الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل إنّ عدّة جيشه بلغت أربعمائة ألف رجل [1] .
وقام بعده ابنه أبو القاسم أنوجور مع غَلَبَة كافور على الأمور [2] .
[وفاة أبي القاسم صاحب المغرب]
وفيها مات أبو القاسم محمد بن عُبَيد الله صاحب المغرب. وكان مولده بسَلَمية سنة ثمانٍ وسبعين. ودخلَ مع أبيه المغرب في زيّ التُجار، فآل بهم الأمر إلى ما آل. وبويع هذا سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة عند موت أبيه.
وقد خرج عليه سنة اثنتين وثلاثين مَخلَد بن كيداد [3] . وكانت بينهما وقائع مشهورة. وحصَره مَخْلَد بالمَهديّة وضيقَّ عليه واستولى على بلاده، فعرض للقائم وسواس فاختلط عقله، ومات في تلك الحال في شوّال، وله خمس وخمسون سنة. وسُتِرت وفاته سنة ونصفًا. وقام بعده وليّ عهده المنصور باللَّه أبو الطاهر إسماعيل ولده.
وكان القائم شرًّا من أبيه المهديّ، زنْديقًا ملعونًا [4] .
[مقاتلة ابن كَيْداد لأبي القاسم]
ذكر القاضي عبد الجّبار أنّه أظهر سبّ الأنبياء عليهم السلام، وكان مناديه ينادي: العنوا الغار وما حوى، وقتلَ خلقًا من العلماء. وكان يراسل أبا طاهر القَرْمَطيّ إلى البحرين وهَجَر، ويأمره بإحراق المساجد والمصاحف. ولمّا كثر
[1] في تكملة تاريخ الطبري 1/ 153: «وكان جيشه يحتوي على أربعمائة رجل» ، والمثبت يتفق مع: المنتظم 6/ 347.
[2]
العيون والحدائق ج 4 ق 2/ 182، الولاة والقضاة 293، العيون الدعج 197- 199، زبدة الحلب 1/ 116، النجوم الزاهرة 3/ 293 وفيه:«وأنوجور اسم أعجمي غير كنية، معناه باللغة العربية «محمود» .
[3]
العيون والحدائق ج 4 ق 2/ 159، 160 و 184، عيون الأخبار وفنون الآثار، السبع الخامس 172 وما بعدها، وفيه:«أبو يزيد الأعور الدجّال النكاري مخلد بن كيداد» .
[4]
تاريخ الأنطاكي 56، 57، رسالة افتتاح الدعوة 279، تاريخ حلب 291. الحلّة السيراء 1/ 290، الكامل في التاريخ 8/ 442- 433، عيون الأخبار وفنون الآثار- السبع الخامس- 172- 224، المختصر في أخبار البشر 2/ 92، البيان المغرب 1/ 216- 218، تاريخ ابن الوردي 1/ 276، 277، البداية والنهاية 11/ 210، اتعاظ الحنفا 1/ 75- 82، عقد الجمان (مخطوطة دار الكتب المصرية) حوادث سنة 333 هـ، تاريخ ابن خلدون 4/ 40، النجوم الزاهرة 3/ 287.
فجوره اجتمع أهل الجبال على رجل من الإباضيّة يقال له مَخُلْد بن كيدْاد، وكان شيخًا لا يقدر على ركُوُب الخيل، فركب حمارًا. وكان وزيره أعمى، فاجتمع معه خلائق، فسار فحصرَ القائم بالمَهْديّة.
وكان مَخْلَد أعرج يكنّى أبا يزيد، وهو من زَنَاتة، قبيلة كبيرة من البربر، وكان يتنسَّك ويقصر دلقة الصُّوف، ويركب حمارًا، ولا يثبت على الخيل.
وكان نافذ الأمر في البربر، زاهدًا، دَيِّنًا، خارجيًا. قام على بني عُبَيْد، والنّاس على فاقة وحاجة لذلك. فقاموا معه وأَتوه أفواجًا، ففتح البلاد، ودخل القيروان. وتحيز منه المنصور وتحصّن بالمهديّة التي بناها جدّه. ونَفَر مع مَخْلَد الخلْق والعلماء والصُلحاء، منهم الإمام أبو الفضل التنيسي العبّاس بن عيسى الفقيه، وأبو سليمان ربيع القّطان، وأبو العرب، وإبراهيم بن محمد.
قال القاضي عياض في ترجمة العّباس بن عيسى هذا: وركب أبو العرب وتقلَّد مُصحَفًا، وركب الفقُهاء في السّلاح، وشقوا القيروان وهم يعُلنون التّكبير والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والترضي على الصّحابة. وركّزوا بُنُودهم عند باب الجامع. وهي سبعة بُنُود حُمْر فيها: لا إله إلا اللَّه، ولا حُكْم إلّا للَّه وهو خير الحاكمين، وبنْدان أصفران لربيع القّطان فيهما: نصر من الله وفتح قريب، وبنَد مَخْلَد فيه: اللَّهمّ أنصر وليَّك على من سبّ نبيّك، وبَندْ أبي العرب فيه: قاتلوا الذين لا يؤمنون باللَّه، وبَنْد أصفر لابن نصرون الزّاهد فيه: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ 9: 14 [1]، وبند أبيض فِيهِ: محمد رسول اللَّه، أبو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، وبَنْد أبيض لإبراهيم بن محمد المعروف بالعَشّاء فيه إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله 9: 40 [2] الآية.
وحضرت الجمعة فخطبهم أحمد بن أبي الوليد، وحضّ على الجهاد. ثمّ ساروا ونازلوا المهديّة. فلمّا التقوا وأيقن مخلد بالنصر غلب عليه ما عنده من الخارجية، فقال لأصحابه: انكشفوا عن أهل القيروان حتى ينال منهم عدوّهم.
ففعلوا ذلك، فاستشهد خمسَة وثمانون رجلًا من العلماء والزّهّاد، منهم ربيع القطّان، والتّنّيسيّ، والعشّاء.
[1] سورة التوبة، الآية 14.
[2]
اقتباس من سورة التوبة، الآية 40: إِلَّا تَنْصُرُوهُ
…
9: 40.