الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا فرضنا المحال وسلمنا بموته (لا قدر الله) فكاهل الكرة الأرضية لن يستطيع حمل تابوته الجسيم. نعم يسقط مهمشاً مقطع الأوصال مادام فرد منا يتنسم نسيم الحياة.
ومن آرائه في تعليم المرأة:
تعليم المرأة "أم الوطن" وتثقيف عقلها بالعلوم الدينية والمعارف الأهلية من أهم ما ترمي إليها نهضتنا العلمية الوطنية.
ومن وصفه للفلاح: سيد تركيا بل سيد العالم الحقيقي (الفلاح) لأنه هو العنصر الأول في تكوين عناصر الأمة وكيانها. والوطن بدونه لاشيء بل الوطن هو فيتعين أن نعتني به عناية خاصة، وأن نضع قبل كل شيء سعادته نصب أعيننا.
الشعر
كانت حالة الشعر في النصف الأول من هذا العصر لاتزيد شيئاً مذكوراً على ما كنت عليه في العصر الماضي، إذ كانت حكومة محمد علي باشا في أول أمرها تركية الصبغة، وكان هو أمياً، ولكن الشعر أخذ بعد ذلك في الترقي خصوصاً في عصر اسماعيل باشا، فتقدم خطوات تمثلت في شعر السيد علي أبي النصر المتوفي سنة 1298، والشيخ علي الليثي المتوفي سنة 1309، وعظيم
الشعراء
البارودي
.
ولم يزل العلم والعلماء مع ذلك لهم المقام الأول في مصر حتى كان العصر الحاضر، ونالت مصر بعض حاجاتها من العلم وكتبه فهب أهله يتفكهون بالأدب وكتابته والتأليف فيه ويستمعون الشعر ويحرضون المجامع العظيمة لإنشاده فأقبل الشعراء على نظمه في كل أغراضه القديمة والحديثة ونحوا به نحو الشعر الإفرنجي من وصف المناظر الطبيعية، وأحوال الوجدان والعواطف النفسية ومن وصف القطار والكهرباء والمسرة والبرق وغير ذلك.
ومما يمتاز به شعر هذا الوقت خلوه من تكلف البديع والجناس. والرجوع له إلى حالته القديمة الطبيعية حتى صار شعر فحوله يشبه شعر أهل القرن الرابع والخامس.
الشعراء
شعراء هذا العصر كثيرون وأشهرهم محمود باشا سامي البارودي، وأحمد بك شوقي، ومحمد حافظ بك ابراهيم، واسماعيل باشات صبري، ة وخليل بك مطران وغيرهم.
البارودي
هو رب السيف والقلم أمير الشعراء وشاعر الأمراء، محمود سامي باشا بن حسن حسني بك البارودي، أحد زعماء الثورة العرابية وأشعر الشعراء المتأخرين بالديار المصرية: ولد سنة 1255هـ? وتأدب وأدخل المدرسة الحربية ومازال يترقى حتى ولاه المرحوم الخديوي توفيق باشا نظارتي الحربية والأوقاف. ثم ولي رياسة النظار قبيل الثورة العرابية. فلما اضطرمت نيران الثورة أرغمه زعماؤها على اصطلاء نارها فخب فيها ووضع. وحكم عليه بعد انقضائها بالنفي إلى جزيرة (سيلان) حتى عمي، وشفع فيه فأذن له بالقدوم إلى مصر بعد مضي 17 سنة من منفاه، وبقي في منزله كفيفاً يشتغل بالأدب إلى أن مات سنة 1322هـ?. ومن قوله:
والدهر كالبحر لاينفكّ ذا كدر
