الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الصّافّات
[14]
{وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ.}
(سي) روي
(1)
أنّ هذه الآية نزلت في رجل من المشركين اسمه ركانة
(2)
بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي، وكان من أقوى أهل زمانه وأشدّهم، فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا ركانة أرأيت إن صرعتك أتؤمن بي؟ قال: نعم، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين، وقيل ثلاث مرات، ثم عرض عليه آيات من دعاء شجرة وإقبالها ونحو ذلك مما اختلفت فيه ألفاظ الأحاديث، فلما فرغ من ذلك كله لم يؤمن وجاء إلى مكة فقال: يا بني هاشم إنّ صاحبكم ساحر
(3)
.
وقد وهم هنا أبو محمد بن عطية حيث قال: نزلت هذه الآية في ركانة وهو رجل من المشركين من أهل الكتاب، والصحيح أنّه ليس من أهل الكتاب،
(1)
ذكره أبو حيان في تفسيره: 7/ 355 دون عزو.
(2)
ركانة بن عبد يزيد بن هاشم المطلبي، القرشي، كان من الشجعان الأقوياء، أسلم عام الفتح، وتوفي في خلافة معاوية وقيل في خلافة عثمان. انظر: الاستيعاب: 1/ 531، الإصابة: 1/ 520.
(3)
الحديث أخرجه أبو داود في سننه: 4/ 55 مختصرا. وأخرجه الترمذي في سننه: 4/ 248 مختصرا، وقال: هذا حديث حسن غريب وإسناده ليس بالقائم. وانظر: السيرة، القسم الأول: 390، 391.
وإنما هو قرشي كما تقدّم في نسبه، ذكره أبو عمر
(1)
وغيره
(2)
.
وكان ممن أسلم يوم الفتح، وهو جدّ زيد بن طلحة بن ركانة، وفي موطأ
(3)
مالك عن سلمة
(4)
بن صفوان الزّرقي عن زيد
(5)
بن طلحة بن ركانة يرفعه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لكلّ دين خلق وخلق الإسلام الحياء» .
[51]
{قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ.}
(سه)
(6)
قد تقدّم
(7)
في سورة الكهف أنّه أحد الرّجلين اللّذين قال فيهما {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ}
(8)
، وقوله:{كانَ لِي قَرِينٌ} يعني الرجل الذي دخل جنّته وهو ظالم لنفسه وقد تقدّم اسم كل واحد منهما هناك.
(سي) وقيل
(9)
هما اللّذان ذكر الله تعالى في قوله
(10)
: {يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} وقد تقدّم أنّهما أميّة بن خلف وعقبة بن أبي معيط - والله أعلم -.
(1)
الاستيعاب: 1/ 531.
(2)
أسد الغابة: 2/ 236، الإصابة: 1/ 520.
(3)
انظر: الموطأ: 2/ 905، ورواه ابن ماجه في سننه: 2/ 1399، عن أنس وابن عباس رضي الله عنهم.
(4)
سلمة بن صفوان بن سلمة الرزقي المدني، قال النسائي: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب: 4/ 147، تقريب التهذيب:247.
(5)
لم أعثر على ترجمة زيد بن طلحة بن ركانة، وفي أسد الغابة: 5/ 497، 498، وفي الإصابة: 2/ 228 أنه يزيد بن طلحة بن ركانة وقد ذكرا له الحديث السابق، وفي الموطأ: 2/ 905 أنه زيد بن طلحة - والله أعلم.
(6)
التعريف والإعلام: 144.
(7)
انظر التعريف والإعلام: 102.
(8)
سورة الكهف، آية:32.
(9)
ذكره أبو حيان في تفسيره: 7/ 306 عن فرقة ولم يسمها.
(10)
سورة الفرقان، آية:28.
[77]
{وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ.}
(سه)
(1)
ذكر
(2)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال في قوله: {وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ} إنهم: «سام وحام ويافث» .وعن عبد الصّمد بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يقول
(3)
: إنّ سام بن نوح أبو العرب وفارس والروم، وإن حام أبو السودان، وإن يافث أبو الترك وإنّ يأجوج ومأجوج بنو عمّ الترك.
وقيل كانت زوجة يافث أدبسيسة بنت مرازيل بن الدرمشيل بن مخويل، فولدت له سبعة نفر وامرأة، فممّن ولدت له من الذكور جومر بن يافث، وخرج بن يافث، وهوشط
(4)
بن يافث، ووائل بن يافث، وجوران بن يافث، وتوفيل بن يافث، وترس بن يافث، وشبكة بن يافث، قال
(5)
: فمن بني يافث كانت يأجوج ومأجوج والصقالبة والروم الأول والترك فيما يزعمون، وكانت امرأة حام بن نوح تخلب
(6)
بنت مأرب بن الدرمشيل بن مخويل فولدت له ثلاثة نفر:
كوش بن حام، وقوط بن حام، وكنعان بن حام فنكح كوش بن حام قرنبيك
(7)
ابنة بتاويل بن ترس بن يافث فولدت له الحبشة، والسند، والهند فيما يزعمون، ونكح قوط بن حام بخت ابنة بتاويل فولدت له القبط - قبط مصر - فيما يزعمون ونكح كنعان بن حام أرتيك
(8)
ابنة بتاويل فولدت له الأساود: نوبة وفزان، والزنج، وزغاوة، وأجناس السودان كلّها، قال
(9)
: وكانت امرأة سام بن نوح
(1)
التعريف والإعلام: 145.
(2)
أخرجه الترمذي في سننه: 5/ 365 عن سمرة بن جندب رضي الله عنه. وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن بشير.
