المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الحجّ [3] {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.} (عس) (1) - تفسير مبهمات القرآن - جـ ٢

[البلنسي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يونسعليه السلام

- ‌سورة هودعليه السلام

- ‌سورة يوسفعليه السلام

- ‌سورة الرّعد

- ‌سورة إبراهيمعليه السلام

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النّحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريمعليها السلام

- ‌سورة الأنبياءعليهم السلام

- ‌سورة الحجّ

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النّور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشّعراء

- ‌سورة النّمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الرّوم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السّجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصّافّات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزّمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصّلت

- ‌سورة الشّورى

- ‌سورة الزّخرف

- ‌سورة الدّخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمّد

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذّاريات

- ‌سورة الطّور

- ‌سورة النّجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرّحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصّف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التّغابن

- ‌سورة الطّلاق

- ‌سورة التّحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوحعليه السلام

- ‌سورة الجنّ

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثّر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبأ

- ‌سورة النّازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التّكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطفّفين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطّارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشّمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة التّين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة المسد

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌أ - المخطوطات

- ‌ب - المطبوعات

الفصل: ‌ ‌سورة الحجّ [3] {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.} (عس) (1)

‌سورة الحجّ

[3]

{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.}

(عس)

(1)

هو: النّضر بن الحارث، ذكره الطبري

(2)

وابن سلاّم وغيرهما

(3)

، والله أعلم.

(سي) وقيل

(4)

: نزلت في أبيّ بن خلف مع النّضر، وقيل

(5)

: نزلت في أبي جهل ابن هشام، ثم هي بعد ذلك تتناول كلّ من اتّصف بصفتهم.

وهؤلاء هم المعنيّون بقوله ثانيا {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}

(6)

في قول الجمهور

(7)

، كرّر على جهة التوبيخ لأن الله تعالى يقول

(1)

التكميل والإتمام: 60 ب.

(2)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 115 عن ابن جريج.

(3)

ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 5/ 405 ونسبه للمفسرين، وذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 5، وذكره ابن كثير في تفسيره: 5/ 390، وأورده السيوطي في لباب النقول: 148 من رواية ابن أبي حاتم عن أبي مالك.

(4)

ذكره أبو حيان في تفسيره: 6/ 351 دون عزو.

(5)

ذكره أبو حيان في تفسيره: 6/ 351 دون عزو. وذكره الألوسي أيضا في تفسيره: 17/ 114 دون عزو. ثم قال الألوسي: «وهي عامة في كل من تعاطى الجدل فيما يجوز وما لا يجوز على الله سبحانه وتعالى من الصفات والأفعال ولا يرجع إلى علم ولا برهان ولا نصفه، وخصوص السبب لا يخرجها من العموم.

(6)

سورة الحج: آية: 8.

(7)

انظر جامع البيان للطبري: 17/ 120، زاد المسير: 5/ 409. -

ص: 231

هذه الأمثال في غاية الوضوح والبيان ومن الناس مع ذلك من يجادل في الله بغير علم، فالواو هاهنا واو الحال وفي الأولى واو العطف.

وحكى النّقّاش أنّ هذه الآية الثانية لا تكرار فيها إلا في اللفظ خاصة وأنّها نزلت في الأخنس بن شريق

(1)

، والله أعلم.

[11]

{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ.}

(عس)

(2)

اختلفت الروايات فيمن عني بهذه الآية، فقيل

(3)

: نزلت في النّضر بن الحارث، وهذا عندي غير صحيح، لأنّ النّضر لم يكن ممن يعبد الله على حرف، لأنّه لم يزل مظهرا للكفر طاعنا على الإسلام غير مظهر لشيء منه، إلى أن قتله النّبيّ

(4)

صلى الله عليه وسلم صبرا في غزوة بدر، وقيل

(5)

: إنّها نزلت في شيبة بن ربيعة كان أسلم ثم ارتدّ، وقيل

(6)

: إنّها نزلت في قوم من الأعراب كانوا يقدمون على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيسلمون فإن نالوا خيرا أقاموا، وإن أصابتهم شدّة ارتدّوا، وهو الأظهر من مساق الآية، والله أعلم.