…
وإنما صفوه بين الورى لمعُ
لو كان للمرء فكر في عواقبه
…
ما شأن أخلاقه حرص ولا طمع
وكيف يدرك ما ف الغيب من حدث
…
من لم يزل بغرور العيش ينخدع
دهرٌ يغرّ وآمال تسرّ وأع
…
مار تمرّ وأيام لها خدع
يسعى الفتى لأمور قد تضرُّ به
…
وليس يعلم ما يأتي وما يدع
يأيها السادر المزورُّ من صلف
…
مهلاً فإنك بالأيام منخدع
دع ما يريب وخذ فيما خلقت لهُ
…
لعلّ قلبك بالإيمان ينتفع
إن الحياة لثوب سوف تخلعهُ
…
وكل ثوب إذا مارثَّ ينخلع
ومن قوله في الحماسة والفخر:
أنا مصدرُ الكلمِ البوادي
…
بين المحاضر والنّوادي
أنا فارسٌ أنا شاعر
…
في كلّ ملحمة ونادي
فإذا ركبت فإنني
…
زيدُ الفةوارس في الجلاد
وإذا نطقتُ فغنني
…
قسُّ بنُ ساعدة الإيادي
وقال يصف هرمي الجيزة وأبا الهول:
سل الجيزةَ الفيحاء عن هرميْ مصر
…
لعلّكَ تدري غيب ما لم تكنْ تدري
بناءان ردّا صولةَ الدَّهرِ عنهما،
…
ومنْ عجبٍ أن يغلبا صولةَ الدَّهرَ
أقاما على رغمِ الخطوبِ ليشهدا
…
لبانيهما بين البريّة بالفخرِ
فكمْ أمم في الدهر بادتْ وأعصرِ
…
خلّتْ وهما أعجوبةُ العينِ والفكرِ
تلوحُ لآثارِ العقولِ عليهما
…
أساطيرُ لاتنفك تتلى إلى الحشرِ
رموزٌ لو استطلعتَ مكنونَ سرّها
…
لأبصرتَ مجموعَ الخلائق في سطر
فما منْ بناءٍ كانَ أو هو كائنٌ،
…
يدانيهما عندَ التأمُّلِ والخبرِ
يقصِّرُ حسناً عنهما صرحُ بابلِ،
…
ويعترفُ الإيوان بالعجزِ والبهرِ
كأنهما ثديانِ فاضا بدرَّةٍ
…
من النيلِ تروي غلَّةَ الأرض إذ تجري
وبينهما بلهيبُ في زيّ رابضٍ
…
أكبَّ على الكفَّينِ منه إلى الصدر
يقلّبُ نحوَ الشرقِ نظرة وامقٍ،
…
كأنَّ له شوقاً إلى مطلعِ الفجرِ
مصانعُ فيها للعلومِ غوامضٌ
…
تدلُّ على أنَّ ابن آدم ذو قدرِ
رسا أصلها، وامتدَّ في الجوّ فرعها،
…
فأصبحَ وكراً للسِّماكين والنَّسرِ
أحمد شوقي بك هو رب القلم محيي دولة الشعر بعد العدم شاعر النيل أحمد بن علي شوقي بك المولود سنة 1285هـ.
شعره، ينظم بين أصحابه فيكون معهم وليس معهم، وينظم حين يشاء، وحيث يشاء، لا يجهد فكره ولايكده في معنى أو في مبنى، فأما المعنى فيجيئه على مرامه أو على أبعد من مرامه ولاينضب عنده لأنه يستخلصه من عقل فوار الذكاء ومعارف جامعة إلى أفانين الآداب في لغات الإفرنج والأعراب، فلسفة الحقوق وحقائق وحقائق التاريخ، وغرائب السير التي يحفظ منها غير يسير إلى مشاركات علمية وتنبيهات فنية استفادها من مطالعته في صنوف الكتب، واتخذها عن ملحوظاته ومسموعاته في جولاته بين بلاد الشرق والغرب. وأما المبني فله فيه اذواق متعددة مقامات القول: ترى فيه من نسج البحتري ومن صياغة أبي تمام ومن ثبات المتنبي، ومن مفاجآت الشريف، ومن مسلسلات مهيار.