(3)
ذكر ذلك كله الطبري في تاريخه: 1/ 201، 202، 203.
(4)
في نسخة (ز)«هوشد» وفي نسخة (ح): «هوشك» . وفي تاريخ الطبري: 1/ 202: هوشل.
(5)
القائل هو محمد بن إسحاق، انظر: تاريخ الطبري 1/ 202.
(6)
في تاريخ الطبري: 1/ 202: «نحلب» .
(7)
في تاريخ الطبري: 1/ 202: «قرنبيل» .
(8)
في تاريخ الطبري: 1/ 202: «أرتيل» .
(9)
القائل هو محمد بن إسحاق، انظر: تاريخ الطبري: 1/ 202.
صليب ابنة بتاويل بن مخويل بن خنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن آدم فولدت له نفرا أرفخشذ بن سام، وأشوذ بن سام، ولاوذ بن سام، وعويلم بن سام، وكان لسام إرم بن سام قال
(1)
: ولا أدري أإرم لأم أرفخشذ وإخوته أم لا؟ - والله أعلم -.
[83]
{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ.}
(عس)
(2)
قيل
(3)
إنّ الضمير راجع إلى نوح عليه السلام، وروي
(4)
عن الكسائي والفرّاء
(5)
أنّ الضمير راجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنّ إبراهيم على منهاج محمد ودينه، وهذا على هذا القول مما أضمر ولم يجر له ذكر لقوّة الكلام كقوله تعالى
(6)
: {حَتّى تَاارَتْ بِالْحِجابِ} يريد الشمس ولم يجر لها ذكر، وجعل إبراهيم على منهاج محمد عليهما السلام وإن كان متقدّما لأنّ محمدا عليه السلام إذا كان على منهاج إبراهيم، فإبراهيم على منهاجه، فأجرى عليه وقد
(7)
سبقه فهو كالآية المتقدمة في سورة يس في قوله: {أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ}
(8)
- والله أعلم -.
(1)
هو محمد بن إسحاق.
(2)
التكميل والإتمام: 73 أ.
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 69 عن ابن عباس ومجاهد ونسبه ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 66 إلى الأكثرين. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 100 ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد. ونسبه أيضا لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة.
(4)
ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 66 عن السائب. وذكره القرطبي في تفسيره: 15/ 91 عن الكلبي والفراء.
(5)
انظر معاني القرآن للفراء: 2/ 388.
(6)
سورة ص: آية: 32.
(7)
في نسخة (ح): «كأنه» .
(8)
في نسختي ز، ح:«ذرياتهم» وهذا القول الذي ذكره ابن عسكر رده بعض المفسرين، فقد قال ابن جرير الطبري في تفسيره: 23/ 69: «وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك: -
[88]
{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ.}
(عس)
(1)
هو إبراهيم عليه السلام، وكان بقرية
(2)
بين البصرة والكوفة يقال لها هرمزخرد
(3)
حكاه ابن سلاّم، و {(النُّجُومِ)} هي الكواكب المعلومة
(4)
، وقيل
(5)
إنّه يريد فيما نجم له من الرأي والفكر فيكون مصدر نجم الشيء نجوما إذا ظهر، والأول أظهر لأنّ هذا خروج عن ظاهر الكلام بغير دليل - والله أعلم - وحكاه المهدوي.
تحقيق قال المؤلف: - وفّقه الله - في هذه الآية سؤالان أحدهما أن يقال:
النظر في علم النّجوم حرام، فكيف ساغ له عليه السلام أن ينظر في ذلك؟
السؤال الثاني: قوله (إنّي سقيم) ولم يكن كذلك؟
والجواب عن السؤال الأول من أربعة أوجه:
= وإن من شيعة محمد لإبراهيم، وقال: ذلك مثل قوله وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ بمعنى أنّا حملنا ذرية من هم منه فجعلها ذرية لهم وقد سبقهم». وقال الألوسي في تفسيره: 23/ 99، 100 بعد أن ذكر القول الأول:«وذهب الفراء إلى أن ضمير «شيعته» لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: والظاهر ما أشرنا إليه، وهو المروي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي، قال: وقلّما يقال للمتقدم: هو شيعة للمتأخر» اه.
(1)
التكميل والإتمام: 73 أ.
(2)
ذكر القرطبي في تفسيره: 15/ 92 عن الكلبي قال: «إنها هرمزجرد» بالجيم، وكذا جاء في معجم البلدان: 5/ 402.
(3)
هرمزجرد: ناحية كانت بأطراف العراق غزاها المسلمون أيام الفتوح. معجم البلدان: 5/ 402.
(4)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 70 عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 67، وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 100 ونسبه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب.
(5)
ذكره القرطبي في تفسيره: 15/ 92 عن الحسن، وذكره أبو حيان في تفسيره: 7/ 366. وأورد السيوطي في الدر المنثور: 7/ 100 ونسبه لابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ» قال: «كلمة من كلام العرب، ويقول إذا تفكر، نظر في النجوم».
الأول: أنه عليه السلام نظر فيما نجم له من الرأي كما تقدم فليست النجوم المعلومة.
الثاني
(1)
: أن يقال: لا نسلّم أنّ النظر في علم النّجوم حرام مطلقا، بل من نظر فيها واستدلّ بها على توحيد الله تعالى كان ذلك من أعظم الطاعات، ولهذا استحقّ إبراهيم عليه السلام المدح بالنّظر في النّجوم في قوله
(2)
{(فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ)} الآية.
