الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الصّف
[2]
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ.}
(عس)
(1)
روي
(2)
أنّها نزلت في نفر من الصحابة فيهم عبد الله بن رواحة الأنصاريّ قالوا: لو نعلم تجارة لله فيها رضاه لفعلنا فنزلت الآية الثانية.
قوله تعالى:
[10]
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ} الآية.
قال: فكرهوها فعاتبهم الله بهذه الآية، فقال عبد الله بن رواحة: لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت فقتل شهيدا رضي الله عنه.
[6]
{وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ.}
(سه)
(3)
معلوم أنّه محمد نبينا عليه الصلاة والسلام، ولكن أردنا أن نذكر وجوها من الحكمة في هذين الاسمين فأحمد اسم علم منقول من صفة لا من فعل، وتلك الصفة أفعل التي يراد بها التفضيل فمعنى أحمد أي أحمد الحامدين لربّه، وكذلك هو في المعنى لأنّه تفتح عليه في المقام المحمود
(1)
التكميل والإتمام: 89 ب.
(2)
أخرجه الطبري في تفسيره: 28/ 84 عن مجاهد، وأخرجه الترمذي في سننه: 5/ 412 عن عبد الله بن سلام، وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 146 ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن مجاهد، ونسبه أيضا لمالك في تفسيره عن زيد بن أسلم.
(3)
التعريف والإعلام: 169.
محامد لم تفتح على أحد قبله
(1)
فيحمد ربّه بها ولذلك يعقد
(2)
له
(3)
لواء الحمد، وأمّا محمّد فمنقول من صفة أيضا وهو في معنى محمود ولكن فيه معنى المبالغة والتّكرار فالمحمّد هو الذي حمد مرة بعد مرة كما أنّ المكرّم من أكرم مرة بعد مرة وكذلك الممدّح ونحو ذلك، فاسم محمّد مطابق لمعناه، والله سبحانه سمّاه به قبل أن يسمي به نفسه فهذا علم من أعلام نبوّته صلى الله عليه وسلم إذ كان اسمه صادق عليه فهو محمود في الدنيا بما هدي إليه ونفع به من العلم والحكمة وهو محمود في الآخرة بالشّفاعة فقد تكرّر معنى الحمد كما يقتضي اللّفظ، ثم إنّه لم يكن محمدا حتى كان أحمد حمد ربّه فنبّأه وشرّفه فلذلك تقدّم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمّد فذكره عيسى، فقال:(اسمه أحمد)، وذكره
(4)
موسى حين قال له ربّه: تلك أمة أحمد، فقال: اللهمّ اجعلني من أمة أحمد. فبأحمد ذكره قبل أن يذكره بمحمّد لأنّ حمده لربه كان قبل حمد الناس له
(5)
فلما وجد وبعث كان محمدا بالفعل، وكذلك بالشفاعة يحمد ربّه بالمحامد
(1)
أخرج البخاري في صحيحه: 7/ 200، 201 عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة أنه قال: «فيأتوني فأقول أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا
…
».
(2)
أخرج الترمذي في سننه: 5/ 587 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تشق عنه الأرض ولا فخر». قال الترمذي: وفي الحديث قصة، وهذا حديث حسن صحيح.
(3)
«له» ساقطة من نسخة (ز).
(4)
أخرجه أبو نعيم في الدلائل: 1/ 68، 69 عن أبي هريرة رضي الله عنه مطولا، وقال أبو نعيم: وهذا الحديث من غرائب حديث سهيل لا أعلم أحدا رواه مرفوعا إلا من هذا الوجه، تفرد به الربيع بن النعمان وبغيره من الأحاديث عن سهيل، وفيه لين» اه. وذكره الحافظ ابن كثير في شمائل الرسول: 1/ 147 فقال: «وروى الحافظ البيهقي بسنده عن وهب بن منبه اليماني فقال
…
».
(5)
في نسخة (ز): «به» .