ومن قوله: يصف هيكل أنس الوجود:
أيُّها المنتحي "بأسوانَ" داراً
…
كالثريَّا تريدُ أن تنقضا
اخلع النَّعلَ واخفض الطرف واخشعْ
…
لا تحاولْ من آيةِ الدَّهرِ غمضا
قفْ بتلكَ القصور في اليمّ غرقى
…
ممسكاً بعضها في الذُّعرِ بعضا
كعذارى أخفينَ في الماءِ بضّاً
…
سابحاتِ به، وأبدين بضّاً
مشرفاتٍ على الزوال. وكانتْ
…
مشرقاتٍ على الكواكب نهضا
شابَ من حولها الزمانُ. وشابت
…
وشباب الفنونِ ما زالَ غضّاً
ربّ نقشٍ كأنما نفضَ الصّا
…
نعُ منهُ اليدينِ بالأمس نفضاً
ودهانٍ كلامعِ الزّيت مرّت
…
أعصر بالسّراج والزّيتُ وضّا
وخطوط كأنها هدبُ ريمٍ
…
حسنتْ صنعة وطولا وعرضا
وضحايا تكادُ تمشي وترعى
…
لو أصابت من قدرة الله نبضا
ومحاريبَ كالبروجِ بنتها
…
عزماتٌ من عزمةِ الجنّ أمضى
شيَّدت بعضها الفراعينُ زلفى
…
ولني البعضَ أجنب يترضّى
ومقاصيرَ أبدلتْ بفتاتِ ال?
…
?مسك ترباً. وباليواقيتِ قضاً
حظُّها اليومَ هدّةٌ، وقديماً
…
صرفت في الحظوظ رفعاً وخفضاً
سقتِ العالمينَ بالسعدِ والنَّح?
…
?سِ إلى أن تعاطتِ النحسَ محضاً
صنعةٌ تدهشُ العقولَ وفنٌّ
…
كان إتقانهُ على القومِ فرضا
***
ياقصوراً نظرتها وهي تقضى
…
فسكبتُ الدموعَ، والحقُّ يقضى
أنت طغرا، ومجدُ مصرَ كتابٌ
…
كيفَ سامَ البلى كتابكِ فضّاً؟
وأنا المحتفي بتاريخِ مصر
…
من يصنْ مجدّ قومهِ صانَ عرضا
لم تمت أمَّةٌ، ولا بادَ شعبٌ
…
أقرضوا الذِّكرَ والأحاديث قرضا
ربّ سرِّ بجانبيكِ مزالٍ
…
كان حتى على الفراعينِ غمضا
قلْ لها في الدُّعاء لو كان يجدي
…
يا سماءَ الجلالِ لا صرتِ أرضا
حار فيك المهندسون عقولاً
…
وتولَّتْ عزائمُ العلمَ مرضى
أينَ ملْكٌ حيالها وفريدٌ
…
من نظامِ النعيمِ أصبحَ فضاً؟
أين فرعونُ في المواكبِ تترى
…
يركضُ المالكينَ كالخيلِ ركضا?
ساقَ للفتح في الممالكِ عرضاً
…
وجلا للفخارِ في السلمِ عرضا
أين "إبزيسُ" تحتها النيلُ يجري
…
حكمتْ فيهِ شاطئينِ وعرضا!
أسدلَ الطّرف كاهنٌ ومليكٌ
…
في ثراها وأرسلَ الرأسَ خفضا
يعرضُ المالكون أسرى عليها
…
في قيود الهوان عانينَ جرضى
ما لها أصبحتْ بغير مجير
…
تشتكي من نوائب الدّهر عضّا
هي في الأسرِ بين صخرٍ وبحرٍ
…
ملكة في السّجون فوقَ حضوضى
أين (هوروسُ) بين سيفٍ ونطع
…
أبهذا في شرعهم كان يقضى!
ليت شعري! قضى شهيدَ غرامٍ
…
أم رماهُ الوشاة حقداً وبغضا
ربُّ ضرب من سوطِ فرعون مضِّ
…
دون فعل الفراقِ بالنفسِ مضّا
وهلاكٍ بسيفهِ وهو قانٍ
…
دونَ سيفٍ من الّلواحظِ ينضى
قتلوهُ فهل لذاك حديثٌ
…
أين راوي الحديثِ نثراً وقرضا
شيمةُ النيل أن يفي، وعجيب
…
أحرجوهُ فضيَّعَ العهدَ نقضاً
حاشهُ الماءُ فهو صيدٌ كريمٌ
…
ليتَ بالنيلِ يومَ يسقط غيضا
شيّدوا المالَ، والعلومُ قليلٌ
…
أنقذوهُ بالمالِ والعلمِ نقضا