= الجامع لأحكام القرآن: 12/ 15.البحر المحيط: 6/ 354. وقال الألوسي في تفسيره: 17/ 122: «فإذا اتّحد المجادل في الآيتين فالتكرر مبالغة في الذم أو لكون كل من الاثنتين مشتملة على زيادة ليست في الأخرى» .

(1)

ذكره أبو حيان في تفسيره: 6/ 354 عن محمد بن كعب. وذكره الألوسي في تفسيره: 7/ 122 عن محمد بن كعب أيضا.

(2)

التكميل والإتمام: 60 ب.

(3)

ذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 17 دون عزو، ونسبه أبو حيان في تفسيره: 6/ 354 إلى الجمهور.

(4)

ذكر ابن هشام في السيرة، القسم الأول: 710: «أن الذي قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه» ، وفي المغازي للواقدي: 1/ 149، قال:«قتله علي بن أبي طالب صبرا بالسيف بالأثيل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم» .

(5)

ذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 17 عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(6)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 122، 123 عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وابن جريج والضحاك وابن زيد. وأخرجه البخاري في صحيحه: 5/ 242 عن ابن عباس رضي الله عنهما. وانظر الدر المنثور: 6/ 13، 14، 15.

ص: 232

[15]

{مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ} {يَنْصُرَهُ اللهُ} الآية.

(عس)

(1)

المشار إليه بالضمير في (ينصره) هو رسول

(2)

الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى الآية من كان يظنّ أن لن ينصر الله محمدا صلى الله عليه وسلم فليختنق حتى ينظر هل يذهب غيظه، والله أعلم.

[18]

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماااتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} الآية.

(سي) نصّ الله تعالى في هذه الآية على بطلان رأي من عبد شيئا مما ذكر في هذه الآية، وسجد له من دون الله تعالى وذلك في قوله:{وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ} وبيّن أنّ شيئا من ذلك لا يستحق أن يكون إلها لقيام دليل الحدوث فيها، وهو خضوعها وانقيادها لأمر الله تعالى، وهو المعبّر عنه بالسّجود، فوجب علينا بشرط الكتاب أن نسمي من كان يعبد شيئا من ذلك من البشر، فنقول ذكر القاضي أبو محمّد بن عطية وغيره من العلماء رضي الله عنهم أنّ الشّمس كانت تعبدها حمير وهم قوم بلقيس، وذلك نص القرآن

(3)

وأمّا القمر فكانت تعبده كنانة، والدّبران كانت تعبده تميم والمشتري كانت تعبده لخم، والثريّا كانت تعبدها طيء، والشعرى كانت تعبدها قريش، وعطارد كانت تعبده أسد، وأمّا الجبال فمنها الأصنام وقد عبدها خلق كثير، وأمّا الشجر فمنها النّار وقد عبدتها

(1)

التكميل والإتمام: 61 أ.

(2)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 126، 127 عن ابن عباس وقتادة وابن زيد واختاره الطبري في تفسيره: 17/ 128، وذكره ابن كثير في تفسيره: 5/ 397 عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطاء وابن الجوزاء وقتادة. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 15 ونسبه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما. ولابن أبي حاتم عن ابن زيد. ولعبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك. ولعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة.

(3)

وهو قوله تعالى: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ النحل: آية: 24.

ص: 233

المجوس، وأمّا الدّوابّ فمنها البقرة وقد عبدها قوم منهم السّامري ومنها الديك وقد عبد من دون الله.

قال المؤلف - وفّقه الله -: ومن الشّجر أيضا العزّى التي كانت تعبدها غطفان وهي سمرة، وبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها، فخرجت منها شيطانة وهي تدعو بالويل والثّبور ويأتي خبرها في سورة النّجم إن شاء الله تعالى نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله العصمة ودوام المعرفة من الرحمن.

[19]

{هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ.}

(سه)

(1)

هم ثلاثة من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وثلاثة من كفّار قريش التقوا يوم بدر فقتل الكفّار

(2)

، فالثلاثة المؤمنون حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث

(3)

، والكفّار عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد ابن عتبة.

[23]

{إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} الآية.

(عس)

(4)

قيل: إنّها نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر، وقد سمّاهم الشيخ في كتابه.