التي يفتحها عليه فيكون أحمد الناس لربّه ثم يشفع فيحمد على شفاعته، فانظر كيف ترتّب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر والوجود وفي الدنيا والآخرة تلح لك الحكمة الإلهية في تخصيصه بهذين الاسمين، وانظر كيف أنزلت عليه سورة الحمد وخصّ بها دون سائر الأنبياء، وخصّ بلواء الحمد، وخصّ بالمقام المحمود، وانظر كيف شرع لنا سنّة وقرآنا أن نقول عند اختتام الأفعال وانقضاء الأمور: الحمد لله ربّ العالمين وقال سبحانه
(1)
: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} قال تعالى
(2)
: {وَآخِرُ دَعْااهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} تنبيها لنا أنّ الحمد مشروع لنا عند انقضاء الأمور، وسنّ عليه السلام الحمد بعد الأكل والشرب
(3)
، وقال عند انقضاء السّفر:«آئبون تائبون لربنا حامدون»
(4)
، ثم انظر لكونه عليه السلام خاتم الأنبياء
(5)
ومؤذنا بانقضاء الرسالة وارتفاع
(6)
الوحي، ونذيرا بقرب الساعة
(7)
، وتمام الدنيا مع أنّ الحمد كما قدّمنا مقرونا بانقضاء الأمور مشروع عنده تجد معاني اسميه جميعا، وما خصّ به من الحمد والمحامد مشاكلا لمعناه مطابقا لصفته وفي ذلك برهان عظيم، وعلم واضح على نبوّته وتخصيص الله له بكرامته، وأنّه قدّم له هذه المقدّمات قبل
(1)
سورة الزمر: آية: 49.
(2)
سورة يونس: آية: 10.
(3)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 2095 عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها».
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه: 2/ 204 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(5)
قال الله في كتابه العزيز: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ الأحزاب: 40.
(6)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 1871 عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي» .
(7)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 2269 عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين» ، قال:«وضم السبابة والوسطى» .
وجوده تكرمة له وتصديقا لأمره صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وعلى آله وصحبه
(1)
.
تكميل: (عس)
(2)
تكلّم الشيخ رحمه الله على محمد وأحمد وهما اسمان من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف الناس في عدد أسمائه عليه السلام فروى مالك
(3)
في الموطأ عن ابن شهاب عن محمد
(4)
بن جبير بن مطعم أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب»، وقد روى يونس بن
(5)
يزيد هذا الحديث بسند مالك ولفظه وزاد فيه:
«والعاقب الذي ليس بعده نبي» ، وكذلك رواه الترمذي في الشمائل
(6)
، وجاء في حديث آخر من طريق اللّيث بن سعد أنّ نافع
(7)
بن جبير دخل على عبد
(1)
انظر ما ذكره القاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1/ 444، 445 عن فضيلة الاسمين أحمد ومحمد للرسول صلى الله عليه وسلم. وانظر أيضا: الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة للسيوطي: 55 وما بعدها.
(2)
التكميل والإتمام: 89 ب، 90 أ، ب.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
محمد بن جبير: (؟ - 100 هـ). هو: محمد بن جبير بن مطعم بن عدي القرشي، أبو سعيد ثقة، سمع من بعض الصحابة، وروى عنه الزهري وعمرو ودينار وغيرهما، توفي بالمدينة. انظر: الجمع بين رجال الصحيحين: 2/ 449، الكاشف: 3/ 85، تهذيب التهذيب: 9/ 445.
(5)
يونس بن يزيد: (؟ - 159 هـ). هو: يونس بن يزيد بن أبي النجاد القرشي، أبو يزيد، أحد الأثبات الثقات، قال الذهبي: شذ ابن سعد في قوله: ليس بحجة، وشذ وكيع في قوله: سيئ الحفظ. وقال الحافظ ابن حجر: ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا وفي غير الزهري خطأ». انظر الجمع بين رجالين الصحيحيين: 2/ 584، ميزان الاعتدال: 4/ 484، تقريب التهذيب:614.
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
نافع بن جبير: (؟ - 99 هـ). هو: نافع بن جبير بن مطعم بن عدي القرشي، أبو محمد ثقة، فاضل، وكان فصيحا -
الملك بن مروان فقاله له: أتحصي أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير بن مطعم يعدّها قال: نعم هي ستة محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماح، فأمّا حاشر فيبعث مع الساعة نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد، وأمّا عاقب فإنه عقب الأنبياء صلوات الله عليهم، وأمّا ماح فإنّ الله عز وجل محى به سيئات من اتّبعه»، ففي هذا الحديث مخالفة لحديثي مالك ويونس المتقدمين في العدد والمعنى الذي من أجله سمّي ماحيا، فأسماؤه على مقتضى هذا الحديث ستة.
وروي عن أبي موسى الأشعري قال: سمّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بأسماء فقال: «أنا محمد، وأحمد، والمقفّى، والحاشر ونبيّ التوبة ونبيّ الملحمة» .
ففي هذا الحديث أنها ستة ولم يذكر العاقب، ولكن ذكر المقفّى وهو بمعناه، ولم يذكر الماحي ولا الخاتم فتكون أسماؤه بهذين الاسمين ثمانية، وروي عن كعب الأحبار أنّه قال
(1)
: أسماء محمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة المنزّلة محمد وأحمد والمتوكّل والمختار وحمياطى
(2)
وبارقليطى
(3)
وماذماذ
(4)
والحاشر والماحي والعاقب والمقفّى والخاتم والخاتم.
