الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(9) لبيد بن ربيعة
هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامري أحد أشراف الشعراء المجيدين وهو من بني عامر بن صعصعة إحدى بطون هوازن ومضر وأمه عبسية، نشأ لبيد جواداً شجاعاً فاتكاً، أما الجود فورثه عن أبيه الملقب بربيعة المعترين، وأمى الشجاعة والفتك فهما خصلتا قبليته إذا كان عمه ملاعب الأسنة أحد فرسان مضر في الجاهلية وكان من قبليته وبين بني عبس أخواله عداوة شديدة فاجتمع وفداهما عند النعمان بن المنذر وعلى العبسيين الربيع بن زياد وعلى العامريين وملاعب الأسنة وكان الربيع مقرباً عند النعمان يؤاكله وينادمه فأوغر صدره على العامريين فلما دخل وفدهم على النعمان أعرض عند فشق ذك عليهم، ولبيد يومئذٍ صغير يسرح إبلهم ويرعاها فسألهم عن خطبهم فاحتقروه لصغره فألح حتى أشركوه معهم فوعدهم أنه سينتقم لهم منه غداً عند النعمان أسوأ انتقام: بهجاء يجالسه بعده ولا يؤاكله فكان ذلك ومقت النعمان الربيع ولم يقبل له عذراً وأكره العامريين وقضى حوائجهم، فكان هذا أول ما اشتهر به لبيد، ثم قال بعد ذلك المقطعات والمطولات، وشهد النابغة له وهو غلام بأنه أشعر هوازن حين سمع معلقته التي أولها:
عفتِ الديارُ محلُّها فمقامها
…
بمنّى تأبّد غولها فرجامها
ولما ظهر الإسلام وأقبلت وفود العرب على النبي صلى الله عليه وسلم جاء لبيد في وفد بني عامر وأسلم وعاد إلى بلاد وحسن إسلامه، وتنسك وحفظ القرآن كله وهجر شعر حتى لم يرو له في الإسلام غير بيت واحد هو:
ما عاتب الحرَّ الكريم كنفسه
…
والمرء يصلحه الجليسُ الصالح
وبعد أن فتحت الأمصار ذهب إلى الكوفة زمن عمر بن الخطاب، واختارها
دار إقامة، وما زال بالكوفة حتى مات في أوائل خلافة معاوية سنة إحدى وأربعين من الهجرة، وقد قيل إنه عاش ثلاثين ومائة سنة.
شعره: نبغ فيه وهو غلام وجرى فيه على سنن الأشراف والفرسان.
ومن جيد شعره وقوه في معلقته مفتخراً بفعاله وقوله وقومه:
إنا إذا التقيت المجامع لم يزل
…
منا لزازٌ عظيمة جشامها
ومقسم يعطي العشيرة حقها
…
ومغذمرٌ لحقوقها هضامها
فضلاً وذو كرم يعين على الندى
…
سمحٌ كسوبٌ رغائب غنّامها
من معشر سنّت لهم آباؤهم
…
ولكل قوم سنّة وإمامها
لا يطبعون ولا يبور فعالهم
…
إذ لا يميل مع الهوى أحلامها
فاقنع بما قسم المليكُ فإنما
…
قسم الخلائق بيننا علاّمها
وإذا الأمانة قسّمت في معشر
…
أوفى بأعظم حظنا قسّامها
فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكه
…
فسما إليه كهلها وغلامها
فهم السعادة إذا العشيرة أفظعت
…
وهم فوارسها وهم حكامها
وهم ربيع للمجاور فيهمُ
…
والمرملات إذا تطاول عامها
وهم العشيرة إن يبطئ حاسد
…
أو أن يميل مع العدو لئامها
وقال يرثي أخاه أربد:
بلينا وما تبلى النجوم الطوامع
…
وتبقى الديار بعدنا والمصانع
وقد كنت في أكناف جار مضنه
…
ففارقني جارٌ بأربد نافع
فلا جزعٌ إن فرق الدهر بينا
…
فكل امرئ يوماً به الدهر فاجع
وما الناس إلاّ كالديار وأهلها
…
بها يوم خلّوها وراحوا بلاقع
وما المرء إلاّ كالشهاب وضوئه
…
يحور رماداً بعد إذ هو ساطع
وما المال والأهلون إلاّ ودائع
…
ولابدّ يوماً أن تردّ الودائع
وما الناس إلا عاملان: فعامل
…
يتبر ما يبني وآخر رافع
فمنهم سعيدُ آخذ بنصيبه=ومنهم شقيّ بالمعيشة قانع
ومنه قوله في النعمان يرثيه:
ألا تسألان ماذا يحاول
…
أنحب فيقضي أم ضال وباطل
أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم
…
بلى كل ذي لب إلى الله واسلُ
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
…
وكل نعيم لا محالة زائل
وكل أناس سوف تدخل بينهم
…
دويهية تصفرّ منها الأنامل
وكل امرئٍ يوماً سيعلم غيبة
…
إذا كشفت عند الإله الحصائل