهما: أنه جعله قاضيًا ما عليه عند هذا القول أو الفعل، وما للعموم فيما لا يعلم، فيقتضي أن يكون قاضيًا جميع ما عليه، ولو كان التسليم فرضًا لم يكن قاضيًا جميع ما عليه بدونه، لأن التسليم يبقى عليه.

والثاني: أنه خيَّره بين القيام والقعود من غير شرط لفظ التسليم، ولو كان فرضًا ما خيَّره، ولأن ركن الصلاة ما تتأدى به الصلاة، والسلام خروج عن الصلاة وترك لها ، لأنه كلام وخطاب لغيره، فكان منافيًا للصلاة، فكيف يكون ركنًا لها.

وأما الحديث فليس فيه نفي التحليل بغير التسليم، إلَّا أنه خص التسليم لكونه واجبًا، والاعتبار بالطواف غير سديد، لأن الطواف ليس بمحلل، إنما المحلل هو الحلق، إلَّا أنه توقف بالإحلال على الطواف، فإذا طاف حل بالحلق لا بالطواف، والحلق ليس بركن، فنزل السلام في باب الصلاة منزلة الحلق في باب الحج، وينبني على هذا أن السلام ليس من الصلاة عندنا، وعند الشافعية التسليمة الأولى من الصلاة، والصحيح قولنا لما بينا.

ص: 545