وروى ابن فطيس عن ابن عباس أنّها نزلت في أبي حذيفة بن عتبة، واسمه مهشم، وسالم مولى أبي حذيفة، وابن جحش وعكاشة بن محصن وشجاع

(5)

بن أبي وهب،.

(1)

التعريف والإعلام: 116.

(2)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 131، وأخرجه البخاري في صحيحه: 5/ 242 عن أبي ذر رضي الله عنه، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 2323.

(3)

عبيدة بن الحارث بن المطلب القرشي، أسلم قديما، وهاجر إلى المدينة وشهد بدرا فجرح ومات. الإصابة: 2/ 449، السيرة النبوية، القسم الأول:706.

(4)

التكميل والإتمام: 61 أ.

(5)

شجاع بن أبي وهب ويقال وهب بن ربيعة الأسدي، شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول -

ص: 234

وربيعة

(1)

بن أكثم وعثمان بن عفان وعدة من بني عبد شمس وحلفائهم شهدوا بدرا

(2)

والله أعلم.

[39]

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا.}

(عس)

(3)

هم النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين هاجروا معه من مكة إلى المدينة، وذلك أنهم لمّا خرجوا قال أبو بكر رضي الله عنه: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ليهلكنّ جميعا فنزلت

(4)

الآية فعرف أبو بكر أنّه سيكون قتال، وهي أول

(5)

آية نزلت في القتال.

[40]

{وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ.}

= الله صلى الله عليه وسلم، استشهد باليمامة سنة 12 هـ. أسد الغابة: 2/ 505، المصباح المضيء: 1/ 272، الإصابة: 2/ 138.

(1)

ربيعة بن أكثم بن سخيرة الأسدي، أبو زيد، شهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وقتل يوم خيبر. انظر: الاستيعاب بهامش الإصابة: 1/ 512، الإصابة: 1/ 506.

(2)

لم أقف على قول ابن عباس رضي الله عنه فيما بين يدي من كتب التفسير في سبب نزول هذه الآية، كما أن ذكر عثمان بن عفان رضي الله عنه معهم في هذه الرواية خطأ لأنه رضي الله عنه لم يشهد بدرا، بل كان مشغولا بتمريض زوجه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

(3)

التكميل والإتمام: 61 أ.

(4)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 172 عن ابن عباس رضي الله عنهما. وذكره الواحدي في أسباب النزول: 319، وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 57 وزاد نسبته لعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حيان والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(5)

ذكره البغوي في تفسيره: 5/ 19 دون عزو. وابن الجوزي في زاد المسير: 5/ 436 دون عزو. والقرطبي في تفسيره: 12/ 68 دون عزو. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 57 ونسبه لابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه، ونسبه أيضا لعبد الرزاق وابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه. ونسبه أيضا لابن أبي حاتم عن ابن زيد.

ص: 235

(عس)

(1)

قيل

(2)

: إنّها نزلت في أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم ومعناها: لولا دفع الله بأصحاب محمّد عمّن بعدهم، والله أعلم.

[45]

{وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ.}

(سه)

(3)

قيل: إن البئر هي الرس

(4)

، وكانت بعدن

(5)

لأمّة من بقايا ثمود، وكان لهم ملك، عدل، حسن السيرة، يقال له العلس، وكانت البئر تسقي المدينة كلّها وباديتها وجميع ما فيها من الدّوابّ والبقر والغنم وغير ذلك لأنّها كانت لها بكرات

(6)

كثيرة منصوبة عليها ورجال كثيرون موكّلون بها، وأبازن

(7)

- بالنون - من رخام وهي شبه الحياض كثيرة تملأ للنّاس وأخر للدواب وأخر للغنم والبقر، والقوّام عليها يستقون الليل والنّهار يتداولون، ولم يكن لهم ماء غيرها، وطال عمر الملك فلما جاءه الموت اطّلى بدهن لتبقى صورته ولا تتغير، وكذلك كانوا يفعلون إذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شقّ ذلك عليهم ورأوا أنّ أمرهم قد فسد، وضجّوا جميعا بالبكاء، واغتنمها الشيطان منهم فدخل لهم في جثّة الملك بعد موته بأيام كثيرة فكلّمهم وقال: إني لم

(1)

التكميل والإتمام: 61 أ.