الثالث
(3)
: أن يقال: لعلّ الله أخبر الخليل عليه السلام أنّه مهما
(4)
طلع النّجم الفلاني فإنك تمرض، فلمّا نظر إلى النّجوم رأى ذلك النّجم فقال:{(إِنِّي سَقِيمٌ).}
الرابع
(5)
: أن يقال: لعلّه نظر في النّجوم تشبّها بأهل زمانه في الظاهر وحكم بأنّه سيسقم إيهاما لقومه أنّه إنّما حكم بهذا الحكم بناء على النّجوم، لأنّ علم النّجوم كان عندهم منظورا فيه مستعملا، فقعد عن الخروج معهم لعيدهم، وفي هذا التخلف كسّر أصنامهم وجعلهم
(6)
جذاذا - والله أعلم -.
والجواب عن السؤال الثاني من ثلاثة أوجه:
أحدها
(7)
: أنّه عليه السلام عرف من نفسه أنّه سيصير سقيما في الزمان الثاني فقال: {(إِنِّي سَقِيمٌ)} على تأويل أني أكون سقيما في ذلك الوقت الذي
(1)
انظر: مفاتيح الغيب للرازي: 26/ 147، 148.
(2)
سورة الأنعام آية: 76.
(3)
ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 67 عن ابن الأنباري.
(4)
كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب «حيثما» أو «متى» .
(5)
ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 67. وذكره الفخر الرازي في تفسيره: 26/ 147.
(6)
في نسخة (ز): «وجعله» .
(7)
ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 67 عن الضحاك. وذكره القرطبي في تفسيره: 15/ 93 عن الضحاك.
دعوتموني فيه للخروج معكم، كمن تعتاده الحمّى مثلا وقت
(1)
الزّوال، ثمّ إنّه دعي في وقت يلزمه القعود فيه إلى الزّوال فإنّه يقول إني محموم.
الثاني
(2)
: أنّه أراد سقم القلب بسبب ما فيه من الغمّ والحزن بسبب عنادهم وكفرهم.
الثالث: أن يقال: لا نسلّم أنّ قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} كذب بل لعلّه كان سقيما في تلك الساعة.
قال المؤلف: - وفقه الله
(3)
- هذه الأجوبة الثلاثة حسنة [قالها]
(4)
الإمام فخر
(5)
الدين بن الخطيب، غير أنّها لا تتنزّل على الحديث الصحيح، والأظهر أنّه عليه السلام لم يكن سقيم البدن حينئذ وأنّها كذبة في ذات الله تعالى، وإيهام لقومه ليتخلّف عنهم كما تقدم، والدليل على هذا قوله عليه السلام في الحديث الصحيح
(6)
: «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله
(7)
: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} وقوله في سارّة هي أختي».وتسميتها كذبات مجاز واتّساع، والكذب الذي لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام هو قصد قول الباطل من غير منفعة شرعيّة
(8)
- والله أعلم -.
(1)
في نسخة (ز): «وقتا الزوال» .
(2)
ذكره القرطبي في تفسيره 15/ 93، وذكره الألوسي في تفسيره: 23/ 101.
(3)
في نسخة (ح): «رحمه الله» .
(4)
في الأصل: «قال» والمثبت من النسخ الأخرى.
(5)
انظر مفاتيح الغيب للرازي: 26/ 147، 148.
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 112، 6/ 120 عن أبي هريرة رضي الله عنه، والإمام مسلم في صحيحه 4/ 1840، وأبو داود في سننه: 2/ 264، والترمذي في سننه: 5/ 321.
(7)
سورة الأنبياء، آية:63.
(8)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: 7/ 21: «فأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا .. ثم ذكره - وقال: فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق، ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا، وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا، وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني، كما جاء في الحديث: «إن في -
[97]
{قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً} الآية.
(سه)
(1)
ذكر الطبري
(2)
أنّ الذي أشار عليهم بهذا اسمه الهيزن
(3)
بالنون - رجل من أعراب فارس وهم الكرد، وهو الرجل الذي جاء فيه الحديث
(4)
:
«بينما رجل
(5)
يمشي في حلّة يتبختر فيها إذ خسف به فهو يتجلجل
(6)
في الأرض إلى يوم القيامة».
نكتة: قال المؤلف - وفّقه الله تعالى -: إن قيل لم قال هنا {فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ} وفي الأنبياء {فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ}
(7)
والقصة واحدة؟
فالجواب: أن يقال اقترن هنا ما يناسبه السّفل وهو ذكر البناء الذي بنوه عاليا ليقذفوا إبراهيم عليه السلام منه في النار [فعادوا أسفلين بظهوره عليهم،
= المعاريض لمندوحة عن الكذب»، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: 13/ 133، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً: «وأما إطلاقه الكذب على الأمور الثلاثة فلكونه قال قولا يعتقده السامع كذبا لكنه إذا تحقق لم يكن كذبا، لأنه من باب المعاريض المحتملة للأمرين، فليس بكذب محض» . وانظر كلام القاضي عياض في الشفا حول ذلك 2/ 320. وانظر أيضا روح المعاني للألوسي: 23/ 101، 102.
(1)
التعريف والإعلام: 146.
(2)
ذكر الطبري في تاريخه: 1/ 241 عن شعيب الجبائي أنه: هيزون.
(3)
في نسخة (ز): «ايهزن» وفي نسخة (ح): «اليهزن» .
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه: 4/ 148 ز 7/ 34 عن أبي هريرة رضي الله عنه، والإمام مسلم في صحيحه: 3/ 1653، 1654 عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
وقيل إن الرجل هو قارون. انظر: فتح الباري: 22/ 12، كتاب اللباس، باب من جر ثوبه من خيلاء.