ففي هذا الحديث هي ثلاثة عشر اسما، ولم يذكر نبيّ التوبة ولا نبيّ الملحمة فتكون بها خمسة عشر اسما.
= جهير الكلام، سمع من ابن عباس وعائشة وأبي هريرة وغيرهم. انظر: الجمع بين رجال الصحيحين: 2/ 527، الكاشف: 3/ 173، تقريب التهذيب:558.
(1)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 456 مختصرا. وأورده السيوطي في الرياض الأنيقة: 146 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنه كان يسمى في الكتب القديمة أحمد ومحمد والماحي والمقفى ونبي الملاحم وحمطايا وفارقليطا وماذماذ.
(2)
ومعناه: حامي الحرم، ذكره السيوطي في الرياض الأنيقة:147.
(3)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 455 وقال: «وروح الحق وهو معنى البارقليط في الإنجيل» ، وقال السيوطي في الرياض الأنيقة: 129: «وأكثر أهل الإنجيل على أن معناه المخلص» .
(4)
قال القاضي عياض في الشفا: 1/ 456: «ومعناه طيب طيب» .
وسمّاه عيسى في الإنجيل روح الحقّ، وسمّاه أيضا المنحمنا
(1)
ذكره ابن إسحاق
(2)
.
وسمّاه
(3)
أشعيا النّبي راكب الجمل.
وسمّاه
(4)
سطيح الكاهن صاحب الهراوة.
ووقع
(5)
في السّير أنّه بالرومية البرقليطس.
فهذه خمسة أسماء تضاف إلى الخمسة عشر المتقدّمة فتبلغ أسماؤه عشرين اسما.
ويسمى أيضا صاحب السّاعة، وصاحب الشّفاعة
(6)
، وقد سمّاه الله تعالى رءوفا رحيما
(7)
وشاهدا ومبشرا وسراجا منيرا
(8)
.
وقد روي
(9)
أنّ من أسمائه: طه ويس والمزّمل والمدّثر وعبد الله ونون والفاتح والكاف والقيّم وقثم أي الجامع
(10)
للخير، وإذا اشتقّت أسماؤه من صفاته كثرت جدا صلوات الله عليه وسلم.
(1)
في السيرة النبوية، القسم الأول: 233 قال: «إن المنحمنا بالسريانية محمد» ، وذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 256 وقال: «هو اسمه بالسريانية» .
(2)
انظر: السيرة النبوية، القسم الأول:233.
(3)
ذكره السيوطي في الرياض الأنيقة: 163 عن ابن دحية.
(4)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 257 وقال: «الهراوي في اللغة العصا» .
(5)
انظر: السيرة النبوية، القسم الأول:233.
(6)
أخرج الإمام أحمد في مسنده: 5/ 137 عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة كنت إمام الناس وخطيبهم وصاحب شفاعتهم ولا فخر» .
(7)
وهو في قوله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ التوبة: آية: 128.
(8)
وهو قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً الأحزاب: آية: 45.
(9)
تقدم تخريجه.
(10)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 453.
فإن قيل: فكيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أسماء، وقد بلغت أكثر من ذلك؟.
فللناس عن ذلك جوابان: أحدهما أنّ الحديث مروي على المعنى وليس ذكر العدد فيه من لفظ النّبي صلى الله عليه وسلم ولكن لمّا وجد الراوي أسماءه في الحديث خمسة، ذكر العدد تبينا للمعنى ورواية
(1)
الحديث على المعنى جائزة عند كثير من الرّواة، واستدلّ صاحب هذا القول بأنّ هذا الحديث قد روي مسندا ولم يذكر فيه عددا.
قال (عس): وهذا عندي فيه نظر لأنه لا تردّ رواية من زاد برواية من أسقط، والزيادة
(2)
من العدل مقبولة، ولا يحمل الحديث على المعنى ما وجد إلى حمله على اللّفظ سبيل.
والجواب الثاني: وهو الأظهر عندي [أنّه
(3)
قال]: «لي خمسة أسماء» ، فلا يخرج من هذا أنّه ليس له أسماء سواها، فقد تخصّ هذه الخمسة بالذكر في وقت لمعنى ما، إمّا لعلم السامع بما سواها فكأنه قال: لي خمسة أسماء زائدة على ما تعلم، أو لفضل فيها فكأنه قال: لي خمسة أسماء فاضلة معظّمة، أو لشهرتها فكأنه قال: لي خمسة أسماء مشهورة، أو لغير ذلك مما يحتمله اللفظ من المعاني، والله أعلم.