(2)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 174 عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 70 عن علي بن أبي طالب أيضا. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 59، وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.

(3)

التعريف والإعلام: 117، 118.

(4)

انظر: معجم البلدان: 3/ 43، 44.

(5)

عدن: بالتحريك، مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند في اليمن، وهي مرفأ للسفن والمراكب. معجم البلدان: 4/ 89، الروض المعطار:408.

(6)

في نسخة (ح): «بركات» .

(7)

الأبزن: شيء يتخذ من الصفر للماء وله جوف. اللسان: 13/ 51 مادة (بزن).

ص: 236

أمت ولكنّي تغيّبت عنكم حتى أرى صنيعكم، ففرحوا أشدّ الفرح، وأمر خاصّته أن يضربوا له حجابا بينه وبينهم يكلّمهم من ورائه كي لا يعرف الموت في صورته، فنصبوه صنما من وراء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم أنّه لا يموت أبدا وأنّه إله لهم، وذلك كله يتكلم به الشيطان على لسانه فصدّق كثير منهم وارتاب بعضهم، وكان المؤمن المكذّب منهم أقلّ من المصدّق فكلّما تكلّم ناصح منهم زجر وقهر، فاتفقوا على عبادته فبعث الله لهم نبيا كان ينزل عليه الوحي في النّوم دون اليقظة، وكان اسمه حنظلة بن صفوان، فأعلمهم أنّ الصورة صنم لا روح له

(1)

، وأنّ الشيطان قد أضلّهم، وأنّ الله لا يتمثل بالخلق، وأنّ الملك لا يجوز له أن يكون شريكا لله، ووعظهم ونصحهم وحذّرهم سطوة ربّهم ونقمته فآذوه وعادوه، وهو يتعاهدهم بالموعظة ولا يغبّهم

(2)

بالنصيحة حتى قتلوه وطرحوه في بئر، فعند ذلك حلّت عليهم النّقمة فباتوا شباعا رواء من الماء، وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها، وتعطل رشاؤها، فصاحوا بأجمعهم وضجّ النساء والولدان وضجّت البهائم عطشا، حتى عمّهم الموت وشملهم الهلاك، وخلّفتهم في أرضهم السباع، وفي منازلهم الثعالب والضّباع، وتبدّلت جناتهم وأموالهم بالسّدر وشوك العضاة

(3)

والقتاد

(4)

فلا يسمع فيها إلا عزيف

(5)

الجنّ، وزئير

(1)

في نسخة (ح): «لها» .

(2)

الغب: الإتيان في اليومين ويكون أكثر، يقال: أغب القوم وغب عنهم: جاء يوما وترك يوما. اللسان: 1/ 635، 636 مادة (غبب).

(3)

العضاة: كل شجر ذي شوك طال واشتد شوكه. اللسان: 13/ 516 مادة (عضة).

(4)

القتاد: شجر شاك صلب له شوك أمثال الإبر وله وريقة غبراء وثمرة تنبت معها غبراء وكأنها عجمة النوى. اللسان: 3/ 342 مادة (قتد).

(5)

عزيف الجن: جرس أصواتها. وقيل هو: صوت يسمع بالليل كالطبل، وقيل: هو صوت الرياح في الجو فتوهمه أهل البادية صوت الجن. اللسان: 9/ 244 مادة (عزف).

ص: 237

الأسد نعوذ بالله من سطواته ومن

(1)

الإصرار على ما يوجب نقماته. هذا معنى ما أورده أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ في تفسيره اختصرته ولخصته

(2)

.

وأمّا القصر المشيد، فقصر بناه شدّاد

(3)

بن عاد بن إرم، لم يبن في الأرض مثله فيما ذكروا وزعموا، وحاله أيضا كحال هذه البئر المذكورة في إيحاشه بعد الأنس وإقفاره بعد العمران، وأنّ أحدا لا يستطيع أن يدنو منه على أميال لما يسمع فيه من عزيف الجنّ والأصوات المنكرة بعد النّعيم، والعيش الرغد، وبهاء الملك، وانتظام الأهل كالسلك، فبادوا وما عادوا، فذكرهما الله تعالى في هذه الآية موعظة وذكرى وتحذيرا من مغبّة المعصية وسوء عاقبة المخالفة نعوذ بالله من ذلك ونستجير به من سوء المآل.