(6)
قال ابن الأثير في النهاية: 1/ 284: - أي يغوص في الأرض حين يخسف، والجلجلة: حركة مع صوت. وانظر: غريب الحديث لابن الجوزي: 1/ 167.
(7)
سورة الأنبياء: آية: 70.
وهلاكهم في الدنيا، وانسفال درجتهم في الآخرة وكان عليه السلام]
(1)
هو العالي عليهم، وأمّا سورة الأنبياء عليهم السلام فليس فيها إلا ذكر مكايدتهم له، وأنّه عليه السلام كادهم ولم يكيدوه فخسروا في كيدهم فكان ذكر الخسران هنا أنسب - والله أعلم - ذكر ذلك الإمام أبو إسحاق الأردستاني في كتاب
(2)
درة التنزيل.
[101]
{فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}
(3)
الآية.
(سه)
(4)
يعني بإسحاق
(5)
، ألا تراه يقول في آية أخرى
(6)
{(فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ)} وقال في آية أخرى
(7)
: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} الآية و {اِمْرَأَتُهُ} هي سارّة فإذا كانت البشارة بإسحاق نصا، فالذبيح لا شك إسحاق لقوله هاهنا {فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} الآية وأيضا فإنه قال:
{بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} ولم يكن معه بالشّام إلاّ إسحاق، وأمّا إسماعيل فكان قد استودعه مع أمه في بطن مكة، وبهذا القول قال
(8)
ابن مسعود، ورواه
(9)
ابن جبير عن ابن عباس، وروي أيضا عن ابن عباس مرفوعا عن النّبي صلى الله عليه وسلم غير أنّ
(1)
ما بين المعقوفين في هامش الأصل، ومثبت في النسخ الأخرى.
(2)
انظر: درة التنزيل: 300.
(3)
في الأصل: «عليم» .
(4)
التعريف والإعلام: 146.
(5)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 81 عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب والعباس وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة وأنس وكعب الأحبار وغيرهم كثير. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 72 عنهم أيضا. وذكره ابن كثير في تفسيره: 7/ 27 عنهم أيضا.
(6)
سورة هود، آية:71.
(7)
سورة الذاريات، آية:29.
(8)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 81، وذكره ابن كثير في تفسيره: 7/ 27، 28 وقال ابن كثير: وهذا صحيح إلى ابن مسعود.
(9)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده: 1/ 306، 307، وفي مسنده عطاء بن السائب قال الحافظ ابن حجر في التقريب: 391: صدوق اختلط من الخامسة.
الإسناد فيه لين، وبهذا قال
(1)
كعب، وبه قال
(2)
شيخ التفسير محمد بن جرير، وروي
(3)
أيضا عن مالك بن أنس.
وقالت
(4)
طائفة: الذبيح إسماعيل، يروى هذا القول بإسناد عن الفرزدق
(5)
الشاعر عن أبي.
(1)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 82، وذكره ابن كثير في تفسيره: 7/ 28 وذكر أقوال القائلين أن الذبيح إسحاق ثم قال: «وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار، فإنه لمّا أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه، فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده، ونقلوا عنه غثها وسمينها، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده» .
(2)
انظر تفسير الطبري - جامع البيان: 23/ 85. وقال ابن كثير في تفسيره: 7/ 30: «وإنما عول ابن جرير في اختيار أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله: وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي، أي العمل، ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا. قال: وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام. قال: وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك - ثم قال ابن كثير - هذا ما اعتمد عليه في تفسيره، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدا، وقال: والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى - والله أعلم -.
(3)
ذكره القرطبي في تفسيره: 15/ 100.
(4)
ذكره الطبري في تفسيره: 23/ 83 عن ابن عمر وابن عباس والشعبي ومجاهد ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والحسن البصري. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 72، 73 عنهم أيضا وزاد عليهم عبد الله بن سلام وسعيد بن المسيب والربيع بن أنس وغيرهم. وذكره أيضا ابن كثير في تفسيره: 7/ 28، 29 عنهم أيضا ورجحه ابن كثير.
(5)
الفرزدق (- 110 هـ). هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء، يقال عنه: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه. انظر: وفيات الأعيان 6/ 86، لسان الميزان: 6/ 198، والإعلام: 8/ 93.
هريرة
(1)
عن النّبي صلى الله عليه وسلم، ولو صحّ إسناده عن الفرزدق لكان في الفرزدق نفسه مقال
(2)
، وروي
(3)
أيضا من طريق معاوية قال: سمعت رجلا يقول للنّبي صلى الله عليه وسلم: «يا ابن الذبيحين» في حديث ذكره فتبسّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولو صحّ إسناد هذا الحديث لم تقم به حجّة، لأنّ العرب تجعل العمّ أبا، قال الله تعالى:
{قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً ااحِداً}
(4)
الآية وقال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ}
(5)
وهما أبوه وخالته. ومن حجّتهم
(6)
أيضا أنّ الله تعالى لمّا فرغ من قصّة الذّبيح قال
(7)
: {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ.}
والجواب عنه من وجهين:
أحدهما أنّ البشارة الثانية إنّما هي بنبوّة إسحاق، والأول بولادته، ألا تراه يقول {(وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا)} ولا تكون النّبوّة إلا في حال الكبر، ونبيا نصب على الحال.
والجواب الثاني: أنّ قوله: {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ} تفسير، كأنّه قال بعد ما فرغ من ذكر المبشّر به وذكر ذبحه وكانت البشارة بإسحاق كما روت
(8)
عائشة
(1)
أخرجه السيوطي في الدر المنثور: 7/ 106 ونسبه لعبد بن حميد.
