الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد غبر الناس دهراً طويلاً لايقولون الشعر إلا في الأغراض الشريفة لا يمدحون عظيماً طعماً في نواله، ولايهجون شريفاً تشفياً منه وانتقاماً حتى نشأت فهم فئة امتهنت الشعر وتكسبت به، ومدحت الملوك والأمراء كالنابغة الذبياني وحسان مع النعمان بن المنذر وملوك غسان، وزهير بن أبى سلمى مع هرم بن سنان وأمية بن أبي الصلت مع عبد الله بن جدعان: أحد أجواد قريش والأعشى مع الملوك والسوقة، حتى قصد به الأعاجم، وجعله متجراً به فتحامى الشعر الأشراف، وآثروا عليه الخطابة.
طبقات الشعراء
طبقات الشعراء باعتبار عصورهم أربع: 1 طبقة الجاهلين.
2 طبقة المخضرمين (وهم الذين اشتهروا بقول الشعر في الجاهلية والإسلام) .
3 طبقة الإسلاميين، وهم الذين نشؤوا في الإسلام ولم تفسد سليقتهم العربية، وهم شعراء بني أمية.
4 طبقة المولدين، أو المحدثين، وهم الذين نشؤوا زمن فساد العربية وامتزاج العرب بالعجم، وذلك من عصر الدولة العباسية إلى يومنا هذا.
والشعراء الجاهليون يقسمون باعتبار شهرتهم في الشعر للإجادة أو للكثرة إلى طبقات كثيرة نذكر منها ثلاثا: 1 الطبقة الأولى: امرؤ القيس، وزهير، والنابغة.
2 الطبقة الثانية: الأعشى، ولبيد، وطرفة.
3 الطبقة الثالثة: عنترة، وعروة بن الورد والنمر بن تولب، ودريد بن الصمة، والمرقش، الأكبر.
ومن الأدباء من يقدم بعض هؤلاء على بعض ويزيدون غيرهم عليهم.
(1) امرؤ القيس
هو الملك أبو الحارث حندج بن حجر الكندي شاعر اليمانية.
وآباؤه من أشراف كندة وملوكها، وكانت بنو أسد من المضرية خاضعة لملوك كندة وآخر ملك عليهم هو حجر أبو امرئ القيس وأمه اخت مهلهل وكليب.
نشأ امرؤ القيس بأرض نجد بين رعية أبيه من بني أسد، وسلك مسلك المترفين من أولاد الملوك يلهو ويلعب ويعاقر الخمر ويغازل الحسان فمقته أبوه ولما لم ينجح فيه القول طرده عنه وأقصاه، حتى جاء نبأ ثوران بني أسد على أبيه وقتلهم له. لأنه كان يعسف في حكمه لهم، فقال (ضيعني صغيراً، وحملني دمه كبيراً لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليو مخمر، وغداً أمر) وأخذ يجمع العدة ويستنجد القبائل في إدراك ثأره فنازل بني أسد وقتل فيهم كثيراً ثم اشتدت به علة لأنه كان يعسف في حكمه لهم، فقال (ضيعني صغيراً، وحملني دمه كبيراً لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليو مخمر، وغداً أمر) وأخذ يجمع العدة ويستنجد القبائل في إدراك ثأره فنازل بني أسد وقتل فيهم كثيراً ثم اشتدت به علة قروح فمات منها ودفن بأنقرة وكان ذلك قبل الهجرة بقريب من قرن.
شعره: يعتبر امرؤ القيس راس فحول شعراء الجاهلية والمقدم في الطبقة الأولى فهو أول من أجاد القول في استيقاف الصحب، وبكاء الديار، وتشبيه النساء بالظباء والمها والبيض، وفي وصف الخيل بقيد الأوابد وترقيق النسيب، وتقريب مآخذ الكلام، وتجويد الاستعارة، وتنويع التشبيه.
وقد يفحش في تشبيه بالنساء وتحدثه عنهن، ويشم من شعره رائحة النبل وتلمح فيه شارات السيادة والملك: من ذلك قوله:
فظل العذارى يرتمين بلحمها
…
وشحم كهداب الدمقس المفتل
وقوله:
وظل طهارة اللحم مابين منضج
…
صفيف شواء أو قدير معجل
ولو أن ماأسعى لأدتنى معيشة
…
كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال
ولكنما اسعاى لمجد مؤثل
…
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وشعره وإن اشتمل بشملة البداوة في جفاء العبارة، وخشونة الألفاظ وتجهم المعاني، تراه أحياناً يخطر في حلل من حسن الديباجة، وبديع المعنى، ودقة النسيب ومقاربة الوصف وسهولة المأخذ: مما كان منه لخلفه أجمل مثال في محاكاته.
فمن النوع الأول قوله في معلقته:
وفرع يغش المتن أسود فاحم
…
أثيث كقنو النخلة المتعثكل
غدائرة مستشزرات إلى العلا
…
تضل المدارى في مثنى ومرسل
وكشح لطيف كالجديل مخصر
…
وساق كأنبوب السقي المذلل
وتعطو برخص غير شئن كأنه
…
أساريع ظبي أو مسويك إسحل