تكميل: قال المؤلف - وفقه الله -: وهذه البئر فيما ذكر بعض أهل التاريخ على مسيرة سبعة أيام من مصر على طريق الحبشة، وفيه إلى الآن أعجوبة ذكر ابن الصّفّار في كتابه الذي شرح به الصفرة الجغرافية أنّ هذه البئر يفيض ماؤها ويخرج عن فمها نحوا من عشرين ذراعا من كل ناحية، فإذا أراد أحد الوصول إلى الماء والقرب منه ولّى الماء وانقبض، فكلّما مشى إليه نقص الماء حتى يصير إلى فم البئر، فإن أراد أن يأخذ من ذلك الماء شيئا نقص الماء فإن أدلى فيه دلوا هبط الماء إلى قعر البئر، ولو كان الحبل من ألفي ذراع لم يبلغ الماء، ومتى خرج الدّلو خرج الماء على إثره حتى يخرج الدّلو على فم البئر فيخرج الماء على فم البئر، وإذا بعد الرجل من فم البئر خرج الماء، وكلما تباعد خرج الماء، حتى يعود إلى حدّه الأول، فإن كان أحد راكبا على حصان من عتاق الخيل وهمّ أن يسرع إلى الماء انقبض الماء منه أسرع من لمح البصر، وهذا غريب غير أنّه يتلاشى في جنب قدرة الله تعالى.

(1)

في نسخة (ح): «وعلي» .

(2)

وقد ذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 75.

(3)

شداد بن عاد بن ملطاط بن حمير ملك يماني جاهلي قديم من ملوك الدولة الحميرية، اتفقت عليه كلمة أولي الرأي من حمير وقحطان بعد وفاة النعمان بن يعفر. انظر: الإعلام: 3/ 159.

ص: 238

وأمّا القصر المشيد فاختصر الكلام فيه الشيخ أبو زيد، وذكر صاحب الكتاب المذكور أنّ هذا القصر بينه وبين البئر المذكورة قدر رمية قوس، وأنّ طوله على الأرض مائة ذراع وعرضه مثل ذلك وارتفاعه في الهواء مائة وعشرون ذراعا، في رأسه خمسمائة شرفة

(1)

، وله درج من خارجه في الجانب الغربي عددها مائة وخمسون درجة، وليس له باب، ولا يعلم أحد ممّن هو مبني، ولا يظهر فيه عمود ولا لبنة ولا جصّ ولا شيء من آلات البناء إلا لوح من الرّخام الأبيض في وسط الحائط من ناحية الشمال مما يقابل البئر مكتوب فيه بالقلم السرياني:«بنينا وشيّدنا فمن ادّعى اليوم أنّه مثلنا فليهدم ما بنينا فالهدم أسهل من البناء فلو اجتمع أهل الأرض أن يهدموا منه شيئا ما قدروا على ذلك» ، وقد همّ زياد حين كان عاملا على مصر أن يمشي إلى القصر ويتعرض لهدمه فشاور معاوية رضي الله عنه فردّه عن ذلك وقال له: إنّك لن تقدر على ذلك.

ومن عجائب هذا القصر أنّه إن طلع أحد على تلك الأدراج حتى ينتهي إلى آخرها وأشرف على القصر ونظر إلى ما في جوفه صاح صيحة وترامى فيه فلا يرى أبدا.

وقد تعرّض أقوام لأن يشرفوا على هذا القصر وقدّموا واحدا منهم وربطوه بشرائط القنّب

(2)

وحبسوه بها، فلما كشف على القصر صاح صيحة وهم أن يترامى فيه فجبذوه

(3)

بتلك الشرائط فما زالوا يجبذونه ليردّوه حتى صاح صيحة ثانية فمات، ولا يعلم أحد ما في جوف هذا القصر.

وذكر الفلاسفة أنّ الذي في القصر هي أحجار البهت

(4)

التي تجذب الإنسان إليها على البعد الكثير، انتهى.

(1)

في نسخة: (ح): «شرافة» .