(2)
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: 4/ 433: ضعفه ابن حبان فقال: «كان قذافا للمحصنات فيجب مجانبة روايته» قال ابن حجر: «قل ما روى» .
(3)
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: 23/ 85، وأخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 554، قال الحافظ الذهبي:«سنده واه» . وأخرجه الحافظ ابن كثير في تفسيره: 7/ 30 وقال: «حديث غريب جدا» . وانظر: المقاصد الحسنة للسخاوي: 14.
(4)
سورة البقرة: آية: 133.
(5)
سورة يوسف: آية: 100.
(6)
في نسخة (ز): «ومن حجته» .
(7)
سورة الصافات: آية: 112.
(8)
أخرج الترمذي في سننه: 5/ 217 عن أبي يونس مولى عائشة قال: أمرتني عائشة رضي -
رضي الله عنها: (والصلاة الوسطى وصلواة العصر) أي وهي صلاة العصر، فعطف الاسم على الاسم والمسمّى واحد، وممّا احتجّوا به
(1)
أيضا قوله:
{فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ} في قراءة من نصب
(2)
، أي ومن بعد إسحاق يعقوب فكيف يبشّر بإسحاق وأنّه يلد يعقوب ثم يؤمر بذبحه؟
والجواب: أنّ هذا الاحتجاج باطل من طريق النّحو، لأنّ يعقوب ليس [مخفوضا]
(3)
عطفا على إسحاق، ولو كان كذلك لقال: ومن وراء إسحاق فيعقوب، لأنّك إذا فصلت بين واو العطف وبين المخفوض بجار ومجرور لم يجز، لا تقول مرّ بزيد وبعده عمر، ولا أن تقول وبعده عمرو، وإذا بطل أن يكون يعقوب مخفوضا، ثبت أنّه منصوب بفعل مضمر وتقديره ووهبنا له يعقوب
(4)
، فبطل ما نزعوا به وثبت
(5)
ما قدّمناه، والله أعلم.
= الله عنها أن أكتب لها مصحفا فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) وقالت: «سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم» . وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» .
(1)
ذكره ابن كثير في تفسيره: 7/ 29، 30 عن محمد بن كعب القرظي وقال ابن كثير:«والذي استدل به محمد بن كعب القرظي أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى» .
(2)
وهي قراءة حمزة وحفص وعبد الله بن عامر. انظر: الحجة في القراءات السبع: 347، البدور الزاهرة:157.
(3)
في الأصل ونسخة (ز) و (ق): «مخفوض بالرفع، والمثبت من التعريف والإعلام ونسخة (ح)» .
(4)
قال ابن القيم في زاد المعاد: 1/ 16 مجيبا عن هذا الاعتراض: «قيل لا يمنع الرفع أن يكون يعقوب مبشرا به لأن البشارة قول مخصوص وهي أول خبر سار صادق وقوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ جملة متضمنة لهذه القيود فتكون بشارة بل حقيقة البشارة هي الجملة الخبرية، ولما كانت البشارة قولا كان موضع هذه الجملة نصبا على الحكاية بالقول كان المعنى وقلنا لها من وراء إسحاق يعقوب، والقائل إذا قال بشرت فلانا بقدوم أخيه وثقله في أثره، لم يعقل منه إلا بشارة بالأمرين جميعا، هذا مما لا يستريب ذو فهم فيه البتة» اه.
(5)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: 7/ 23: «وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكى ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل من بعض الصحابة -
[107]
{وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ.}
(عس)
(1)
يعني
(2)
كبش
(3)
إبراهيم الذي فدي به الذبيح.
وحكى المهدوي
(4)
أنّه فدي بوعل
(5)
، والله أعلم.
نكتة: (سي) قال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله: إن قلت ما لحكمة في أنّ الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده؟.
= أيضا، وقال: وليس ذلك في كتاب ولا سنة وما أظن ذلك تلقي إلا عن أخبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلما من غير حجة». وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: 1/ 15: «وأمّا القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها، وقال: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا القول إنما هو متلقى من أهل الكتاب» اه. وهناك طائفة ثالثة توقفت في الترجيح بين القولين، ومنهم الزجاج حيث قال:«الله أعلم أيهما الذبيح» . انظر تفسير القرطبي: 15/ 101. وقال الشوكاني في تفسيره: 4/ 404: «وما استدل به الفريقان يمكن الجواب عنه والمناقشة له».وللسيوطي رسالة في قصة الذبيح توقف فيها ولم يرجح بين الرأيين، والله أعلم.
(1)
التكميل والإتمام: 73 ب.
(2)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 86 عن علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 113، وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي بن أبي طالب ونسبه أيضا لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(3)
في هامش الأصل ونسخة (ز) و (ق) قوله: «(سي): وجدت في حاشية غير منسوبة أن اسم الكبش الذي فدي به الذبيح عليه السلام رزين بفتح الراء وكسر الزاي فلينظر في مظانه حتى تقع الثقة به» .
(4)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 87 عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكره القرطبي في تفسيره: 15/ 107 عن الحسن.
(5)
الوعل: هو التيس الجبلي. اللسان: 11/ 731 مادة (وعل).
فالجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أنّ إبراهيم سأل من الله إحياء الموتى
(1)
فسأل الله منه إماتة حيّ.
الثاني: أنّ إبراهيم كان يحبّ ولده فابتلاه الله، ويقال من أحبّ شيئا أكثر بلواه من أجله، ألا ترى إلى بلوى يعقوب من أجل حبه يوسف، فإن قيل فلم كان الأمر بذلك في المنام ولم يكن مواجهة؟.
