الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها فذهب إلى طولون بفرنسا وأدى فيها الامتحان ونال الشهادة النهائية. وفي أثناء دراسته للحقوق تنبه خاطره للمسائل السياسية وأصبح همه إنقاذ مصر من الاحتلال. وكان يتردد على الجرائد الوطنية ليكتب فيها آيات الوطنية. وأنشأ المجلة المدرسية، وألف كتاب المسألة الشرقية ورواية فتح الأندلس وكتاباً في حياة الأمم والرق عند الرومان. كلها ترمي إلى تحبيب الاستقلال وإحياء الشعور الوطني في أفكار المصريين. واجتمع مصطفى بالمرحوم عبد الله النديم الخطيب المفوه والكاتب البليغ ومشعل نار الوطنية من قبل فاقتبس مصطفى منه الأساليب والتعليمات العظيمة وأضاف إلى معلوماته الماضية. ونهض نهضة الأسد إلى فريسته وأذكى أوار الوطنية في عقول الشباب الناهض وتطورت مصر الفتاة إلى يومنا هذا في مراقي التقدم والنجاح. وقد صار صيته في الآفاق وأصبح اسمه مرادفاً للشمس في رائعة النهار. وحدث عن شجاعته وفصاحته وقوة معارضته مما لا يمكن لقلم وصفه. وقد أنشأ جرائد اللواء العرب والفرنسي والإنكليزي لهذا الغرض. وتوفي يوم الأربعاء 10 فبراير سنة 1908، وشيعت جنازته باحتفال كبير لم يسبق له مثيل، واشترك فيه عشرات الألوف من جميع طبقات القطر المصري، وعم الخزن الشديد على جميع المصريين. ورثاه الكتاب والشعراء وجميع جرائد العالم. وطيرت نعيه الشركات البرقية الأجنبية في الممالك الأوروبية. وخطبه الظنانة كثيرة لا نطيل بذكرها.
6 محمد بك فريد
هو المخلص الأمين. محمد بن أحمد باشا فريد ووالدته أميرة من فضليات سيدات الخلفاء العباسيين. وكان ميلاده في 27 رمضان سنة 1284 هـ? وعاش 52 سنة، ولما كان عمره 7 سنوات أدخله المرحوم والده مدرسة خليل آغا فدرس الدروس الابتدائية، ثم دخل المدرسة الثانوية فجد واجتهد حتى فاق أقرانه وأحرز شهادة البكالوريا، ثم انتقل إلى مدرسة الإدارة والألسن، ومنها دخل مدرسة الحقوق الخديوية حتى نال الشهادة النهائية في شهر مايو سنة 1887 م، وعقب ذلك عينته الحكومة المصرية بقلم قضايا الدائرة السنية الذي لم يلبث فيه إلا قليلاً حتى أصبح رئيسه. وقد أنعم عليه سمو الخديوي بالرتبة الثانية، ثم تدرج في وظائف القضاء إلى أن صار أحد رؤساء النيابة العمومية. وفي خلال ذلك كان يكاتب أمهات الصحف العربية والإفرنجية حتى استقال من خدمة الحكومة في 21
نوفمبر سنة 1896 م، واشتغل بالمحاماة وانضم بكل قواه إلى الحزب الوطني لتحرير مصر والسودان. ولازم صاحبه الزعيم الأكبر المرحوم مصطفى باشا كامل. وقد ألف كتاب البهجة التوفيقية في تاريخ العائلة الخديوية وتاريخ الدولة العثمانية وتاريخ الرومان، وأشنأ مجلة الموسوعات وكتب آلاف المقالات في المؤيد واللواء والصحف الأوروبية، والق مئات من الخطب في الشرق والغرب. وتعرق بكثير من كبار ساسة جميع العالم.
ولما شعر المرحوم مصطفى باشا كامل بدنو الأجل جمع الحزب الوطني وأوصاهم بانتخاب فريد بعده رئيساً فقام برياسته خير قيام وقد ضحى نفسه وأولاده وأهله وماله ومناصبه حباً في الوطن حتى مات غريباً في برلين يوم الإثنين 15 يونيه سنة 1920م. وشيعت احتفال مهيب في اسكندرية ومصر لم تر العيون مثله اشتركت فيه العلماء والأمراء والوزراء وجميع الأعيان والوجهاء. ورثته الكتاب والشعراء وجرائد ومجلات الشرق والغرب فممن رثاه حافظ بك ابراهيم قال من قصيدة طويلة:
من ليومٍ نحنُ فيه من لغدْ
…
مات ذو العزمةِ والرأيِ الأسدّ
أيُّها النيل لقد جلّ الأسى
…
كن مدداً لي إذا الدّمع نفدْ
فلقد ولّى فريدٌ وانطوى
…
ركنُ مصر وفتاها والسَّند
خالدَ الآثار لا تخشى البلى
…
ليس يبلى من به ذكرٌ خلدْ
قل لصب النيل إن لاقيته
…
في جوارِ الدائم الفرد الصمدْ
إن مصراً لا تني عن قصدها
…
رغمَ ما تلقى وإن طال الأمدْ
فاسترحْ واهناً ونمْ في غبطةٍ
…
قد بذرتَ الحبَّ والشعبُ حصدْ