الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدّث عَنْ: محمد بْن عَبْد الرحيم الأصبهانيّ، ومحمد بْن مُوسَى البربريّ.
وعنه: عُمَر بْن شاهين، وجماعة.
525-
يحيى بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن العنبر بْن عطاء السُّلَميّ [1] .
مولاهم أَبُو زكريًا العنبريَ النيسابوري العدل، المفسر الأديب الأوحد.
سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، والحسين بْن محمد القبّانيّ، ومحمد بْن عَمْرو الحَرَشيّ، وطائفة.
روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن عَبْدَش [2] ، وأبو عَلِيّ الحافظ وهما من أقرانه، وأبو الْحُسَيْن الحجّاجي، والحاكم أبو عبد الله فمن بعدهم.
وتوفي فِي شوّال عَنْ ستٍّ وسبعين سنة، ولم يرحل.
قَالَ أَبُو عَلِيّ الحافظ: أَبُو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلّفنا حِفظ شيء منها لعجزنا عَنْهُ. وما أعلم أني رأيت مثله.
وقال الحاكم: اعتزل أَبُو زكريّا الناس، وقعد عَنْ حضور المحافل بضع عشرة سنة [3]، سمعته يقول: للعالم الْمُخْتَار أن يرجع إلى حُسْن حالْ، فيأكل الطَّيِّبَ والحلال، ولا يكسب بعلمه المال، ويكون علمه له جمال، وما له من اللَّه المُتْعال منٌّ عَلَيْهِ وإفضال.
الكنى
526-
أَبُو القاسم بْن أبي الفوارس [4] رَجُل صالح عابد قانع بكسب يده بمصر.
[1] انظر عن (يحيى بن محمد العنبري) في:
الأنساب 9/ 74، ومعجم الأدباء 20/ 34، والعبر 2/ 265، 266، وسير أعلام النبلاء 15/ 533، 534 رقم 311، والإعلام بوفيات الأعلام 146، ومرآة الجنان 2/ 337، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 486، 486، والنجوم الزاهرة 4/ 314، وشذرات الذهب 2/ 369.
[2]
في: معجم الأدباء 20/ 34 «عبدوس» .
[3]
معجم الأدباء 20/ 34.
[4]
لم أجده، ولعله في (تاريخ مصر) .
كانت لَهُ بضاعة بدون الألف دينار، فلم يزل يتصدَّق منها حتى فرغت، فأقبل عَلَى عمل المناديل يتقوَّت منها هُوَ وأمُّه. وكانت أمَةً صالحة زاهدة.
527-
أَبُو وهْب الزّاهد [1] .
أَحْد المشهورين بالأندلس.
جمع أَبُو القاسم بْن بَشْكُوال [2] جزءًا فِي أخباره [3]، فمن ذلك قال أَبُو جعْفَر أَحْمَد بْن عون اللَّه: سَمِعْتُ أَبَا وهْب يَقُولُ: والله لا عانق الأبكارَ فِي جنات النعيم والناس فِي الحساب إلا من عانق الذُّل وضاجع الصَّبر، وخرج منها كما دخل فيها.
وسمعته يقول: ما رزق امرئ مثل عافيةٍ، ولا تصدّق بمثل موعظة، ولا سَأَلَ مثل مغفرة.
وروى عَبْد الوارث بْن سُفْيَان، عَنْ خَالِد بْن سعد أنّ أَبَا وهْب قِيلَ إنّه من وُلِد الْعَبَّاس. وكان لا ينتسب.
وكان صاحب عزلة، باع ماعُونَه قبل موته، فقيل لَهُ: ما هذا؟ قَالَ: أريد سفرًا. فمات إلى أيّام يسيرة.
وقال يونس بْن عَبْد اللَّه القاضي: أخبرني يحيى بْن فرحون الخبّاز، قَالَ:
أخبرني أَبُو سعَيِد بْن حفصون الرجل الصالح، قَالَ: دخلت عَلَى أَبِي وهْب فقلتُ: لي إليك حاجة أحبّ أن تُسعِفَني بها.
قَالَ: وما هِيَ؟
قلت: أنت تعلم أنّ داري تُراث قديم وفيها سَعَة، أريد أن تسكنها معي، وأتولّي خدمتك بنفسي، وأشاركك في الحلو والمرّ.