فالجواب: أنّه كان حالا كريها عند إبراهيم من جهة الطبع فلم يرد الله أن يواجه خليله
(2)
بما فيه كراهية له فأراه ذلك في المنام كأنه أخفّ.
[125]
{أَتَدْعُونَ بَعْلاً.}
(عس)
(3)
قيل
(4)
: هو اسم صنم كانوا يعبدونه، وقد قيل
(5)
: إنّه اسم امرأة كانوا يعبدونها، والله أعلم.
[130]
(سه)
(6)
قال بعض المتكلّمين في معاني القرآن
(7)
إنّ (آل ياسين) آل
(1)
وذلك في قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى، قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ، قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً، وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ البقرة:260.
(2)
في نسخة (ز): «حبيبة» .
(3)
التكميل والإتمام: 73 ب.
(4)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 52 عن الضحاك وابن زيد وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 80، وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 119 ونسبه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس».
(5)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 93 عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 80 عن محمد بن إسحاق.
(6)
التعريف والإعلام: 148.
(7)
ذكره الفراء في معاني القرآن: 2/ 392، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 84 عن الكلبي.
محمد عليه السلام، ونزع إلى قوله من قال في تفسير (يس) يا محمد
(1)
، وهذا القول يبطل من وجوه كثيرة:
أحدها: أنّ سياق الكلام في قصة الياسين يلزم أن تكون كما هي في قصة إبراهيم ونوح وموسى وهارون، وأنّ التسليم راجع عليهم ولا معنى للخروج عن مقصود الكلام لقول قيل في تلك الآية الأخرى مع ضعف ذلك القول أيضا، فإنّ يس، وحم، والم، ونحو ذلك القول فيها واحد، وإنّما هي حروف مقطّعة، إمّا مأخوذة من أسماء الله كما قال ابن عباس
(2)
، وإمّا من صفات القرآن
(3)
، وإما كما قال الشعبي
(4)
: «لله في كلّ كتاب سر، وسرّه في القرآن فواتح السّور» ، وأيضا فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
(5)
: «لي خمسة أسماء» ولم يذكر فيها يس، وأيضا فإنّ (يس) جاءت التلاوة فيها بالسّكون والوقوف، ولو كان اسما للنّبي صلى الله عليه وسلم لقال:
يسن بالضم كما قال: {(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ)}
(6)
، وإذا بطل هذا القول بما ذكرناه ف (آل ياسين) هم آل الياسين المذكور، وعليه وقع التسليم ولكنّه اسم أعجمي، والعرب تضطرب في هذه الأسماء الأعجميّة ويكثر تغييرهم لها، قال ابن جنّي
(7)
: العرب تتلاعب بالأسماء الأعجميّة تلاعبا فياسين وإلياس وإلياسين شيء واحد».
(1)
سبق ذكر من قال بهذا القول في أول سورة يس. راجع ص 391.
(2)
أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 87، 88 عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره: 1/ 87 عن قتادة ومجاهد وابن جريج وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 1/ 21 عن زيد بن أسلم وعبد الرحمن بن زيد وسعيد بن علاقة.
(4)
ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 1/ 20 عن الشعبي وأبي صالح وأبي زيد، وذكره القرطبي في تفسيره: 1/ 154، 15/ 120 عن عامر الشعبي وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه: 4/ 162 عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب» .
(6)
سورة يوسف: آية: 46.
(7)
ابن جني: (330 - 392 هـ). -
وقال بعضهم:
(1)
: من قرأ (إلياسين)
(2)
فهو جمع مثل الأشعرين يعني إلياس ورهطه كما تقول المهالبة أي المهلّب وأهله، وهذا أيضا لا يصحّ، بل هي لغة في إلياس كما تقدّم، ولو أراد ما قالوه لأدخل الألف واللام كما تدخل في المهالبة والأشعرين فكان يقول: سلام على الإلياسين، لأن العلم إذا جمع تنكّر حتى يعرّف بالألف واللام لا تقول سلام على زيدين، (بل: السلام على الزيدين) بالألف واللام، فإلياس عليه السلام فيه ثلاث لغات كما ذكرنا، غير أنّ الطبري
(3)
ذكر في نسبه أنّه إلياس بن ياسين بن عيزار بن هارون، وإذا صح هذا فآل ياسين يدخل فيهم إلياس وأبوه ولا يكون في المسألة إشكال ولا تغيير لفظ عن وجهه المعروف فيه، والله أعلم.
(عس)
(4)
ذكر الشيخ إلياس وتكلّم عليه، وقال القتبي
(5)
: إنّ إلياس هو من سبط يوشع بن نون، بعثه الله إلى أهل بعلبك وكانوا يعبدون صنما يقال له:
بعل وهو المذكور في الآية، وكان لهم ملك يقال له: أحب
(6)
وكانت له امرأة يقال لها: أزبيل
(7)
كان يستخلفها على ملكه، وكانت قد قتلت جملة من الأنبياء،
= هو: عثمان بن جني الموصلي، أبو الفتح، الإمام اللغوي، النحوي، البلاغي، صاحب التصانيف الجليلة في النحو والبلاغة واللغة منها: سر الصناعة وأسرار البلاغة والمنهج في اشتقاق شعر الحماسة وغير ذلك. أخباره في: إنباه الرواة: 2/ 335، نزهة الألباء: 244، إشارة التعيين:200. وانظر قوله في تفسير القرطبي: 15/ 118.
(1)
ذكره القرطبي في تفسيره: 15/ 119 عن المهدوي.
(2)
وهي قراءة ابن كثير وعاصم وأبو عمرو والشامي وحمزة والكسائي. انظر: البدور الزاهرة: 270.وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 82 عنهم أيضا.