وقد قال بعض
(4)
الناس: إنّه أراد لي خمسة أسماء في الكتب المتقدّمة، وهذا يبطله ما تقدّم من أنّ أسماءه الموجودة في الكتب المتقدّمة، وهذا يبطله ما تقدّم من أنّ أسماءه الموجودة في الكتب المتقدّمة تزيد على الخمسة المذكورة، وكنيته
(5)
المشهورة أبو القاسم وقد.
(1)
انظر التقييد والإيضاح لابن الصلاح: 226.
(2)
المرجع السابق: 111.
(3)
في الأصل: «إذا قيل» ، والمثبت من التكميل والإتمام.
(4)
ذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/ 338.
(5)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 3/ 1683 عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
روي
(1)
أنّ جبريل عليه السلام كنّاه بأبي إبراهيم، والله أعلم.
فصل في شرح ما يشكل من هذه الأسماء:
(عس): أمّا الماحي فقد وقع مفسّرا في الحديثين على الخلاف فيهما والمعنى في ذلك متقارب
(2)
.
وأمّا الحاشر فقد فسّره في الحديث بقوله: «الذي يحشر الناس على قدمي» ، وذكر الخطّابي
(3)
في معنى قوله: «على قدمي» قولين:
أحدهما: أنّه أول من يحشر من الخلق ثم يحشر الناس على قدمه أي على أثره، قال: ويدلّ على هذا ما روي أنّه قال: وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي
(4)
.
والقول الآخر أن يكون أراد بقدمه عهده وزمانه
(5)
.
فيكون المعنى أنّ الناس يحشرون في عهده أي في دعوته من غير أن
(1)
أخرج البيهقي في دلائل النبوة: 1/ 164 عن أنس رضي الله عنه أنه لمّا ولد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم من مارية جاريته كاد يقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم منه حتى أتاه جبريل فقال: «السلام عليك أبا إبراهيم» وفي رواية «يا إبراهيم» ، وأخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 604. وإبراهيم هو: ابنه صلى الله عليه وسلم من مارية ولد بالمدينة بعد ثمان سنين من مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام. وأمّا القاسم فهو من السيدة خديجة مات بمكة، وعن مجاهد قال:«مكث القاسم سبع ليال ثم مات» . انظر: المعارف: 141، 143.
(2)
في نسخة (ز): «متقاربة» .
(3)
انظر: غريب الحديث له: 1/ 425.
(4)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 1828.
(5)
نهاية كلام الخطابي، انظر: غريب الحديث: 1/ 425.وانظر النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/ 388.
تنسخ ولا تبدّل، وأمّا العاقب فقد وقع تفسيره في حديث يونس
(1)
ومعناه: «الذي ليس بعده نبيّ» ، أي قد عقب الأنبياء فانقطعت النّبوّة، وأمّا نبيّ الملحمة فمعناه نبيّ الحروب لأنه بعث بالقتل والحرب، وقد قيل فيه نبيّ الملاحم، وأمّا الفاتح فلأنه فتح الله به بلاد الإسلام
(2)
، وأمّا الكاف، فقيل معناه: الذي أرسل إلى الناس كافّة، وليس هذا بصحيح لأنّ كافّة لا يتصرّف منه فعل فيكون منه اسم فاعل، وإنّما معناه الذي كفّ الناس عن المعاصي، والله أعلم وأمّا المقفّى فهو الذي قفى على أثر الأنبياء أي اتّبع آثارهم
(3)
وأمّا فارقليطي فروي مقصورا، وروي فارقليط، وروي بارقليط بالباء وقيل
(4)
معناه الذي يفرّق بين الحق والباطل، وروي أنّ معناه بلغة النّصارى الحمد، فكأنه محمد وأحمد، والله أعلم، وأمّا ماذماذ
(5)
فمعناه طيّب طيّب، وأمّا المنحمنا فهو بالسريانية والبرقليطس بالرومية وحمياطى، وروي حمطايا بالعبرانية ومعناها كلّها محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الخاتم - بفتح التاء - فمعناه
(6)
أحسن الأنبياء خلقا وخلقا كأنه جمال الأنبياء كالخاتم الذي يتجمّل به، وقيل إنّه لمّا انقضت به النّبوّة وكملت كان كالخاتم الذي يختم به الكتاب عند الفراغ منه، وأمّا الخاتم - بكسر التاء - فمعناه
(7)
أنه آخر الأنبياء فهو اسم فاعل من ختم والله أعلم. وأمّا راكب الجمل وصاحب الهراوة فهما ظاهران، وفيهما سؤال وهو أن يقال: لم خصّ بركوب
(1)
وهو يونس بن يزيد القرشي، وقد تقدمت ترجمته.