[1] انظر عن (أبي وهب الزاهد) في:
المغرب في حلى المغرب 1/ 58، 59، وسير أعلام النبلاء 15/ 506- 507 رقم 287، والنجوم الزاهرة 3/ 330.
[2]
هو: خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال القرطبي، المتوفى سنة 578 هـ. وهو صاحب كتاب «الصلة» الّذي جعله ذيلا على «تاريخ علماء الأندلس» لابن الفرضيّ.
[3]
لم يصلنا هذا الجزء مع الأسف.
قَالَ: لا أفعل، لأنيّ قد طلّقت الدُّنيا بالأمس، أفأُراجِعُهَا اليوم. ولأنّ المطلِّق إنّما يطلّق المرأة بعد أن يعرف سوء أخلاقها، وقد خبرها. وليس من العقل أن يرجع إلى ما قد عرف من المكروه. وَفِي الْحَدِيثِ:«لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جحْرٍ مَرَّتَيْنِ» . قَالَ القاضي يونس: وأخبرني ثقة من أخواني، عَنْ رجلِ كَانَ يَصْحبُه أنّه قَالَ: بتُّ عنده فِي مسجدٍ كَانَ كثيرًا ما يأوي إِلَيْهِ بقرب حوانيت ابن نُصَيْر بقُرْطُبة. فلمّا كَانَ فِي الليل تذكر صديقًا لَهُ من الصالحين فقال: ودِدْتُ أن نكون معه اللّيلة.
فقلت: وما يمنعنا من ذَلِكَ؟ ليست علينا كسْوة نخاف عليها، وإنّما هي هذه الجبيبات، فاخرج بنا نحوه.
فقال لي: وأين العلم، وهل لنا أن نمشي ليلًا ونحن نعلم أنّ الْإمَام الَّذِي ملكه اللَّه أمر المسلمين فِي هذه البلدة قد منع من المشي ليلًا، وطاعته لنا لازمةٌ؟ ففي هذا نقضٌ للطاعة وخروج عمّا يلزم جماعة المسلمين.
فعجْبتُ من فقهه فِي ذَلِكَ.
قَالَ القاضي يونس بْن عَبْد اللَّه: كَانَ أَبُو وهْب رحمه الله جليلا في الخير والزّهد. طرأ إلى قرطبة وبقي بها إلى أن مات. ولم يدر أحدٌ من أَيْنَ هُوَ، ولا إلى من ينتمي. وكان يُقَالُ إنّه من بني الْعَبَّاس، إلا أنّ ذَلِكَ لم يُعرف من قبله.
وكان يقصده أهل الإرادة عندنا بُقرْطُبة ويألفونه ويأنس إلى من عرف منهم بطول الترُّدد. وإذا أتاه من ينكر من الناس تباله وأوهمه أنهُ مدخول العقل.
ولم يكن يخبر أحدًا باسمه، وإنّما صاح صائحٌ إلى غيره: يا أَبَا وهْبٍ، فالتفت هُوَ فعُرِفت كنْيته.
وكان إذا قِيلَ لَهُ: ابنٌ مَن أنت؟ يَقُولُ: أَنَا ابن آدم، ولا يزيد. وأخبرني بعضُ من صحبه أنّه كَانَ يُفضي منه جليسه إلى علمٍ وحلمٍ وتفنن فِي العلم والفقه والحديث واللّغة.
قَالَ القاضي: تُوُفّي فِي شعبان سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وعن أَبِي جعْفَر الكِنْديّ الزّاهد قَالَ: كَانَ يوجد تحت حُصر المسجد الَّذِي
يأوي إِلَيْهِ أَبُو وهْب مِن حبّ الحبريول مرارًا. وربمًا كَانَ قُوتُه منه. وربمّا خرج فِي أوقات الغُبيراء والسَّعْتر، فيجلب منه ما يبيعه ويقتات بثمنه.
قَالَ ابن بشْكُوال: وأخبرتُ عَنِ الفقيه أَبِي الوليد هشام بْن أَحْمَد قَالَ: كَانَ أَبُو وهْب إذا اشتهر أمره وهمَّ أقوامٌ بمجالسته يركب قصبةً ويعدو، فإذا رأي أحدًا قَالَ: إيّاك المهر يرُكضُك.
وقبره مشهور يُزار، رحمه الله ورضي عَنْهُ.