(3)
ذكره في تفسيره: 23/ 91، وفي تاريخه: 1/ 461 عن ابن إسحاق.
(4)
التكميل والإتمام: 73 ب.
(5)
انظر المعارف: 51.
(6)
ذكره الطبري في تاريخه: 1/ 461 باسم أحاب، وذكره ابن الأثير في الكامل: 1/ 118 باسم أخاب بالحاء المعجمة.
(7)
في نسخة (ح): «أرفيل» ، وفي تاريخ الطبري: 1/ 461: «أزبل» .
وكانت قد قتلت يحيى بن زكريا عليه السلام وعمّرت عمرا طويلا وتزوجت سبعة من ملوك بني إسرائيل، ورفع الله إليه إلياس بعد أن كساه الريش وصار يطير مع الملائكة
(1)
، والله أعلم.
(سي) وظاهر حكاية الشيخ أبي عبد الله في رفع إلياس أنّه إدريس وقد تقدّم في سورة الأنعام
(2)
من كلام القاضيين أبي بكر
(3)
بن العربي وأبي الفضل
(4)
عياض صحة قول من قال: إنّ إلياس هو إدريس وانتزاعهما ذلك من حديث الإسراء
(5)
، ومما تقدّم في سورة الكهف من حديث ابن أبي الدّنيا في شأن إلياس يؤذن بأنّه خلاف إدريس، فالله أعلم.
وقد صرّح بأنّه خلاف إدريس حديث رواه عبد الله بن علي المقرئ
(6)
(1)
ذكر نحو هذه القصة ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 81، وذكر ابن كثير نحو ذلك في تفسيره: 7/ 31 ثم قال: «حكاه وهب بن منبه عن أهل الكتاب والله أعلم بصحته» وقال أيضا في البداية والنهاية: 1/ 338 «ففي هذا نظر وهو من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب، بل الظاهر أن صحتها بعيدة، والله أعلم» .
(2)
انظر: صلة الجمع، القسم الأول:457.
(3)
لم أعثر على كلامه.
(4)
انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم: 1/ 360.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه: 1/ 92 عن أبي ذر رضي الله عنه وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 1/ 148، 150 عن أبي ذر رضي الله عنه، وعن أنس رضي الله عنه، وممن ذهب إلى أن إلياس هو إدريس ابن مسعود رضي الله عنه والضحاك وقتادة ومحمد بن إسحاق ذكر ذلك الإمام السهيلي فقال: في الروض: 1/ 14 «وهذا القول عندي أقبل والنفس إليه أميل لما عضده من هذا التأويل» اه.
(6)
عبد الله بن علي المقرئ: (464 - 541 هـ). هو: عبد الله بن علي بن أحمد البغدادي، أبو محمد، إمام في القراءات، واسع العلم وكان أطيب أهل زمانه صوتا بالقرآن على كبر السن، صنف المبهج والكفاية والروضة في علم القراءات وغيرها. أخباره في: إنباه الرواة: 2/ 122، معرفة القراء الكبار: 1/ 494، غاية النهاية: 1/ 434.
- بسند طويل اختصرته - عن داود بن يحيى مولى عوف الغفاري عن رجل كان مرابطا في بيت المقدس وبعسقلان قال: بينما أنا أسير بوادي الأردن
(1)
إذا أنا برجل في ناحية الوادي قائم يصلى فإذا سحابة تظلّه عن الشمس فوقع في قلبي أنّه إلياس النّبي عليه السلام فسلّمت عليه، فانفتل
(2)
من صلاته فردّ عليّ السلام فقلت له: من أنت يرحمك الله؟ فلم يردّ علي شيئا، فأعدت عليه القول مرتين فقال: أنا إلياس النّبي، فأخذتني رعدة شديدة خفت على عقلي أن يذهب فقلت له: إن رأيت رحمك الله أن تدعو لي أن يذهب الله عنّي ما أجد حتى أفهم حديثك، فدعا لي بثماني دعوات، قال:«يا برّ يا رحيم، يا حي يا قيّوم، يا حنّان يا منّان، ياهيا شراهيا» ، فذهب عني ما كنت أجد فقلت له: إلى من بعثت؟ قال: إلى أهل بعلبكّ قلت: فهل يوحى إليك اليوم؟ قال: منذ بعث محمد خاتم النّبيين صلى الله عليه وسلم لم يوح لي، فقلت: فكم من الأنبياء في الحياة؟ قال: أربعة أنا والخضر في الأرض، وإدريس، وعيسى في السماء، قلت: فهل تلتقي أنت والخضر؟ قال: نعم في كل عام بعرفات، قلت: فما حديثكما؟ قال: يأخذ من شعري وآخذ من شعره قلت: فكم الأبدال
(3)
؟ قال: هم ستون رجلا، خمسون ما بين عريش
(4)
مصر إلى شاطئ الفرات، ..
(1)
الأردن: بالضم ثم السكون، ضم الدال المهملة وتشديد النون نهر بالشام، واسم البلد أيضا. انظر: معجم البلدان: 1/ 147.الروض المعطار: 21.
(2)
انفتل من صلاته: أي انصرف منها. اللسان: 11/ 514 مادة (فتل).
(3)
الأبدال: هم الأولياء يبدل واحد إذا مات بواحد. انظر غريب الحديث لابن الأثير: 1/ 61، وفي اللسان: 11/ 49: «الأبدال قوم من الصالحين بهم يقيم الله الأرض أربعون في الشام وثلاثون في سائر البلاد، لا يموت منهم أحد إلا قام مكانه آخر فلذلك سموا الأبدال» .