(2)
وانظر أيضا: الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة: 218، 219 في تفسير معنى الفاتح.
(3)
وقال السيوطي في الرياض الأنيقة: 252: «ومعناه الذي ليس بعده نبي كالعاقب» .
(4)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 456 عن ثعلب الشيباني.
(5)
انظر: الشفا: 1/ 456.
(6)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 456 عن ثعلب الشيباني.
(7)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 1790 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» .
الجمال، وقد كان يركب غيره كالفرس والحمار، وبالهراوة وهي العصا، وقد كان غيره من الأنبياء يمسكها؟
والجواب عندي - والله أعلم - أنّ المعنى بهما أنّه من العرب لا من غيرهم، لأنّ الجمل مركب للعرب مختص بهم لا ينسب لغيرهم من الأمم ولا يضاف لسواهم، والهراوة وإن كانت العصا فكثيرا ما تستعمل في ضرب الإبل وتخصّ بذلك كما قال كثّير
(1)
في صفة البعير:
ينوخ ثمّ يضرب بالهراوى
…
فلا عرف لديه ولا نكير
(2)
فهي كناية عن كونه عربيا، وقيل
(3)
: هي إشارة إلى قوله في الحديث في صفة الحوض: «أذود الناس عنه بعصاي»
(4)
صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم
(5)
.
(1)
كثير عزة: (؟ - 105 هـ). هو: كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي، أبو صخر، شاعر مشهور. وأخباره مع عزة بنت جميل كثيرة، له ديوان شعر. شذرات الذهب: 1/ 131، الأعلام: 5/ 219.
(2)
ديوان كثير: 530، وانظر كلام الشارح حول نسبة القصيدة التي من ضمنها هذا البيت إلى كثير عزة.
(3)
ذكره القاضي عياض في الشفا: 1/ 457.
(4)
أخرج الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 1799 عن ثوبان أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم» .وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم المجلد الثامن: 15/ 62، 63:«وهذا الذي قاله [أي القاضي عياض] في تفسير الهراوة بهذه العصا بعيد أو باطل، لأن المراد بوصفه بالهراوة تعريفه بصفة يراها الناس معه يستدلون بها على صدقه وأنه المبشر به المذكور في الكتب السالفة، فلا يصح تفسيره بعصا تكون في الآخرة، قال: والصواب في تفسير الهراوي ما قاله الأئمة المحققون إنه صلى الله عليه وسلم كان يمسك القضيب بيده كثيرا، وقيل لأنه كان يمشي والعصا بين يديه وتغرز له فيصلي إليها وهذا مشهور في الصحيح، والله أعلم» .اه.
(5)
ذكر السيوطي في كتابه الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة: 35 أن للرسول صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة فقال: «والذي وقفنا عليه في أسمائه صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضع وأربعون» اه. -
[14]
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ} الآية.
(سه)
(1)
كانوا أنصارا وكانوا حواريّين، فالأنصار الأوس والخزرج ولم يكن هذا الاسم لهم قبل الإسلام حتى سمّاهم الله به، وأمّا حواريّوه عليه السلام فيما ذكره
(2)
قتادة فمن قريش كلّهم وسمّاهم قتادة وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن مالك، وأبو عبيدة، واسمه عامر، وعثمان بن مظعون، وحمزة بن عبد المطلب - ولم يذكر سعيدا فيهم - وذكر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
وأمّا حواريّو عيسى عليه السلام فهم فطرس وبولس كان من الأتباع ولم يكن من الحواريين
(3)
، وأندرابس، وقوماس، ونبليس، ويعقوبس، وأبزيلما رسمين، ويهودا، وزريبا من الحواريين - ولم يكن قبل من الحواريين فألحق بهم - وزريبا، وبوطا، وزريب هو ابن يرثملا الذي ظهر في زمان عمر بن الخطاب، ويحنس.
= وقد ذكر بعضها القاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1/ 444 وما بعدها. وانظر أيضا: زاد المعاد لابن القيم: 1/ 20 - 24 والله أعلم.
(1)
التعريف والإعلام: 170.
(2)
أخرجه الطبري في تفسيره: 28/ 91 عن قتادة وذكر معهم عبد الرحمن بن عوف. وذكره القرطبي في تفسيره: 18/ 81 عن قتادة. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 149 ونسبه لعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة.
(3)
ذكرهم القرطبي في تفسيره: 18/ 90 عن ابن إسحاق. وقد ذكرهم ابن حبيب في المحبّر: 464 باختلاف في بعض الأسماء.