الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المزّمّل
[1]
(سه)
(1)
هو خطاب للنّبي صلى الله عليه وسلم وليس (المزّمّل) باسم من أسمائه يعرف به كما ذهب إليه بعض النّاس وعدّوه في أسمائه وإنما {(الْمُزَّمِّلُ)} اسم مشتق من حاله
(2)
التي كان عليها حين الخطاب وكذلك (المدّثّر،) وفي خطابه بهذا الاسم فائدتان:
إحداهما: الملاطفة فإنّ العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة سمّوه باسم مشتق من حالته التي هو عليها، كقول النّبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين غاضب فاطمة فأتاه وهو نائم وقد لصق بجنبه التراب فقال له:«قم أبا تراب»
(3)
إشعارا أنّه غير عاتب عليه وملاطفة له، وكذلك قوله عليه السلام
(1)
التعريف والإعلام: 177، 178، 179.
(2)
ذكر المفسرون عدة حالات للرسول صلى الله عليه وسلم كان عليها حين نزل الخطاب بذلك وهي: الأولى: أنه كان متزملا بالنبوة والملتزم بالرسالة وهو قول عكرمة. الثانية: أنه كان متزملا بالقرآن. وهو قول ابن عباس. الثالثة: أنه كان متزملا بثيابه. وهو قول قتادة وغيره. الرابعة: أنه كان قد تزمل للنوم. وهو قول السدي. الخامسة: قول النخعي أن الآية نزلت وهو متزمل بقطيفة». انظر: جامع البيان للطبري: 29/ 124، زاد المسير لابن الجوزي: 8/ 388، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 19/ 32، تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 8/ 275.
(3)
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه: 4: 207، 208 عن سهل بن سعد وأخرجه -
لحذيفة: «قم يا نومان»
(1)
وكان نائما ملاطفة له وإشعارا بترك العتب والتأنيب، فقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم {يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ} فيه تأنيس وملاطفة ليستشعر أنّه غير عاتب عليه.
والفائدة الثانية: التنبيه لكلّ متزمّل راقد ليله ليتنبّه إلى قيام الليل، وذكر الله تبارك وتعالى فيه، لأنّ الاسم المشتقّ من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كلّ من عمل بذلك العمل واتّصف بتلك الصفة. فهاتان فائدتان.
وأمّا قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}
(2)
وكان متدثّرا بثيابه حين فزع من هول الوحي أوّل نزوله وقال: دثّروني دثّروني، فقال له ربّه {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}
(3)
ولم يقل يا محمد ولا يا فلان ليستشعر اللّين والملاطفة من ربّه كما تقدّم في المزمل.
وفائدة أخرى في (المدثر) وهي مشاكلة الآية لما بعدها وقد تكون هذه الفائدة أيضا في المزّمّل لقوله {قُمِ اللَّيْلَ} أي لا تتزمّل وترقد ودع هذه الحال لما هو أفضل منها وهي في المزّمّل بيّنة.
وأمّا في المدّثّر فوجه المشاكلة بين أوّل الكلام وبين قوله {قُمْ فَأَنْذِرْ} خفي إلا بعد التّأمّل وبعد المعرفة بقوله عليه السلام: «إنّي أنا النّذير العريان»
(4)
ومعنى النذير العريان
(5)
الجاد
(6)
المشمّر، وكان النذير من العرب إذا اجتهد جرّد
= مسلم في صحيحه: 4/ 1875 عن سهل بن سعد.
(1)
الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 3/ 1414، 1415 عن حذيفة رضي الله عنه.
(2)
سورة المدثر: آية: 1.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه: 6/ 74، 75 عن جابر رضي الله عنه. وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 1/ 144 عن جابر رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه: 7/ 186 و 8/ 140 عن أبي موسى رضي الله عنه مطولا، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 4: 1788 عن أبي موسى رضي الله عنه مطولا.
(5)
ذكر ذلك الإمام النووي في شرحه لصحيح الإمام مسلم: 15/ 48.
(6)
في نسخة (ز)«الهاد» .
ثوبه وأشار به مع الصياح تأكيدا في الإنذار والتحذير.
وقد قيل
(1)
: أيضا إنّ أصل قولهم النذير العريان أنّ رجلا من خثعم أخذه العدو فقطعوا يده وجرّدوا ثيابه فأفلت إلى قومه نذيرا لهم وهو عريان فقيل لكلّ مجتهد في الإنذار والتخويف النذير العريان.
وإذا ثبت هذا فقد تشاكل الكلام بعضه ببعض لأنّ المدّثّر في الثياب مضاد لمعنى النّذير العريان ومقابل ومرتبط به لفظا ومعنى والله أعلم.
[11]
{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ.}
(عس)
(2)
روى ابن سلاّم أنها نزلت في بني المغيرة وكانوا عشرين ذوي غنى
(3)
، والله أعلم.
وذكر عط أنهم أصحاب قليب بدر
(4)
.
[15]
{إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ.}
(عس)
(5)
هو محمد صلى الله عليه وسلم
(6)
.وقوله: {كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً} هو موسى بن عمران صلوات الله على نبينا وعليه وسلم.
(1)
ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح: 23/ 107 كتاب الرقاق باب الانتهاء عن المعاصي عن يعقوب بن السكيت. وذكر أيضا أقوالا أخرى في سبب قولهم النذير العريان.
(2)
التكميل والإتمام: 95 ب.
(3)
ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 393 عن مقاتل بن سليمان وذكره القرطبي في تفسيره: 19/ 45 عن يحيى بن سلام.
(4)
أخرج الطبري رحمه الله في تفسيره: 29/ 134 عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسير حتى كانت وقعة بدر» . وذكر القرطبي في تفسيره: 19/ 45 عن مقاتل أنه قال: «نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا عشرة» . وقال الثعالبي في تفسيره: 4/ 354: «والمشار إليهم كفار قريش أصحاب القليب ببدر» .
(5)
التكميل والإتمام: 95 ب.
(6)
ذكره الطبري في تفسيره: 29/ 136.