(4)
عريش مصر: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم شين معجمة بعد الياء المثناة من تحت، وهي آخر مدينة تتصل بالشام من أعمال مصر، وسميت بذلك لأن إخوة يوسف عليه السلام عملوا بها عريشا يستظلون تحته من الشمس حتى يأذن لهم يوسف بالدخول إلى مصر. -
ورجلان بالمصيصة
(1)
، ورجل بأنطاكية، وسبعة في سائر الأمصار بهم تسقون الغيث، وبهم تنصرون على العدو، وبهم يقيم الله أمر الدنيا حتى إذا أراد أن يهلك الدنيا أماتهم جميعا
(2)
.انتهى.
قال المؤلف - وفقه الله -: فقوله في هذا الحديث: أنا والخضر في الأرض، وإدريس وعيسى في السماء نصّ على المخالفة، فيتحصّل من الخلاف في نسب إلياس ثلاثة أقوال الأول: ما حكاه هنا الشيخ أبو زيد أنه إلياس بن إلياسين بن عيزار بن هارون.
الثاني: ما ذكره الشيخ أبو عبد الله بن عسكر في سورة الأنعام
(3)
أنه إلياس بن خسي
(4)
بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران، فعلى هذين القولين يكون إلياس بن سبط لاوى بن يعقوب.
القول الثالث: ما حكاه هنا الشيخ أبو عبد الله من أنّه من سبط يوشع بن نون بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام والله أعلم.
= انظر: معجم ما استعجم: 2/ 938، معجم البلدان: 1/ 113، 114.
(1)
في هامش الأصل ونسخة (ز) و (ق): «(سي) المصيصة بفتح الميم والصاد المهملة وبعدها ياء باثنتين وصاد كذلك بلد بالشام ولا تشد الصاد، قاله الجوهري، وقال عياض: المصيصة بكسر الميم وتخفيف الصاد وضبطها بعضهم بالتشديد من المشارق» . ينظر: الصحاح: 3/ 1057 مادة (مصص) ومشارق الأنوار: 1/ 395، وانظر معجم البلدان: 5/ 144.
(2)
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: 1/ 339 «وقد أورد ابن عساكر طرقا فيمن اجتمع بإلياس من العباد، وكلها لا يفرح بها لضعف إسنادها أو لجهالة المسند إليه فيها» . وانظر: الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة: 50، وكشف الخفاء: 1/ 49، 50.
(3)
انظر التكميل والإتمام: 30 ب.
(4)
كذا هاهنا في نسخ المخطوط، وفي سورة الأنعام: هو ابن نسي بالنون، وفي المحبّر: 338: «إلياس بن تشبين بن العازر ابن الكاهن هارون» .وفي تفسير الطبري: /15: «إلياس بن يسي» .وفي البداية والنهاية: 1/ 339 قال: «قال علماء النسب هو إلياس التشبيّ» .
[146]
{وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ.}
(سه)
(1)
اليقطين كلّ شجرة لا تقوم على ساق
(2)
، وأراد
(3)
به هنا القرع
(4)
، وخصّت شجرة القرع بهذه الخاصية فيها وهي أنّ الذّباب لا يألفها كما يألف العشب، وكان يونس عليه السلام حين لفظه الحوت متقشّرا يؤلّمه الذباب فسترته الشجرة بورقها
(5)
، وقد ذكر النقّاش هذا المعنى وأكثر من هذا، والله أعلم.
(عس)
(6)
واشتقاق اليقطين من قطن بالمكان إذا أقام فيه فوزنه يفعيل، وواحدته يقطينة
(7)
.
[158]
{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً.}
(عس)
(8)
هم اليهود زعموا أنّ الله تعالى صاهر الجنّ فكانت من بينهم الملائكة
(9)
، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
(1)
التعريف والإعلام: 149.
(2)
انظر الصحاح: 6/ 2183 مادة (قطن).ترتيب القاموس المحيط: 3/ 652 مادة (قطن).
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 102، 103 عن ابن عباس وقتادة والمغيرة وغيرهم. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 88 وانظر تفسير القرطبي: 15/ 129، 130.
(4)
في هامش الأصل ونسخة (ز) و (ق): «(سي) القرع: بضم القاف وسكون الراء والعين المهملة هي الدباء، والعامّة بفتح الراء والصواب الإسكان، قاله عياض وابن هشام وغيرهما من أرباب اللغة» . ينظر: مشارق الأنوار: 2/ 180، والصحاح: 3/ 1262 مادة (قرع).
(5)
ذكر ذلك ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 89، وقال ابن كثير في تفسيره: 7/ 35: «وذكر بعضهم في القرع فوائد منها: سرعة نباته، وتظليل ورقه لكبره ونعومته وأنه لا يقربه ذباب وجودة أغذية ثمره وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبه وقشره أيضا وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء ويتتبعه من حواشي الصفحة» اه.
(6)
التكميل والإتمام: 73 ب.
(7)
انظر الصحاح: 6/ 2183، 2183 مادة (قطن).
(8)
التكميل والإتمام: 73 ب.
(9)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 108 عن قتادة، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 91 عن قتادة وابن السائب.
[167، 168]{وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ.}
(عس)
(1)
يعني قريشا هم قائلو ذلك
(2)
، والله أعلم.
(1)
التكميل والإتمام: 73 ب.
(2)
أخرجه الطبري في تفسيره: 23/ 123 عن قتادة وابن زيد والضحاك والسدي. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 139 ونسبه لابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، ونسبه أيضا لابن المنذر عن ابن جريج، ونسبه أيضا لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة.