الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابتدأ في معنى وخرج منه وقد قي منه شيء حتى دهش منه الحاضرون فقال معاوية: أنت أخطب العرب: قال سحبان: والعجم والجن والأنس.
وكان سحبان إذا خطب يسيل عرقاً، ومات في خلافة معاوية سنة 54هـ? ومما يؤثر من خطبه قوله: إن الدنيا دار بلاغ والآخرة دار قرار، أيها الناس فخذوا من دار ممركم لدار مقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفي عليه أسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ففيها حييتم ولغيرها ما خلتهم إن الرجل إذا هلك قال الناس ما ترك؟ وقال الملائكة ما قدم؟ قدموا بعضاً يكون لكم ولا تخلفوا كلاً يكون عليكم.
زياد بن أبيه
هو أحد دهاة العرب وساستها وخطاها وقادتها أمه سمية أمة الحارث بن كلدة الثقفي طبيب العرب وقد قرنها بعبد له رومي يدعى عبيداً فولدت سمية زياداً علت فراش عبيد هذا (في السنة الأولى من الهجرة) فنشأ غلاماً فصيحاً شجاعاً فما افتتحت العرب الممالك والأمصار حتى عرف منه ذلك فاستكتبه أبو موسى اشعري والي البصرة من قبل عمر.
ولما ولي أمير المؤمنين علي الخلافة اضطرب عليه فارس فسار إليها زياد بجمع وتمكن بخداعه من إيقاع الشقاق بين رؤساء المشاغبين، ومازال يضرب بعضهم ببعض حتى سكنت ثورتهم، وبقي يتولى لعلي الأعمال حتى قتل علي فخافه معاوية فأرسل إليه المغير بن شعبة يستقدمه فقدم عليه فادعاه أخاً له واستلحقه بنبس أبيه أبي سفيان وصار يسمى زياد بن أبي سفيان بدل زياد بن عبيد أو (ابن سمية أو ابن أبيه) .
وولاه معاوية العراقين وهو أول من جمع له بينهما فسار في الناس سيرة لم بها الشعث وأقام بها المعوج وكبح الفتنة واشتط في العقوبة وأخذ بالظنة وعاقب على الشهة حتى شمل خوفه جميع الناس فأمن بعهم بعضاً وكان الشيء يسقط من يد الرجل أو المرأة فلا يعرض له أحد حتى يأبى صاحبه فيأخذه بل كان لا يغلق أحد بابه وكان زياد يقول: (لو ضاع حبل بيني وبين خراسان لعرفت آخذه) وكان مكتوباً في مجلس عنوان سياسته وهي (الشدة في غير عنف واللين في غير ضعف المحسن سيجازى بإحسانه والمسيء يعاقب بإساءته) وتوفي بالكوفة في رمضان سنة 53هـ?.
ومن خطه البليغة خطبته حين قدم إلى البصرة وهي: أم بعد فإن الجهلاء والضلالة العمياء والغي والموفى بأهله على النار ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم: من الأمور التي بنيت فيها الصغير ولا يتحاشى عنها الكبير كأنكم لم تقرؤوا كتاب الله ولم تسمعوا ما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب الأليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول إنه ليس منكم إلا من طرفت عينه الدنيا وسدت مسامعه الشهوات، واختار الفانية على الباقية، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه: من ترككم الضعيف يقهر والضعيفة المسلوبة في النهار تنصر، والعدد غير قليل، والجميع غير مفترق، ألم يكن منكم نهاة يمنعون الغواة عن دلج الليل وغارة النهار! قربتم القرابة! وباعدتم الدين، تعتذرون بغير لعذر، وتغضون على النكر، كل امرئ منكم يرد عن سفيهه، صنع من لا يخاف عقاباً ولا يرجو معتاداً، فلم يزل بهم ما ترون من قيامكن دونهم حتى انتهكوا حرم الإسلام ثم أطرقوا وراءكم كنوساً في مكانس الريب،