(2)

القنّب والقنّب: ضرب من الكتان. انظر: اللسان: 1/ 691 مادة (قنب).

(3)

الجبذ: لغة في جذب، وهي لغة بني تميم. الصحاح: 2/ 561، اللسان: 3/ 478 مادة (جبذ).

(4)

اللسان: 2/ 13 مادة (بهت).

ص: 239

وقد قيل إنّ هذا القصر يسمى إرم، وهو الذي عنى

(1)

الله تعالى بقوله:

{إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ}

(2)

، وهو على شكل مدينة تحتوي على قصور، حكى الزّمخشري

(3)

أنّ شدّاد بن عاد ملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال: أبني مثلها، فبنى إرم في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة، وهي مدينة عظيمة قصورها من الذّهب والفضّة، وأساطينها

(4)

من الزّبرجد والياقوت وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطّردة، فلما تمّ بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا.

وعن عبد الله بن

(5)

قلابة أنّه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثمّ، وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقصّ عليه الخبر، فبعث إلى كعب الأحبار فسأله فقال: هي إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمنك أحمر، أشقر، قصير، على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ثم التفت فأبصر ابن قلابة وقال: هذا والله هو ذلك الرجل، انتهى

(6)

.

(1)

في نسخة (ح): «أراد» .

(2)

سورة الفجر: آية: 7.

(3)

ذكره الزمخشري في تفسيره: 4/ 250 دون عزو. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 9/ 112 عن وهب بن منبه. وذكره ابن كثير في تفسيره: 8/ 418 عن ابن أبي حاتم.

(4)

الأساطين: جمع الأسطوانة وهي السارية والعمود. اللسان: 13/ 208 مادة (سطن)، المعجم الوسيط: 1/ 17 مادة (سطن).

(5)

لم أقف على ترجمة له.

(6)

قال الحافظ ابن حجر في تخريج الكشاف: 4/ 184 عن حديث عبد الله بن قلابة قال: «رواه الثعلبي من طريق عثمان الدارمي عن عبد الله بن أبي صالح عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له شردت، فذكره مطولا. ثم قال ابن حجر: قلت آثار الوضع عليه لائحة» .وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 418: «فهذه حكاية ليس يصح إسنادها، ولو صح إلى ذلك الأعرابي فقد يكون اختلق ذلك، أو أصابه نوع من الهوس والخبال فاعتقد أن ذلك له حقيقة في الخارج وليس كذلك، وهذا مما يقطع بعدم صحته» .

ص: 240

[46]

{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ} .

(عس)

(1)

حكي أنّها

(2)

نزلت في عبد الله بن أم مكتوم، حكاه المهدوي.

وأمّ مكتوم هي أمّه، واسمها عاتكة

(3)

، وأمّا أبوه فقيل

(4)

فيه قيس، وقيل زائدة، وقيل شريح، وقيل في اسمه هو أنّه عمرو وعليه أكثر أهل الحديث، وفي تفسير ابن سلاّم أنّها نزلت في عبد الله بن زيد والله أعلم.

[47]

{وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ} .

(عس)

(5)

قيل

(6)

: إنه يريد يوما من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض، وقيل

(7)

: يريد يوما من أيام الآخرة، والله أعلم.

(1)

التكميل والإتمام: 61 ب.

(2)

ذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 77 عن ابن عباس ومقاتل وقتادة وابن جبير.

(3)

وهي عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بمهملة ونون ساكنة وبعد الكاف مثله ابن عائذ بن مخزوم. انظر: الإصابة: 2/ 523.

(4)

انظر: أسد الغابة: 4/ 223، الإصابة: 2/ 523.

(5)

التكميل والإتمام: 61 ب.

(6)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 183 عن ابن عباس ومجاهد وذكره البغوي في تفسيره: 5/ 21، وذكره ابن كثير في تفسيره: 5/ 437 عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 62 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(7)

أخرجه الطبري في تفسيره: 17/ 183، 184 عن ابن عباس وأبي هريرة ومجاهد وعكرمة. واختاره الطبري رحمه الله، وذكره القرطبي في تفسيره: 12/ 78.وانظر: الدر المنثور: 2/ 62، 63.

ص: 241